&قد يري البعض علاقة عضوية بين ما جري في القدس ونابلس في اليومين الأخيرين وبين أعلان الرئيس الفلسطيني ابو مازن مساء 30 سبتمبر الماضي أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة إنسحاب السلطة الفلسطينية من اتفاقية أوسلو التى وقعها الزعيم ياسر عرفات مع حكومة الإحتلال الإسرائيلية عام 1993، ولكل اسبابه ورؤيته التحليلية..&

من جانبي لا أراه كذلك.. لماذا؟&

لأن التوتر بين حكومات إسرائيل العنصرية المستعمرة والشعب الفلسيطني لم يتوقف بشكل واقعي وملموس منذ سنوات.. ولأن أبو مازن كثيراً ما هدد بالقيام بهذه الخطوة ثم تراجع عنها، أما الشعب الفلسطيني فلم ييأس وواصل كفاحه ونضاله علي إمتداد الإثنين وعشرون عاماً الماضية دون تنازل.. ولأنه قال في كلمته امام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن سبب الإنسحاب يرجع إلي تقاعس أسرائيل عن الوفاء بتعهدداتها، أما إعلان الشعب الفلسطينى لرفض سياسات الإحتلال العنصرية الدموية فكان سابقاً علي ذلك بسنوات طوال..&

أبو مازن يقع بحكم مسئوليته تحت وطأة عوامل كثيرة محلية قد يكون بعضها متعارضاً وإقليمية أغلبها مُتنازع ومتعارض ودولية كلها قاهرة، لذلك تأتي خطواته متأخرة عن حركة الشعب الفلسطيني الواقع تحت سطوة أحتلال عنصري بغيض ليس له مثيل بين نماذج الإحتلال التى عرفتها بعض شعوب العالم..&

أبو مازن والعديد من فصائل المقامة التى تتبني النهج العسكري غالباً ما يتأثرون بجداول علاقات باطينة خافية في معظمها علي الشعب الفلسطينيى الذي يعاني علي مدار الساعة من ويلات الإحتلال العنصرية، خاصة أهالينا في القدس الشرقية الذي يقعون في دائرة الإضطهاد والتمييز العنصري علي مدار الساعة..&

أبو مازن في جانب وحماس والجهاد الأسلامي في الجانب آلآخر، لهم جيمعاً حساباتهم سواء علي مستوي تعاملاتهم مع سلطة الإحتلال أو فيما بينهم، أما الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الإحتلال في الضفة والقطاع فليس له إلا أجندة تتضمن مطلب واحد أن تعمل كل طوائفه وتننظيماته الجهاية والسياسية كيد واحدة للخلاص من أسوء أنواع الإستعمار التى عرفتها البشرية في أقرب وقت ممكن مهما كلفه ذلك من تضحيات بشرية ومعنوية..&

لذلك يصبح تساؤلنا:

هل يؤدي إنسحاب السلطة المعترف بها دولياً من إتفاق أوسلو الشهير إلي تأسيس مجلس فلسطيني للتنسيق بين كافة المنظمات لمنهجة نضال فئات الشعب بكل تياراته؟

هل يمكن أن يُؤَسس هذا المجلس علي هوية وحدة الشعب الفلسطيني دون النظر إلي الأيديولوجيات ودون اللجوء لي محاولة التصنيف البغيضة؟

هل يمكن ان ينضوي تحت راية هذا الشعب الأكثر نضالاً وكفاحا في العصر الحديث كل الذين يَدعون أنهم يتحدثون بإسمه ويَدعون أنهم يخططون من اجل غده المستقل المشرق؟&

وأخيراً&هل يمكن أن تنبذ الفصائل الفلسطينية المتناحرة الخلاف القائم فيما بينها.. وأن تضع نفسها جميعا بلا إستثناء في خدمة الشعب الفلسطيني الساعي للإستقلال.. وأن تتفق علي ان كل مُضحي بروحه ووقته وماله في سبيل القضية هو فلسطيني وطني مناضل من أجل الإستقلال والحرية؟

علينا أن نتذكر:

أن السلطة الفلسطينة أمضت من عمرها 22 عام وهي تسير وراء شعارات إتفاق أوسلو التى لم تحقق لشعبها أي تقدم يذكر..&

و ان منظمة حماس لم تُحقق اي تقدم يذكر فيما يتعلق بالعمل علي توحيد كافة المنظمات الفلسطينية تحت راية الجهاد والنضال العسكري..&

وأن بقية المنظمات الفلسطينية التي تشغل المسافة الفاصلة بين فتح و حماس لم تقدم النموذج الذي يمكن أن يُحتذي به الباقون لكي يسيروا معاً جنباً إلي جنب لكي يوحدوا نضالهم تحت راية الشعب تحقيقاً لمطلب الاستقلال الذ طال أمده..&

كلهم بلا إستثناء..&

يقفون عاجزين أمام عنصرية حكومات إسرائيل الإحتلالية ومخطط تهويدها لما بقي من القدس القديمة.. وسياسات تمزيق الضفة بمواصلة بناء المستعمرات في كل مكان..&

