شهدت مدينة بوسطن عملا ارهابياً في منتصف شهر إبريل الماضي، هذا العمل الإرهابي لن يمر مرور الكرام علي أمريكا ولا علي العالم ولا علي الشرق الأوسط بالتحديد، أتهم في التفجير شابين من الشيشان الروسية وكشفت التحقيقات عن أنهما يدينون بدين الإسلام، ربما إلي هنا وعلي الأقل ليس هناك علاقة بين الشرق الأوسط وبين ما جري في بوسطن، ما يخص الشرق الأوسط بصفة عامة وسوريا ومصر بصفة خاصة، ما ذكر عن المتهمين أنهما تلقيا دروساً دينية في مسجد أسسته الجمعية الإسلامية ببوسطن التي أسسها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وأن المتهمين تتلمذا علي يد سيد قطب من خلال كتبه، تزداد الأمور خطورة وتعقيدا عندما يعلن في الولايات المتحدة أن للمتهمين علاقات بجماعات جهادية قيل مرة انها بسوريا وقيل مرة أخري أنها بسيناء.

الأمريكان شأنهم شأن شعوب العالم المتقدم يهتمون كثيرا بمسألة الأمن، ولما كانت القيادة الأمريكية قد قدمت التيار الإسلامي للشعب الأمريكي علي أنهم أصدقائهم الجدد وشركائهم والجدد وان التعاون معهم سيحقق مصالح أمريكا وأولها الأمن وثانيها الإقتصاد، وثالثها الأستقرار في الشرق الأوسط وضمان أمن إسرائيل، كل هذه الأمور تلاشت الأن وأصبحت أوهام بالنسبة للشعب الامريكي بعد إنفجار بوسطن، وأصبحت الإدارة الأمريكية في مأزق حقيقي أمام شعبها وبالرغم من عدم إنتهاء التحقيقات بالفعل فقد سبب الضغط الشعبي تغييراً ملحوظاً في السياسة الامريكية.

إنفجار بوسطن قد يقلب الشرق الأوسط رأسا علي عقب وقد يغيرمن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وخصوصا دعمها للتيار الإسلامي في سوريا وفي مصر تحديدا، فلو ثبت أن المتهمين لهما علاقة بجماعات جهادية في سوريا فهذا يعني أن نظام بشار الأسد قد كُتب له ميلادا جديدا، وأن ثبت أن المتهمين تربطهما علاقة بجماعات جهادية في سيناء فهذا يعني أن حكم الإخوان المسلمين في مصر قد كُتبت شهادة وفاته ومات إكلينيكا وما هي إلا مسالة وقت وسيعلن رسميا عن وفاته قريبا.

التغيرات في السياسة الامريكية بدأت بالفعل ولم تنتظر حتي نهاية التحقيقات، فمن ذلك الذي يستطيع أن يدعم التيار الإسلامي في ظل وجود هذه الإتهامات، ظهر التغير في السياسة الامريكية علي ساحة القتال في سوريا، فاحرزت قوات الأسد تقدما وأنتصارات متلاحقة في حلب وحررت العديد من القري التي كان تسيطر عليها المعارضة، وأن دل ذلك علي شئ فهو يدل علي توقف الإمدادات والمساعدات العسكرية التي كانت تأتي من أمريكا ودول الغرب للمعارضة ولو أستمر الحال علي ما هو عليه الأن فأن الحرب السورية ستحسم لصالح الأسد في خلال أسابيع قليلة.

أما في مصر فالتغير اصبح واضحا فرأينا أحمد شفيق يعود للظهور مرة اخري ويتكلم عن عودته وعن قدرته علي محاسبة جماعة الإخوان كما بدأ أنصارة حملة اعلامية تشعرك انهم يمهدون الطريق لعودته، البيان الذي خرج من السفارة الامريكية والذي فهم منه ضمنيا أن مرسي وجماعته لست هم السلطة الشرعية الوحيدة وأن الولايات المتحدة تتشاور مع القوي السياسية المصرية وهي المعارضة والجيش والإخوان، فلأول مرة تفصل الولايات المتحدة بين مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة ولأول مرة تستخدم لفظ القوي السياسية.

أكثر المتشائمين في تغيير السياسة الامريكية تجاة الشرق الاوسط ومصر وسوريا يري أن التغيرات ستكون طفيفة بإيقاف الدعم للتيار الإسلامي في تونس ومصر وسوريا، وهذا غاية ما نطمح فيه نحن المصريون وحتي السوريين المؤيدون للأسد، فنحن نؤمن بقدرتنا على هزيمتهم وخلعهم من الحكم اليوم وقبل غد في حالة توقف الأمريكان عن دعمهم ومساندتهم، وأصبحنا كل ما نطلبه هي أنتخابات ديمقراطية نزيهة ولا نشترط ان تكون نزيهة بنسبة 100% كل ما نريده انتخابات كتلك التي جرت آبان أشراف القوات المسلحة.

أما انصار الأسد فيتطلعون لوقف المساعدات الأمريكية للمعارضة السورية والجماعات الإرهابية وهم واثقون من تحقيق النصر في حالة وقف هذه المساعدات، فهل تكون تفجيرات بوسطن سببا في بقاء الأسد وسببا في رحيل مرسي وجماعته هذا ما سوف تجيب عنه الأحداث في الأسابيع القليلة القادمة.