يمثل يوم الخامس و العشرين من نيسان / أبريل من كل عام مناسبة حزينة و مؤلمة للعالم العربي وللشرق منه و الذي صنعت فيه إتفاقية سايكس بيكو الغادرة عام 1916 ماصنعت من جرائم التقسيم و التشطير و الإحتلال و التشظي، ثم جاء الإحتلال العنصري الإستيطاني الفارسي لأهم و أثمن إقليم عربي وهو إقليم الأحواز ليمثل الذروة في الهجمة الشعوبية الإستعمارية الحاقدة على الأمة العربية بعد أن شارك العرب العالم الحر في صناعة العالم الجديد عبر الثورة العربية الكبرى عام 1916 والتي تنكر الحلفاء بعدها لكل الوعود و العهود و الإتفاقات، وقام بنهش العالم العربي بلا رحمة مكرسا أوضاع التخلف و التبعية و الإستعمار، لقد جاء ضياع و سقوط إمارة المحمرة العربية و سلطة الشيخ خزعل الكعبي في الخامس و العشرين من نيسان عام 1925 ليوجه ضربة وطعنة نجلاء لكل أحلام التحرر و السيادة و الإستقلال، كما جاء ذلك الإحتلال الفاشي الفارسي الغاشم البغيض و تسليم عربستان ( الأحواز ) للطغمة العسكرية الفارسية بقيادة الشاه البائد ( رضا شاه ) بمثابة خيانة للشعب العربي الأحوازي العريق بأصله وجهادة و المحتضن بعشائره العربية الأصيلة لهذه الأرض منذ فجر التاريخ، فكل شيء في أرض الأحواز العربية ينطق بالعروبة و الأصالة، من الشعب وحتى الحجر و الشجر و النخيل و التراب و المياه، إنه الإقليم العربي الأهم و الأكبر مساحة وثروة وموقعا ستراتيجيا بإطلالته الخليجية و بإمتداده للسهل الرسوبي العراقي و بشعبه العربي الحر عبر كل حقب التاريخ، وبعشائره العربية التي هي إمتداد لعشائر العراق و الجزيرة العربية، لقد كان الغدر بالشيخ خزعل و أسرته وهو الذي وقف مع معسكر الحلفاء ومع البريطانيين بالذات واحدا من أشد حلقات التاريخ غدرا و خيانة، لكون الأحواز كانت لاعبا أقليميا مهما في المنطقة، وكانت تقود العمل الدبلوماسي والسياسي فيما كانت إمبراطورية فارس معزولة و مرهقة بخلافاتها وصراعاتها الداخلية على الحكم و السلطة بين السلالات المتصارعة، لقد لعبت الأحواز دورا فاعلا و ستراتيجيا في المرحلة التي سبقت الحرب الكونية الأولى، وشكلت مع الكويت و مع ولاية البصرة حلفا ستراتيجيا ومحورا فاعلا كان سيؤدي لولا التدخل البريطاني لإقامة أول وحدة عربية فاعلة في التاريخ الحديث في دولة كانت ستضم الأحواز بقيادة أميرها التاريخي خزعل الكعبي، والكويت بقيادة شيخها الكبير مبارك الصباح و البصرة بقيادة السيد طالب النقيب عام 1909، ولو قامت تلك الدولة العربية لكانت أكبر دولة منتجة للبترول في العالم وتضم مصادر متنوعة للثروة و الدخل من نفط و مياه وزراعة و لتغيرت أشياء كثيرة جدا!!، ولكن الخبث البريطاني والإستعماري كان له رأي آخر، فهو لم يكتف بتخريب كل الجهود الوحدوية بل عمل على إشاعة الفرقة و بث السموم و تدمير كل الإيجابيات و عوامل النهضة و التقدم و التغيير نحو الأفضل، لم يكن مسموحا لأية تطورات خارج سياق الحسابات الإستعمارية أن تنطلق، لقد ضيعوا حرية الأحواز وحجموا طموحات الشيخ مبارك و ألحقوا البصرة بالدولة الجديدة التي نشأت فيما بعد وهي العراق عام 1921، في ذلك الربيع الأحوازي المؤلم في عام 1925 ضاعت في صمت وفي ظل تواطؤ دولي خبيث الهوية العربية للأحواز بعد أن شرع المستوطنون و المحتلون الفرس في وضع اللبنات الأولى لإمبراطوريتهم الحاقدة و التي حاولوا و طيلة عقود طويلة إستئصال الوجود العربي و إجتثاث الهوية العربية، و تحويل