بعيدا عن التنظير الكثير والممجوج في قضية التدخل الدولي قبولا أو رفضا، هنالك اصدقاء نحترمهم رغم خلافنا معهم في بعض القضايا السياسية والفكرية، سواء في فهم لوحة الصراع العالمي داخل النظام الدولي أو في فهم اللوحة الاقليمية والسورية وموقع الثورة فيها.بعيدا عن كل هذا منذ أن تم تأسيس المجلس الوطني السوري وحتى اللحظة مرورا بتأسيس الائتلاف، وبعيدا عما يقال بالاعلام وما يصرح به بعض رموزه!! نؤكد دوما لهؤلاء الاصدقاء أنه لم تتقدم اية جهة من جهات المعارضة السورية بطلب تدخل دولي رسمي وقانوني لأية جهة دولية منفردة ام مجتمعة.. بالطبع هنالك فارق بين رأي هذا المعارض في موقفه من التدخل الدولي، وبين تجسيد هذا الرأي بموقف مؤسسي وقانوني، مثلا عندما يطالب الاستاذ جورج صبرا بالتدخل الدولي في بعض مقابلاته الاعلامية، لايعني أن المجلس الوطني والائتلاف قد تقدما بطلب رسمي من اجل التدخل العسكري الدولي. هذا من الناحية القانونية. ومع ذلك يصر هؤلاء الاصدقاء وغيرهم أن المعارضة الخارجية طالبت بتدخل خارجي ولكنه لم يتم..لماذا يصرون لا اعرف؟ ربما لأنهم يعتبرونها تهمة او شتيمة لتبخيص هذه المعارضة.وللتأكيد على ذلك اوردنا أكثر من مرة، عندما تحدت وزيرة خارجية أمريكا هيلاري كيلنتون في مؤتمر اصدقاء سورية الذي عقد في باريس العام الماضي، كل من اتهم امريكا من الناشطين بتقصيرها، أن امريكا لم تتلقى أي طلب رسمي بالتدخل الدولي من قبل المعارضة السورية ومؤسساتها. بغض النظر بالطبع سواء كانت امريكا تريد التدخل أم لا.
أما من ناحية الممارسة السياسية يخاف بعضهم قوى وشخصيات، من أن يطلق عليهم لقب جلبي سورية. نأتي لتشريح طلب التدخل سوريا..إذا كانت مؤسستي المجلس والائتلاف لم تطالبا رسميا بالتدخل، وهيئة التنسيق منذ البداية رفعت شعار لا للتدخل الدولي، واكثرية فاعلي النشاط العام داخل الاقليات من رجل دين وخلافه، هم أيضا ضد التدخل الدولي، واغلبهم يدعو لامكانية حل سياسي، إضافة لبعض مشايخ الاكثرية السنية ضد التدخل ويرون امكانية حل سياسي والشيخ معاذ الخطيب ليس أولهم ولن يكون آخرهم..
علما أن مطلب النظام الاسدي الاساسي وسبب استمراره في القتل والتدمير، ان هنالك من يحقق له ما يريده دون أن يكلف نفسه عناء، وهو مطلب عدم التدخل الاجنبي!! علما أن إيران يداها مغمستين بدم السوريين!!
لو كانت المعارضة السورية متفقة منذ البداية على طلب التدخل الدولي، وصاغت استراتيجيتها على هذا الاساس، ربما لما وصلنا إلى هنا حتى ولو لم يحدث تدخل دولي. المعارضة وافقت على كل خطط اعطاء الوقت لنظام القتل، سواء التي مررت فوق الطاولة عبر مبادرات الجامعة العربية، او التي مررت تحت الطاولة في مباحثات جانبية.
