بعد سنوات من امساكهم بمقاليد السلطة في بغداد
تراجع شعبية رجال الدين في العراق

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تشهد العاصمة العراقية بغداد وبقية المحافظات الوسطى والجنوبية والغربية تراجعا واضحا لشعبية رجال الدين السنة والشيعة حيث يحملهم المواطنون العراقيون سبب تدهور الاوضاع السياسية والامنية في العراق بسبب تبنيهم لمشاريع طائفية ودينية. وقد تحدث عدد من الموطنين العراقيين لايلاف عبر الهاتف عن انحسار ظهور رجال الدين العراقيين بعد ان كانوا قبل سنوات محل تبجيل الناس. ويعزو المواطنون الذين تحدثوا لايلاف هذا التراجع إلى امساك الاحزاب الدينية العراقية بزمام السلطة بعد أن اقترنت فترة حكمهم بتردى الواقع الخدمي والانساني والاجتماعي واظهروا عدم دراية بكيفية الحياة السياسية وتأسيس دولة بمواصفات حديثة كما كان يشاع. واضاف المواطنون أن أكثر المناطق تراجعا في الخدمات هي التي تكثر فيها المساجد ومكاتب الاحزاب الدينية التي اتهموها بتكوين امبراطوريات مالية من الميزانية العراقية.

المهندس المدني محمد حجاب من محافظة القادسية جنوب غرب بغداد تحدث لايلاف عن سيطرة رجال الدين عن معظم المقاولات التي تعرض حيث تفوز الشركة المرتبطة برجل الدين المنتمي لاحد الاحزاب المهيمنة على السلطة ببغداد في معظم الاحوال وشكا حجاب من سوء تنفيذ المشاريع التي تشرف عليها تلك الشركات حيث يجري استخدام أرخص المواد الاولية وبعد أشهر ينهار المشروع الخدمي الذي تكون شركة رجل الدين عهدت به لمقاول اخر بالباطن وهذا المقاول يعهده لمقاول اخر وهكذا حتى يصل لعمال بلا خبرة.

وناشد المهندس حجاب الهيئات الرقابية لزيارة محافظة القادسية والاطلاع على المشاريع الخدمية المنهارة والتي استهلكت ملايين الدولارات. على حد قوله.

من جانبه قال حسن بلاسم من ميدن بغداد إنه سمع مرات عدة وزير المالية الحالي بيان جبر الزبيدي المنتمي للمجلس الاسلامي الاعلى حين كان عام 2004 وزيرا للأسكان يقول إن معسكر الرشيد في العاصمة بغداد سيضم أكبر تجمع سكني. ويضيف بلاسم لقد مرت أربع سنوات وتنقل الوزير الاسلامي جبر الزبيدي من وزارة الاسكان الى الداخلية الى المالية الان ولم يتم دق حجر واحد في ارض معسكر الرشيد الذي مازال بعض المسوؤلين يرددون نفس الكلام الذي سمعناه من الزبيدي.

ويرى بلاسم أن ماحصل هو ببساطة تراجع في الخدمات وقد بات عدد كبير من الموطنين يترحكم على ايام صدام حسين من حيث الخدمات والتنفيذ والرقابة.

محقق في هيئة النزاهة رفض الكشف عن اسمه قال لإيلاف أن ملفات عدة تنتظر التحقيق فيها خاصة باهدار المال العام لكن يجري تأخيرها لضغوط سياسية. واشار محقق النزاهة أن بين الاسماء المتهمة باهدار المال العام والفساد الادراي والمالي شخصيات دينية.

وأكد سائق التاكسي في بغداد جمال أبو الوليد أن مايجري الان نقل اموال من الخزينة للخارج وبناء فلل في مصر والامارات العربية المتحدة ولبنان لرجال دين هم أعضاء في مجلس النواب العراقي، واضاف أبو الوليد أن شارع الشيخ زايد يضم الان عشرات الفلل الفارهة لاعضاء في البرلمان العراقي ورجال دين مقيمين في الداخل والخارج، حتى معارضي السلطة الحالية من رجال دين لديهم هناك فلل. حسب قوله.

وكانت تقارير صحافية تحدث عن فرار شقيق محافظ البصرة المنتمي لحزب الفضيلة الاسلامي الى دولة اخرى وبحوزته نحو 600 مليون دولار عبر دولة الكويت بالتعاون مع ضابط أمن كويتي. وقد رد الوائلي على تلك الاتهامات بانها تصفية حسابات سياسية بينه وبين الائتلاف العراقي الموحد الذي كان حزب الفضيلة احد مكوناته وغادره قبل أكثر من عام.

ويرى عامر الاوسي أن فشل العملية السياسية في العراق سببها سيطرة الاحزاب الدينية العراقية من سنة وشيعة مثل حزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي (الاخوان المسلمون) الذين ابعدوا كل الشخصيات والاحزاب العلمانية عن الساحة العراقية وتفردوا بالحكم وفق اهوائهم ومعتقداتهمن مضيفا ان رجل الدين مكانه الجامع او الكنيسة ولادخل له في السياسة. وأكد الاوسي أن معظم العراقيين اليوم مجمعون على مقاطعة الانتخابات اذا بقيت نفس الاحزاب الدينية هي المسيطرة والمرشحة.

ويختلف الامر في إقليم كردستان العراق الذي يضم محافظات اربيل والسليمانية ودهوك حيث يسيطر الحزبان الكرديان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود البرازني حيث يبدو الاتحاد الاسلامي الكردستاني في وضع بعيد عن الانتقاد الذي يطال اليوم الحكومة المحلية الكردية التي يراسها ابن أخ البرزاني نيجرفان بسبب الفساد المالي والاداري وفق مانشرته مجلة وورلد بوليتكس ريفيو الاميركية، حيث يصف (سام بارنين) الزميل في برنامج الأمن العالمي بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن، الزعيم الكردي مسعود البرزاني بأنه ياسر عرفات كردستان العراقية منح حيث سطوته وسطوة حزبه وعشيرته، اذ يؤكد أن أحزاب المعارضة ذات الجذور الإسلامية في اقليم كردستان والتي تمثل حالة محصنة ضد الفساد بدأ نشاطها يتصاعد في المشهد السياسي الكردي، وما يجعلها بعيدة عن السلطة عدم وجود أية جدولة لانتخابات ديمقراطية في المنطقة ومن المحتمل حتى إذا أجريت الانتخابات في الاقليم فإن النتائج ستُفرض مسبقاً، كما يفترض سام بارنين.

لكن النظرة المتشائمة من الاحزاب الاسلامية تسود جميع مدن العراق اليوم، ويعرف عن اقليم كردستان بأنه غير مشجع للاحزاب الاسلامية حيث تسود السيطرة القبيلة.

يذكر أن البرلمان العراقي حدد الحادي والثلاثين من شهر كانون الثاني من عام 2009 كموعد لانتخابات مجالس المحافظات العراقية ماعدا كركوك ومحافظات اقليم كردستان العراق. وستحدد نتائج هذه الانتخابات الجهة او التحالف الذي سيفوز بالانتخابات العامة بعد نحو عام من انتخابات المحافظات.