منذ أن طالب الرئيس بارزاني من الأحزاب الرئيسة في البرلمان، البحث عن مخرج قانوني لموقع الرئاسة في شباط 2015م حيث ستنتهي فترة التمديد البالغة سنتين يوم التاسع عشر من آب الماضي، والمحيط الإقليمي من دول جوار كوردستان، بل ومن معظم دول العالم ذات العلاقة الإستراتيجية مع العراق والإقليم، منشغلة إعلاميا وسياسيا في الحراك الجاري بين الأحزاب ذات المقاعد المؤثرة في البرلمان، وخاصة جماعة كوران وحزب الاتحاد اللذان يعملان على فرض إرادة انتخاب الرئيس من الأحزاب، حيث يقودان ائتلافا مع الحزبين الإسلاميين، بينما يصر الآخرون وفي مقدمتهم الحزب الأكبر في كوردستان وهو الحزب الديمقراطي ومعه مجموعة أحزاب المكونات وأحزاب أخرى، على ضرورة الرجوع إلى الشعب كما حصل في انتخاب رئيس الإقليم في انتخابات 2009م، وكما هو جاري في كثير من الديمقراطيات العريقة مثل فرنسا على سبيل المثال.

وقد تبلورت خلال الأشهر الماضية مجموعة مواقف وأراء ومشاريع للخروج من الأزمة القانونية في موضوع انتخاب الرئيس، والتي بت فيها مجلس الشورى وهو أعلى جهة قضائية استشارية وإفتائية في المنازعات بين المؤسسات الحكومية، حيث أصدرت قرارها باستمرار الرئيس في مهامه لحين إجراء الانتخابات العامة في 2017م، ودعما للتوافق استمرت مجموعة الأحزاب الرئيسة في اجتماعاتها لبلورة موقف توافقي يتيح للبرلمان دعم العملية الديمقراطية والحفاظ على استقرار البلاد خاصة وهي تعيش حربا ضروس مع عدو متوحش يستهدف وجود الإقليم أرضا وشعبا.

موضوع رئاسة كوردستان التي انشغل بها المحيط الإقليمي والعالم بشكل ربما فاق كثير من تداولات السلطة في العديد من البلدان الديمقراطية الحديثة، ترتبط بالأهمية الكبيرة لموقع الإقليم ودور الرئيس بارزاني في قيادة القوات المسلحة الكوردستانية في حربها مع أعتى قوة إرهابية في العالم، وتحقيقه انتصارات أبهرت الرأي العام العالمي والدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وكندا واستراليا ومعظم&دول الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، بما جعل مصطلح البيشمركة رمزا عالميا للفروسية ومحاربة الإرهاب والانتصار عليه، وحينما عجزت داعش من أن تفتح ثغرة في جدار كوردستان ونجح البارزاني بقيادته شخصيا للمعارك التي جرت وما تزال على جبهة طولها أكثر من ألف كيلومتر، بدأت دوائر الظلام المعادية في الداخل والخارج ممن لم تروقهم تلك الانتصارات على جبهة داعش، تصنيع جبهة موازية لها لكنها من الداخل العراقي وبأدوات كوردستانية، ابتدءوها بقطع حصة الإقليم من الموازنة وإيقاف صرف معاشات الموظفين، أملا منهم بإحراق الشارع الكوردستاني وإسقاط البارزاني وإقليمه الناهض كما نصحوا المالكي في وقتها، وحينما طال انتظارهم وانقلب سحرهم عليهم، عادوا إلى أدواتهم المحلية وباستخدام سلالم الديمقراطية العرجاء، ووسائل مطابقة لما استخدمته داعش في عمليات إرهاب الأهالي من حرق وقتل ووحشية، ولم تتوانَ هذه الجبهة الجديدة عن استخدام الأطفال والمراهقين لتنفيذ برامجها التخريبية، حيث شهد العالم على شاشات التلفزة مجاميع من الأطفال والصبية المراهقين تدفعهم كوادر متقدمة من أدوات المالكي للقيام بعمليات إرهابية في مقرات الأحزاب والمنظمات ومكاتب الفضائيات، وتشويه ما أرادته الأهالي في تظاهرات راقية متحضرة للمطالبة بحقوقها والتعبير عن آرائها بشكل ديمقراطي، وعملت على إجهاض تلك التظاهرات وتحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات.

وبذلك اكتمل شكل الجبهتين؛ الأولى على طول أكثر من ألف كيلومتر من سنجار إلى السعدية وجلولاء، تقودها داعش وينضوي تحتها كل من عادى كوردستان تاريخيا من الشوفينيين القوميين والدينيين، والثانية اجتمعت فيها كل العناصر التي وقفت ضد تطلعات شعب كوردستان ومشروع نهضته من اجل تحقيق حلمه الكبير في تقرير مصيره وانجاز استقلاله، جبهة يقف فيها جنبا إلى جنب مع بلطجية الحرق والتخريب والقتل ممن نصحوا المالكي بقطع موازنة الإقليم ومعاشات موظفيه لإسقاط البارزاني، من أبواق نظام افشل دولة في العالم وفيق السامرائي وحنان فتلاوي وعالية نصيف وكتاب البذاءة وإعلامييها ومن لف لفهم من جوقة أعداء كوردستان الذين يعزفون اليوم لترقص على أنغامهم الموديلات الجديدة لأفواج الجحافل الخفيفة 2015.!

&

[email protected]