عن الجمعية الثقافية العراقية في مدينة مالمو السويدية صدر العدد 26 من مجلة " تموز" الفصلية التي تعنى بالأدب والفكر والفن، والتي يرأس تحريرها الكاتب د. إبراهيم إسماعيل، وقد جاء العدد حافلاً بالمواد الإبداعية المختلفة فضلا عن الكثير من الأخبار الثقافية المتنوعة. فقد كتبت هيأة التحرير افتتاحية شيقة بعنوان" ولنا كلمة " جاء فيها، رغم مرور أكثر من عام على سقوط أسوء وأقبح دكتاتور عرفه العصر الحديث، ورغم إفتضاح كل ما فعله ضد شعبنا ووطننا من جرائم، لم تكن اصغرها حجماً مآسي حروبه العبثية المدمرة، ولم يكن أقلها رعباً دفن الآلاف أحياءً بمجرد الشـــــــك في ولائهم، ولم يكن أبشعها تدميراً خنق الناس بالمبيدات في حلبجة وغيرهــا من المدن والقصبات! ورغم إفتضاح حجم جبنه وخيانته هو وحزبه الفاشي وأركان نظامه يوم إستسلم كالجرذ للمحتلين وسلمهم البلاد ليستبيحوها، ورغم إن العديد من كبار مبدعي العالم ومثقفيه وسياسيه وقوى السلام والحرية والديمقراطية، ممن لا يستطيع أي ديماغوجي مهما أؤتي من قدرة على التزييف على إتهامهم بالولاء لواشنطن، قد أدان جرائم النظام وفضح أيتامه وتضامن مع شعبنا في كفاحه العادل من أجل تصفية أثار الدكتاتورية الفاشية وإستعادة السيادة وإعادة إعمار البلاد، فإن صمت الأغلبية الساحقة من المثقفين والسياسين العرب عن هذه الجرائم أو قيام بعضهم بتبريرها ودعم أيتام الفاشية المنهارة، يبقى أمراً غريباً ومؤسفاً ومرآة تعكس عمق المأزق الذي أوقعته بالعقل العربي عمائم التخلف، مفسرة لنا كيف يرى البعض في القتل إنجازاً وفي الأبادة كفاحاً وفي الأرهاب تحريراً !! كيف يقدس شاعر ما العنف ضد البشر كوسيلة وحيدة للبحث عن الحرية! كيف يرى عالم الدين في الخراب الشامل طريقاً لحماية قيم السماء".
تلاها ملف العدد الذي خصص لملتقى الديمقراطية الذي أقامته الجمعية الثقافية العراقية في مالمو وبالتعاون مع منظمة (أ. ب. ف) السويدية ومركز أولف بالمه الدولي في أواخر شهرنيسان الماضي في مدينة مالمو وضم مجموعة من الدراسات المهمة لمجموعة من الباحثين العراقيين، فقد كتب الباحث مازن زغيّر موضوعا بعنوان العراق اليوم تضمن تحليلأ للأوضاع في العراق سواءً قبل إنهيار الدكتاتورية أو خلال السنة التي أعقبت سقوطها. أعقبه السيد ممثل حكومة أقليم كردستان في السويد الذي تحدث عن مطمح الشعب الكردي في إقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد، وأمتدح قانون إدارة الدولة العراقية الذي صدر عن مجلس الحكم يوم 8 أذار الماضي، وأعتبره اول خطوة جدية لضمان الحقوق العادلة للشعب الكردي.
وحول المفهوم الإسلامي للديمقراطية كتب السيد إبراهيم العبادي موضوعا بين فيه بإن الإسلام لا يتناقض مع الديمقراطية و الموقف النظري للاسلام ليس سلبياً من الديمقراطية طالما إنه يبحث عن العدالة والمشاركة السياسية ويستوعب التمايزات المذهبية والعرقية والسياسية ويتيح حرية الرأي والمعتقد والتعايش مع الأخر .
فيما كتبت الأنسة سرى طاهر عن الديمقراطية وحقوق المرأة في العراق فأشارت الى أنه لايمكن بناء مجتمع ديمقراطي بدون ضمان حقوق المرأة إذ لا يمكن أن يكون أي مجتمع حراً ونصفه من المضطهدين، وليس هناك مجتمع ديمقراطي لايتساوى فيه جميع المواطنين من النساء والرجال وأخيراً فأن ضمان المرأة لحقوقها الخطوة الأرأس لبناء مجتمع بلا عنف. وتحدثت عن ما حقتته المرأة العراقية من نجاحات مهمة تعرضت لمحاولات الألغاء والتحجيم على يد نظام المقبور صدام. وحددت المداخلة ثلاث مشاكل يمكن أن تؤثر سلبياً على الحركة النسوية العراقية اليوم وهي سيطرة قوى متطرفة تخطيء في تفسير التعاليم الأسلامية السمحاء ومنح المرأة حقوقاً شكلية وأخيراً نكوص المرأة وسلبيتها في الدفاع عن قضاياها بسبب الخوف والفوضى والتطرف.
وحول الديمقراطية والحماية الدستورية للأطفال والشباب، كتبت الأنسة أذار علك مداخلة حددت فيها الأشكال القانونية والدستورية التي يمكن بها ضمان حماية جادة للأطفال والشباب الذين عانوا طويلاً من غياب الديمقراطية والأستقرار السياسي.
