اعظم ماقراته عن الفقر هو قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضى الله عن (لو كان الفقر رجلالقتلته). انه قول فى قمة العبقرية لان الفقر هو مصدر اكثر الام البشرية حيث انه يطوق طاقات الانسان الكامنة و يجعله من الصعب تحقيق طموحاته و الفقر هو بحد ذاته صفعة بوجه مساواة ابناء البشر فى الحقوق و التمتع بالحياة. و هو الان ايضاالحد الفاصل بين الدول و داخل الشعوب حيث توصف الدول بالغنية و الفقيرة و الشعوب مقسمة الى طبقات علياو سفلى و المعنى هناالاغنياء و الفقراء و لهذايشكل الفقر بؤرة تصعد منهاريحة الكراهية و الحقد بين من ولدوامساوين فى الحقوق و الواجبات و لكن سوء توزيع الموارد يقسمهم الى علياو سفلى.
فمن البديهي اذابان يحاول من يشعر بان الفقر اصبح عائقافى طريق تحقيق طموحاته و مصدرالاحباطه الافلات من هذاالفخ المصطنع الذي وقع هو صدفة فيه لانه لم يخير قبل الولادة بين الفقر و الرفاهية. و بماانه ليس سهلالكل من يريد انقاذ نفسه من حفرة الفقر فلابد له ان يمد يده و ينظر الى حوله ليجد من يسحب بيده من بنى اخوانه البشر ليخرجه منها. فهو ربمايفلح فى هذاو يقابل ناساخيرين افراداكانواام منظمات او حكومته او لسوء حظه يجد من يوقع به فى حفرة اكثر عمقاو خطورة يستحيل عليه هذه المرة حتي الاستنجاد بالاخرين. المنظمات الارهابية فى العالم التي تعجز عن تحقيق اهدافهابالطرق الشرعية كالوصول الى الحكم عن طريق الانتخابات او تعبئة الجماهير للضغط على مراكز القرار داخل الدولة فهى تلجاالى العمل فى الظلام و تتخذ العنف الاعمى منهجالهاضد اهداف عشوائية على شكل عمليات جبانة يذهب ضحيتهاالابرياء العزل عن السلاح لان جبن الارهابيين يجعلهم يهربون من المواجهة المسلحة المباشرة. فالارهاب هو كجراثيم الامراض لاتنمو الافى المستنقعات و لهذايشكل الفقر بؤرة لنمو الارهاب مستغلاالشعور بالاحباط لدى الذين مدواايديهم ليجدوامن ينقذهم من المصير الذي لايستحقه اى بشر فهم لم يجدواالى ايادى هؤلاء الاشرار. اية منظمه ارهابية مهماكانت مواردهاالماليه وفيرة لاتستطيع طعن المجتمع من الخلف اذالم تجد ارضية خصبة فى المجتمع للنمو. هذه الارضيه هو الفقر الذى يمكن ان ينتج اناسالايجدون اصلامعنالحياتهم فاذاوجدوامن يوفر لهم عذرالانهاء حياتهم يصبحون فريسة النمظمات الارهابية التى لهاخبرة طويله فى اساليب الخداع حيث تختفى وراء شعارات براقة كالعدالة و المساوات و رفع الظلم لكنهاليست الاالة تحركهااياد خفية تسعي الى تحقيق مصالحهااو حتى الربح المادي كماتثبت لناعمليات اختطاف العراقيين و الاجانب و المطابة بفدية مالية من اجل اطلاقهم. فمن يفجر نفسه من اجل هؤلاء اذاكان يعرف قيمة لحياته. فهذاالانسان كان يريد فى الاصل انهاء حياته فى كل الاحوال للتخلص من الامه و لكنه يحتاج الى عذر كي يشعر بانه يموت من اجل هدف نبيل.