رفض التدخل الدولي مهما حاولنا تبريره وتفسيره لم ولن يخدم سوى بشار الاسد. لأن بشار الاسد اعلنها حربا على الشعب منذ ان قتل شهداء درعا وصار الموضوع بالنسبة له ميزان قوى عسكري لامجال للسياسة فيه أبدا ومتى كان للسياسة وزنا في تعامله مع شعبه..وهذه المعارضة لم تستطع حتى اللحظة استيعاب الموضوع..ولاتزال تتحدث عن رفض التدخل الخارجي، وإمكانية الحل السياسي. وليس آخرها الاشكالية التي دوخنا بها الشيخ معاذ الخطيب. لكن كما قلت البقية ليسوا تقاة ولا ثقاة، ولهذا تفوق عليهم الشيخ معاذ أخلاقيا، لأن معظمهم يتعامل مع الدبلوماسي الاجنبي بشكل دوني..تحت حجة انه حضاري!! بعكس الشيخ معاذ الذي كان غير دوني لكنه غير سياسي أيضا. هذه نقطة أيضا لا يتحمل مسؤوليتها الشيخ معاذ، بالمناسبة الشيخ معاذ جيئ به بداية لرئاسة الائتلاف من أجل الحل السياسي والمضي بجنيف إلى النهاية، لأن الرجل قبل ان يأتي للائتلاف كانت مواقفه معروفة من هذا الموضوع..من جهة أخرى قطر شعبا وحكومة والتي تهاجم كثيرا، ليس ذنبها في هذه الدونية سواء كانت حضارية أو مالية! ومن افشل خيار جنيف بالعمق رفض النظام السوري له، وليس المعارضة. ولهذا كان ولايزال النظام السوري ومعه إيران وروسيا يراهنون على امكانية ان يسحق النظام السوري الثورة.
من هم ضد التدخل ومع الحل السياسي يتحدثون عن حالة استعصاء بالوضع السوري، مصطلح جديد يخفي ما يخفيه من رسائل، تريد القول من خلالها أن الحل السياسي هو من يخرج سورية من حالة الاستعصاء هذه. هذا من جهة ومن جهة اخرى يتغطون كما الشيخ معاذ بقضية حقن الدم السوري. عن اي استعصاء يتحدثون؟ والثورة تمتلك من مساحة سورية أكثر مما يمتلك النظام، وتتقدم ايضا وستتقدم.. ولانها تتقدم يتحدثون عن حالة استعصاء وعن ان النظام لايمكن اسقاطه عسكريا. على فرض ان النظام لايريد ان يرحل ولا يمكن اسقاطه عسكريا بالمدى المنظور، من نحاور سياسيا إظن؟ لهذا لاتزال مقولة رفض التدخل الدولي هي مقولة لخدمة النظام في حربه على الشعب السوري. كما قلت لأن الحسابات بالنسبة له موازين قوى حربية لا أكثر ولا أقل.
امريكا لا تريد التدخل ليس لأن اقتصادها مأزوم ولا لأن خياراتها كاريبية وتراجع الشرق الاوسط في اهميته، وليس لأنها أيضا مع التوجه الاسرائيلي في تدمير البلد، بل لأنها تربح وروسيا وإيران يدفعان ويخسران بالتدريج عبر الدم السوري. فلماذا تتدخل وخاصة ان لا احد يطالبها رسميا بذلك. ولا يحاول احراجها رغم الكيماوي المستخدم من قبل النظام الاسدي.. العصابة الاسدية مستندة على عدة عوامل لاتزال تعتقد انها قادرة على اخماد الثورة بالقتل والتدمير، إسرائيل اولا وإيران وروسيا وموقف غربي هزيل نسبيا، ومعارضة حدث ولا حرج...
المعركة هي ما يدور على الارض فعليا...هكذا اختارها الاسد وجماعته...ولو كان هنالك افق حل سياسي لكان ظهرت بوادره في الافق...ازعم ان هذا النظام مبني على رفض السياسة والاعتراف باي شريك مهما كان...والدم السوري دليل وشاهد في عيون الجميع...
- آخر تحديث :
التعليقات