السيرة التفصيلية لحياة اياد علاوي



النزوح من الحلة
ولد اياد علاوي فى عام 1944 ببغداد، وهو شيعي علماني كانت عائلته قد نزحت من مدينة الحلة بعد ان انفتحت امامها افاقا للرزق في العاصمة التي بدات تتوسع وتستقطب العوائل الغنية والطبقة المتوسطة للسكن فيها، وظلت العائلة ترتبط بعلاقات وشيجة مع اقرباء وأصدقاء في الحلة لفترة طويلة من الزمن.كان عميد العائلة جعفر علاوي يدين بالولاء للملك فيصل الأول وفي بداية الثلاثينات انخرطت العائلة فى النشاط السياسى وساهمت في الحزب السعيدى الذي كان يمثل وجهة النظر السياسية الملكية، وكان عم علاوى وهو طبيب ووالد على علاوى وزير التجارة والدفاع فى حكومة بريمر، والمرشح للسفارة فى واشنطن وزيرا للصحة فى العهد الملكى.

الوالدة اللبنانية
اما والدة علاوى فهي لبنانية من عائلة عسيران، وقد اثر ذلك كثيرا في علاقات اياد علاوي بالكثير من القيادات السياسية البنانية لاسيما البعثية منها حيث كان يناقش تسلط التكارتة على حزب البعث في العراق.

الانضمام الى البعث
تخرج علاوي من كلية بغداد التابعة لليسوعية الأمريكية التي كانت تمارس نشاطات ثقافية في بغداد. دخل علاوى كلية الطب البشرى فى بغداد عام 1961 وهي ذات السنة التي انتمى فيها الى حزب البعث. وخلال دراسته الجامعية اثبت علاوي قدرة كبيرة على اقامة العلاقات الاجتماعية وتسخيرها في خدمة اهداف سياسية وكان يتميز بقدرة تنظيمية جيدة وسيطرة أمام المواقف الصعبة، كما اشتهر بسجالاته الفكرية والسياسية التي كانت تتم في ظل اجواء ديمقراطية فرضتها شخصيته القوية امام محاوريه ومناوئيه.
كانت اول اشارات العمل السياسي الصدامي لعلاوي حين اشترك عام 1962 في الإضراب السياسى الطلابى الشهير الذى قاده حزب البعث حيث كسرت ساقه فى هذا الاضراب. ويمكن القول ان علاوي قد ساهم بثورة غير مباشرة في التحضيرات التي كان يقوم بها البعثيون للاطاحة بقاسم.

قائد طلابي
وفي مرحلة الجامعة وبعد نجاح الانقلاب فى 8 شباط 1963، كان علاوى ناشطا سياسيا فى كلية الطب ببغداد، وقف ندا قويا امام القوى المعادية للانقلاب وفى مقدمتها الحزب الشيوعى. ويمكن القول ان علاوي كان يمثل الطليعة الطلابية القومية التي كانت توجه الجماهير الطلابية لاسيما في كليات ومعاهد الطب العراقية.
وكان علاوى بقدراته الهائلة في التنظيم وجمع الاتباع قد جعلته ينال حظوة كبيرة لدى قادة البعث لاسيما البكر وصدام، وادار علاوي بنجاح المهمات الامنية التي اوكلت اليه بحفظ الامن في الجامعات اضافة الى مناطق اخرى ببغداد. وفى نهاية 1966 قتل عبد السلام عارف، وكان لعلاوي والكوادر التي عمل معها دورا كبيرا في بلورة الاتجاه بين صفوف الطلبة لصالح حزب البعث وقاد بشراسة محاولات تشويه صورة الحزب في الشارع العراقي، ونجح في اقامة تحالفات سياسية بتوجيه من حزب البعث لمواجهة استحقاقات مابعد هزيمة 1967.

