إيلاف تتابع خلاف الإمارات والأمين العام
التجديد لعمرو موسى في مهب الريح
وفي أول تعقيب له على الانتقادات الحادة التي وجهت إليه في ختام أعمال مؤتمر قمة مجلس التعاون لدول الخليج، التي استضافتها أبو ظبي خلال اليومين الماضيين، قال عمرو موسى quot;إن الجامعة لم تنس دول الخليج وقضاياهاquot;، مشيرا في هذا الصدد إلى quot;أن كافة الاتصالات والمشاورات الجارية مع المسؤولين المعنيين في دول مجلس التعاون الخليجي أكدت ذلك، وآخرها الخطاب الذي أرسله موسى إلى أمين عام المجلس عبد الرحمن العطية، والذي أشار صراحة إلى ضرورة إقامة منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية بصفة خاصة، من منطقة الشرق الاوسط بأكملها، أي من ايران وإسرائيلquot;، على حد تعبيره .
وأسهم سؤال وجهه الصحافي محمد الحمادي من quot;الإتحادquot; الإماراتية الاثنين في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية الإماراتي راشد النعيمي عن الرسالة المُرسلة من الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى القمة، في إظهار الاستياء الحكومي الإماراتي من موسى إلى العلن على هذا التصرف الذي وصفته أوساط خليجية بـquot;الوقاحةquot;، بعدما طلب موسى في رسالته من القمة تجاوز الحديث عن الملف النووي الإيراني ،وهو ما يوحي بأن السؤال الصحافي كان مقصوداً لتحريك مياه الاستياء الإماراتية الراكدة.
بل يذهب البعض من المراقبين إلى أن السؤال quot;الأزمةquot;،على حد تعبيرهم، كان quot;وحياً يوحىquot; من مسئول كبير في الإمارات يحتلُّ منصباً وزارياً،وهو أمرٌ يؤكد بأن الجرح لم يندمل بعد بين أمين عام الجامعة العربية ودولة الإمارات، وتحديداً المنافحين عن تراث الشيخ زايد،الذين يقولون أنه أساء له شخصياً خلال القمة العربية التي تجاهل فيها مبادرته المتعلقة بالعراق،وهذا لم يمنع عمرو موسى من الذهاب إلى دبي للاشتراك في الندوات والمحاضرات التي تجري على ترابها الإقليمي .
ويقول مصدر في أبو ظبي،رفض ذكر اسمه ليتسنى له الحديث بحرية، أن البعض من الخليجيين يجاملون مصر التي يعلمون أن موسى يحرجها هي الأخرى،ما يجعل التجديد له في منصب الأمانة العامة للجامعة العربية أضحى مستحيلاً بسبب سوء علاقته مع الكويت والإمارات،أضيف إليهما لبنان والعراق،فضلاً عن أن الجزائر والمغرب غير متحمستين له،في حين أن الرياض والمنامة وعمان وعُمان تلتزم الصمت وترى أن مسألة الأمين العام مسألة مصرية بحتة وشأن يهم القاهرة.
العواصم العربية تشارك أبو ظبي نظرتها لكنها quot;غير شجاعةquot; كما قال صحافي إماراتي،فهي في السر غير راضية تمام الرضا عن أدائه وquot;لقافتهquot; كما يقول الخليجيون منذ توليه منصبه خلفاً للأمين السابق عصمت عبد المجيد،وصعد الموضوع على السطح مرة أخرى حينما ذهب الأمين العام إلى دمشق وبيروت دون استشارة الدول العربية،وكان الطبيعي كما يقولون أن تذهب الجزائر باعتبارها رئيس القمة لا موظف لدى الدول العربية.
الحمادي لـquot;إيلافquot;:لستُ مدفوعاً من الشيخ عبد الله بن زايد
إلى ذلك قال الصحافي محمد الحمادي من صحيفة quot;الإتحادquot; الإماراتية خلال حديثه مع quot;إيلافquot; من أن سؤاله لم يكن بدافع من الشيخ عبد الله بن زايد وزير الإعلام الإماراتي كما تكهنت بذلك مصادر إعلامية متفرقة، مشيراً إلى أنه لم يلتقٍ بالشيخ عبد الله منذ وقت طويل قبل القمة الخليجية التي احتضنتها أبو ظبي بدءاً من الأحد الماضي.
وقال الحمادي في سياق حديثه :quot;أبداً لا علاقة للشيخ عبد الله بالسؤال الذي سألته وزير الخارجية في المؤتمر الصحافي.السؤال غير مدفوع من أي جهة كانت..كنت ترددت في المؤتمر قبل طرحه ولكننا كنا بحاجة لكي نعلم أكثر عن خفايا الرسالة التي وجهها موسى للقمةquot;.
ويختم حديثه قائلاً:quot;أستغرب بأن يفترض أحدٌ من الإعلاميين مثل هذا الافتراض بأني سؤالي كان بدفع من جهات رسمية في الإماراتquot;.
موسى يرحب بالقمة ويحذر من تقسيم الشرق الأوسط
وفي موازاة ذلك فقد رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمر وموسى بما تضمنه بيان الدورة السادسة والعشرين للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية quot; قمة الملك فهدquot; من مطالبة إسرائيل الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، مشيرا إلى أن ذلك يتماشى مع قرارات القمة العربية والقرارات الدولية.
