السؤال الذي تنقصه الأجابة هو كيفية تجاوز المحن وسُبل تنظيف العراق من الفكر الأجرامي ودحره وتجاوزه. وهل في إستطاعة الدولة إزالة التلوث الفكري الحكومي والشعبي الذي تمكن من الأنتشار دون الأنتقاص من الشعب وحقوق أقلياته.&
تجاوز محن الأرهاب في حاجة ماسة الى الأفهام والتفاهم والفهم والأدراك العقلي لإحترام حاجات الشعب وتطلعاته المستقبلية وبإستطاعة ممكنة للتحول السريع، وذلك لا يعني فهم العراق فقط وإنما مايدخل إليه من محيطه الأقليمي، مع أن ضخامة الأعمال الأرهابية في العراق تفوق في معدلاتها الدول الأخرى، كما أن تجاوز المحن والتأخر المجتمعي لايعني كثافة التسلح وإستلام دفعات جديدة من الأسلحة وتسليمها لفئات غير معروفة الولاء للقوات المسلحة وللدولة العراقية.&
&بعدهذه المقدمة علينا إدراك حقائق الأرهاب الذي تقوده المجموعات السلفية التكفيرية المرتدة. والأرهاب الفكري اللا إنساني أخطر وأهول من الأرهاب المسلح.وسواء أكنتَ تجلس في مقهى في باريس أو مقهى في الكرادة ببغداد، مطار بروكسل او مطار اسطنبول التركي، وسواء أكنا في شهر رمضان أو شعبان، نشاهد كرة القدم الأوربية أو الجلوس في مسجد للصلاة. فأن أوباش الأرهاب الفكري لايهمهم إلا إنزال أقسى الضربات المميته والتسلح بأقذر الأحزمة الناسفة وترقب أماكن تجمع الناس ممن لايخضع لديانتهم المعوجة المريضة المشبعة بالحقد والأنتقام وممارسة العمل الجنوني.
لايعرف الكثير من قادة العراق السياسي والعسكري الحالي أن العراق كان دوماً مُعرضاً ومكشوفاً لقوى الأرهاب الداخلي ولدول حليفة و دول عدوة عربية وإسلامية المظهر منذ إنقلاب عام 1963. وإن مايميزه عن غيره من الدول أن هذه الحروب بدأت فيه ولم تنته بعد ولأسباب عديدة.
ماذا في إستطاعة العراق أن يفعل إذن؟ أسئلة عديدة يطرحها المتخاذلون عن مستقبل العراق، وتبدأ بالإنتقاص من شعب العراق وكرامة شعبه ورغبته في نيل الحرية والأستقرار بسلمية التظاهر والأحتجاج السلمي، والمتفائلون وتسائلاتهم هل بإستطاعة أي حكومة عراقية مسك الوطن والأرض وتشخيص الأخطاء وتحديدها وعبور مستنقع الذل والهوان والتفرقة وإيقاف المجموعات التكفيرية تفجير المقدسات، بدليل برنامج عمل جديد يتجاوز المحن والجدل والأعتبارات الشخصية الحزبية؟
العراق الحالي وجوه غاضبة مجهمة متوترة وأشخاص بملابس وشارات عسكرية تحيط بطاولة رئيس الوزراء وتتحدث عن القتال وتعشق مهماته ظناً منها أن ذلك مايطمح إليه شعب العراق في مخيمات الذل والهوان والمرض. كم طبيباً ومهندساً وصناعياً وأستاذاً وخبيراً مدنياً حول هذه الطاولة؟ كيف يكون في الأستطاعة القول هنيئاً للعراق بدولة العسكر المفككة العرى.
من يستطيع وبنوايا مخلصة الأخذ بالشعب المعذب وعدم الأستخفاف بما يريد وإقناع أبناءه بالسيادة الوطنية على أرضهم ومالهم وحقوقهم وحمل مسؤولية النهظة السريعة؟ هل بإمكان شعب العراق الأستجابة للثقافة والتربية المجتمعية التي تصوغها لهم برامج الكتل والأحزاب والتيارات دون اللجوء الى العنف والتكسير ورمي الحجارة والصراخ على الآخرين بالكلمات البذيئة؟&
قبل أيام، قدمت الولايات المتحدة الامريكية، مبلغ 20 مليون دولار كمساعدات انسانية الى العراق استجابةً الى برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. كما أضافت مجموعة جديدة مؤلفة من 500 مستشاراً عسكرياً فنياً.&
والحقيقة المرة، ومع هذه الأستجابة الأجنبية الطيبة، هل ندرك بـأنه ليس في استطاعة اللجنة الدولية لحقوق الانسان، أو منظمة الأمم المتحدة، أو قوى التحالف الدولي العسكري، تنظيف العراق من قوى الأرهاب، مع أنها تمد يد المساعدة والعون؟
العراق بإنتظار اصلاح الحياة المجتمعية بنهظة تنبع من الداخل، ليس من بينها شراء وتكديس السلاح وذريعة قتال العدو. والحكومات العراقية منذ ثورة العشرين عام 1920 والجمهورية الأولى لعام 1958، صنفت أهل العراق بالتبعية لإيران وتركيا، وكانت هذه الحكومات دائما الاداة الخاصة لهيمنة الدول الاقليمية الإسلامية والأجنبية والإستعمار البريطاني و دول بيع وتزويد العراق بالسلاح كامريكا وروسيا وفرنسا. والمعرفة البسيطة عن هذه الدول أنها دول متماسكة الأرادة والأدارة وتتمتع بكامل السيادة على أراضيها، وقرارات حكوماتها وعقود تجارتها الخارجية موحدة ومنظمة بقوانين حقوقية، ورصيد أموالها لاتتناقله أيدي السراق واللصوص وحاشيتهم. كيف يستطيع العراق الذي أصبح مأوى الأحزاب ومُسلحيها ((التي تضاهي في قوتها قوة الدولة، وفي أحيان، تتحداها))، التخلص من شخوص هذه الأدوات التخريبية؟ وهل في إستطاعة الحكومة المركزية الحصول على ولاء الأقليم الكردي دون تحدي أو صراع أرضي مسلح مثلاً؟
معظم بيانات الأحزاب السياسية العراقية تركز حالياً على دعم وإشراك مكوناتها في معارك التحرير وتحقيق نصر ناجز في نينوى، تاج وطننا، وبأقل الخسائر والتضحيات. ومعظمهم يستعرضون للسفراء الأجانب ماأستكملته قواتهم ومليشياتهم من واجبات وإمكانيات لدحر العدو الجاثم على أرض العراق.
