الجزء الأول

مقالتي اليوم هي تكمله لمقالتي السابقة&عن طارق عزيز أبرز معاوني ( الدكتاتور صدام حسين).. والذي كتبت عنه و عن جرائم حزبه باختصار في مقالتي الاخيرة.&

في البداية اود ان أشكر قرائي الأكارم على تجاوبهم وتعليقاتهم على مقال « أسرار صدام حسين ماتت مع طارق عزيز »، وقد شجعني ذلك على تناول فكرة أخرى تدور في ذهني منذ فترة، ويتلخص الموضوع : في تخصيص مقالة بين فينة واخرى للإجابة على اسئلة واستفسارات قرائي الاكارم بروح ديمقراطية وبقلب حار و رأس بارد.

لفت نظري واستوقفني أحد المعلقين وهو يعاتبني لاني حملت (طارق عزيز) كباقي ازلام النظام البائد مسؤولية الجرائم التي اقترفها الحزب البعث الفاشي بحق الشعب العراقي ويقول نصأ : (الوزير فى أى وزارة وفى أى دولة فى العالم سواء كانت ديكتاتورية أو ديمقراطية هو جزء من الحكومة وهو ينفذ سياسة الحكومة ولا يقدر ان يعبر عن رأية الشخصى أو تصرفاتة الشخصية بل هو مطالب بتنفيذ سياسة الحكومة..وطارق عزيز كان ينفذ سياسة الحكومة وبالمعنى الأصح سياسة صدام حسين..ولا يجرؤ أى وزير وخاصة فى الدول الديكتاتورية وخاصة صدام حسين أن يخرج عن هذا السياق..مين من الوزراء أيام صدام يجرؤ أن يخالف تعليماتة؟ أو فى أى دولة وخاصة الديكتاتورية منها؟ أعتب على الكاتب أن يحمل طارق عزيز أى مسئولية فهو كان عبد المأمور كما يقولون..وبالتأكيد أنا لا أدافع عن طارق عزيز ولكن أى وزير أيام صدام كان يفعل نفس ما فعلة عزيز ولا يقدر أن يغرد خارج السرب. عموما وبعد الربيع العربى تأكد بالدليل القاطع أن هذة الشعوب لا يصلح معها الا صدام للأسف الشديد بالرغم من ديكتاتوريتة ووحشيتة ). وفي تعليق اخر يسألني ويقول : (ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان طارق عزيز أو كنت وزيرا فى حكومة صدام حسين؟ الاجابة بينك وبين نفسك بصراحة تجعلك تسحب هذا المقال وتعتذر لأبناء طارق عزيز فورا. هل تقدر على الاجابة بصراحة) (انتهى الاقتباس).&

وباختصار شديد آ أود أن أؤكد لقرائي الاكارم بعض الحقائق عن طارق عزيز وحزبه الفاشي وسيكون كلامي باختصار وتركيز شديد والا قد احتاج الى الاف الصفحات لسرد كل ما جرى ووقع وحصل وحدث وبالوثائق والادلة الثبوتية خلال اكثر من اربعة عقود من الحكم البعثي المقيت، وعليه اقول وباختصار شديد :&

1 ـ مقولة (اهل مكة أدرى بشعابها ) واحدة من المقولات العربية المتداولة والشائعة بين الناس وهي واضحة ومفهومة كوضوح الشمس ولاتحتاج لتفسير والشرح، فاهل البلد ادرى بما فيه, من غير أهله، وعليه من سمع غير من رأى بعينه.

&اقول للذين لا يعرفون الحقيقة حتى الأن، بان صدام حسين امتلك وكل من كان معه في رأس السلطة من وسائل الفتك ليس بمعارضيه فقط بل وبمن لم يرضى عنه لاي سبب كان، وان تعامله مع اصهاره وأبناء عمومته في قضية هروب (حسين وصدام كامل) الى الاردن وتصفيتهم لاحقأ خير دليل على دموية ونكث العهود وغدر الدكتاتور صدام تجاه خصومه.