الإنسان العربي الأحوازي لمسخ ثقافي و حضاري، و أتبعوا مختلف الوسائل الدنيئة و الخبيثة لمسح الهوية العربية الأحوازية، وبذلوا مختلف الوسائل لتشويه الواقع الديموغرافي في أبشع هجمة إستئصالية حاقدة خضع لها شعب من الشعوب، دون أن ينجحوا رغم نجاحهم في قمع الثورات الأحوازية المتوالية وفي فرض سلطتهم العسكرية العدوانية المجرمة و الإرهابية و التي بلغت الذروة و القمة في عهد أهل العمائم الذين سبقوا بل و تفوقوا على عهد الشاه الراحل في القمع و الإبادة و الإستئصال و تحت رايات و شعارات الدين و الطائفة و المذهب مارسوا أبشع عمليات القتل و العنصرية و الإرهاب بدءا من عام 1979 وحتى اليوم، وحيث تعرض الشعب العربي الأحوازي لعمليات مستمرة من التطهير العرقي، و التهجير، وزيادة الإستيطان الفارسي، وفرض التجهيل الثقافي و محارية الحرف العربي و الوجود العربي بشتى الصور، بل تحول الأمر لإثارة الفتن الطائفية عبر إتهام أحرار الأحواز بإنتماءات طائفية يريدون منها تشويه القضية العربية الأحوازية، ولكن ما يسر النفس و يبعث الحبور إنه وبرغم عقود الإستعمار و الإحتلال الفارسي الطويلة و نشوء أجيال عاشت و تربت في كنف التعليم الفارسي العنصري إلا أن تلك الأجيال حملت راية الثورة و الإنتفاضة و تمردت على تعاليم الخنوع و الركوع للمحتل العنصري، ولم تتنكر للدماء و الروح العربية التي ظلت تبحث عن الذات و تجاهد في سبيل رفع الظلم و الحيف، الأحواز اليوم تختلف كثيرا عن أحواز الماضي، لكونها قد تحولت بشبابها ورجالها و نسائها لكتلة تحررية واحدة موحدة، ولتيار شعبي جارف يتحرق شوقا لكنس الطغاة وقذفهم لمزبلة التاريخ و إستعادة الهوية العربية الكاملة للإقليم الذي قدم أبنائه من الشهداء جحافلا و طوابيرا وهو يكافح وحده وفي ظل صمت بل تواطؤ عربي و إقليمي ودولي، ولكن الحمل لاينهض به إلا أهله، و الثورة الأحوازية المستمرة و المتدفقة و التي أزداد لهيبها خلال السنوات الأخيرة تأبى إن تنطفيء إلا بعد إطفاء معابد نيران دهاقنة الإحتلال و العنصرية و الإرهاب، الأحواز في ثورة وهي مستمرة تعانق التاريخ و تصافح الجغرافيا و تؤشر على عودة الروح لذلك الجزء المهم و الفاعل من العالم العربي و الذي يتجاوز حجما و مساحة أرض فلسطين، رغم ان الإحتلال واحد سواءا كان في فلسطين أو الأحواز، و المحتل واحد و إن إختلف التصنيف الآيديولوجي، فالنتيجة واحدة!، لقد فجر الشباب العربي الأحوازي ثورة شعبية حقيقية قد تكون اخبارها غير معروفة للعالم و لكن توحش الفرس و توسعهم في الحقد وفرض سياسة المشانق العلنية على الشباب العربي الحر الأحوازي قد جعل الشعوب الحرة تلتفت لمعاناة ونضال الشعب الأحوازي و تحييه، فمن يقبل حبال المشانق جدير بأن يصنع التاريخ و يحقق الهدف، و يكنس الطغاة و المستوطنين و الغرباء و دهاقنة الصفوية المارقة الحاقدة لمزبلة التاريخ.. تحية من الأعماق للثورة العربية الأحوازية و المجد لشهداء الثورة من الشباب العربي الأحوازي الذين عاهدوا الله و الوطن و نخيل الأحواز وترابه على السير قدما في طريق الحرية حتى التحرر التام و إنبثاق دولة الأحواز العربية الحرة التي ستوجه ضلابة قاصمة لكل أساطين الدجل و العنصرية في الشرق القديم.. ستنتصر الثورة الأحوازية و ستعانق الثورة السورية الكبرى، وسيهزم الأوغاد و الدجالين، وتاريخ الحرية يسجل بماء الذهب عظمة و تألق الشهيد الأحوازي وهو يصحح التاريخ.

[email protected]