من افدح الاخطاء التي ارتكبها التحالف الكردستاني في علاقته السياسية مع التحالف الوطني الشيعي الحاكم وكانت لها انعكاسات سلبية على الشعب الكردي ومكتسباته الوطنية انه لم يزل يقدم تنازلات سياسية ويبدي مرونة في قضايا مصيرية لا يمكن التساهل معها باي حال، حتى تعود عليها وادمنها، واصبحت سياسة متبعة على طول الخط ولم يتخذ موقفا مسؤولا صارما ازاءها كأن يلوح بسحب وزرائه من الحكومة وتعليق مشاركته في العملية السياسية كما فعل في الاونة الاخيرة وهو عمل صائب ولو جاء متأخرا، بل بنى سياساته على التحالفات الاستراتيجية الفارغة والعلاقات التاريخية والصداقات الشخصية الواهية مع زعماء التحالف الوطني، ناسين او متناسين ان السياسة لا تعتمد على الامنيات الطيبة والعلاقات العاطفية الجياشة بل تعتمد على الندية في التعامل والتكافؤ في العلاقات والمصالح المتبادلة، وكانت نتيجة هذه السياسات الخاطئة ان الكرد قد اعطوا كل شيء للشيعةquot;السلطة والجاه والثروةquot;، بينما لم يأخذوا منهم اي شيء، ظل الاقليم على حاله وضمن حدوده الادارية القديمة لم تضف اليه قرية واحدة من الاراضي التي انتزعت منه عنوة وفق تطبيقات المادة 140، ومازالت القوى الشيعية الحاكمة تحاول جاهدة وضمن خطة مدروسة، انتزاع المكاسب السياسية والاقتصادية التي حققها الكرد في ظل النظام الجديد واحد تلو الاخر، وما كانت مطالبتها بتخفيض نسبة 17% من الميزانية المالية المخصصة للاقليم، و من ثم قيامها بتمرير الموازنة العامة في البرلمان بغياب النواب الاكراد، الا خطوة نحو تجريد الكرد من الخصائص السياسية او الاقتصادية التي يتمتعون بها، تمهيدا لترويضهم واعادتهم الى الوصاية المركزية الشديدة، لاشك ان الايام المقبلة ستكون صعبة على القادة الكرد، كل الدلائل تشير الى انهم سوف يخوضون صراعا مريرا مع حكومةquot;المالكيquot;من اجل الحفاظ على هذه المكتسبات وهم بحاجة الى اتخاذ قرارات حاسمة للخروج من هذه المواجهة الوشيكة.. يجب الاعتراف بان السياسة التي سار عليها القادة الكرد مع بغداد والقائمة على الملاينة والملاطفة والتنازلات المستمرة قد فشلت لحد الان، عليهم ايجاد طرق اخرى اكثر فاعلية، واول هذه الطرق ان يكفوا عن استدرار عطف قادة الشيعة واستجداء الحقوق منهم ويظهروا موقفا سياسيا حاسما وصارما تجاه سياساتهم العدوانية ضد الاقليم، وان يتوقفوا نهائيا عن تمثيل دور الاخ الاكبر الذي يجب عليه ان يضحي دائما ويتنازل عن حقوقه وكرامته من اجلهم ومن اجل ادامة عجلة العملية السياسية في العراق، وابقاءه واحدا موحدا غير مجزء..
على الساسة الكرد ان ينتهوا من اشغال انفسهم بالمشاكل العراق المذهبية المستعصية وطرح المبادرات وايجاد الحلول التوفيقية لجمع الفرقاء السياسيين والاطراف المتصارعة، فلم يعد هذا الدور يليق بهم بعد الان..
حقوق الكرد ثابتة في الدساتير العراقية قديما وحديثا، الكل يعرفها، فلا داعي لتكرارها واعادتها على اسماع المسؤولين في بغداد كل يوم، قرار سحب الوزراء من الحكومة مؤخرا كان صائبا وشكل ضغطا كبيرا على بغداد وقد اتى ثماره بان ارسل الائتلاف الشيعي وفدا للتفاوض مع الاقليم ولكن، قبل ان ينتظر القادة الكرد نتيجة المفاوضات ومعرفة رد التحالف الوطني للمطالب الكردية، قاموا بتوجيه رسالةquot;استعطافيةquot;لقادة التحالف واتبعوها بارسال وفدquot;رفيع المستوىquot;الى بغداد وانه اجتمع مع اعضاء التحالف الوطني واحدا واحدا والتقىquot;المالكيquot;ولاشك انه قد تحدث عن العلاقةquot;التاريخيةquot;الراسخة
بين الكرد والشيعة والنضال المشترك ضد الدكتاتوريةquot;البعثيةquot;وباقي القوانة المشروخة اياها التي حفظناها عن ظهر قلب وطبعا لم ينس اعضاء الوفد الكردي وهم في خضم لقاءاتهم الحميمة معهم ان يوزعوا الابتسامات الزائفة على الشاشات الفضائية للدلالة على العلاقة المتينة بين الطرفين!!..ولكن الاجتماع فشل كالعادة ورجع الوفد المفاوض بخفي حنين حاملا معه بعض التطمينات الزائفة والوعود المعسولة مع تشكيل لجان مشتركة quot;فاشلةquot;لمعالجة الامور العالقة، وانتهى الموضوع...والسؤال المطروح على القادة الكرد، متى يتعلموا من اخطائهم السابقة؟!!!