ـ سورية ترفض استدراجها لاتهامها بأبوة أي قانون للانتخابات
ـ "البعض" لايريد الانتباه الى ان سورية تمثل حاجة دولية واقليمية وعراقية وفلسطينية ولبنانية خصوصاً.
ـ سورية اهم العوامل الداعمة لوحدة لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات.


-1-


" البعض " في لبنان يحاول ان يعكس عقده السياسيه على السياسة الدولية ويفترض ان كل الكوابيس التي يبصرها في غرفة نومه ستتحقق في صبيحة اليوم التالي.
لذلك فإن هذا " البعض " الذي كان دائماً وسيبقى يغمض عينيه عن الحقائق والذي لايمكن له ان يكون جميلاً ليبصر الوجود جميلاً يتصور ان الادارة
الاميركية والادارة الفرنسية لاتنامان الليل وهما تفكران فقط بالايقاع بسوريـة.
وهذا " البعض " لايريد ان ينتبه الى ان الادارة الاميركية التي اختارت القوة سبيلاً لاعادة انتاج الوقائع على مساحة ما تصفه بالشرق الاوسط الكبير، تتخبط في غير مكان، وليس فقط في افغانستان والعراق، وماتريده هومساعدة سورية من اجل ايجاد مخرج معقول ومقبول لأزمتها في العراق بعد ان ذهب اكثر من محلل استراتيجي الى حد القول ان اميركا هزمت في العراق.
وهذا " البعض " لايريد ان ينتبه الى ان سورية تشكل حاجة فلسطينية حتى ولو كانت الادارة الاميركية تريد ان تحقق نجاحاً على المسار الفلسطيني وحــده.
وهذا " البعض" لا يريد ان ينتبه الى ان سورية تشكل حاجة لبنانية حتى ولو افترضنا كما ارادت صحيفة " النهار" ان القرار 1559 يلغي ماقبله وانه القرار الدولي الوحيد القابل للحياة.


ـ2ـ

ففي القرار 1559 الكثير الكثيرالذي سيتطلب تدخلاً وحكمة سورية لمعالجته هذا اذا افترضنا ان سورية تريد ان تقدم خدمة او وظيفة في اطار تطبيق ذلك القرار ان استعجلت سوريه ونفذت الشق المتعلق بإنسحاب القوات السورية من لبنان، فإن لبنان سيجد نفسه امام مشكلات تسببت فيها اسرائيل والادارة الاميركية نفسها،لبنان سيجد نفسه بمواجهة مشكلة اللاجئين من ابناء الشعب الفلسطيني الشقيق وحقهم بالتمتع بالخدمات الاساسية لأي مقيم على الاراضي اللبنانية بإستثناء حق التوظيف.
ولبنان سيجد نفسه بمواجهة السلاح الفلسطيني الذي وان كان في هذه اللحظة السياسية ملتزماً بعدم تحريك أي جبهة اضافية لرفع الارهاب الاسرائيلي عن الداخل الفلسطيني فإن احداً لايمكن ان يضمن ان يبقى هذا السلاح بارداً واخرساً الى الأبد.
ولبنان سيجد نفسه بمواجهة سلاح المنظمات التي وجدت كافراز سياسي واستتباع للوقائع الأفغانية وهي منظمات باتت تربط حركتها وسلاحها بقرار خارجي.

ولبنان سيجد نفسه بمواجهة الخلايا التخريبية الاسرائيلية التي ان انتجتها اسرائيل خلال ستة وخمسين عاماً من العدوان، واثنين وعشرين عاماً من الاحتلال، وهذه الخلايا لم تكف عن الحركة يوماً وعن محاولة تصّيد هداف في لبنان، لبنان فقط لن يجد نفسه بمواجهة سلاح المقاومة، سواء سلاح "حزب الله" او "امل" او أي جهة من جهات المقاومة فهذا السلاح كان ولازال ينتصر لصالح الدولةوقيامها، وبناء الثقة بأن قوة لبنان في مقاومته، وفي صمود اهله.


