حسمت السعودية الجدل المثار بشأن ادعاء طبيب مصري ترحيله من المملكة بعدما اكتشف أحدث أنواع فيروسات مرض quot;كوروناquot;، وقدّمت رواية مختلفة تماماً لتلك التي تحدث عنها الطبيب، الذي كان يعمل في إحدى المستشفيات الخاصة.

الرياض: سارعت السعودية لنفي ما قالت إنها quot;إدعاءاتquot; طبيب مصري كان يعمل بإحدى المستشفيات الخاصة بالمملكة، وقال إنه تم ترحيله بعدما اكتشف الفيروس الجديد لمرض quot;كوروناquot;، وأكدت أنه اتُخذت إجراءات نظامية بإنهاء خدماته من قبل المستشفى التي يعمل بها.

وبينت أن إنهاء الخدمات جاء على خلفية قيام الطبيب بمخالفات متعددة للأنظمة الطبية والتعليمات الخاصة بالمختبرات الطبية المعمول بها في المملكة وتجاوزه لأخلاقيات المهنة الطبية ونشره نتائج فحوص مخبرية حساسة وإرسالها لجهات خارجية دون الحصول على إذن الجهات الصحية المختصة.

وكان الدكتور علي محمد زكي يعمل بقسم البكتريولوجي بمختبر إحدى المستشفيات الخاصة بالسعودية، وقد ادّعى في مقابلات مع وسائل اعلام غربية تعرضه لمضايقات عقب اكتشافه إصابة مريض بفيروس quot;الكوروناquot; متظلماً من الإجراءات التي اتخذتها المستشفى معه بإنهاء خدماته وقدم إفادات مختلفة لما أكدته المصادر الطبية السعودية من تعامل مع عينة من الفيروس بصورة غير مسموح بها نظاماً من عزله للفيروس ونشره لنتائج التحليل في مجلة quot;البروميدquot; الإلكترونية وإرسال عينة من الفيروس لمختبر أوروبي.

وبيّنت مصادر طبية رسمية بحسب صحيفة quot;الرياضquot; أن كل ذلك تم دون أخذ إذن الجهات الصحية المختصة مما يعد مخالفة للأوامر والتعليمات والنظم الطبية المرعية في هذا الجانب وتجاوزاً لأخلاقيات مهنة الطب.

وحول ما ادّعاه الطبيب من اكتشافه لفيروس quot;الكوروناquot; كذّبت المصادر ادّعاءَه، وقالت بأنه ينطوي على تضليل كبير للرأي العام ومخالفة كبيرة للأنظمة السعودية والدولية، حيث نشرت مجلة quot;نيتشرquot; البريطانية العلمية في عددها بتاريخ 15/1/2013 ما مفاده أن الطبيب المصري اتصل بالخبير الهولندي في علم الفيروسات رون فوشيه الذي يعمل بمركز ارساموس الطبي (EMC) بمدينة روتردام بهولندا بشأن عينة المريض وقد اقترح عليه الطبيب الهولندي فحص quot;الكوروناquot;، وبالفعل قام الطبيب بإرسال العينة دون اخذ إذن الجهات الصحية المختصة للمركز بهولندا، والذي اكتشف الفيروس الجديد بواسطة رون فوشيه.

وأضافت المصادر بأن هذه العملية انطوت على مخالفات عديدة أبرزها ادعاؤه باكتشاف الفيروس والتعدي على حقوق ملكية الدولة بمنح حقوق اكتشاف الفيروس لمركز ارساموس الطبي (EMC) مضيعاً حقوق المملكة وفرصتها بتطوير بحوث جديدة عن الفيروس الى جانب إرساله لعينة ونشره نتائج تحاليل مخبرية من دون موافقة الجهات المختصة، كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة في أميركا وأوروبا، إضافة الى إجرائه عملية العزل للفيروس في مختبر لا تتوفر به معايير السلامة ومواصفات المختبرات الطبية اللازمة لمثل هذه الفحوص معرضاً بذلك سلامة العاملين والمرضى للخطر، علماً بأنه قام بإخفاء المعلومات عن الفيروس الجديد لمدة تجاوزت الشهرين معرضاً المجتمع للمخاطر بهدف تحقيق مصلحة شخصية بحتة.

وأكدت المصادر بأن الطبيب quot;المصريquot; كان على علم بالإجراء المتبع نظاماً في المملكة والمعمم به على جميع المنشآت الصحية العامة والخاصة في حالة الاشتباه بحالات معدية أو وبائية من ضرورة إبلاغ وزارة الصحة، لكنه وعن قصد تجاوز هذه التعليمات وهو يعلم أكثر من غيره بأنه حتى لو كان في أميركا أو أوروبا فإن الأنظمة تحتم عليه إبلاغ الجهات الصحية باشتباهه في حالة وبائية أو معدية، وما كان يمكن له تغييب الجهات الصحية هناك عن مثل هذا الأمر.

وانتهت المصادر للتأكيد على أن ما قام به الطبيب يعد مخالفة كبيرة ترتبت عليها مخاطر وسلبيات عديدة، وبأن ما ادّعاه لوسائل الإعلام الأجنبية محض افتراء لا يمت للواقع بصلة، حيث أن المملكة ليست استثناء في تعاملها مع مثل هذه الأمور الطبية الحساسة، خاصة في ما يتعلق بنشر الأبحاث الطبية المتعلقة بالفيروسات أو إرسال العينات الطبية لجهات خارجية والاشتراطات المتعلقة بذلك، حيث أن كثيرًا من الدول وضعت قواعد للباحثين والممارسين في المجالات المرتبطة بالأمن البيولوجي بغرض تنبيه العلماء للمخاطر المحتملة، وهو ما يجده بعض العلماء نوعاً من الرقابة على البحوث العلمية، ولو كان هذا الأمر في بلد غربي لما تجرأ على ذلك.

ونبّهت المصادر إلى أن سجل الطبيب المذكور شهد واقعة مماثلة، حيث قام بعملية عزل لفيروسات من مرضى دون أخذ إذن من الجهات المختصة، وقد أكدت التحقيقات التي أجريت معه الواقعة وصحة ما نسب إليه من مخالفات، لتتكرر منه المخالفة ذاتهاهذه المرة، وهو ما ينطوي على سلبيات عديدة من إساءة لسمعة المملكة في المجال الصحي وهضم لحقوقها في مجال البحوث والاكتشافات الطبية الجديدة المتعلقة بالفيروسات وتهديد كبير للسلامة والصحة العامة.