نحن ضحايا جرائم البعث الشوفيني أدرى من غيرنا بما حدث ويحدث للعراق ارضأ وشعبأ وخاصة بعد انقلاب البعثي الدموي في 8 شباط 1963 بالتعاون مع الوحدويين وبدعم من المخابرات والدوائر الامريكية ( CIA) (1 )، حيث تعجز الكلمات والتعابير أمام حجم تلك المجازر والمسالخ و الكوارث التي حلت بالعراق مع اغتصاب هؤلاء القتلة للسلطة و قتلهم كل جميل فيه.

البعث العفلقي هذا الاسم الذي يقترن لدى العراقيين بالبيانات الدموية التي منها بيان رقم( 13 ) سيئ الصيت صادر عن الحاكم العسكري للانقلابيين مساء 8 شباط الاسود 1963 والذي دعى رؤساء الوحدات العسكرية وقوات الشرطة و(الحرس القومي)(2 ) لابادة الشيوعيين وكل من ( يعكر صفو الامن وسحقهم حتى العظم....)، حيث تم ذبح ثورة 14 تموز المجيدة وقادتها في حمامات دم رهيبة و مذابح وحشية، كان ابطالها من( فرق الاعدامات و الحرس القومي التي اساءت للنضال العربي العادل ذاته) وابادة الشيوعيين و الديمقراطيين وكافة المخلصين من ابناء الشعب العراقي في مسالخ ومذابح واقبية شيدت بقرار قد اتخذ من قبل رئيس الجمهورية العراقية الانقلابي (عبد السلام محمد عارف)(3)،ومبنية على رغباته الجنونية ونزعته الشريرة تجاه العراق والعراقيين.&

ومنذ ذالك الحين وباسم (البعث العربي الاشتراكي) وتحت شعار (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) و ( المواطن الجيد هو البعثي الجيد ) و( كل شيء من اجل المعركة ) و ( كلنا بعثيون وان لم ننتمي )،ادخلوا العراق في نفق مظلم من الانقلابات والاغتيالات والمجازر والحروب الكارثية المدمرة،والتي ستبقى اثارها حاضرة وشاخصة لفترة طويلة من الزمن سواء على الارض او البنية التحتية او الانسان العراقي.&

2 ـ لم يكن طارق عزيز ضحية النظام البعثي ولم يكن عبد المأمور كما يقال هنا وهناك، بل كان جلادا لشعبه مثل لسنوات طويلة النظام العراقي البائد حيث كان وزيرا للخارجية و المفاوض الرئيسي للعراق مع لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة وعلاقة العراق مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة،وعليه سعى جاهدا لفك عزلة النظام وكسر الحصار عليه، عبر( الحديث المنافق) عن التضامن العربي تارة، والدعوة الى مؤتمر قمة تارة اخرى، ومن خلال جر البعض من القادة والمسؤولين العرب الى طرح مشاريع تفتح امام العراق سبل العودة التدريجية الى الحضيرة الرسمية العربية، بالاضافة انه حاول اجتذاب دول الكبرى، مثل (فرنسا وروسيا والصين)، واغراءها بالصفقات النفطية والاقتصادية الكبيرة، كما سعى الى كسب ود دول اخرى بعروض تجارية مغرية، هادفأ الى جرها لتطبيع العلاقات معه، واعاده العراق وتاهيله دوليأ.....وذالك من اجل بقاء النظام جاثمأ على صدر الشعب لا اقل ولا اكثر.&

3 ـ ان محاولة تجميل وجه النظام البائد وتبرير جرائمه وتصويره وكانه ضحية للعدوان (الامريكي والصهيوني) من قبل البعض الاشخاص او الحكومات اوالمنظمات العربية تحديدا،هو ليس اقل عن حجم جرائم ومجازر صدام نفسها ضد الشعب العراقي والمنطقة برمتها, وكما يقول المثل( السرج المذهب لا يجعل الحمار حصان) ان صح التعبير...&

