مؤكد أن رئيس إقليم كردستان كان يعتمد على أن مجلس الشورى في الإقليم يملك صلاحية تمديد فترته الرئاسية، وبكامل سلطاته وصلاحياته إلى حين توصل الأطراف السياسية إلى اتفاق أو إجراء الانتخابات الرئاسية، وإن كان غير راغب باللجوء لهذا الحل بعد محاولاته التوصل مع الأحزاب في الإقليم إلى توافق سياسي حول تعديل قانون رئاسة الإقليم، حيث لا تزال الخلافات بين مطالبات بانتخاب الرئيس من قبل البرلمان وأخرى عبر الانتخابات العامة المباشرة، واعتبر معارضون للتمديد أن قرار مجلس الشورى غير ملزم للأطراف السياسية، وأن مهامه استشارية وينظر في القضايا والخلافات القانونية ويصدر التوصيات بشأنها، وأن المشكلة اليوم في الإقليم ليست قانونية وإنما سياسية، وعليه فإن القرار باطل من الناحية القانونية وغير ملزم، على اعتبار أن هناك قانوناً نافذاً في الإقليم& شُرّع عام 2005 خاص بانتخاب رئيس الإقليم.
نقطة الخلاف لاتكمن في تمديد ولاية بارزاني فقط، وإنما تمتد إلى مطالب المعارضة بتغيير النظام السياسي في الإقليم إلى نظام برلماني، ليتم انتخاب الرئيس من قبل البرلمان، لا عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر، وهنا يتم اتهامهم من قبل الحزب الديمقراطي بالعمل على الانقلاب على الوضع الموجود، وبأن لديهم مشاريع خاصة لافتعال الأزمات، دون أن تكون لديهم أية مشاريع لحل المشاكل، وأنه لم يكن ضد انتخاب رئيس الإقليم من قبل البرلمان كما حدث عام 2005 ، عندما كان الكثيرون من المتباكين على الانتخاب عن طريق البرلمان، يؤكدون أن الرئيس المنتخب من قبل البرلمان ليس رئيساً شرعياً، وأي مرشح لهذا المنصب هو ناتج عن اتفاق بين الأحزاب، لذلك يجب أن يُنتخب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، وتمت الاستجابة لهذا المطلب في انتخابات عام 2009 ، فلماذا العودة إلى تلك المطالب، إن لم تكن النية مبيته للقفز عن مبادئ وروحية التوافق والعمل السياسي المشترك، وأن هناك من يريد تغيير شكل انتخاب رئيس الاقليم وسلطاته لأسباب سياسية شخصية بحتة.
تستأثر الأحداث في إقليم كردستان العراق باهتمام دولي، حيث يتواجد في أربيل والسليمانية موفدون سياسيون من واشنطن ولندن والامم المتحده، وقد طالب هؤلاء خلال الاجتماع الموسع للأحزاب الکردستانیة، تأجيل إجراء التغيرات السیاسیة لسنتين، لأن الظروف الحالیة لیست مناسبة لإجراء تلك التغیرات، وقد نصحوا الكرد وهددوهم في الوقت نفسه، ولأن اقليم كوردستان يمر بظروف صعبة متمثلة بحرب شرسة ضد الإرهاب، والتحالف الدولي يقدم للكرد الدعم في هذه الحرب، وإذا انشغلت الأطراف السياسية في الإقليم بأمور جانبية، فلا تنتظروا من التحالف الدعم، غاب عن هذا الاجتماع ممثلون عن حركة التغيير، التي بات واضحاً أنها تقود مع أطراف من الاتحاد الوطني معركة تغيير قانون الانتخابات الرئاسية، وترفض التمديد للبارزاني الذي قدم حزبه مشروعا لحل الأزمة السياسية, وصفه البعض بأنه جيد جداً .
الحزب الديمقراطي الكردستاني "البارزاني"، يرى أن زعيمه هو رجل المرحلة الذي لابديل له، سيما في الأوقات العصيبة الراهنة التي يمر بها الإقليم، استناداً إلى التحديات والمخاطر المحدقة بالإقليم وكيانه السياسي القائم، غير أن هذه الرؤية تصطدم برفض الأحزاب الرئيسية، "حركة التغيير" و"الاتحاد الإسلامي" و"الجماعة الإسلامية"، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال الطالباني، ودفع ذلك الرفض الحزب الديمقراطي لخوض مفاوضات ماراثونية مع الأحزاب المعارضة، بغية التوصل إلى صفقة سياسية، تقضي بتمديد ولاية زعيمه، مقابل حزمة من الوعود، أهمها تقليص صلاحيات رئيس الإقليم، وإسناد منصب القائد العام للقوات المسلحة إلى رئيس الحكومة، والمؤسف أنه مع استفحال الأزمة، برزت أصوات ساعية لاستغلال الصراع السياسي، فدعت لتقسيم الإقليم إلى إدارتين حكوميتين بين أربيل والسليمانية، على غرار ما كان سائداً خلال مرحلة الاقتتال الكردي 1994- 2006 كما دعت بعض القوى إلى اعتماد نظام اللامركزية الإدارية، أي سحب معظم صلاحيات رئيسي الإقليم والحكومة، وإسنادها إلى محافظي المدن، تذليلاً للبيروقراطية و تسهيلاً للعمل الإداري.
وإذا كنا نكن الاحترام والتقدير للرئيس بارزاني، باعتباره أحد المشاركين الرئيسيين لإرساء أسس الديمقراطية والسلام في الإقليم، وهو يفتخر بأنه كان دائماً أحد أفراد البيشمركة للدفاع عن حرية بلده وشعبه، ويؤكد أن الوطن الذي ناضل من أجله لا يوجد فيه رئيس يبقى إلى الأبد، وأنه شخصياً ضد هذا المبدأ، ولا يوافق أبداً أن يبقى الرئيس على كرسي الحكم حتى الموت، وأنه على ثقة بأن شعب كردستان لن يسمح أبداً بوجود إرادة تفرض نفسها في أي منصب كان، ويرى أن شعب كردستان اليوم أمام خطر كبير، وأن هناك من يريد أن يأخذ هذا الشعب نحو الهاوية، فلماذا لايترفع عن منصب الرئاسة الزائل والمؤقت، ليتبوأ موقع الزعامة ليس لكرد العراق فحسب، وإنما كمثال لدى كل واحد من أبناء الأمة الكردية.
&