وعن العلاقة الجدلية بين بعدي الديمقراطية : السياسي والاجتماعي، كتب الباحث فاخر جاسم دراسة أشار فيها الى أن الديمقراطية ، ظاهرة تاريخية لا ترتبط باديولوجية محددة. وبالتالي لا ترتبط بنشوء النظام الرأسمالي، حيث تؤكد تجربة التطور الاجتماعي على أن تطور الرأسمالية ساعد على تبلور المفهوم الليبرالي للديمقراطية. وأن هناك مشروعات متعددة للديمقراطية: الليبرالي والماركسي والإسلامي والقومي. وأشار الى وجود ثلاثة مرتكزات أساسية، تكمل بعضها البعض، لاقامة الديمقراطية بمفهومها الواقعي وهي: أولاً، المرتكز الاقتصادي ثانياً، المرتكز السياسي ثالثاً، المرتكز الاجتماعي .
وحول الديمقراطية وواقع الحياة الحزبية والحركات الشعبية في العراق، قدم د. إبراهيم إسماعيل دراسة أكدت على أن التعددية الحزبية ونشاط الحركات الشعبية هي من المرتكزات الأساسية لبناء نظام ديمقراطي، يتطلب بناءه تطوراُ عمودياً للوعي السياسي، يرتكز لتطور حقيقي في الوعي الاجتماعي عبر:
• ربط احترام المجتمع لنفسه بتقديس حق الإنسان في الحياة والكرامة
• واندماج ولاءات الأفراد المختلفة بولاء واحد للمجتمع.
وقد أستعرضت الدراسة أسباب تخلف الحياة الحزبية والمتمثلة بسيادة الأستبداد والقيم الاجتماعية المتخلفة والأثار السلبية للعمل السري وللسلبية العامة تجاه العمل السياسي في البلاد/ مؤكدة على ضرورة تصدي جميع العقلاء لمهمة أصلاح الحياة الحزبية والحركات الشعبية التي بدونها يصبح الحديث عن الديمقراطية عبثاً. فيما قدم الشاعر عدنان الصائغ دراسة عن الديمقراطية والثقافة، أشارت الى إن الأمية الثقافية هي التي فرضت هيمنة الأمية السياسية، وساد الفقر والمرض والجهل والحروب وتدهور الحال إلى حد لا يمكن تصوره، واضطربت الساحة وفوقها أضطربت الجماهير، وتخبطت، وتخبط الحوار حد أنك لم تعد تسمع منه سوى قرع طبول، ولا ترى من المتحاورين سوى بالونات الشعارات الملونة. وأكد على أن جوهر فضاء الحرية يتجلى في مكنون الإنفتاح المطلق الواعي سعياً للاستنتاج الحر، مقدماً عدداً من الأفكار والمقترحات الخاصة بمعالجة الوضع الثقافي.
ثم قدم الباحث د. حسن السوداني دراسة عن الديموقراطية ومستقبل التعليم في العراق تناولت وصفا تحليليا لعلاقة ثالوث العملية التعليمية (الطالب والأستاذ والمنهج التعليمي) بالديموقراطية وكيفية التأسيس لمفاهيم جديدة في قاموس الطالب العراقي من خلال تناول بعض التجارب العالمية في هذا الباب وخاصة تلك التي تناولت البعد العالمي في المناهج التعليمية.
وأختتم الملف الفيزياوي المعروف د. إبراهيم الخميسي بمادة عن الديمقراطية وتطوير البحث العلمي، أشار فيها الى أهمية البحث العلمي في إيجاد الحلول والمشاكل التي يعاني منها البلد والمجتمع واساس التطور في مختلف مجالات الأبداع الإنساني. وبأن ذلك لا يتحقق أو يتواصل ويزدهر الا بتوفير أجواء ديمقراطية في مؤسسات البحث العلمي وعدم فرض الوصاية والضغط على الباحثين إذ يؤدي تسييرهم في إتجاه معين عنوة الى خسائر كبيرة للمجتمع.

وفي باب قصائد قدم العدد مجموعة من النصوص الشعرية للشعراء العرب والعراقيين، إذ نقرأ قصيدتين للشاعر صلاح نيازي هما " واجهات اسبانيا" و" الفايكنغ" ،كما تضمن الباب قصائد لجمال الهاشمي" المدار الثالث" ولفتة مطير الباني" ويبقى العراق" ومهدي الحسناوي"قصب، قصب، قصب، وعدنان ثاني الفضلي" عمان مدينة العباءات" وحسن رحيم الخرساني" مارثون الصلع إلى عود الثقاب والسواد فقط" وموفق الشديدي" إلى ليلى العامرية" كما قدم العدد في باب القصة والرواية،الفصل الثامن من رواية "حبل السرة" للقاصة والروائية العراقية سميرة المانع وجاء بعنوان الخليج كما تضمن الباب قصة طويلة للروائي المصري محمد هاشم عبد السلام بعنوان "حكمت الجبل" تلتها قصة حملت عنوان "القصبة" للقاص إبراهيم الحجري ثم استذكار جميل عن الفنان العراقي الكبير اسماعيل فتاح الترك الذي غيبه الموت قبل ايام من صدور العدد وقد زينت الغلاف الأول لوحته الشهيرة" المخلص" فيما جاء الغلاف الأخير لوحة للفنان العراقي كفاح محمود وكانت اللوحات والخطوط الداخلية للفنانة ملاك مظلوم.
وتدعو " تموز " الأدباء والفنانين العراقيين والعرب لرفدها بشهادات عن تجاربهم الإبداعية شرط ألا تكون هذه الشهادات منشورة في منابر أخرى لأن المجلة تعتذر عن نشر أية مادة منشورة مهما كانت الأسباب. كما تفتح المجلة أبوابها لكل المترجمين العراقيين والعرب المقيمين في السويد وأوربا وتدعوهم إلى تزويدها بنصوصهم المترجمة " قصصاً وقصائد ودراسات نقدية وفكرية وحوارات". ولاقتناء المجلة أو الاشتراك أو المراسلة فيها يمكن الاتصال على:


Tel. Fax . 46.40.969348 ++
E-mail/ [email protected]