-3-

المشكلة الاساس التي سيجد لبنان نفسه بمواجهتها هي مشكلة الوحدة.
فسورية كانت ولا تزال احد أهم العوامل الداعمة لوحدة لبنان، والعنصر الاساسي في صناعة وبناء التوافق بين القوى والاقطاب الى حد ان المسؤولين السوريين كانوا او كان بعضهم متفرغاً من اجل معالجة الخلافات التي كانت تعطل الحكومةاشهراً، والتي كانت تقيم الحد بين مواقع السلطة ذاتها او بين السلطة والمعارضة.،
الآن هذا " البعض" يريد خروج سورية من لبنان دون دواع مع ادانة كل من يحاول الترفع ذوقاً ليقول مع السلامة، ورسم هذا البعض سيناريوهات فيما لو تمنعت سورية منها عقوبات دولية قادمة وربما وضع سورية على منظار التصويب الاميركي او الإسرائيلي، ومنها التلويح بأن باريس التي تعاني الامرين في بقايا مستعمراتها الافريقيه، والتي تعاني من حركة الاتحاد الأوروبي، والتي تعاني من غياب دورها داخل الناتو الذي استبدلته واشنطن بتحالف الراغبين ـ التلويح بأن باريس ـ سوف لاتبقى مكتوفة الأيدي وربما تقرر عصاها بسورية ؟!
لاينتبه هذا " البعض " بأن سورية لم تمارس دور الدولة المنتدبه على لبنان وان سورية ليست استعماراً، وان سورية هي الجوار الجغرافي الوحيد المتاح
للبنان، وان هذه الجغرافيا اذا استثنينا التاريخ،وعلاقة الدم، والعفة، والكفاحالمشترك، نفترض من كل لبناني مخلص ان يبحث على الاقل عن علاقته المصلحية بهذا الجار، وان ينتبه الى ان نصف لبنان على الأقل لازال يجهز عروسه من الشام ولازال يؤمن مونته من هناك.

-4-

نحن لاننكر ان المتوسط يجمعنا مع بعض اوروبا، وان لفرنسا علينا داله، وانها اماً حنونه لدى البعض وخاله بغيضة لدى فريق من اللبنانيين.
نحن لاننكر ان لبنان يقع في الجوار الاوروبي وهو امر يتيح لنا التمتع بخيرات هذا الجوار اذا اثبت حسن جواره لنا.
ونحن لاننكر ان الولايات المتحدة الاميركية تمثل ادارة امبراطورية، وانها تعّبر عن الاحتكار المركزي للقوة.
ولكن ذلك لايعني اننا سنبذل ماء وجوهنا لإرضاء باريس او واشنطن عبر كسر الجرة مع دمشق، خصوصاً وان سورية تمثل حاجة اميركية، وحاجة أوروبية في هذه اللحظة السياسية بالذات، وعلى مساحة كل الشرق الأوسط الكبير.
يبقى ان حسن التقدير يقتضي من هذا البعض ان يجدد وان يحدث عناوين الحوار الداخلي بعيداً عن سورية لأن من يمتلك بيتاً من زجاج عليه ان يبتعد عن رشق بيوت الأخرين بحجارة الكلام المر.
ويبقى كذلك الانتباه الى جملة اسباب أخرى أبرزها:
1) انه اعتباراً من مطلع هذا العام بدأ تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى التي تتيح انسياب المنتجات والبضائع العربية المنشأ عبر الحدود معفاة من الرسوم الجمركية.
وهذا الأمر يعني ان هناك منافسة حقيقية للسلع والمنتجات اللبنانية مع مثيلاتها من السلع الواردة الينا من الدول العربية.
وهذا الامر يعني كذلك ان الحدود بين لبنان وسورية ستكون مفتوحة بالاتجاهين لانسياب بضائع البلدان، وغيرها من البضائع العربية التي لامفر انها ستأتي الى لبنان براً عبر سورية، وان بعضها سيذهب الى سورية براً بعد هبوطه في الموانىء اللبنانية.