الربط بين الفقر و الارهاب او بالاحرى اعتبار الفقر المصدر الاول للارهاب شغل افكار الكثير من المفكرين و السياسيين البارزين فى العالم الحاضر. يكفيناان نذكر ثلاثة من حاملى جوائز النوبل للسلام اشارواالى الفقر بكونه بؤرة للارهاب فى العالم و هم القس ديسمونت توتو من جنوب افريقياو دالاي لامامن التبت و كيم داي يونج من كورياالجنوبية. الربط بين الفقر و الارهاب لن يغيب ايضافى تصريحات الشخصيات البارزة فى المنظمات الدولية المعنية. هذاهو كوفى انان السكرتير العام لمنظمة الامم المتحدة يقول فى قمة الامم المحدة لرؤساء حكومات و دول العالم فى سنة 2002 : نحن نعيش فى عالم واحد ليس عالمين و لااحد فى هذاالعالم يستطيع ان يعيش بسلام و فى امان حيث يعيشواالاخرين تحت الاظطهاد و الحرمان. و لعل رئيس منظمة التجارة الدولية ميكائيل مور يعرف بحكم طبيعة عمل منظمته مايمكن للفقر ان يسببه فى المجتمع حيث يقول فىهذاالصدد: الفقر بكل انوعه و اشكاله هو الخطر الوحيد على السلم والامن و الديمقراطية و حقوق الانسان و البيئة.
العراق هو جزء من العالم الذي يتكلم عنه هؤلاء المفكرين و هو اصبح الان هدفالشتى انواع المنظمات الارهابية الدولية و المحلية تحصد يومياارواح الابرياء من هذاالبلد و خارجه و هذاالارهاب اصبح اليوم العائق الاكبر امام التطور و استغلال الموارد الطبيعية الوفيرة لخدمة الشعب و يحاول نسف عجلة العملية الديمقراطية فى العراق. فاذن لابد ان يكون فى العراق ايضاربط بين هذاالارهاب و الفقر و البطالة المنتشرة فى العراق حيث تصل نسبة البطالة الى اكثر من 30% و اكثرية السكان تعيش تحت خط الفقر و حسب تقارير مكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية فى العراق يوجد تسرب تلاميذ المدارس لانهم مظطرين للعمل فى مجالات تضر بنموهم و صحتهم لمساعدة عوائلهم المحتاجة ماعدااقليم كوردوستان الذى ينعم باستقرار نسبى و الاكثريه فيه هم فوق خط الفقر الان. هناك الكثير من الشباب فى المدن العراقية يتسكعون فى الازقة و المقاهى و ربمايصبحون فريسة لمنظمات ارهابية او ميليشيات مسلحة لم تتجرارفع راسهافى ظل النظام البائد او كانواافرادهاجزامن الالية القمعية للنطام السابق. الفقر والارهاب يشكلان دائرة شيطانية حيث يغذى الفقر الارهاب و يولد الارهاب بدوره فقرااكثر. و لذلك تجفيف مستنقع الفقر فى العراق هو بحد ذاته اكبر وسيلة لقطع جذور الارهاب و تفكيك هذه الدائرة الشيطانية. صرف الاموال الطائلة على مكافحة ظاهرة الارهاب يؤدى الى كبح عوارضه و لكنه لايؤدى بالضرورة الى قلع جذوره و هذاهو الاهم. صرف هذه الاموال لايتم الاعلى حساب الخدمات الاساسية و الاجتماعية. فان معركة قهر الارهاب فى العراق تجب ان تبدافى قاعات المدارس، ردهات المستشفيات، برنامج تامين التغذية، توفير نظام الضمان الاجتماعي، برنامج محاربة البطالة و توفير الحد الادنى للمستوى المعيشي للعاطلين عن العمل. هذه الاجراءات هى اكثر فعالية من فوهات المدافع. و لعل تجربة كوردوستان فى مكافحة الارهاب الذى كانت تعانى منه مفيدة جداللعراق ككل حيث بعض الاجراءات كرفع مستوى المعيشة و برنامج توفير السكن و تشغيل الشباب ادى الى تراجع العمليات الارهابية بشكل كبير جدا. و بالعكس نرى تجارب دول اخرى قوية جداعسكرياو غنية فى مواردهاو لكنهااعتمدت فقط على استعمال القوة لقهر الارهاب فشلت فى مساعيهاهذه و واجهت اساليب اعنف للارهاب لانهاعالجت العوارض و ليست الجذور. فالعراق لايستطيع ان يكون اقوى و اغنى من هذه الدول التى لاتزال تعانى من الارهاب و لذايجب اتباع طرق غير كلاسيكية لتجفيف بؤر الارهاب و هذايبدابمحاربة الفقر و هذاممكن لان العراق هو دولة غنياجدافى الموارد يمكن ان توفر العيش الكريم لكل مواطنيه.
د.كمال سيد قادر
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات