لابديل عن القول بأن الصمت الخليجي حول الملف النووي الإيراني المرعب يشكل واحدا من أهم قضايا الضعف و التردد في الستراتيجية الأمنية لدول الخليج العربي، فالخليج و دوله و شعوبه مقبلة على كارثة حتمية، وهي كارثية و ستقع ليس بسبب ضربات أمريكية أو إسرائيلية ستطال المجمع النووي الإيراني في ( بوشهر )، ولكن بسبب الكوارث الطبيعية و الزلازل وتحذيرات الجيولوجيين من زلازل حتمية قادمة و الذي كان زلزال بلوشستان الأخير بمثابة جرس الإنذار الحقيقي لها!، والواقع إن النظام الإيراني وهو يرتكب الجرائم ضد شعبه ودول الجوار لم يكتف أبدا بحصيلته الدموية المرعبة من قتل و إعدامات و ترهيب و تطاول على سيادة دول المنطقة وتدخل فج في شؤونها كما يحصل في الحالة السورية مثلا، بل أن مشاريعه الستراتيجية وأهمها مشروعه النووي المشبوه يحمل للمنطقة كل نذر الشؤم و إرهاصات الخراب و الدمار وبهدف مداعبة أحلام العظمة التي تلبست حكام طهران المتأزمين، فلا فرق حقيقي بين طموحات الشاه الراحل المريضة التي كانت تفرض اوهاما للقوة وبين تطلعات أهل العمائم الذين بعنصريتهم و عبثهم و إرهابهم يضعون المنطقة بأسرها على كف عفريت، فإختيار القيادة الإيرانية لبوشهر كمكان للمفاعل النووي يحمل بحد ذاته علامة إستهتار و تهور لاحدود لها، فإيران بلد واسع و مترامي الأطراف وكان يمكن إختيار مواقع بعيدة في خراسان أو في قزوين أو في بقعة نائية أخرى لربما تكون محمية دفاعيا أكثر من بوشهر القريبة جدا من المدن و الدول الخليجية، فالمفاعل الشؤم لا يبعد عن الكويت مثلا سوى 277 كلم!!، وكذلك الحال مع الحواضر الخليجية الأخرى!!

و أي تسرب أو عبث سيؤدي لكارثة رهيبة تدمر كل صور الحياة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، لقد بات من الضروري على دول الخليج العربي التحرك الدولي الفاعل للضغط على النظام الإيراني من أجل وقف و تجميد برنامجه النووي أو نقله بعيدا عن المنطقة وهي مهمة ليست سهلة أبدا و لكنه ملف حيوي وجدي و لا يحتمل التاجيل أو المناورة فالهدف الإيراني من المفاعل ليس سلميا بالمرة كما يقول الولي الفقيه علي خامنئي ويعلن دائما!!

بل أن الهدف عسكري محض و يتمثل في الحصول على السلاح النووي وإعلان إيران دولة نووية عبر دخولها للنادي النووي لتمارس بعد ذلك بلطجة من نوع خاص و معروف و مبرمج هدفه السيطرة على المنطقة بالكامل و سباق الزمن من أجل تحقيق ذلك الهدف قبل إنهيار النظام السوري وضياع الحلف الذهبي الإقليمي للنظام في الشرق الأوسط وهو حلف تكرس قبل ثلاثة عقود و نيف من الزمان و إنهياره يعني التراجع المريع للسياسة والدور الإيراني في الشرق القديم وإنحسار للداخل سيؤدي لإنهيار النظام و تفتته من الداخل، و القوة النووية هي وحدها التي تستطيع حفظ هيبة النظام و التعويض من خسارته الستراتيجية الكبرى كما يتصور دهاقنة طهران؟ ولكنهم في ذلك السعي المحموم يلعبون بالشيطان النووي و بمخاطره التي لاترحم أحدا، ومن يلاحظ حالة البيئة المحيطة بمفاعل بوشهر النووي بعد الهزة ماقبل الأخيرة سيلاحظ حالة البؤس و الفقر المدقع التي تعانيها الشعوب الإيرانية، ورداءة بل إنعدام البنية التحتية في العديد من الأقاليم الإيرانية الأخرى كبلوشستان ومحافظة فارس وغيرها من المدن والقصبات الإيرانية، النظام الإيراني المفلس و المهزوم و المتأزم يحاول تصدير خيبته للآخرين وفرض بلطجة نووية لن يسلم من آثارها أحد، ولكنها ستعرض الحياة والحضارة و البناء في المنطقة لخطر داهم ويومي، لايوجد لدى نظام الحقد الإيراني ما يخسره لأنه يعتمد على الشعارات الآيديولوجية الغيبية المفلسة، ويمتهن خطا إنتحاريا يائسا يعبر عنه من خلال ثقافة الإغراق في التخلف و الغيبية، فهم لايهمهم تدمير المنطقة من أجل أحلامهم المريضة خصوصا و أن خط جماعة ( الحجتية ) الفكري هو المهيمن في إيران، وهو منهج يدعو لإشاعة الخراب و الفساد و التدمير من أجل التعجيل بظهور القائم المنتظر!!

و تلك كما نعلم هرطقة فكرية خطيرة للغاية و تمس أمن و سلام ومستقبل شعوب المنطقة، لابديل عن مؤتمر دولي لمعالجة الحالة الإيرانية الشاذة، وأي تردد أو خنوع في مواجهة الفوضى الإيرانية المهلكة معناه المساهمة في التدمير الحتمي لكل معالم الحياة في الخليج العربي.

[email protected]