المشاركة بانقلاب 1968
شارك علاوي في انقلاب 17 تموز 1968، وكان يمثل مع مجموعة من المثقفين الصفوف الخلفية لحزب البعث، وبعد نجاح الانقلاب نال علاوي حظوة كبيرة لدى البكر الى درجة انه منح غرفة خاصة فى القصر الجمهورى. وقد اثرت نشاطاته السياسية على مستواه الدراسي في كلية الطب الى حد كبير، لكن علاقة علاوي بصدام لم تكن على مايرام، لا سيما وان علاوي لم يكن يبدي محاباة او طاعة عمياء له، وهو في كل الاحوال كان على الضد من الحلقة المحيطة بصدام بالرغم من انه رافق صعوده.
عالم السياسة والمخابرات
ويمكن القول ان علاوي قد وجد في فكرة السفر خارج العراق لغرض الدراسة فرصة لنيل شهادة مرموقة في الطب والابتعاد عن السياسة لكن ذلك لم يحصل فما زالت السياسة تتشرب في دمه، واستطاع ان ينفذ الى عالم السياسة من جديد بلندن وان يتعرف الى عالم المال والمخابرات وارتباطهما ببعضهما، حيث بدا يجهرمعارضته لاساليب صدام في الحكم، وتقريبه لابناء عائلته وتهميشه لدور الحزب، فحاول صدام عام 1978 تصفيته جسديا فى سكنه الخاص بكينغستون بلندن، حيث كان يعيش مع زوجته المسيحية عطور دويشة والتى كانت قد أنجزت دراستها الطبية معه ايضا، لكنه انقذ من براثن الموت باعجوبة ونقل الى أحد مستشفيات البريطانية بإيرلندا، ليرقد هناك أشهر عديدة تحت الحراسة الأمنية الخاصة.
البعض يقول ان تلك الحادثة هي نقطة البداية في علاقة علاوي بالمخابرات الغربية، لكن البعض يشير الى علاقات سياسية ارتبط بها علاوي مع المخابرات الأمريكية منذ دراسته فى كلية بغداد حيث جنده أحد الآباء اليسوعيين فيها.
لكن ذلك كله مجرد تكهنات لكن المؤكد أن علاوي اقام علاقات علنية مع سياسيين امريكيين وبريطانيين ومخابرات غربية بعد الغزو الصدامي للكويت مما جعل صدام يفكر بالتخلص منه.
اثرت الحادثة على علاقاته الاسرية فقد اصيبت زوجته ايضا، التي لم تستمر معه حيث انتهى زواجهما بالطلاق، لكنه استطاع ان يوظف هذا الحادثة باتجاة المزيد من الضغط على نظام صدام، كما مارس الاعمال التجارية التي حاول فيها ايجاد منفذ جديد لحياته التي خربتها السياسة، لكن القدر رماه كل مرة من جديد في حلبة السياسة.

التعاوان مع المخابرات الامريكية
وظف علاوى خبرته في العمل التنظيمي وتاريخه الحزبي باتجاه اختراق النظام من الداخل ونجح في ذلك ايما نجاح، مما حدا بال CIA ان تعرض له التعاون معا بغية تحقيق المصالح المشتركة، لكنه رفض تغيير النظام عبر احتلال العراق، وكانت عقيدته الانقلابية تتلخص في نخر النظام من الداخل، وبالفعل نجح في ذلك، وتصاعدت نشاطاته فى هذا الاتجاه عبر مكا تب الوفاق الوطني في شمال العراق، حيث نجح بين الاعوام 1992 1995 من احداث بلبلة في الوسط البعثي، ونجح في الخارج من كسب تاييد الاردن للقضية العراقية، ففتح مكتبا رئيسيا لحركة الوفاق الوطني في الاردن، حيث كان يشرف على نشاطات هذا المكتب نوري البدران السفير العراقي السابق وهو من اشد معارضي صدام ويمتاز بعقلية استخبارية وذكاء ا تنظيميا حيث كان المسئول الأول لقسم المخابرات العراقية فى أوروبا ثم مالبث ان انشق حاملا معه معلومات مهمة للمخابرات البريطانية والأمريكية.

