باريس: علمت "إيلاف" من قريب لعائلة ساغان، بأن الروائية الفرنسية فرانسواز ساغان توفيتيوم أمسالجمعة في مستشفى هونفلور في غرب فرنسا اثرجلطة (تكتلات دموية) في الرئة. وفرانسواز ساغان المولودة عام 1935 في كجارك (جنوب فرنسا)، تعتبر واحدة من أهمروائيي مابعد الحرب العالمية الثانية.. فسلاسةلغتها وميوعة الأحاسيس فيكتاباتهاعبّر عن أسلوب جديد يتساوق والحسّيّة الجمالية لأناس عاديينيعانون العزلة فيعالمتتلاطمه الآمال الضائعة والأحلام بمستقبل إنساني كبير، أناس خصوصا أولئك الذين في سن المراهقة والمتسكعين في منطقة سان جيرمان والحي اللاتيني حيثهواجس الكائن البوهيمية كانت ايضا لهاسردها الروائي العامفي عزتيار النتاج الروائي والفلسفي للحركة الوجودية التي كانت منهدة في شوارع الحي اللاتيني يحس الفرد من خلالها مقذوفا في العالم لا وجود له سوى اختياره ولا حرية بلا لامبالاته. ففلسفة سارتر بقدر ماكان لها صدى حتى في الغناء عبر جولييت غريكو، كان ايضا لها هذا التشويق الروائي الطالع من مشاعر المراهقة البريئة في قلم فرانسواز ساغان.

فعملها الأدبي الأول، "مرحبا أيها الحزن" (1954)، هو الروايةالتي اشتهرت من خلالها وتم ترجمتها الى معظم اللغات وأخرجها سينمائيا أوتو بريمنغر بطولة جينسيبرغ ودافيد نيفن،وقد اصبحت الرواية الأكثر مبيعا في تلك السنوات الوجودية المتوهجة، يمثل انعطافا في الأسلوب الرومانسي والحزن الوجودي المكثف أسلوبا وحدثا... والجميل انها كتبت هذه الرواية (العنوان مأخوذ من إحدى قصائد بول إيلوار)بعد فشلها في امتحان الكلية وبسبب سنها المراهق رفضت العائلة ان تضع اسمها الحقيقي "فرانسواز كواريز" فاختارت اسم أميرةفيرائعة مارسيلبروست "الزمن المُسترَد".. فارسلت المخطوطةإلى ناشر لم يهمل المخطوطة وانما طبعها كتاباأصبح أشهر من علم، بحيثنال مباشرة جائزة النقاد للغتها المباشرة والوقحة.. وحياها كتاب كبار آنذاك كفرانسوا مورياك التي وصفها بـ"وحش صغير ظريف" وقد اندهش آلاف القراء للغة الجريئة خصوصا من شابة عمرها 19 عاما. ثم تبعتها باعمال روائية كلها تميزت دوما بشخصتين او ثلاث داخل اطار العزلة حيث العربدة احتفال سري ومقدس وجاحد في وقت واحد وكأن العلاقات الثنائية هذه تنبع من الشعور باننا في نهاية الأمر نتشابه. لكن هذا لا يعني أن الديكور لا يتغير وموهبتها رتيبة، بل علىالعكس غالبا ما تقلب اللعبة خالقة جوا من الاثارة وشد القارئ على طريقة الروايات البوليسية. فمثلا في روايتها "حراسة القلب" تنتج عملا يسكنه الخمر والتدخين والسياقة بسرعة فائقة على طريقة جيمس دين، يروي قصة حب في الأوساط البروليتارية تنتهيبالدم.

صحيح أن أعمالها مكتوبة بطريقة كلاسيكية، إلا انها تكشف عن تواضع كاتبة تعرف حدودها... من هنا جاءت معظم اعمالها قصيرة ومكثفة وكأنها تحلم ذات يوم ان تكتب العمل الطويل والكبير. من أعمالها الأخرى: "أتحبون براهمز"، "السحاب الرائع"، "الفراش المخربط"،ولها أعمال مسرحية منها "قصر في السويد" و"الحصان المغمى عليه".

تتوارى فرانسواز ساغان خلف قناع المرأة الطائشة و"المتمردة"... إلا أن القارئ المتعمق يكتشف، خلف هذا القناع الروائي،كائنا انسانيا رقيقا يعيش صميمية أخرى وهموما لم تستطع التعبير عنها روائيا.لكن شخصيتها الداخلية هذه أخذت تتضح عندما نشرت، في ثمانينات القرن الماضي،أعمالا تتناول سيرتها الشخصيةوعلاقتها بالكتاب وخصوصا بجان بول سارتر في أيامه الأخيرةالتي كانت دائما برفقته، فكتبت صفحات إنسانية رائعة.

لقد ماتت فرانسواز ساغان؛الروائيةالتي ستبقى حيةبين سطوركل حياة طائشة بينشاب وشابة؛ وصفحات سرد المراهقة الوجودية حيث العين شاخصة في غيوم المصير البيضاء، مخترقة عزلة المكان وجمهرة الآخر الموقظة جسد الأنا إلى نافذة الحزن والبكاء.

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف