فلاح مصري بسيط يتحدث بتلقائية لمراسل فضائية عربية في مظاهرة مناهضة للإخوان من أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة ويقولquot; اللي بيحصل ده مقدمات ثورة جديدة، هو احنا حنفضل على ده الحال ثلاث سنوات كمان، احنا لسه مكملناش سنه مع مرسي وقربنا نموتquot;، يلخص قول هذا الرجل البسيط شعور ملايين المصريين بالاحباط مما أل إليه حال مصر تحت حكم الإخوان، هذا التردي في إدارة البلاد، وحنين قطاع كبير من المصريين لعهد مبارك، جعل المخلوع واثقا من براءته من تهمة قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير، فقد ظهر أثناء إعادة محاكمته في قضية قتل المتظاهرين، وهو يلوح بيده، وكأنه يسخر من شعب أطاح به، ليأتي بشبيهه quot;محمد مرسيquot; ولكن بلحية، ومحكوم من مكتب الأرشاد، يمارس نفس سياسات مبارك، يشعر مبارك انه سيأتي على خلفه الدور، ويحاكم بتهم كثيرة من بينها قتل مئة متظاهر في أقل من ثمانية أشهر من حكمه.

(1)
نحن الان أمام رئيس منتخب بنسبة 51.7%، وهي نسبة تحوم حولها الشكوك، لا يخضع لأى مساءلة سياسية أو قضائية، وعاجز عن إدارة البلاد لأنه لا تتوافر فيه أهم شروط الحاكم وهي الاستقلالية في اتخاذ القرار، فهو حاكم محكوم، تأتي إليه التعليمات من مكتب الإرشاد لينفذها، ويُواجَه بمعارضة شعبية قوية، ومعظم قرارته يتراجع فيها، وجميع مستشاريه يشكلون عبئا عليه، وتصريحات مساعديه، وأخرها تصريحات quot;عصام الحدادquot; حول الكاتدرائية، تصب الزيت على النار فتسارع quot;باكينام الشرقاويquot; إلى نفيها، والقول إنها لا تعبر عن الموقف الرسمي للرئاسة.

(2)
حكومة فاشلة، عجزت عن توفير أدنى متطلبات المعيشة للمواطن، وتفتقد معايير الكفاءة، ولأنها حكومة مستئنسة، فهي الأخرى لا تخضع لأى مساءلة سياسية فى غياب مجلس للنواب يملك وحده حق مساءلتها، وسحب الثقة منها، ومجلس شورى مجرد ديكور، ثلثه مُعين، يؤدي دورا تشريعيا ليس مؤهلا له، ونتيجة هذا الفشل تعيش البلاد أوضاعا اقتصادية متدهورة، تلجأ الرئاسة إلى طلب العون الخارجي، قطر منحتهم ثلاثة مليارات دولار، تركيا أعطتهم مليارا، وليبيا دفعت مليارين، لأن صندوق النقد الدولي طلب أن يكون الاحتياطي النقدي 19.5 مليار دولار ضمن شروطه لمنح القرض البالغ 4.8 مليار دولار والاحتياطي الحالي لا يتجاوز 13.5 مليار دولار.

(3)
علاقة متأزمة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية،الأولى تصر على أن ترمي بأحكام القضاء عرض الحائط، هي فقط تحترم القضاء حين يكون الحكم على هواها، فتصفه بالشامح والمحترم، وحين يكون الحكم ليس مصلحة الرئاسة والحكومة، فهو قضاء فاسد ويحتاج إلى تطهير.

(4)
كذلك توجد علاقة متوترة بين الجيش والرئاسة، بسبب تصريحات قيادات الإخوان، ومن بينها تصريحات مرشدهم quot;محمد بديعquot; قال: quot;إن جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة بديلا عن القيادات الفاسدةquot;، في ظل هذه الأجواء، هل يمكن إدارة الدولة المصرية بهذه الطريقة التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المهين، وهل ننتظر حتى تنهار الدولة إذا استمرت حالة الاستقطاب القائمة؟

(5)
الحل الأمثل لهذا الوضع هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لقد فشلت الرئاسة المصرية والمعارضة في الاتفاق على أسس للحوار، حتى تخرج مصر من أزمتها السياسية، ولن تجدي حالة الشد والجذب الحالية، ترى المعارضة أن مرسي فقد شرعيته بعد أن أصدر الإعلان الدستوري في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي، إعلان وضع قراراته فوق القانون، وحصن جمعية تأسيسية جاءت بدستور معيب، ومنع مجلس شورى باطل من الحل، وأدخل البلاد في فوضى، فقد مرسي شرعيته بحسب المعارضة بسب الدماء التي أريقت تحت سمعه وبصره، فقد قُتل في عهده أكثر من مئة مصري في محافظات مصر، وزاد الطين بله الاعتداء على الأزهر الشريف، الذي يمثل السنة في العالم، ومحاولة تيار الإخوان الاطاحة بشيخه، كما تم الاعتداء على كاتدرائية العباسية، وهي رمز للمسيحيين الارثوذكس ليس في مصر فقط إنما في العالم اجمع، ولم يحرك مرسي ساكنا، الامر الذي يضع البلاد على صفيح ساخن، ويبرر الدعوة لانتخابات رئاسية.

(6)
لم تقتصر الدعوة لهذه الانتخابات على المعارضة فحسب بل أنضم إليها رئيس حزب مصر القوية الدكتور quot;عبد المنعم أبو الفتوحquot; وهو ما أكسبها زخما لسببين : الاول : إنه لا يمكن لأحد من تيار الإسلام السياسي أن يتهم quot;أبو الفتوحquot; بالتأمر على مرسي أو الطمع في منصب الرئاسة، الثاني : هو ينتمي لنفس التيار كما أن الرجل ظل يدافع عن شرعية مرسي، ويندد بتدخل مكتب الإرشاد في الحكم، ولم يطالب بسقوطه عكس ما تردده المعارضة كذلك تدعم الانتخابات المبكرة بعض التيارات السلفية.

المؤيدون لانتخابات مبكرة يرون أنها لا تتنافى مع قواعد الديمقراطية، فوجود دستور جديد يقضي بانتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، حيث تشكل هذه الانتخابات مخرجا من حالة الشلل التي تعيشها مصر منذ ثمانية أشهر، وانقاذا للبلاد من مصير الدولة الفاشلة، كما أنها تقي العباد شر الفوضى، وعودة الجيش مرة أخرى في حال أوشكت الدولة على الانهيار.

إعلامي مصري