قضايا كثيرة وشائكة، تتعلق بالوضع السوري، ودوما في طرحها للحوار والنقاش بين السوريين تظهر عمق الازمة المجتمعية التي اوصلت البلد لها تلك العصابة الفاشية، التي حكمت سورية منذ اربعة ونصف، منها مثلا مفاهيم الدولة والسلطة والديمقراطية والمواطنة، والاقلية والاكثرية سياسيا وغير سياسي ديني او اثني او طائفي.. أذكر أنني كتبت مقالا عن المسألة الطائفية قبل عدة سنوات من الثورة، قلت فيه ان مراكز البحوث في الغرب، ومعظم من كتب عن سورية ووضعها، يصف النظام السورية بأنهquot; نظام علويquot; واذكر انها لاقت كثير من الاحتجاجات من اناس انا متأكد أنهم قرأوا مثل تلك المؤلفات الغربية وغير الغربية، ولم نرى لهم احتجاجا واحدا على استخدام المصطلح من قبل اي باحث غربي..لكن عندما ينطق به كاتب سوري او معارض سوري يصبح للامر بالنسبة لهم بعدا آخر.. من جهة أخرى الادارات السياسية في الغرب عندما تريد حماية النظام، تتحدث عن أنه ديكتاتور لكنه علماني أو شبه علماني!!
كيف طائفي وعلماني؟ هذا قبل الثورة..وما اوضحته الثورة، هو عمق الارتباط المصلحي بين النظام الاقليمي دوليا والذي تحتل فيه إسرائيل الموقع الأهم بالنسبة للغرب، وبين استمرار آل الأسد في حكم البلد..حتى لو دمروها عن بكرة ابيها واخلوها من سكانها بالقتل والتهجير والمجازر..وهذا ما يحدث على الارض..وتتركز هذه المجازر بمناطق يسكنها الأكثرية السنية العربية، وهذا له جانب موضوعي وهو أن السنة العرب يعتبرون اكثرية سكان سورية، لهذا ينكت احد الاصدقاء المعارضين بمرارة، والذي هو من الطائفة العلوية بالولادة بقوله تعليقا على الموقف الدولي من هذه المجازر المغطي على القاتلquot; يريدون ان يجعلوا من العلوية أكثرية في سورية، فيصبح السنة العرب 13% من سكان سورية أقل من الاقلية العلويةquot; وهذا لايعني أن بعض مناطق تواجد الاقليات سلمت من مجازره وتدميره، أو سلمت من القتل والاعتقالات.. بحسبة بسيطة لا تغفل عن أحد ان أكثرية الشعب السوري لم تعد تريد آل الأسد، وإلا لما قامت الثورة، ولما تحررت أكثرية المدن والارياف السورية..بعد سنتين على القتل والتدمير والتشريد تطرح موضوعة الحل السياسي والتفاوض مع العصابة الاسدية، والتفاوض المطروح تلطيف لمفهوم الحوار..والحوار لا يجري إلا بين طرفين يمسكان بالقوة وقرار استخدامها على الارض..من يمسك بالقوة على الارض هم آل الاسد من جهة وقوى الثورة من جهة اخرى.. واكثرية الشخصيات المعارضة التي تطرح الحوار في الواقع هي من تنحدر من الاقليات الدينية والطائفية، طبعا إذا اضفنا إليهم بعض تجار حلب ودمشق وبعض مشايخ حلب ودمشق أيضا ومن يمثلهم في المعارضة السياسية، هم يعرفون كل شيئ عن النظام وطبيعته، ويعرفون أكثر منا ربما..كبرت النغمة وترديدها، عن ضرورة الحوار الوطني وماشابه..ولكل اسبابه..وانا في الواقع لايهمني كثيرا موقف بعض تجار ومشايخ المدنيتين الاكبر في سورية.. بل يهمني الناشطين والمعارضين المنحدرين من هذه الاقليات والذين في غالبيتهم دفعوا سجونا من حياتهم على يد هذه العصابة..والاسماء كثيرة لا تعد ولا تحصى..اقدر مواقفهم وتخوفاتهم من الاسلاميين كما يقول اغلبهم في دفاعه عن رأيه.. ولكن لا ابرره..لهذا طرحت البوست التالي على صفحتي على الفيسبوك للحوار والنقاش، وشارك فيه من شارك مشكورا سواء اتفقنا او اختلفنا..