الأكثر من ذلك أنهم جميعاً بلا خطة موحدة سياسياً وعسكرياً، تتوزع فيها أدوار الفعل الإيجابي المؤدي إلي تحرك ولو بطئ علي مستوي تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني المعروفة منذ عام 1948..&

المطلوب اليوم وفوراً أن يتولي مجلس التنسيق بين الفصائل الفلسطيينة..&

وضع إستراتيجية واضحة المعالم لكيفية مواجهة إدعاءات رئيس وزارء حكومة الإحتلال المُضللة حول ما يسميه إلتزام إسرائيل تحقيق السلام القائم علي حل الدولتين والذي لم يتحقق منه أي خطوة منذ أطلق قبل أكثر من عشر سنوات..&

تنشيط عملهم الجماعي عبر أروقة الأمم المتحدة التى رُفع علي صواريها العلم الفلسطني لأول مرة، للتأكيد علي ان الشعب الفلسطيني لا يتهرب من إستحقاقات السلام، بل هي دولة الاحتلال التى تمارس سياسات العنف والاضطهاد والعنصرية التى لا تتوافق مع مثل هذه الدعاوي ولا مع حقوق الإنسان الفلسطيني ولا مع مطالب الاستقرار والامن التى تطالب بها شعوب المنطقة كلها..&

التوقف تماماً علي كافة الأصعدة عن التنديد بسياسات البعض ووضع العقبات أمام مبادراتهم، وشجب خطوات البعض الإصلاحية وأدانة البعض بالعمالة وتوزيع إتهامات التخوين في حق البعض، والتقليل من قيمة أي فعل من شأنه أن يفتح نافذة أمل لجموع الشعب الفلسطيني، والإلتفات فقط لكل ما يقود إلي تصحيح كافة المسارات السياسية والجهادية بعد طول تراجع علي إمتداد عشرات السنين..&

التأني في الإقدام علي كل ما من شأنه أن يقوي موقف دولة الاحتلال و يساعدها علي مواصلة اللعب علي التناقضات فيما بين الفصائل الفلسطينية بما يعود علي سياساتها بالنتائج الإيجابية التي تضر بها جميعا دون إستثاء..&

أما الرئيس محمود عباس فمطلوب منه علي وجه التحديد:&

1 - ان يقول لشعبه وللشعوب التي تقف مع الفلسطينين في خندق واحد ضد سياسيات إسرائيل الاحتلالية والعنصرية أنه لم يترك الباب موارباً بين الإنسحاب الكامل و الجزئي كما قال البعض، وأنه يعني فعلا " الإنسحاب من الإتفاق " كما أعلن من فوق المنبر العالمي..&

2 – أن يعلن علي الملأ وبشفافية ومصداقية ترتيبات وأليات هذا الانسحاب بدءاً من وقف فوري للتعاون الأمني مرورا بالتنسيق الإقتصادي وإنتهاءاً بتبادل المعلومات ولو عن طريق طرف ثالث..&

3 – أن يربط أي استجابة لضغوط الأطراف الأوربية و الأميركية بإجماع موقف الشعب الفلسطيني صاحب المصلحة الحقيقية في النضال، موافقاً او معارضاً..&

4 – أن يستند إلي شعبه في رفض اي استجابة لوعد من هنا او هناك بأن إسرائيل ستستجيب للضغوط اي كانت ( أوربية او أمريكية ) بهدف تطبيق بنود إتفاق أوسلو أو غيره من المبادرات خاصة الأميركية، لأنها لن تكون حقيقية كما جرب هو عشرات المرات..&

5 – أن لا يوافق علي بيان الرباعية الدولية التي تنوي توسيع عضويتها لتشمل بعض الدول العربية من اجل العمل معا " معاً وفق خطوات ملموسة علي الارض لإعادة عملية السلام إلي مسارها المفتقد منذ شهور طويلة "، مهما كانت الإغراءات المادية!!

وأخيراً&ليس مطلوباً من الشعب الفلسطيني أن يبرهن علي حسن نواياه، فقد أثبت ذلك كثيراً عبر مواقفه العملية وإتفاقاته الموثقة وشهود العيان العالميون والدوليون..&

ليس مطلوباً منه أن ينتظر من أوربا ان تقاطع اسرائيل أقتصاديا، لأنها ببساطة لن تفعل..&

ليس مطلوباً منه انتظار ان تقوم واشنطن الآن أو في القريب العاجل بأي موقف تجاه تل ابيب يعكس مناصرة سياسية عملية واقعية وإيجابية لحقوقه المشروعة، لأن سخونة معركة انتخابتها الرئاسية ستنسيها العالم الخارجي حتى يهل علينا شهر يناير 2017..&

أخشي أن يتهمني البعض بالإفراط في التفاؤل، وفي نفس الوقت أتمني أن تثبت الأيام ثقتي في الشعب الفلسطيني وفي قدرة قياداته السياسية والجهادية علي ان تكون عند لحطة الخطر في خدمة اهدافه في الحرية وبناء دولته المستقلة!
&

[email protected]&