يتعجبُ أغلب المهاجرين في السويد، عندما يستلمون من البريد - وهم مازالوا على قيد الحياة- كراسا أنيقا للدعاية صادرا عن مكتب دفن الموتى، يشرح طريقة الدفن وتكاليفه واسلوبه وأجورالسيارة التي تنقل الميت الى مثواه الاخير وأكاليل الزهور التي توضع على نعشه... الخ.
ومن المفارقات ان الانسان الشرقي يتعوذ بالله من هذا البريد المشؤوم الذي يذكره بالموت ، فهو لايريد تذكره ، لانه يعتقد - وتلك من المعتقدات الوثنية القديمة- ان ذكر المرض أو الموت ، قد يتسبب في الاصابة به ، لذلك يفضل الانسان الشرقي عدم ذكر هذه الاشياء رغم انها في الوقت الحاضر واقع لامراء فيه ، بينما يعتقد السويدي ان من الافضل التحضير لمثل هذه الاشياء مبكرا، وقبل أن يُصيب العقلُ الخرفَ والجسمُ الوهنَ، لذلك تراه يضع وصيته في وقت مبكر لدى محام ، كي تُقرأ وتنفذ بعد رحيله، ومن حق ورثته ، ان كان معتوها أو مريضا حين كتابته وصيته ، أن يطعنوا فيها كي لاتنفذ مثلما أراد، وانما حسب قانون المواريث والوراثة، وذلك ماحصل لوصية الفريد نوبل ، صاحب الجائزة المعروفة، اذ يدعي ورثته و أحفاده انه كتب وصيته الاخيرة وهو مريض ، غير مؤهل لاتخاذ قرار خطير كمثل القرار الخاص بثروته التي اوصى بها جوائز للعلوم والاداب والسياسة ، ولذلك يطعنون بالجائزة ويطلبون إعادة الاموال اليهم بدلا من التصرف بها في جوائز تصرف لهذا وذاك من الادباء والعلماء والساسة.
ومن الامور التي تقترح الدوائر السويدية الاهتمام بها وينصحون الرجال بالقيام بها، هو بيان تفاصيل الامور المالية للزوجة واطلاعها على القوائم والديون والمعاملات المصرفية وعدم تركها للصدف ، فاذ حلت الوفاة بالرجل تستطيع زوجته معرفة ما عليها عمله من بعده ، وقد تفقد الكثير من حقوقها ان كانت تجهل معاملات زوجها المالية، وهو عادة مايحصل في بلداننا ، فالرجل لايترك أية معلومة لمن بعده من أهله أو ورثته كي يتصرفوا بشكل سليم ، فهم لايعرفون ديونه أو قروضه أو أمواله وفي أي بنك يحتفظ بها إن كانت له أموال، ولذلك تضيع الكثير منها وتبقى في البنوك كحسابات ميتة.
أما تقسيم المواريث فهو من أعقد المشاكل في مجتعاتنا الاسلامية، فالنزاع بين الشريعة والحقوق المدنية كبير، وأصعب مشكلة هي في تفسير إرث الرجل بضعف إرث المرأة ، وذلك ما يختلف فيه العديد من الاسر التي ليس لاولادها ميزة تفضيل على بناتها بل يمكن القول بالعكس ، فالبنات اكثر مسؤولية وحكمة وتصرف في الاموال من الابناء الذكور الذين لايعرفون غير تبذير الاموال على ملذاتهم ، بينما يعطيهم الشرع ضعف حصة اخواتهم،
والامر بحاجة الى تفسير صحيح للاية الكريمة، والاخذ بنظر الاعتبار التطور الحاصل في العالم ، ومساواة الرجل بالمرأة من ناحية الحقوق والواجبات.

[email protected]