-5-

2 ) ان لبنان يشكل مع سورية ساحة امنية واحدة تتعرض حدودهما مع العراق لضغط مشترك.
فإذا كان الادعاء اليوم ان هناك حركة سلاح ومسلحين عبر حدود سورية الى العراق رغم الاعتراف بأن السلطات السورية استطاعت تقليصها الى الحد
الادنى، فإن الفوضى التي باعتها القوات الاميركية المحتلة للعراق، هي فوضى عابرة للحدود، وسورية ولبنان ساحتان مهددتان بها.
3) ان سورية التي تطلق المبادرات اليومية من اجل تحديث وعصرنة الدولة، وانفتاحها عربياً واقليمياً بإتجاه تركيا العراق، واوروبياً عبر اتفاق
الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، والتي اصدرت جملة قوانين جديدة ستعكس نفسها ايجابياً على ادارة الدولة وعلى الحياة الحزبية، ستطرح في لبنان اسئلة حول قصور السلطة، وعدم تمكنها من السير الى الامام بإتجاه الدولة، وابقاء لبنان تحت سيطرة جملة احتكارات لكامل الصادرات والواردات، بما في ذلك جعل الاعلام قوة احتكار لا قوة حرية وكذلك اخضاع أي تطور ديموقراطي ممكن لما يوصف بالهواجس والمخاوف.

4) ان سورية التي تمتلك باعاً طويلاً في مجال مكافحة الارهاب والتي تثبت ان وسائلها انجع في معالجة هذه الظاهرة الدولية ستكون حاجة مستمرة في نسخ اجراءاتها على مساحة دولة المنطقة والعالم.

5) ان سورية اكدت انها تمثل حاجة اقليمية من أجل عراق موحد، كما من اجل لبنان موحد يسودهما السلام.

-6-


6) ان سورية اثبتت انها حاجة اقليمية من اجل توحيد الشارع الفلسطيني، وهي ورغم خلافاتها مع قيادة عرفات، وربما مع القيادة الحالية، الاانها كانت تتمسك بوحدة الموقف الفلسطيني، وهي كانت تجمع فرقاء الصف الوطني والاسلامي الفلسطيني تحت سقف الحوار وان كان ساخناً، وكانت ولاتزال تضغط لمنع أي احتكاك او احتكام الى السلاح في الساحة الفلسطينية.
7) ان سورية لاتتفق وحسب بل هي تتقدم المواقف من اجل اعتبار الانتخابات في العراق وكذلك على الساحة الفلسطينية جسراً الى وضع انتقالي افضل، وسورية على الساحة الفلسطينية هي الاقدر على تهدئة هذه التحديات امام القيادة الفلسطينية الجديدة وهي الاقدر على دعم توسيع مشاركة العراقيين في السلطة الانتقالية الجديدة.
8) بالنسبة الى الشأن اللبناني وهذا الامر هو برسم " البعض "، فإن الرئيس الدكتور بشار الاسد ومنذ توليه السلطة اعطى جملة تعليمات واضحة تقتضي بتجنب الدخول في التفاصيل اللبنانية.
فقد انهى تاريخاً من اعتبار وجود مرجعيات سورية في الشأن اللبناني وحصر عناوين التعاطي مع الملف اللبناني بمرجعية واحدة مرتبطه به شخصياً محذراً من التدخل في مسائل سياسية تعني الساحة الداخلية اللبنانية او الاستجابة لمطالب شخصية.

-7-


وفي موضوع قانون الانتخابات المتعلق بالاستحقاق النيابي ورغم الرسائل الشخصية التي وجهت الى الرئيس الاسد عبر الصحف اللبنانية من شخصيات، ورغم الاختلافات الواضحة والتوتر الذي يلف هذا القانون، فإنا اللعبة السياسية في لبنان حول هذا القانون المرتقب تأخذ مداها دون ان تفسح سورية في المجال لاتهامها بأبوة هذه المولود ـ القانون.

بعد كل ما تقدم يحتاج " البعض" في لبنان وربما في بعض العواصم البعيدة ايضاً الى ان يجلسوا في الضوء وان يفكروا في الضوء لأن الليل لاينتج سوء الكوابيس ، ولأن كل امر يدبر في ليل سيمحوه النهار0

وبعد كل ما تقدم نحتاج في لبنان الى المغامره والشجاعة للانتقال من السلطة الى الدولة لنستطيع ان نشكل مع سورية ثنائياً ممكناً ومقبولاً وحتى نخلص
البعض من عقدة الاحباط 00

بلال شرارة
امين عام الشوؤن الخارجيه في مجلس النواب اللبناني