انقلاب من الداخل
كان افكار علاوي تتلخص في ضرورة احداث انقلاب عبر اختراق النخبة الحاكمة لهذا اعتمد في تكتيكه في حركة الوفاق عبر كسب النخبة المعارضة لصدام والاعتماد على النوعية وليس الكمية وعدم التوسع افقيا فيما يخص التنظيم داخل الحركة، ونجح في الاعداد لانقلاب عبر الحزب والجيش عام 1995 لكن المهمة فشلت في اللحظات الاخيرة.
ارتبط علاوي بعلاقات شخصية مع الملك الحسين ملك الاردن ونجح في اقامة علاقات تنسيقية بين الحركة والمخابرات الاردنية، وكان ثمرة ذلك القيام السماح له بالقيام بنشاطات سياسية واعلامية واستخبارية تنطلق من الاردن باتجاه العراق، كما نجح في اقامة إذاعة سرية تبث برامجها نحو العراق عبر عمان.
ويغلب الظن أن المخابرات الامريكية لم تكن مقتنعة كثيرا بنظرية علاوي في الانقلاب من الداخل حيث كان علاوي يعول على الحزب الذي تنكر له صدام عن طريق تفعيل كوادره باتجاه ازاحة صدام وابقاء الحزب على هرم السلطة في العراق.

شبكة داخل العراق
تمكن علاوي ومنذ عام 1998 حيث سن قانون تحرير العراق من قبل الكونجرس الأمريكى، من الحصول على معلومات ووثائق خاصة في غاية السرية بشان البرنامج النووي العراقي وبرامج العراق التسليحية مما زاد من قوة العلاقة بينه والجهات الامريكية.
تميز علاوي بمعالجاته الواقعية والموضوعية المستندة الى التحليل العلمي في ربط الاوضاع في العراق بمتغيرات العالم، وهو على عكس الكثيرين من معارضي صدام لم يركن الى اليأس او الانتظار، واستطاع في السنين الخمس الاخيرة قبل سقوط صدام من اقامة شبكة واسعة من العلاقات السرية مع العشائر والقبائل العراقية، كما اقام اتصالات وثيقة مع اطراف شيعية في داخل العراق وتمكن من اختراق الجهاز العسكرى البعثى والحزبى، ويمكن القول ان أن المسؤولين الامريكيين باتوا يطمئنون الى علاوي اكثر من ذي قبل، بعد ان كانت قبل هذا التاريخ تحث المعارضين العراقيين على الانضواء تحت عباءة الحلبي.
التواضع
ولم يكن علاوي في نظر المخابرات الامريكية طموحا الى حد كبير بل كان متواضعا، يميل الى التعاون مع قوى المعارضة العراقية، كما كان امينا في نقل صورة حقيقة للوضع داخل العراق، فقد كذب علاوي ماتردد من قدرة صدام على شن هجوم بالاسلحة الكيمياوية خلال 45 دقيقة.