( إلى دعاة الحل السياسي عموما...أعطونا سيناريو محدد وواضح... وينفذونه آل الاسد..
إلى الاصدقاء الذين يتحدثون عن الحل السياسي وبنفس الوقت يتحدثون عن الخوف على الاقليات، وعلى سورية المستقبل ان تضمن حقوق تلك الاقليات.. مادام الأمر كذلك لدي سؤال واضح مباشر..هل آل الاسد يمثلونكم؟ لأنه من الواضح انكم تتحدثون بلغة وكأن حقوق الاقليات مصانة في استمرار آل الأسد، وستهدر حقوق الاقليات في حال سقطوا!!...طيب وفقا لذلك وحق الاكثرية أين هو؟ والاكثرية لا تريد آل الاسد.. أليس لها حق في ذلك؟ أنا اتحدث هنا وفقا لمنطقكم في طرح الامور وليس وفقا لمنطقي ومنطق الثورة التي انطلقت دفاعا عن حرية وكرامة كل السوريين..والثورة اعطتكم انفسكم الحرية التي لم تكن موجودة عندكم قبلها..قليل من الموضوعية لا تضر)...
لغة الوقائع تقول ان المدن والارياف التي تحررت- لا تريد آل الأسد- والتي تشكل الآن أكثر 60% من مساحة سوريا وأكثر من 60% من عدد سكانها، ووفقا لمنطق بعض الناشطين في حديثهم عن الاقليات وحقوقها، حاولت ان اوضح انه وفقا لهذا المنطق: أنه يحق للاكثرية السنية العربية ان ترفض استمرار آل الأسد في الحكم.. ووفقا طبعا لنفس المنطق الذي يتحدث عن الخوف على الاقليات وماشابه..نحن في معركتنا نسعى لدولة ديمقراطية الاقليات والاكثريات فيها متحركة سياسيا بتحرك برامج القوى السياسية وليس على اساس طائفي او ديني او اثني..ووفقا لهذا المنطق أيضا نسألهم أين حقوق الاكثرية السنية؟
مع ذلك كي لانكون سلبيين نقول أين هو الحل السياسي الذي يتحدثون عنه؟ أي حل سياسي يبقي آل الاسد جزء من مستقبل سورية، ووفقا لمنطقهم أيضا سيكون على حساب ضحايا هذه الاكثرية السنية؟ هل يحق للاقليات وفق هذا المنطق ان تضمن حياتها وحقوقها ولا يحق للاكثرية؟ منطق عجيب ويحتاج منا جميعا إلى تجاوزه بقدر قليل من الموضوعية لكي تتجاوز سورية محنتها التي سببها ما فعلته العصابة الاسدية فيها.
هنالك مشكلة مع بعض التيارات الاسلامية المتشددة ولكنها اقلية في سورية واقلية لاتكاد تذكر، والجميع أيضا يعرفون ذلك...فلماذا الحديث دوما عن تكفير الاكثرية السنية بكاملها؟ هذا ولم نتحدث عن جماعة العلمانية الجهادية..التي تقف مع العسكر من آل الاسد....ادونيس مثالا.
نحن امام حقبة أسدية وعلى كل السوريين تجاوزها.هكذا علينا التفكير..للوصول لدولة القانون والمؤسسات والحريات..وكل ما هو مطروح في هذه المادة يشكل دعوة جدية للحوار بين الناشطين والمهتمين دون استثناء...لنعيد للسياسة والفكر الحر دورهما...
التعليقات