ترجمها عن الفرنسية عبدالقادر الجنابي

حلمتُ، كنّا عشرين مجتمعين في غرفة كبيرة ذات نوافذ مفتوحة.
كان بيننا نساء، أطفال، شيوخ... كنّا نتحدّثُ في مواضيع عاديّة. لغط كلامي غير مُميّز.
فإذا حشرةٌ جد ضخمة حجمَ خنصرين، داخلةً الغرفة طائرةً يرافقها ضجيج جاف. وبعد أن دارت في الغرفة، حطّت على الحائط.
كانت تشبه ذبابة أو زنبوراً. الجسمُ أسمرُ ووسخ، الأجنحة منبسطة وصلبة من اللون نفسه؛ قوائم كثّة الشَعر ومنفرجة، رأس ضخم مقرّن كرؤوس اليعاسب؛ وهذا الرأس، وكذلك القوائم، كان أحمر حُمرة حادة، بل يمكننا القول دموية.
لم تكف الحشرة الغريبة عن رفع رأسها علواً وسفلاً، عن إدارته يميناً ويساراً، وعن تحريك قوائمها... وفجأة تنفك عن الحائط، تتطاير في الغرفة باعثةً ضجيجاً أشبه بضجيج خشخاشة. بعد ذلك حطت ثانيةَ هذه البهيمة المُقلقة والبغيضة، وهي تتحرّك من جديد من دون أن تترك المكان أبداً.
أثارت في كلّ واحدٍ منّا القرفَ، الخوفَ بل حتّى الرعبَ... ما من أحد سبق له أن رأى شيئاً كهذا. صاح الجميع: quot;اطردوا الوحش هذا!quot;، حَرَّكَ الجميع مناديلهم من بعيد. إذ لا أحد كانت له جرأة الاقتراب منها؛ وعندما طارت الحشرة تجاه السقف، تفرّق غريزياً الجميع.
إلاّ واحد من رفقتنا، شابٌ شاحبٌ، لا يزال غضّاً، راقبناه بتعجّب. هزّ كتفيه، وابتسم، لم يستطع إدراك ما حدث لنا، أو السبب الذي جعلنا مضطربين هذا الاضطراب. فهو لم ير حشرة، ولا سمع طقطقة غِمد أجنحتها.
وفجأة، أرتفعَت الحشرة، ويبدو أنّها ثبتت عينيها عليه، وبَرَمت ثم خفّت إلى رأسه فلسعته من جبهته... أطلق الشاب صرخةً واهية، ثم خرّ ميتاً.
وعلى الفور هربت الحشرة المرعبة. عند ذاك إذنْ، عرفنا من كان الزائر.