الآن يضطَجِعُ الوقتُ على ركبتيكِ العظيمتين

الآن تنقسمُ الهوادجُ
معسكرين للرمل الذي يسيلُ من أصابع قدميكِ
الآن تنفَصِمُ الكواكبُ مريضةً مِن حبّكِ...

الذين عادوا سريركِ
سريرَ مرضكِ
نَبَذوا عافيتهم و راحوا يحلمون بالمرض قربكِ!
ما أجملَ شحوبَكِ مثلَ أكثر الكنائس بهجةً
يا لانطفاء الشموع في وجنتيكِ!

في النهار.. يفتحُ الأولاد دفاترَ المدرسة
ويدرسون التلفزيون
ولا ينتظرون الغداء كثيراً
وينسون أماً في المطبخ تَقْلي شحوبها!
في الليل.. تحتشدُ المراقِص
رغم سريركِ الأبيض
سريرك الممتد بينَ النهار والليل..

ميلانخوليا.. ميلانخوليا
الجسدُ يفيضُ و يغيض و الروح تبلى…

ميلانخوليا.. ميلانخوليا
امنحيني معطفكِ الذي من حَناجِر مغنيات الجاز
والذي من تراب
غيومٌ رماديةٌ استوطنتْ سَقْفَ غرفتي
وها هي تزخُّ !
يختلطُ الحِبرُ بالماء...
ضاعت السنين التي ضيَّعْتُها في حبّكِ!
ضاع كرهُكِ!

ميلانخوليا ميلانخوليا ها هي تزخُّ..يختلط الماء بالحبر
ضاعت الغيوم التي ضيَّعَتْها السماءُ في غرفتي!
ميلانخوليا
ميلانخوليا..اقتحمي البيت..
_ لستِ أول مَنْ اقتَحَم بيتي_ و اطردي هذي الغيوم !
تَسللَ الماءُ إلى وسادتي…
انظري كيفَ أفسَد الماءُ أحلام ذاكرتي!

لَمْ أعُد أحلمُ, ذاكرتي التي تحلم
لم أعد أشتهي, ذاكرتي التي تشتهي
و ذاكرتي تستغيث الآن باسمكِ
"ميلانخوليا" اقتحمي البيت واطردي ذاكرتي!

لم أعُدْ أرى قمحكِ... هل صرتِ بخيلةً؟! أأقْفَرتِ؟!
من سَيُطعمني إذن..
ومن سيؤويني غداً حين أمشي رافعاً على يدي بيوتاً ضريرة
دونَ سريرٍ يَدُلّني! ومن سيَُضلّني
إذا خُنتُ غوايةً كنتُ أسبغتُها على قدميكِ؟!

ميلانخوليا انزعي قدميك من صدري
كما تُنتَزَعُ من أرضها نصالُ المحاريث!

ميلانخوليا ميلانخوليا
لستُ واحداً من عبيدِكِ في رحلة الصيد
أبي لم يكن خادماً لأبيك.. وأمي لم تكن صانعةً لأمّكِ
_ولم تنتف الشَّعر بالليمون عن ساقيها!
ميلانخوليا احترمي يأسَنا.. و احذري دموعَ الأسد الحجري
في حديقة قصرك ميلانخوليا !..
و انظري في عينيّ حين أجدّفُ على السماء بسببك!
. . .
. . .
الماءُ يرتفع مع اسطوانات الغناء القديم
_بينما ترقد كتبُ الشعر في القاع كحطام سفن الرحلة الأخيرة_
يا لحطامِ القصائدِ
يا لهذه السفن التي خذلتني عند أول هَبّة مَصير!

ميلانخوليا استغيثي بالله.. أو استغيثي بالمُخدّر!
هاتي زجاجات كثيرة
من النار!
. . .
. . .
ميلانخوليا يكتملُ القمرُ في بُرجِكِ
و تتقافَزُ سناجِب سودٌ وبيضٌ في قلبك
فتشعرين بخواءٍ عظيم
يهبطُ كأنّه الليلُ على معدتك!

طالما أخبرتِني أنّ الحب وجعٌ في المعدة
طالما أخبرتني أنّ اشتهاء القرينة نوع من الصداع !

م
ي
ل
أ
ن
خ
و
ل
ي
أ

أما زلتِ تُحبّينَ وتشتهين ؟!!

القدس