4 ـ كان طارق عزيزبعثيا (حد النخاع )وعروبي (حتى قطع النفس) و الجميع يعرف عن تميز علاقتة بصدام حسين شخصيأ، حيث كان قريباً منه ويوصف بانه اليد اليمنى له وأبرز معاونيه. وعليه شارك في تصفية القيادات الوطنية العراقية وخيرة أبناء البلد، واستنادا على اطنان من الكتب الرسمية الموقعة بتواقيع طارق عزيز الشخصية، والوثائق الدامغة الاخرى الصادرة من مكاتب ومقرات وفيالق النظام البائد ومكاتب رئاسة جمهوريته وبتواقيع الرئيس العراقي السابق وكبار مسؤوليه التي امرت بقتل جماعي وترحيل قسري وجرائم كثيرة اخرى, بالاضافة الى افادات الشهود ـ الاثبات ـ عن جرائم طارق عزيز والتي فاقت الخيال في بشاعتها وحالات الاختفاء والتهجير القسري، حكم عليه بالإعدام، ولم يستطيع ان ينفي او يطعن بما وجه اليه من التهم، طبعا لكثرة الوثائق المقروءة والصور والوثائق الصوتية والادلة الدامغة الاخرى بالاضافة الى شهادات وقصص الشهود والضحايا الناجين من جرائم النظام البعثي الفاشي..( راجع و وثائق وادلة وافادات شهود عيان حول الجرائم التي اقترفها طارق عزيز).&

5 ـ كان في استطاعة طارق عزيز او اي مسؤول بعثي اخر الخروج باكرا من السلطة وترك موقعه الحزبي والحكومي لو لم يكن (مؤمنأ) كباقي ازلام ورموز العصابة الصدامية بحزبه الفاشي، وعليه اقول بملء الفم وامام الملأ لكل الذين يريدون ان يخلطوا الاوراق بان هؤلاء القتلة لا يمثلون العراق ومؤسساته الوطنية بل يمثلون انفسهم،وهم ليسوا الا بمنفذين صمّ مستفيدين من تنفيذهم اوامرسيّدهم بالبطش والقتل، نعم سيدهم المعدوم الذي سخر كل اموال العراق لحروبه ونزواته التي لم يستفد منها الا ازلامه المحيطين به واصحاب الكوبونات الذين مايزالون يحنّون الى مكارم وهدايا ( القائد الضروة ) السخية....&

6 ـ اذا افترضنا جدلا ان (طارق عزيز) مظلوم وبريء كما ادعى و يدعي البعض, وانه عمل تحت ظروف اجبارية قاهرة في تنفيذ اوامر صدام حسين..., اذن كيف نفسر دفاعه المستميت و حتى آخر لحظة من لحظات حياته عن (صدام حسين ) و(الحزب البعث العربي الاشتراكي ) وهو في قفص الاتهام، ومن اجبره على ذالك؟ ولماذا لم يؤدي رسالة واجبة في كشف الحقائق وهو يواجه الشهود والضحايا والعدالة العراقية واطنان من الوثائق تثبت تورطه في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؟ هل حقا كما يدعى البعض كان محكوم ولحد موته بهاجس الخوف، ام انه لم يكن يريد ان يكشف (الحقائق كاملة ) لانه ساهم بشكل فاعل في حروب النظام وفي قمع الانتفاضات والتهجير والقتل والدمار؟&

نعم اذا كان عزيز مظلومأ لماذا لم يختار المنفى عندما كان يوفده صدام حسين ليمثله شخصيأ في القمم والمؤتمرات واللقاءت الدولية المتعددة مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائميين؟.&

7 ـ ان الارهاب الدموي الذي مارسته الدكتاتور صدام حسين واعوانه ضد القوى والاحزاب السياسية في العراق طيلة العقود الماضية، قضى على امكانية وجود عمل ونشاط سياسي معارض مكشوف داخل الوطن، وصعب الى ابعد الحدود خوض نضالات شعبية معارضة للنظام البائد،توجهها قيادات تعمل سرا في ظل سيطرة اجهزة القمع والارهاب، وعليه اضظر ذالك غالبية القيادات السياسية المعارضة في فترة ماقبل انتفاضة اذار 1991 المجيدة، اما الى تنظيم الكفاح المسلح في كردستان العراق او ممارسة المعارضة من الخارج.&

