يا ترى هل إيران قادرة على امتلاك السلاح النووي في الوقت القريب؟!
وهل أمريكا قادرة على منع إيران على امتلاك السلاح النووي؟!
قصدت أن أبدأ مقالي بسؤالين لتحفيز ذاكرة القارئ المليئة بشتى المتناقضات والتساؤلات قبل بدء الموضوع.
فلابد لنا هنا أن نفرق مابين استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية واستخدام تلك القوى لأغراض عسكرية.
وسنلقي الضوء على ملف إيران النووي وقبلها نبدأ بمقدمة صغيرة تهم القارئ عن الطاقة النووية.
ماهية الأسلحة النووية:
بدأت معرفة السلاح النووي من خلال استغلال خاصية الانشطار لبعض المعادن الثقيلة غير المستقرة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم، ثم تطور ذلك للأسلحة الاندماجية التي تفوقها في قوتها الانفجارية، وقد صنفا كأسلحة ذات استخدام استراتيجي ( تستخدم ضد الأهداف الاستراتيجية والمساحية الكبيرة )، وأستمر التطوير إلى نظم نووية إشعاعية فقط، ثم بتطوير تقنيات التصغير ثم التوصل إلى أسلحة نووية تكتيكية للاستخدام في مسارح العمليات وضد الأهداف المحدودة الحجم، وأبرز نظم الحصول على الأسلحة النووية من خلال الانشطار والاندماج هما:
*القنبلة الذرية.
*القنبلة الهيدروجينية.
ومن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية هناك نظم للضمانات النووية، ويمكن تعريف نظم الضمانات النووية: بأنه ذلك النظام القانوني والفني الذي يرمي إلى ضمان أن المواد النووية والتجهيزات والمعدات والمشروعات والخدمات في مجال الطاقة لن يخدم أي أغراض عسكرية.
وإيران لم تنتج إلى الآن أي رؤوس نووية وهي الآن في مرحلة إنشاء واستكمال بنيتها التحتية لتصنيع القنبلة النووية، فهي تتعاقد على مفاعلات نووية وتحاول الحصول على مواد نووية انشطارية، ونشاط إيران النووي الحالي يعتمد على الأبحاث النووية بالتعاون مع الدول المختلفة.
لمحة تاريخية قصيرة عن برنامج إيران النووي:
بدأ نشاط إيران النووي منذ عهد الشاه
ففي عام 1957م تم الاتفاق بين أمريكا وإيران على التعاون النووي وبدء إنشاء مفاعل طهران النووي للأبحاث، وفي عام 1970م وقعت إيران على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية ( NPT ) .
وفي عام 1976م وافقت جمهورية ألمانيا الاتحادية على بناء محطة نووية في بوشهر.
وبعد سقوط الشاه 1979م توقف البرنامج النووي من عام 1979 إلى عام 1984م نتيجة الحرب العراقية الإيرانية.
وفي عام 1984م بدء العمل في مفاعل طهران النووي للأبحاث، وفي عام 1985م سعت إيران إلى إعادة التعاون النووي مع الدول ذات الخبرة النووية.
وفي عام 1986م قدمت باكستان عرضاً لتدريب العلماء الإيرانيين في مقابل الدعم المادي لبرنامج باكستان النووي.
ومن عام 1987م إلى العام 1991م نجحت إيران إلى حد كبير في الحصول على التقانة المرتبطة بالتطور النووي.
وفي عام 1990م صدرت تقارير خاصة تقول بحصول إيران على
( 3– 5) سلاح نووي تكتيكي _ أو مكونات مثل هذه الأسلحة – من كازاخستان.
وبعد هذا العرض التاريخي الموجز،سنستعرض بعض من بنية إيران النووية.
البنية التحتية النووية الإيرانية:
1. بوشهر:منشأة نووية غير كاملة تم بناؤها بواسطة ألمانيا.
2. دارخوفين:منشأة نووية غير كاملة تم بناؤها بواسطة الصين.
