انه لفخر عظيم أن يستطيع قلة من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني تغيير البوصلة 180% درجة نحو الإصلاح والتغيير فبعد أن عرض رئيس الوزراء أحمد قريع تشكيلة حكومته التي وصفت من قبل الناس العاديين في بلادنا بأنها حكومة ترقيعية أو بحسب الكلمة العامية ( حبطرش ) بمعنى أنها حكومة أي كلام ولا تستجيب للتطلعات والآمال التي ينتظرها الشعب الفلسطيني من الرئيس المنتخب محمود عباس ( أبومازن ) فقد احتوت التشكيلة التي قدمها السيد أحمد قريع على بعض من أباطرة الفساد والإفساد الذين تعاقبوا على نفس الكرسي منذ تشكيل أول حكومة فلسطينية في زمن السلطة الوطنية الفلسطينية وذلك بالرغم من توالي الاتهامات الموجهة إليهم بالفساد من قبل هيئة الرقابة العامة والمجلس التشريعي والقضاء الفلسطيني.
استفاقة متأخرة من بعض الشرفاء ومن بعض المستوزرين الذين لم يجدوا لهم اسما في الحكومة فأعلنوا الحرب على رئيس الوزراء وعلى تشكيلته التي انتهت بسحبها من بساط التداول، فالمجلس التشريعي الذي عودنا أعضاءه على مدى سنوات عمره التسعة المديدة والفريدة ( والتي تعادل أكثر من ثلاث دورات انتخابية هذا لو سارت الأمور بحسب القانون ) أن الرضوخ في النهاية هو مصير هباته وتمرده الذي يستمر ساعات ومن ثم كلمة من هنا وكلمة من هناك والكل يتراجع ويقبل بالأمر الواقع تحت حجة مصير فتح في خطر ويجب أن نفوت الفرصة على أعدائنا، والظرف غير مناسب، والله يعين الختيار، ويا عمي في وزراء مفروضين من الجارة الغالية أم الدنيا، ومن الشيخ فلان، والملك علان...الخ من الحجج الجاهزة التي تنفع في كل زمان ومكان ويا أخي هذا أوروبا بدها إياه، وذاك مرضي عنه أمريكيا، والآخر ابومازن ما بيقدر يزحزحوه لأن أمريكا واليهود بدهم أياه.....الخ
لقد قالت النخبة الواعية والمثقفة من أبناء فتح ( كفى ) وقالت الثلة المناضلة من فرسان الوطن في كتائب شهداء الأقصى ( كفى ) الشعب قال كلمته قبل أيام في الانتخابات البلدية أنه يريد كفاءات و وجوه جديدة غير ملوثة وجوه مهنية تستطيع أن تمثله خير تمثيل وقد ملت من الوجوه القديمة الكالحة التي تعتاش على عذابات الناس وآلامهم ولا تعير من ضحى وناضل وتحمل كل شيء في سبيل الوطن أي اهتمام، الناس البسطاء أصبحوا يشيرون بالاسم إلى أولئك الذين ثبت فشلهم وفسادهم بل وعفنهم الضميري والأخلاقي ولكن يبدو أن رئيس الوزراء أحمد قريع لا يقرأ الصحف ولا يطالع المواقع الالكترونية على شبكة الانترنت ولا يدخل على ملفات الفساد التي تنشر ويقرئها الآلاف من أبناء شعبنا يوميا كون من يكتب المقالات على حد زعم أحد قادة فتح هم من الناقمين على القيادة أو من الكوادر المهملة التي تريد تدمير كل شيء من أجل إسماع صوتها، في الحقيقة كل شريف في هذا الشعب ناقم على زمرة الفساد والإفساد التي قزمت فتح وقزمت السلطة ولوثت سمعتنا عالميا وجعلتها في الوحل.
من الرائع والجميل أن نسمع رئيس الوزراء يقول أنه سيشكل حكومة تكنوقراط أي حكومة فنية مهنية من خارج المجلس التشريعي ونقول صح النوم لقد كان هذا ما كان يجب فعله منذ البداية أي منذ 9 سنوات حيث لا يجوز منطقيا أن تكون السلطة التنفيذية هي نفسها السلطة التشريعية فمن سيحاسب ويراقب أداء الحكومة إذا كان نصف الأعضاء من المستوزرين من التشريعي.
خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح الآن يمكننا أن نقول أن ابومازن قد أوفى بوعده وأنه رجل الدولة والمؤسسات ولكن بقي أن نعرف من هم أولئك العضوين اللذان تم استثنائهما من التشريعي وسيدخلان الحكومة المقبلة...؟! نتمنى أن تبحثوا في ملفات الرقابة العامة والمجلس التشريعي وقرارات المحاكم فإن ثبت أن هناك قصقوصة ورق واحدة تدين احدهم بالفساد فالأفضل استبعاده بل تحويله إلى القضاء فهكذا تكون العدالة كون الحكومة القادمة حتى لو كانت من خارج المجلس التشريعي فهي ستكون متهمة بالفساد إذا وجد فيها وزير فاسد.
إذا صدقت الأخبار القادمة من رام الله فنحن أمام مرحلة من الإصلاح والتغيير وبناء الذات ولكن وكما يقول المثل الشعبي اللبناني ما بتعمر إلا إذا خربت لا نريدها أن تخرب أكثر فهي خربانة منذ زمن، ولكن نريد أن نرى أباطرة الفساد وأمرائهم وحاشيتهم مجرورين مكبلين بالاصفاد إلى المحاكم كي ينالوا محاكمة عادلة على ما اقترفته أيديهم ضد هذا الوطن وضد أبناؤه من الشرفاء والمناضلين...عندها سنقول عاشت فتح ويا جبل ما يهزك ريح.


د. علاء أبو عامر
أستاذ العلاقات الدولية – غزة