أفرزت أحداث النجف وتعامل الحكومة معها حقائق أثارت انتباه الكثير من المراقبين لذلك الحدث، تصريحات بعض مسؤولي حكومة الدكتور علاوي و الهجوم العسكري الواسع ضد المدينة ترك شكوكا عند الكثيرين،حول النوايا الحقيقية وراء تلك العملية الواسعة النطاق، مسار الإحداث يعطي انطباعا بوجود تعامل مزدوج، و إجحاف واضح بحق تلك المدينة. مدينة النجف بكل ما تختزنه من مراكز قوة،من ثقل للمرجعية الشيعية، مكان مقدس مهم في قلوب المسلمين، إضافة الى أنها تعتبر مركزا سياسيا مهم لكثير من القوى العراقية ومن ضمنها تيار مقتدى الصدر،و رغم تمرد هذه المدينة على غالبية السياسات و القرارات، التي شرعت منذ سقوط نظام صدام و لحد الان،الا انه و الحق يقال أن هذا التمرد كان يتجسد في غالبية مراحله على شكل مقاومة سلمية لأي قرار يشرع ضد مصلحة الشعب العراقي، وطيلة هذه الفترة لم تكن تلك المدينة مصدرا للسيارات المفخخة، و منبعا للعمليات الانتحارية ضد مؤسسات الدولة العراقية من مراكز الشرطة او قوات الدفاع المدني او حتى الاغتيالات التي طالت المسؤولين العراقيين، وحتى تحرك مقتدى الصدر رغم كل الإشكالات التي تثار ضده الا انه لم يكن هو السبب الرئيسي لمصدر العمليات الإرهابية بحق الشعب العراقي بل أبدى تعاونه مع الدولة لوقف تلك الهجمات الشرسة.

تصريحات وزير الداخلية الأخيرة بسحق المناهضين للحكومة في النجف و قذفهم خارج العراق تذكرنا بتصريحات النظام الطائفي البائد كيف مزق بها الغالبية من الشعب العراقي بالقتل و التهجير في سبيل تغيير ديموغرافيته، إن هذه التصريحات لوزير الداخلية لم تسمع منه حين سيطر أنصار الزرقاوي على مدينة سامراء و عبثوا بمقدرات أهل تلك المدينة بل وصل بهم التجاوز حتى الى تفجير منزل سيادة الوزير، ولم نسمع بكلمة واحدة ضد كل ما حدث و لم تصل مسامعنا بمثل تلك التصريحات الصدامية المثيرة للاستغراب لسيد فلاح النقيب.

اما السيد حازم الشعلان فالمصيبة أدهى و أعظم فوزير الدفاع وضع تيارا له شريحة يعتد بها بين أوساط الشعب العراقي بالعمالة لمشاهدته عدة بنادق ايرانية ممكن شراءها بورقة واحدة من سوق مريدي او من أسواق الأسلحة المنتشرة في العراق، ونشطت ذاكرتنا تلك التصريحات،كيف كان يستغل النظام البعث البائد الورقة الإيرانية في تمزيق الشعب العراقي بتدمير الأحزاب

الإسلامية و الوطنية كاتهام حزب الدعوة بالعمالة لإيران، و تجريد شيعة العراق من عروبتهم و عراقيتهم بهذه التهمة الوضيعة، إن اتهام التيار الصدري بالعمالة سيكرر أخطاء النظام البائد بحرمان الشعب العراقي من دعمه له بعد وضع الغالبية منه بمصاف العملاء و الخارجين عن القانون، ان هذه التصريحات و الأعمال التي ترتكب في مدينة النجف ستفقدها الكثير من الدعم هي بأمس الحاجة إليه الان.

خصوصا بعد أن عم التفاؤل لقطاعات واسعة من الشعب العراقي عند استلام كوادر عراقية،السلطة من قوات الاحتلال، ولهذا يرى الكثير من الوطنيين و الخيريين و المحبين لحكومة الدكتور علاوي لو وضعت اهتمامها بالأمور التالية:

1- يركز اهتمام الحكومة على بناء مؤسسة الدولة الحديثة المستندة على راي الشعب العراقي،

و الإعداد لحكومة منتخبة تكون مؤسساتها تحظى بالشرعية من غالبية الشعب العراقي.

2- تقوية مؤسسات الجيش و الشرطة و عدم زجه في معارك مع الشعب العراقي، و يجب ان تكون تلك المؤسسات لتوفير الأمن و الاستقرار و ليس لمحاربة الكيانات السياسية.

3- يجب ان تعطى الحكومة العراقية صورة جيدة عن العراق الجديد، عراق مسالما مع اهله

و جيرانه و يجب أن لا يجر البلد إلى مغامرات طائشة في خدمة قوى خارجية، الشعب العراقي في غنى عنه.

4-هيبة الدولة العراقية لا تعاد بالضرب الهمجي و العشوائي من قبل القوات الأميركية و الموالية لها للأهالي في النجف باعتبارها هي الحلقة الأضعف في المعادلة العراقية، فالنجف و بقية المناطق الشيعية لا تزال في ذهن من بيده السلطة هي اللقمة السائغة التي يمكن بها ان تستعيد الدولة هيبتها، فهؤلاء ليس لهم دعم إقليمي كما في المثلث السني و ليس لهم دعم دولي كما للأكراد، ولهذا فلنفعل بهم ما نشاء، فالشيعة الطرف الذي يقبل الجميع بذبحه دون أي ضجيج يثار من قبل الإعلام الإقليمي و الدولي.

5- يجب على حكومة علاوي ان لا تكون فوضويه في حركتها و تصريحاتها الإعلامية، و ان ما شاهدناه من تصريحات لبعض المسؤولين في الحكومة يدل على تخبطها و عدم وجود اي تنسيق بين إطراف الدولة العراقية.

إن المرحلة التي يمر بها الشعب العراقي حساسة و خطرة، وأي تصرفات فوضوية و غير مسؤولة، تساهم في عدم استقرار البلد، ويرى الكثير من المراقبين ان الورقة الوحيدة التي تعيد الأمن والاستقرار للعراق هي بانتخاب حكومة منتخبة تحظى بتأييد الشعب العراقي باجمعه، ولهذا يجب على كل الجهود الخيرة المحبة للعراق،ان تركز اهتمامها على نجاح الانتخابات القادمة فهو النور الوحيد الذي يشاهد في نهاية النفق المظلم.

[email protected]