إيهاب الشاوش من تونس:
أضحى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية قضية الحكومة التونسية، الأولى بكل ما تحمله الكلمة من معان و دلالات. و وجعا لرأس، ميزانياتها التي أصبحت تحت رحمة تقلبات الذهب الأسود، ارتفاعا و هبوطا، بالنظر إلى ما يفرضه الارتفاع، من عبء إضافي في صندوق دعم الدولة للمحروقات. فلا تخلو مداخلة لأحد المسؤولين التونسيين، او خطبة من خطب أئمة صلاة الجمعة، من التذكير بضرورة الاقتصاد في الطاقة، ، فيما انتشرت في الشوارع، ملصقات إعلانية تشير إلى ارتفاع أسعار المحروقات و تدعو التونسيين، إلى التحكم في استعمال الطاقة.

و في آخر الإجراءات، لمحاولة التحكم في ارتفاع أسعار المحروقات، فقد عمدت الحكومة الأحد رفع سعر البنزين بنسبة 4.16 بالمائة للمرة الثالثة في اقل من عام. يأتي ذلك في وقت تخطت فيه أسعار برميل النفط، في الأسواق العالمية حاجز 102 دولار. وتعود آخر زيادة في أسعار البنزين في تونس إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. و تبرر الحكومة التونسية هذه الزيادات، بأن كل ارتفاع قدره دولار واحد في سعر البرميل يؤدي إلى عبء إضافي في ميزانية الدولة يبلغ 2 مليون دولار.

و كشفت وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، في بيان لها، أن التقديرات المعتمدة في ميزانية الدولة لسنة 2008 ضبطت على أساس 75 دولار للبرميل الواحد، مشيرة الى ان الانعكاس الإضافي لارتفاع الأسعار يقدر وفق المعطيات الأخيرة ب 500 مليون دينار بالنسبة للسنة الحالية. لكن الحكومة تشدد في الوقت ذاته، على محدودية التعديل الذي quot; يراعي الحرص على الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسةquot;على حد قولها.

و دعت الوزارة، إلى استيعاب تعديل أسعار المحروقات، بالإقبال على استعمال الأجهزة المقتصدة للطاقة واعتماد السلوكيات الملائمة على غرار الحد من سرعة السيارات والعمل بالإرشادات والنصائح المتعلقة بتفادي التبذير في استهلاك الطاقة. وفي سياق خطة الاقتصاد في الطاقة، دعت الشركة التونسية للكهرباء و الغاز الأسبوع الماضي، التونسيين إلى إطفاء فانوس كهربائي أو أكثر عند الساعة السابعة مساء، و قالت أنها تعد مفاجآت سارة للعموم في ما يخص الطاقة التي يمكن اقتصادها تبعا لهذه العملية.


ندوة حول التحكم في الطاقة:
و كشفت ندوة نظمت في تونس حول التحكم في الطاقة، أن قطاع النقل يشكل اكبر مستهلك للطاقة، و أوصى المشاركون في ختام أعمالها، بتحسين النجاعة الطاقية لدى وسائل النقل وحث الشركات الكبرى للنقل على القيام بالتدقيق الطاقي والاستثمار في برامج الاقتصاد في الطاقة إلى جانب تطوير البحث العلمي في مجال الطاقات المتجددة وإحداث لجنة وطنية مكلفة بانجاز برامج البحث ذات الأولوية في مجال التحكم في الطاقة بالاعتماد على الدراسات الإستراتيجية المنجزة أو التي هي بصدد الانجاز.

ودعا المشاركون إلى تفعيل برامج الاقتصاد في الطاقة بالمؤسسات الفندقية وحثها على الانخراط في هذا النمشي، ومضاعفة التشجيعات المسندة لها بعنوان الاقتصاد الطاقي. وكشف محمد الغنوشي الوزير الأول التونسي، أن مجلسا وزاريا انعقد يوم 15 جانفي 2008، اقر برنامجا رباعيا للتحكم في الطاقة (2008-2011) يتضمن العديد من الإجراءات الرامية خاصة إلى التخفيض في الطلب على الطاقة ب20 بالمائة، في أفق سنة 2011 اى مليوني طن مكافىء نفط.

تكثيف الاستثمارات في مجال التنقيب والبحث عن الغاز والبترول:
و إلى جانب الحث على الاقتصاد في الطاقة و التشجيع على الطاقات البديلة، و تكثيف حملات التوعية في هذا المجال، فإن الحكومة التونسية و ضعت في سنة 2001، خطة ترتكز على تكثيف الاستثمارات في مجال التنقيب والبحث عن الغاز والبترول. في حين وقع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في فيفري الماضي، على القانون المتعلق بتنقيح مجلة المحروقات، و هو تعديل يهدف إلى تكثيف أنشطة الاستكشاف و التنقيب على المحروقات و توسيع نقل الغاز.

و تفيد الإحصائيات الرسمية أن عدد الشركات التي تقوم باستكشاف النفط وإنتاجه في تونس، تفوق 50 شركة أجنبية ومحلية، قدر حجم استثماراتها بأكثر من200مليون دولار. وقد تحصلت تلك الشركات على 41 ترخيصا للتنقيب عن النفط . غير أن دراسة حديثة، أظهرت أن إنتاج البترول في تونس ما انفكّ يتراجع بشكل ملحوظ،ما جعل العجز الهيكلي لميزان الطاقة التونسي يتفاقم منذ العام 2000.وبحسب هذه الدراسة التي نشرت صحيفة الصباح التونسية مقتطفات منها،فإن إنتاج النفط في تونس مر من 120 ألف برميل يوميا بين عامي 1982 و1985،إلى 75 ألف برميل حاليا مسّجلا بذلك تراجعا بنسبة 37في المئة.

ولاحظت الدراسة أن حجم هذا الإنتاج المتأتي أغلبه (73في المئة) من ستة حقول نفطية هي (آدم وعشرت وعليسة والبرمة وميسكار وواد زار) ، لا يغطّي الطلب المحلي الذي يفوق 94 ألف برميل يوميا. وقدّرت حجم إنتاج النفط في تونس خلال العام الجاري بنحو 4.4 مليون طن مقابل 4.5 مليون طن العام الماضي،بينما قدّرت حجم الإنتاج السنوي التونسي من الغاز الطبيعي بحوالي 76 بليون متر مكعّب ،مقابل استهلاك سنوي يفوق 136 بليون متر مكعب.

واعتبرت أن هذه الأرقام تؤكد أن العجز الهيكلي لميزان الطاقة في تونس ما فتئ يتفاقم منذ العام 2000 ليتجاوز 600 ألف طن مكافئ نفط سنويا. وخلصت الدراسة إلى أنه إذا ما تواصل التباين بين حجم موارد الطاقية في تونس، واستهلاكها الذي ينمو بمعدل 4في المئة سنويا، فإن عجز ميزان الطاقة قد يصل إلى 3.5 مليون طن في غضون عام 2010.

وساعد انطلاق الإنتاج في حقل laquo;آدمraquo; النفطي في جوان الماضي على الحد من تراجع المنتوج المحلي من المحروقات، إذ قدر معدل الإنتاج في الحقل بعشرين ألف برميل في اليوم أي ما يعادل 8في المئةمن إجمالي الإنتاج المحلي، ويتوقع أن يصل الإنتاج الإجمالي للحقل إلى 820 ألف طن في نهاية العام.