3. غورعان:موقع مخطط إنشاء محطة قوى نووية تبنى بواسطة روسيا.
4. أصفهان:المفاعل النووي الإيراني الرئيسي للأبحاث.
5. خرج:مركز أبحاث طبية نووية، وموقع مفاعل، الأبحاث من بلجيكا.
6. معلم جاليه:موقع مخطط لمفاعل أبحاث ( تم إلغاؤه فيما بعد ) من الهند.
7. ساغهاند:موقع مخطط لمناجم اليورانيوم.
8. طهران:مركز أبحاث نووية، وموقع مفاعل نووي أنشأته أمريكا.
ولكن يا ترى لماذا تسعى إيران للحصول على قدرة نووية؟!
ربما يرجع ذلك للدوافع التالية:
1. تأكيد الاعتماد الذاتي الدفاعي لإيران.
2. تدعيم المكانة الإقليمية والدولية لإيران.
3. استمرار احتفاظ أمريكا بقوات وقواعد عسكرية بالقرب من إيران.
4. كون إيران محاطة بقوى نووية من ثلاث جهات:من الشمال روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء، وكازاخستان ومن الغرب إسرائيل وكانت العراق، ومن الشرق الهند وباكستان.
5. الاستفادة بالقيمة السياسية والاستراتيجية للأسلحة النووية حيث أن هذه الأسلحة توفر الردع والدفاع عن الدولة، وتحقيق التوازن النووي في المنطقة خاصة مع إسرائيل.
وبعد هذا العرض لإمكانيات إيران في امتلاكها سلاح نووي نورد هنا بعض النقاط في الشأن الأمريكي بخصوص هذا الملف:
بات من الواضح جداً الآن وبعد انهيار الإتحاد السوفيتي محاولة أمريكا تحقيق حلم الإمبراطورية الأمريكية التي يخضع العالم لآلتها العسكرية والاقتصادية وحتى الثقافية.
وهاهي الآن تطحن بآلتها العسكرية دولة بعد دولة، فأفغانستان وبعدها العراق والآن بدأ التلويح لبقية الدولة من ضمنها إيران، فما هو موقف أمريكا تجاه ملف إيران النووي، لنستعرض بعض النقاط في ذلك:
نشرت صحيفة " صنداي تايمز " البريطانية في 25 يوليو 2004م بعنوان "هل إيران هي الهدف القادم " والذي يكشف عن أن لجنة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيقها حول هجمات 11 سبتمبر ذكرت أن الإرهابيين تربطهم علاقات بإيران وليس العراق، ومؤخراً قرر الكونجرس قراراً يفوض باستخدام كل الوسائل الممكنة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، ويطالب باتخاذ إجراء عقابي أرسل إلى الكونجرس في أوائل شهر سبتمبر عام 2004م.
وفي مساعي الدول الأوربية لملف إيران النووي يزعم بعض المراقبين أن ثمة تواطؤاً أوربياً قد تم مع المساعي الأمريكية لمحاصرة إيران وتقويض برنامجها النووي كلية، خصوصاً أن الشروط التي علقت عليها أوربا إعادة ترميم علاقاتها الشاملة مع إيران في ضوء الاتفاق المبرم محفوفة بالحساسية، وتحمل في طياتها عوامل انهيار الاتفاق ودفع إيران نحو التراجع فيه، وكأن الاتفاق مجرد طوق وضع على عنق إيران أو فخ نصب لاصطيادها.
وهاهو الموقف الإيراني يعلن بشدة، ففي الخامس من أغسطس 2004م، فقد صرح يد الله جواني المسئول في الحرس الثوري الإيراني أن طهران قادرة حالياً على ضرب المنشآت النووية والعسكرية في إسرائيل في حال تعرض الأراضي والمنشآت الإيرانية لأي هجوم وأن هذه الأهداف كاملة في مرمى الصواريخ المتقدمة تكنولوجيا.
