&أرى كعراقي يعيش في المهجر ومهتم بالشأن العراقي ان انتفض غيضا وحنقا على حفنة الفاسدين التي تدير الدولة العراقية حاليا والتي ضربت اروع الامثلة من حيث الفساد والسرقة في وضح النهار في استهتار واضح بأبسط القيم الانسانية والدينية، اذ لايوجد لدى هذه الزمر اي وازع يمنعها مما تمخضت ايديهم فيه من شر وضلال.

قبل يومين استقبل مجلس النواب العراقي السيد الدكتور خالد العبيدي الرجل العراقي الضابط السابق والدكتور في العلوم السياسية. شخص محترف حاولوا ان يجعلوه فاسداً ولكنه لم يرضخ وعرف ان التحديات جسام وانه لابد من شخص شريف في هذه الغابة من الآثمين والمارقين الذين استمرأوا السرقة واصبح يومهم وليلهم وشغلهم الشاغل هو كيف نسرق من العقود الموقعة مع الخارج وخاصة عقود الدفاع.

ليس غريبا على هكذا دولة ان تعاني من رخاوة القبضة الامنية على نصف الدولة بل والسماح لنصف مساحة الدولة ان تكون تحت سيطرة الارهاب، في سابقة خطيرة لم يعرف اسبابها الى الان ولكن الواضح انه جملة عوامل منها الفساد الذي فاق كل التوقعات بل وحتى الخيال، ثم دعم الجارة ايران تارة للحشد الطائفي وتارة للارهابيين بحيث لايكون منتصر في هذا الصراع الدامي، الذي يدفع ثمنه الشعب العراقي، ثم انكفاء الدول العربية بعيدا عن المشهد العراقي بذرائع متعددة منها ان العراق واقع تحت سيطرة ايران "الاسلامية" وان لامجال للتدخل فيه. بالطبع هي حجة الضعيف اذ ان العرب هذه الايام ضعفاء بشكل مخيف ومرعب، وسلبيتهم تُفرح العدو وتُحزن الصديق، وكان الله في عون الشعب العراقي الذي يرى ثرواته تمتهن وتسرق بشكل لم يشهد التأريخ له مثيل.

صور مشينة ومحزنة تلك التي كشفها وزير الدفاع عن آلية ادارة الدولة العراقية، سرقات بالمليارات بمسميات متعددة، اناس لاتخاف الله ولا البشر وليس لها رادع، بلد مبتور ليس له رأس.

من ضمن الامثلة صفقة سيارات الهمر للجيش، اذ تكلف السيارة 60000 الف دولار من تكساس ولكن تحسب لأحد الساسة الكبار كأتاوة بسعر اعلى ليبيعها بدوره بسعر 140000 دولار ثم الى ان تصل الى الجيش تكون قد كلفت الجيش اكثر من 300000 دولار، مهزلة وسقوط وانحراف عجيب.

مسألة اخرى كشفها ولم يسع وقتي الثمين ان استمع لكل الفضائح ولايهمني حاليا لانني بعيد عن المشهد، الى ان يأذن الله، عندما اُجبر الوزير على تعيين ضابط فاسد من ايام نوري المالكي كان يعمل في مكتب القائد العام، والذي تم طرده من الجيش لاحقا بسبب الفساد وانعدام الكفاءة ويعمل حاليا صاحب محل "صياغة ذهب" في دبي ولن اقول من اين لك هذا، اذ اجبروا الوزير على تعيين هذا الضابط الفاسد كقائد لعمليات دجلة المسؤولة عن استرجاع الموصل الحدباء الجميلة، لكن الوزير رفض الضغوط ورفض تعيين هذا الفاسد، كان الله في عون الشعب العراقي المظلوم.

اذكر ابان كنت في الامم المتحدة في بغداد سمعت عن فضائح مشابهة دارت حول عقود اعادة اعمار المدارس التي يتم تشييدها من قبل سلطة الاحتلال الامريكي اذ كانت المدرسة تكلف 30000 الف دولار الى 50000 دولار ولكنها كانت تكلف الدولة العراقية من 200000 دولار وربما اكثر، بسبب حلقة الفاسدين الذين كانت العقود تمر من خلالهم ومنهم امريكان، حكى ذلك لي مقرب من العقود في وزارة الاسكان.

ولكي اضيف بعضا من الجروح على الاهانة اقول، اننا مازلنا نتذكر الطائرة الامريكية التي طارت من امريكا وعلى متنها اربعة مليارات دولار نقداً والتي ارسلت لبغداد ضمن الجهود المبذولة لاعمار العراق المدمر، ولكن هذه الاموال اختفت في الجو، ولايعرف اين هي الى الان.

ايها الاخوة هذا غيض من فيض ويبدو انه لايوجد في هذا الزمان وازع انساني او اخلاقي لدى الجميع سواء الامريكان او الاجهزة الفاسدة في العراق او حتى الدول التي توضع فيها اموال الفاسدين والتي لاتسأل من اين لك هذا ايها الوغد الوضيع، اذ كنت تعتاش على المساعدات التي تقدم للفقراء والمعوزين ولاتملك شيئا والان اصبحت تلعب بالمليارات، سحقا لهكذا واقع مريض باع فيه الجميع ضمائرهم للشيطان والمصيبة انهم جميعا "اسلاميون".