عقب هزيمة 67، قال الجنرال الإسرائيلي موشي دايان بأن العرب لا يقرأون وأنا أضيف بأن الكثيرين منهم إذا ما قرأوا لا يفقهون ما يقرأون. ويبدو إن هذه هي حالة العراقي فيصل عبد الحسن, المقيم في المغرب على ما أظن والذي نشر في جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 23/8/2004 مقالا تحت عنوان:" محمد شكري وطرائف حسونة المصباحي" فيه قدّم الأدلة القاطعة على أنه لم يفهم من مقالي" طرائف محمد شكري" ذرّة تذكر. وسأعرض على السادة القراء هذه الأدلة الواحد بعد الأخر. وقبل ذلك أودّ إن أقول أن مقالي المذكور نشر بجريدة"الشرق الأوسط" بتاريخ 30/2/2003
أي عقب مرور أربعين يوما على وفاة الصديق العزيز محمد شكري. وحسب المعلومات التي أمكنتني الحصول عليها فإن السيد فيصل عبد الحسن الذي أكد لي من يعرفونه بأنه مختص في افتعال القضايا الخاسرة مسبقا, ولا غاية له من وراء ذلك غير لفت الانتباه لان كل ما يدفع به للنشر يرد إليه بسرعة البرق, أرسل مقاله إلى صحف عدة غير أنها رفضت نشره. فلما أعياه ذلك أرسله إلى جريدة "السفير" بعد مرور9 أشهر على صدور مقالي ومن الأكيد أنه يشعر بسعادة كبيرة الآن هو الذي لم يتعود على إن يرى اسمه مكتوبا في جريدة إلا في ما ندر. وأود أن أقول أيضا أن علاقتي المتينة بمحمد شكري ووفائي له حيا وميتا لا يحتاجان إلى اثبات من عند أحد. فأنا عاشرت هذا الرجل الجميل ربع قرن, ومعه أمضيت أوقاتا سعيدة في طنجة وفي أمستردام وفي جنوب أسبانيا. وأكاد أقول باني اعرف عنه كل صغيرة وكبيرة. وعنه كتبت الكثير في الصحف الألمانية والعربية وهو يحضر في عملين روائيين
لي هما :" الآخرون" و"وداعا روزالي" وأيضا في العديد من النصوص الأخرى التي كتبتها. وأنا متيقن بأن السيد فيصل عبد الحسن لم يطلع لا على هذين العملين الروائيين وعلى هذه النصوص لذا سمح لنفسه بأن ينصب نفسه مدافعا عن محمد شكري هو الذي لم يلتق به غير جرتين, ولوقت قصير للغاية كما يعترف بذلك هو نفسه. ومن المؤكد أيضا أنه لم يقرأ النص الذي كتبته في رثاء محمد شكري
في جريدة"الشرق الأوسط" عقب مرور يوم وأحد فقط على وفاته ولا الآخر الذي نشر في جريدة" الحياة" في العدد الخاص الذي خصصته لصاحب"الخبز الحافي" و"مجنون الورد". ويبدو أنه يتحتم علي أن اعلم السيد فيصل عبد الحسن أنني كنت على اتصال دائم بمحمد شكري عبر الهاتف طوال الأشهر الستة التي سيقت وفاته. أقول هذا لا للتبجح وإنما لأن محمد شكري كان صديقا عزيزا علي بالمعنى الحقيقي للكلمة ولم أكن أحترمه فقط ككاتب وفنان متميز وإنما كانسان حرّ وشفاف, وأريحي, وشهم وصاحب مواقف وخصال نادرة عند المثقفين العرب. لذا ليس على السيد فيصل عبد الحسن أن يستنجد بالوزير الشاعر والكاتب محمد الأشعري ولا بالأديب محمد برادة, ولا يحسن نجمي رئيس اتحاد كتاب المغرب الذين تربطني بهم علاقة صداقة متينة تمتد إلي ربع قرن لكي يعاضدوه في الدفع عن محمد شكري وفي الذود عنه ميتا لأن هؤلاء يعلمون جيدا مدى التقدير الذي كنت ولازلت أكنه له...
أعود إلي النص الذي كتبته عن محمد شكري عقب مرور أربعين يوما على وفاته والذي كان بعنوان:" طرائف محمد شكري". والحقيقة أن هدفي من خلال هذا النص الذي لم يفهمه السيد فيصل عبد الحسن أو هو تعامي عن مضمونه الحقيقي قصد الإساءة إلي لسبب لا أدريه خصوصا واني لا أعرفه ولم التق به ولو مرة واحدة في حياتي كان كشف بعض الجوانب المتعلقة ب"الدعاية السوداء" عند صاحب"الخبز الحافي" والتي كان فنانا قديرا فيها. وفي نصي لم اذكر أبدا أن شكري كان"بخيلا" وكان "يكره الفقراء" أو"يتنكر" لأصدقائه القدامى في أيام البؤس والتشرد وإنما رويت إن بعض من الذين كانوا يعرفونه من بعيد كانوا يتصورون انه أصبح غنيا وبالتالي كانوا يسمحون لأنفسهم بطرق بابه في استراحة القيلولة ليطلبوا منه مساعدتهم على الزواج للمرة الثانية. فأين البخل وأين اللؤم لما يغلق شكري بابه في وجوههم هو الذي كان يعيش في شقة في السطح ولم يكن يملك من المال إلا ما يستر الحال؟ ثم لماذا توقف السيد فيصل عبد الحسن عند هذه الحادثة ولم ينتبه إلى أنني في العديد من النصوص نوّهت بالعطف الكبير الذي يكنه لخادمته فتحية وبالمساعدات التي كان يقدمها لها في أوقات الشدة لما كان زوجها في السجن؟
إن المتشنجين من أمثال السيد فيصل عبد الحسن لا يفقهون فن الدعابة السوداء التي خصص لها عرّاب السوريالية اندريه بروتون كتاب رائعا, وبالتالي ليس باستطاعتهم إن يفهموا محمد شكري إلا سطحيا ذلك إن هذا الرجل الذي خبر الحياة وتقلباتها ومصائبها ومرارتها كان قادرا رغم ذلك على الاحتفاظ بالضحكة الصافية المدوية ساخرا من كل شيء حتى من نفسه. وهذا هو جوهر فنه الذي لم يفهمه ولن يفهمه السيد فيصل عبد الحسن الذي يبدو انه لم يتذوق حلاوة الضحك ولو مرة واحدة في حياته. فهنيئا له بهذا التشنج الذي لا دواء له!
- آخر تحديث :
التعليقات