&أنا شخصياً مارست كل أنواع العمل النضالي ضد النظام البعثي البائد، سواءً بالعمل في التنظيمات السرية او بالكفاح المسلح او بالمظاهرات أو بالإعتصامات أو من خلال الكتابة والرسم،كل هذا أنا أعتبره جزء من صلب واجبي ومهامي تجاه وطني وشعبي،كما شارك جميع افراد عائلتي في النضال ضد الحكومات العراقية المتعاقبة وعليه وقدمنا على طريق الشرف والواجب أعز التضحيات وأغلاها والتي ﻻ تقدر بمال و ﻻ بكنوز العالم، وحتى لا تضيع دماء شهدائنا الطاهرة، ناضلنا ونناضل بلا هوادة و بدون كلل أو ملل، وسوف نستمر في نضالنا الى الرمق الاخير من اجل سعادة الإنسان واستقراره النفسي والاجتماعي وضد السياسات العنصرية، ومن اجل ادانة حزب البعث، كفكر وكيان عنصري دعى الى الابادة وسحق الاخرحتى العظام وكمنظومة عنصرية مقيتة انتجت ولا تزال تنتج (الدكتاتور) وصنعت ولاتزال تصنع( الجلاد).&

نعم سوف نناضل بلا هوادة من اجل وطن حلمنا فيه بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي تحقق لنا العيش الكريم، وطن يحمي ابناءه ويصون حريتهم.....

&وطن تسود فيه الحرية والمساواة.....

يتبع&

ــــــــ

1 ـ قال المللك (حسين بن طلال )عاهل المملكة الاردنية الهاشمية بعد عدة اشهر من الانقلاب 8شباط 1963 لرئيس تحرير الاهرام الاستاذ (محمد حسنين هيكل) في 27 ايلول 1963 بان (ما جرى في العراق في 8 شباط قد حظى بدعم الاستخبارات الاميركية، ولا يعرف بعض الذين يحكمون بغداد اليوم هذا الامر ولكني اعرف الحقيقة، لقد عقدت اجتماعات عديدة بين حزب البعث والاستخبارات الامريكية، وعقد اهمها في الكويت (راجع لقاء المللك حسين في جريدة الاهرام المصرية، في 27 ايلول 1963، انظر كتاب العراق الجزء الثالث ص 300 ل حنا بطاطو).&

2ـ لقد جاء في قانون الحرس القومي برقم 35 الصادر في 8 ـ 2 ـ 1963 ما نصه : ان الغاية من تشكيل الحرس القومي هي لاعداد قوة من الشباب القومي العربي تتدرب على استعمال السلاح لغرض معونة القوات المسلحة للدفاع عن الوطن العربي وصيانة الامن الداخلي بموجب تعليمات خاصة تصدرها وزراة الدفاع.&

3 ـ المشير الركن عبد السلام محمد عارف من مواليد 1921، اصله من محافظة الرمادي وهو من عائلة ميسورة الحال، كان ابوه تاجرا للاقمشة، تاثر بالفكر الناصري العروبي، اصبح رئيس جمهورية منذ اغتصاب السلطة في 8 شباط 1963 المشؤوم حتى مقتله في نيسان 1966 في حادثة سقوط طائرة هليكوبتر، لم يكن منتميا الى حزب البعث ولكن كان محاطا بالبعثيين امثال (احمد حسن البكر و صالح مهدي عماش و عبد الكريم مصطفى نصرت ) واخرين، خلفه اخوه (عبد الرحمن محمد عارف ) من 16 كانون الاول بموجب المرسوم رقم 1178، حتى انقلاب 17 تموز1968 المشؤوم، حيث اصبح (احمد حسن البكر) مواليد مدينة التكريت 1914 رئيسأ للجهورية الى يوم استقالته في 16 تموز 1979 بحجة مفبركة و بضغط من( صدام حسين) المعدوم، ثم تمت تصفيته كباقي اعضاء حزبه ورفاق دربه واستلم (صدام حسين ) دفة الحكم الى يوم سقوطه في 9 نيسان 2003..

&