السعودية والاردن
استطاع الدكتور اياد وبنجاح من كسب ثقة الدول الخليجية في كفاحه ضد نظام صدام وذلك بعد الغزو الصدامي للكويت. واستطاع عبر شقيقه صباح علاوى، المرشح حاليا للسفارة فى السعودية والذي كان يعمل في إحدى المنظمات الاقليمية التابعة للأمم المتحدة من اقامة قنوات اتصال مع السعودية والأردن، حيث تمكن من الحصول على موافقة لبناء تنظيم سياسى فى نهاية عام 1989 بدعم مباشر من السعودية والكويت ودول خليجية اخرى فتعاون في البدء مع صلاح عمر التكريتى وزير إعلام وبعثي سابق و اسماعيل غلام عضو قيادة تنظيم سوريا و تحسين معلة القيادى البعثى القديم الذي توفي في لندن العام الماضي وصلاح الشيخلى مدير البنك المركزى سابقا والسفير الحالي للعراق بلندن و سليم الإمامى العسكرى البعثى السابق المقيم بلندن حاليا والذي شارك مع البكر في انقلاب تموز 1968.
العلاقة مع مصر
كما تكمن علاوي من الحصول على مكسبا سياسيا جديدا بزيارته مصر بشكل سرى فى 10 كانون الثانى 1991 وبدعوة خاصة من وزارة الخارجية المصرية والتقى مع كبير مفاوضيها حينذاك عمرو موسي، لكن علاوي لم ترق له مواقف مصر الداعية الى التهدئة وانتظار ماتؤول اليه الاحداث وترك زمام المبادرة للولايات المتحدة فحسب.
وشارك علاوي ممثلا لحركة الوفاق فى مؤتمر المعارضة بيروت عام 1991 الذي فشل في اتخاذ قرارت مشتركة بشان الموقف السياسي من نظام صدام، وبدا لعلاوي ان العراقيين سوف لن يتمكنوا من ازاحة نظام صدام بدون مساعدة خارجية وخصوصا من الولايات المتحدة، وقد اقترب في افكاره هذه من اراء احمد الجلبي، وبالرغم من ان الرجلين يشتركان في العداء لصدام وضرورة طلب المساعدة من الولايات المتحدة، لكنهما يختلفان في نقاط كثيرة، منها ان الجلبي كان يعتقد ان علاوي مفرط في قدرته على احداث انقلاب من الداخل ويعتبر ان خلفيته البعثية سوف تحد من دوره السياسي المقبل، بينما كان علاوي يحسد الجلبي الحظوة التي كان يتمتع بها لدى الادارة الامريكية،لاسيما لدى المحافطين الجدد و تحديدا بول وولفويتز، وليم كريستول.
التوسع في حركة الوفاق
تعاون علاوى مع الكثيرين من المعارضين العراقيين بعد انتهاء الانتفاضة العراقية عام 1991 وهرب الكثير من الكوادر السياسية والعسكرية العراقية الى خارج العراق، وتمكن علاوي من ضم الكثير منهم الى حركته فانضم الى الوفاق توفيق الياسرى و سعد العبيدى و نجيب الصالحى وعامر الجبوري وهم من العسكر لكن هؤلاء تخاصموا مع اياد علاوي وخرجوا من الوفاق بعد فترة قصيرة، كما تعاون مع الوفاق اخرون منهم فارس الحاج حسين و وفيق السامرائى وانضم للحركة عدد من الضباط الصغار الذين تسربوا عبر الحدود الاردنية.
يعمل الدكتور اياد علاوي اليوم وبعد عودته إلى أرض الوطن جاهداً لتحقيق آمال الشعب العراقي في الازدهار والرخاء والوحدة الوطنية وتوفير القيادة القوية المدركة لمسؤولياتها والتي تعمل من أجل العراق.

تسلم الدكنور اياد علاوي منصب رئيس الوزراء في وقت بالغ الصعوبة وفي مرحلة انتقالية حرجة لكنه اثبت قدرة في الحسم واتخاذ القرارات الصعبة، لكنه يميل الى العمل الديمقراطي اللامركزي بعيدا عن ملامح الشخصية الدكتاتورية.

القائمة العراقية

واشترك الدكتور اياد بالانتخابات عبر قائمته العراقية التي حصلت على اربعين صوتا داخل البرلمان، وضمت قائمته قوى سياسية واجتماعية من مختلف الاطياف.

يبدو الدكتور اياد اليوم وبعد فترة من تراسه الحكومة العراقية قد حقق سمعة خاصة كرجل قوي في مواجهة الفوضى بعد التغيير في العراق.
واعطى الامن الاولوية في سلم اهتمامته قاطعا شوطا في عملية فرض الاستقرار في العراق الذي يمزقه العنف الدامي. ومن اهم القرارات الصعبة التي اتخذها اعطاءه الاوامر بالهجوم على معاقل المسلحين المتمردين بالفلوجة في تشرين الثاني 2004.

وبالرغم من الجدل المثار حول شخصية علاوي الا ان كونه رجلا حازما وعمليا اكثر منه رجل افكار هو مايتفق عليه كثيرون ويعتقد اكثر العراقيين ان علاوي كان ناجحا.

يركز علاوي في اهتماماته على الامن والتعليم والمشكلة الاقتصادية والخدمات الصحية والادارة. ويعتقد بضرورة وجود قيادة قوية قادرة على صنع الانجاز بزمن قصير
[email protected]