روحي عازار من دبي: علمت "إيلاف" من مصادر سورية ان ناشطين سوريين يعدون عريضة تواقيع من أجل مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد إطلاق سراح الطبيب السوري السجين عبد العزيز الخيّر. وقالت المصادر ان 800 شخصا وقعوا على هذه العريضة حتى الآن، كما جرى اعتصام نظمه الفنان السوري يوسف عبد لكي، بصفته مسؤولا لحزب العمل الشيوعي في الخارج، وهو الحزب الذي ينتمي إليه عبد العزيز، والذي لم يتبق منه معتقلا سواه، وكان جميع الحاضرين تقريبا من المثقفين العرب من البلدان العربية المغاربية ؛ وقد تم في ساحة التروكاديرو (ساحة حقوق الإنسان في باريس ).
وكانت المنظمة العربية لحرية الصحافة والتعبير قد قامت بحملة عالمية منذ عامين من أجل إطلاق سراح عبد العزيز الخيّر، إذ تبنّت المنظمة قضية الخير على أنه كاتب وصحافي كان مسؤولا عن إصدار نشرات حزبه قبيل اعتقاله.

ويشير أرشيف الحملة التي أعلنتها المنظمة، وحصلت " إيلاف " على نسخة منه، إلى قيام عبد العزيز الخير بمهمة رئيس تحرير صحيفة النداء الشعبي خلال الفترة 1981 ـ 1984. ومنذ التاريخ المذكور وحتى اعتقاله،كان الدكتور الخير عضو هيئة تحرير صحيفة الراية الحمراء التي وصل عدد نسخها الموزعة أواسط الثمانينيات إلى ما يزيد عن سبعة آلاف نسخة من كل عدد، وعضو هيئة تحرير مجلة الشيوعي الفكرية ـ النظرية. كما أصدر بيانه الشهير " عرس الديكتاتورية " الذي كتب ووزع على خلفية الاستفتاء على رئاسة الرئيس الراحل حافظ الأسد في تشرين الثاني / نوفمبر 1991. في آب / أغسطس من العام 1995 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا، شبه العسكرية، حكما بالسجن لمدة 22 عاما مع الأشغال الشاقة على الدكتور الخير.

ويقول جميع السجناء السياسيين الذين أطلقوا منذ سنوات قريبة، والذين تحدثت إليهم " إيلاف "، ان الطبيب عبد العزيز الخير يمارس مهنة الطب في سجن صيدنايا حيث يعالج السجناء المرضى بعد أن حول زنزانته إلى عيادة لعلاجهم.

وفي هذا الصدد سألت " إيلاف " الصحافي السوري نزار نيوف الذي عرف الخيّر عن قرب وتمكن من رسم بورتريه له، وهو الصورة الوحيدة لعبد العزيز الخير منذ تخفيه في العام 1981، الذي يقول :" رغم أنني كنت أعرفه سماعا قبل عشر سنوات على اعتقالنا، إلا أنه لم يتسن لي الالتقاء به وجها لوجه إلا بعد تسعة أشهر على هذا الاعتقال، أي مساء 5 شباط / فبراير1993 حين استدعوه إسعافيا إلى زنزانتي الانفرادية في الجناح ج / أيسر من الطابق الأول، قبل نقلي إلى سجن تدمر الصحراوي ببضع ساعات. وبعد سبع سنوات ونصف على هذه الواقعة، أي في 13 أيلول / سبتمبر 2000، تمت إعادتي مجددا إلى هذا السجن بعد إغلاق سجن المزة العسكري. ونظرا لأنه الطبيب الوحيد في سجن صيدنايا، فقد كان المعتقل الوحيد الذي سمح له بزيارتي في زنزانتي الانفرادية. وخلال الأشهر السبعة التي قضيتها في هذا السجن قبل إطلاق سراحي في 6 أيار/ مايو 2001، قدر لي أن أكون شاهدا على واحدة من أنبل ملاحم التضحية ونكران الذات التي يمكن للمرء أن يشهدها خلال حياته (...) لا أذكر أنه كان يمضي يوم دون أن يسمع المعتقلون طرقات استغاثة قادمة من أحد المهاجع عند الفجر. وكان الجميع يعرف أن إدارة السجن ستوقظ عبد العزيز الخير في هذه الساعة من الليل من أجل الخدمة الإسعافية الطبية. وبالنظر لأنه ليس طبيبا رسميا للسجن، فقد كان بإمكانه رفض ذلك. إلا أنه ما تأخر يوما من الأيام عن القيام بواجبه الإنساني النبيل (...). وفي مرحلة من المراحل استطاع أن يقنع إدارة السجن بتحويل إحدى الزنازين الشاغرة المجاورة لزنزانته إلى "عيادة ميدانية " يزورها المعتقلون وفق جدول منتظم، فضلا عن الحالات الاسعافية. وقد زود هذه العيادة بتجهيزات كان معظمها من تصميمه وتصنيعه أو تصنيع رفاقه في الحزب، لا سيما المهندس نزار مرادني. وبالأدوات الجراحية البسيطة التي استقدمها من منزله، استطاع أن يجري عمليات جراحية عديدة، وعمليات اسعافية في منتهى الخطورة. صحيح أنها كانت صغرى بحكم الإمكانيات المتوفرة، إلا أنها أنقذت الكثيرين من موت محتم أو عاهة دائمة". يذكر ان الطبيب والكاتب عبد العزيز الخيّر ينحدر من منطقة القرداحة، قضاء اللاذقية، ومسقط رأس الرئيس السوري.