قادة العراق، وعلى مر السنين، استخدموا أعتى الأسلحة المشتراة ضد قومياته ومكونات شعبه.وهذه الأسلحة المبعثرة في كل أجزاء العراق، إمتصت قدرات العراق المالية وميزانية الدولة لتوفير الخدمات. وهذا الأمتصاص المالي له عواقبه كما نراه يحدث كل يوم. فقدأعلنت وزارة الدفاع العراقية، في 28 حزيران 2016، عن تسلمها دفعة جديدة من طائرات "صائد الليل" من روسيا، معتبرةً تلك الطائرات اضافة كبيرة لسلاح الجو العراقي. وكانت الحكومة العراقية قد وقعت اتفاقاً مع موسكو، في الـ20 من آيار عام 2015، لشراء 43 مروحية هجومية بحلول نهاية عام 2016 حيث تم تسليم 27 طائرة، منها 16 طائرة من طراز Mi-35M، و11 طائرة من طراز Mi-28N. فهل بإستطاعة العراق إيقاف هذا نزيف وهذا الأمتصاص المالي الدموي ومتى؟؟؟
مصطلحات النقد المستعملة بين العراقيين و حدتها تضيف إشكالية مرعبة لها رائحة العنصرية المذهبية المطعمة بالروح العشائرية الأنتقامية وبعضها إمتداد للحرب العراقية- الأيرانية وحرب الخليج الأولى. هذه المصطلحات تفوق في معطياتها على أمور الأصلاح ويصعب إستحسانها لكونها تربية جيل كامل متناقض الأراء والمعتقدات والسلوك والتدابير الأدارية. فهل في الأستطاعة التخلص من رافعي اعلام التحرير المشوهة وإنزال اعلام راياتهم التخريبية؟&
ونحن في القرن الحادي والعشرين، أصبح العراق رايات تحرير ورايات تخريب وإنتقام وأصبح بقدرات وخبرات محدودة، تتناقص بمرور الوقت، في كل الحقول الزراعية،الصناعية،النفطية،الأقتصادية،العمرانية،التعليمية المختبرية والطبية. أما الحقول المالية والمصرفية فإنها سببت لفقر إدارة مسؤوليها، إنتشار الفساد والسرقات بين من لهم النفوذ في السلطة الشيعية والسنية والكردية والذين أشرنا إليهم مراراً بعد تقديمهم كشوفات حسابية مصرفية محلية لاقيمة لها بينما تتطلب حاجة المحاسبة والرقابة طلب كشوفات مالية من مصارف خارجية ظلت تغطي حسابات السراق في حسابات سرية لزبائنها.
أمة العرب مهتمة بسلسلة وسيرة عظمائها الذين برزوا بقوتهم وتمتعوا بإحترام الرعية بعدلهم ورعاية شعوبهم، إلا أننا لانجد في حكوماتنا الحالية من ينصر هذه الأمة من طغيان وتراكم الفساد المالي السياسي وعدم إستطاعة دولهم أيقاف المهربين وطرق تهريب المهربين والأموال والأسلحة. ذلك أمر لايستطيع شخص واحد وإدارة حكومية واحدة إيقافه وإنهاء تراكماته عملياً. فما هي الأستطاعة؟ وماهو التصرف وتوقعات نجاحه؟&
البيانات التي تصدر من مكاتب الأحزاب السياسية والدينية مرونقة وفيها نقاط تراجع عن الأرادة الحرة للعراق وتتميز بالأتكاء على الغير وليس لها القيمة الوطنية المطلوبة في رجل السياسة ورجل الدين. فمثلاً، بيان مكتب النجيفي قبل أيام ليس اكثر من شد عربة العراق بحصان الأجندات الأجنبية، وفيه تأكيد الاخير للسفير الامريكي بأنه “ يدعم أهل نينوى واشراك مكوناتها في معركة التحرير، فهم الأقدر على فهم طبيعة المعركة، والتعامل مع الأهل في الداخل لاختصار الزمن وتحقيق نصر ناجز بأقل الخسائر والتضحيات”. ويستعرض للسفير الامريكي طبيعة القوات وتدريباتها في معسكرات الحشد الوطني".&
فهل في إستطاعة العراق حل أزماته وكل مجموعة فئوية لها معتقد وفكرة تجييش أهل العراق و توزيع صنوف الموت والخراب؟&
كاتب وباحث سياسي&
التعليقات