يصر ملالي إيران على خلط السياسة بالدين في كل مناسبة وتصريح صحفي، ومؤخراً خرج رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني بتصريح يهاجم فيه المملكة العربية السعودية من زاوية ليست غريبة على الخطاب السياسي الايراني، الذي لا يكف عن كيل الاتهامات إلى الرياض، ولكنها غريبة ولافتة من حيث الافراط في ترويج الأفكار المضللة والادعاءات الكاذبة.
يقول لاريجاني أن "النظام السعودي ينتهج سياسة الأمويين، وأن ما يمارسه من ظلم ومجازر وتدمير بحق الشعب اليمني يتطابق مع منطق الجاهلية وليس البعثة النبوية"، وفي تفسير هذا الكلام يقول لاريجاني "هل أن الحرب التي يفرضها السعوديون اليوم على الشعب اليمني المظلوم بقتلهم واصابتهم الآلاف من ابنائه وتدمير بنيته التحتية وفرض الحصار الغذائي والدوائي عليه يتطابق مع منطق الكرامة والعزة للبعثة النبوية أم منطق الجاهلية"، ولاشك أن فحوى هذا الكلام ليس بغريب من الناحية التاريخية على الخطاب السياسي الشيعي ذي الصبغة الفارسية البحتة.
لن أضيف جديداً إلى علم لا ريجاني إذا ذكرته بأن الظلم والجور موجود في كل العصور والأزمنة والمناطق، ولكن ماهو نادر بالفعل هو تلك الرغبة العارمة في ادعاء البراءة ومحاولة ارتداء ثوب الطهر والنقاء بشكل ساخر، فهو يعلم قبل غيره من الذي تسبب في المأساة التي يعانيها اليمنيون الآن، ومن الذي جر المنطقة بأكملها إلى أتون الفوضى والتناحر العرقي والمذهبي والطائفي! فالسعودية لا تمتلك خططاً توسعية ولم ترسل ميلشيات للقتال في العراق وسورية، بل دفعت بجيشها وقواتها المتحالفة مع دول عربية وخليجية إلى اليمن الشقيق دفاعاً عن أمن واستقرار هذا البلد وحفاظاً على كرامة أهله وشعبه العريق من عبث جماعة الحوثي التي حرضتها إيران على الاستيلاء على السلطة والتآمر مع المخلوع علي عبد الله صالح من أجل إحكام الطوق الشيعي حول رقاب دول مجلس التعاون.
يتميز لا ريجاني بخفة دم وسخرية غير معهودة من الساسة الايرانيين، فالرجل يطرح تساؤلات لا تثير سوى الضحك من فرط سذاجتها، حيث يقول "كيف يمكن لمسلم يحكم دولة اسلامية ان يتعرض لعزة شعب مسلم (الشعب اليمني) وعرضه وماله وممارسة المزيد من الظلم بحقه عبر جعل بعض الدول مواكبة له في عدوانه بالمال والضغط من خلال تشكيل تحالف مزيف مدعوم من القوى الكبرى" وأنا اتفق معه في ذلك وأضم صوتي إلى تساؤله ولكنه يتعامى عن أن إجابة هذا التساؤل ليست في الرياض بل في مجلس مرشده الأعلى علي خامنئي، الذي أمر بتوغل إيراني في دول عربية مسلمة عدة، واضطهاد ملايين المسلمين السنة في العراق وسورية واليمن، وها هو يحاول تكرار لعبته البغيضة في مملكة البحرين الشقيقة وغيرها.