ولنطلع الآن على ما يعده الأمريكان من سيناريوهات محتملة لضرب المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً:
ربما يوجد أسلوبين من العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية:
أولاً: هجوما بري شاملا مثلماً حدث للعراق 2003م، وهذا مستبعد لعدة أسباب منها:
1. أن القوات البرية الأمريكية مشتركة في أكثر من مسرح حرب في أفغانستان والعراق.
2. إن مساحة الأراضي الإيرانية حوالي 1.6 مليون كم مربع، وهذا يحتاج إلى قوات برية كبيرة لاجتياحها.
3. احتمال فتح جبهة جديدة في السودان بشأن مسألة دار فور.
4. احتمال اشتعال الجبهة الجنوبية العراقية تضامناً مع إيران للوجود الشيعي هناك.
ثانياً: هجوما جوياً وصاروخياً مثلما حدث في صربيا عام 1999م، ولهذا يكون الاحتمال الثاني هو الأقرب للتنفيذ، أي سيكون هجوم جوي وصاروخي، وهذا يقلل الخسائر بالنسبة للقوات الأمريكية، وربما تشير التقارير والتسريبات أن الهجوم سيكون على شاكلة الأيام الأولى في حرب العراق، وذلك ما يسمى ( المطرقة الثقيلة ) وتكون بشن هجمات جوية تستخدم فيها الآلاف الأطنان من القنابل الثقيلة وقنابل الأعماق.
وتشير التقارير أن خبراء البنتاجون قد أنجزوا عملية إحصاء وتحديد المفاعلات النووية الإيرانية المعدة للتدمير تكشف عن وجود 24 موقعاً إيرانياً ترتبط بالبرنامج النووي الإيراني، وأبرز هذه المواقع هو مفاعل بوشهر المطلوب تدميره بأكثر من عملية.
وفعلاً بدأ التدريب على تنفيذ العملية، ففي منتصف شهر سبتمبر 2004م، تسربت أنباء عن تدريبات أمريكية استعدادا لتنفيذ العملية، وذكرت المصادر أن التدريب قد أجري في أحد القواعد العسكرية الأمريكية في أوربا.
وبعد هذا العرض للاستعدادات الأمريكية هل تستطيع أمريكا ضرب إيران في منشآتها النووية؟! متى يكون ذلك؟
والسؤال الأهم هل ستنجح أمريكا في ذلك؟ أم ستكون إيران هي الضربة القاصمة للإمبراطورية الأمريكية؟
وإذا حدث ذلك فيا ترى ماهو تأثير ذلك على دول الجوار الإيراني؟
وفي دول الخليج العربي توجد فئة اجتماعية ملتزمة عقائدياً مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فهل تلتزم هذه الفئة عقائدياً وتدافع عن النظام الإسلامي في إيران وتنتمي إلى صفوف المقاتلين في الجيش الإيراني؟
وماذا عن الاتفاقيات الأمنية مابين إيران ودول الخليج؟
وهل ستسلم إيران مواطني دول الخليج لدولهم وتتخلى عنهم إن هم ذهبوا لها؟ أم تخالف الاتفاقيات الأمنية التي بينها وبين تلك الدول؟
وأخيراً المشهد مفتوح أمام تساؤلات لا يستطيع أحد ليتكهن بها ولكن ستكون مؤثرة ومربكة حقاً للجميع.
م.إبراهيم علي الطويل
السعودية – الأحساء
شهر ذي الحجة الحرام 1425 للهجرة
المصادر:
1. الخيار النووي في الشرق الأوسط – مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة الأولى سبتمبر 2001م.
2. مجلة السياسة الدولية العدد 159 يناير 2005م:.
3. التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي – الكتاب السنوي 2003م – الطبعة الأولى يناير 2004م - مركز دراسات الوحدة العربية.
4. مجلة المستقبل العربي العدد 271 9|2001م-مركز دراسات الوحدة العربية.
م. إبراهيم علي الطويل
مجلس التعليم الفني والتدريب المهني بمحافظة الأحساء
مركز مساندة التدريب
التعليقات