ولنفترض صحة مايقوله السيد لاريجاني بشأن كذب الادعاءات السعودية حول مساعي إيران إلى الهيمنة على المنطقة، ولنصدق أن طهران لا تمتلك بالفعل مشروعاً طائفياً أيديولوجياً قبيحاً للتوسع الاقليمي، ولكن التسليم بهذه الافتراضات يستوجب بالمقابل الاجابة على تساؤلات بديهية يفرزها المشهد الاقليمي، وفي مقدمتها : ماذا تفعل إيران منذ عام 2003 في العراق؟ وماذا فعلت بسورية واليمن؟ ولماذا تصر على التدخل في الشأن البحريني؟ ولماذا تستخدم إيران لغة الاستعلاء الطائفي الفارسي على دول الجوار العربية وتصر على احتلال جزر الامارات الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) ألم يكن ذلك كله تدخلات إيرانية طائفية الهدف من أجل التوسع الاقليمي؟!!!
وحينما يواصل لاريجاني سلسلة ادعاءته، يبدو منافساً قوياً لنجوم الكوميديا السوداء، حيث يتساءل "هل أن دعم ايران لحزب الله وحماس والجهاد والمقاومة لتوجه صفعة قوية للكيان الصهيوني ازاء عدوانه على جنوب لبنان وغزة، يعتبر سعيا للهيمنة؟ وهل أن سعي ايران لتنالوا الرفعة والشموخ كجزء من الدول الاسلامية هو سعي للهيمنة أم هو فقأ لعين فتنة الكيان الصهيوني كي لا يلحق بكم اذى؟" وأنا من ناحيتي أطرح عليه سؤال يستحق الرد : كم رصاصة أطلقتها إيران على اسرائيل؟ وماذا فعلت إيران لاستعادة المقدسات الإسلامية في القدس غير الصراخ والضجيج الاعلامي، واستغلال هذه القضية الدينية الحساسة في انتزاع مكاسب استراتيجية إقليمية على موائد التفاوض مع رعاة إسرائيل في الغرب؟
&يقول لاريجاني أن قوة إيران هي قوة مضافة للمسلمين وأن السعودية لو تعرضت لعدوان إسرائيلي ستدافع إيران عنها، وهذه إحدى الأكاذيب والافتراءات الباهتة التي لا يمكن أن يصدقها عاقل، فإيران لم تدافع عن الفلسطينيين منذ أن تعرضوا لعشرات الاجتياحات الاسرائيلي وظلت طهران صامتة تكتفي بالتهديد والوعيد، والجميع يعرف تماماً أن آخر ما تفكر فيه إيران هو تقويض الأمن الاسرائيلي، ثم كيف لإيران أن تدافع عن السعودية والسعوديين وهي من هددت المملكة قبل أسابيع قلائل بوابل من الضربات الصاروخية وبترسانة من الصواريخ تنتظر أوامر المرشد لقصف المدن السعودية؟؟!!،
كنت أنوي تفنيد تصريحات لاريجاني حتى آخرها ولكني وجدت أن ماتنطوي عليه من أكاذيب وادعاءات خاوية يفضح نفسه بنفسه، وينطوي على ماينسف أساسه، ويكفي أن الرجل يريد أن يقنع جمهوره بأن إيران وجهت "الضربة الاكبر للكيان الصهيوني" ولا ندري عن أي ضربة يتحدث وقتلى إيران من الحرس الثوري بمعرفة الجيش الاسرائيلي على الحدود السورية لا تزال دمائهم لم تجف بعد؟ كما أن صدى ضجيج طلعات المقاتلات الاسرائيلية فوق المجال الجوي الايراني قبل سنوات قلائل مضت لا يزال يتردد في الفضاء، ناهيك عن فيروس "ستاكسنت" الاسرائيلي، الذي تسلل إلى نحو 30 ألف حاسب آلي إيراني وأوقع بإيران هزيمة هي الأولى في تاريخ الحروب السيبرانية، فأين هي بعد ذلك كله "الضربة الأكبر" التي يتحدث عنها لاريجاني؟.
افيقوا يرحمكم الله ..... إدمان الكذب أخطر واسوأ بعشرات المرات من إدمان المخدرات، والسىء في الأمر أن يخرج الكذب من عقلية متحجرة لا تدرك أن لكل دعاية قواعد وأصول حتى لو كانت قائمة على كذبة كبيرة!!.
&