وقال عمرو موسى في تصريح له اليوم أنه يؤيد ما صدر في بيان quot;قمة الملك فهدquot; الخليجية التي اختتمت أعمالها أمس في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، داعيا إلى ضرورة التعامل مع الملف النووي الإسرائيلي بذات الجدية التي يتم التعامل بها مع الملف النووي الإيراني.
وحول ما إذا كان موقف الجامعة العربية واضح بتعبيرها عن قلقها من البرنامج النووي الإسرائيلي قال موسى:quot; أن الجامعة العربية قلقة من أي نشاط نووي في المنطقة ككل وهو ما ورد في قرارات القمة العربية، مؤكدا على انه يجب التعاطي مع هذه القضية من منطلق ضرورة إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ككل وليس تقسيم الشرق الأوسط إلى مناطق لان هذا يعنى إعطاء أولويات يثير الكثير من الشكوك.
وفسر مراقبون مخضرمون الفقرة الأخيرة التي وردت في تصريح موسى بأنه مازال يسعى إلى quot;مضاربة دول الخليجquot; بإيحائه إلى أن الدول الخليجية تحاول التغريد خارج سربها العربي بالنظر إلى تخوفها من النشاط النووي،ومظهراً إياها بأنها تتجاهل الإدانة الواضحة بشأن النشاط النووي الإسرائيلي،بالرغم من الإدانة الرسمية الظاهرة لدول المجلس خلال أكثر من عقد مضى على اجتماعاتهم القممية،والتي لم يخلُ بيان اجتماعهم الأخير من هذه الإدانة الحازمة لنووي إسرائيل وانتهاكاتها.
ومكمن الإشكالية في الخلاف الإماراتي مع موسى هو أن أحد الصقور الذين يواجهون الأمين العام للجامعة العربية داخل الحكومة الإماراتية هو وزير الإعلام الشيخ عبد الله بن زايد الذي من المرجح أن يتولى حقيبة الخارجية في التشكيل الوزاري المقبل لدولة الإمارات العربية المتحدة،الأمر الذي سيجعل مهمة عمرو موسى تزداد سوءاً وستتخذ مناحٍ أكثر تصعيداً قد تحرم موسى من التجديد له في منصبه.
رسالة موسى مثار الأزمة
وكانت صحيفة quot;القبسquot; الكويتية قد أشارت إلى أن موسى وجه رسالة إلى قمة دول مجلس التعاون الخليجي، وصفتها مصادر خليجية بأنها quot;رسالة وقحةquot;، موضحة أن قرارا اتخذ بتجاهلها، وخلال المؤتمر الصحافي عقب انتهاء أعمال القمة هاجم وزير خارجية الإمارات موسى على النحو المشار إليه سلفاً .
جروح العلاقات بين الخليج وموسى
وسبق أن شهدت علاقة موسى بدول الخليج عدة أزمات حادة، واتهمته الكويت بأنه quot;صدامي الهوىquot;، كما اتهمته الإمارات بإهمال مبادرة كان قد طرحها رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد، بشأن استضافة صدام حين درءاً لمخاطر الحرب العراقية، كما شن وزير الخارجية الكويتي هجوماً شرساً عليه وتوعده بيوم حساب قريب وقال خلال جلسة برلمانية قبل غزو العراق quot;هذا الرجل لا يمثل الدول العربية بقدر ما يمثل نفسه، ثم عاد وتراجع عن هذه التصريحات قائلاً إنها نقلت عنه على نحو غير صحيح، إلا أن حرب التصريحات عادت مجدداً للصدارة من خلال رئيس مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي في تلك الأثناء .
ويعودُ الخلاف ما بين أبو ظبي والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى القمة العربية التي شهدت إطلاق الإماراتيين مبادرة الشيخ زايد كانت تنص على تنحي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين والقيادة العراقية من مناصبهم ومغادرتهم العراق مع الاحتفاظ الامتيازات المستحقة لهم خلال أسبوعين من تبني القمة العربية لهذه المبادرة.
وكذلك منح القيادة العراقية الضمانات الإقليمية والدولية من عدم ملاحقتهم بأي إجراء قانون،و منح عفو عام عن العراقيين المقيمين داخل العراق وخارجه،و هي التي تجاهلها عمرو موسى وطالب الوفد الإماراتي بعدم طرح المبادرة على القمة،الأمر الذي أثار استياء الإماراتيين منذ ذلك الوقت حتى اللحظة التي اندلع فيها خلاف آخر على خلفية رسالة موسى لقمة الإمارات يوم أمس،وتم التعبير عنها بشكل رسمي.
الرد الإماراتي على موسى
وانتقد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله راشد النعيمي في مؤتمر صحافي عقده اثر ختام قمة أبو ظبي الخليجية اليوم الاثنين الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بسبب رسالة دعا فيها إلى التركيز على الخطر النووي الإسرائيلي وليس الإيراني.
وقال النعيمي ردا على سؤال بشأن رسالة موسى التي يتحدث فيها عن ضرورة التركيز على البرنامج النووي الإسرائيلي بدلا من الإيراني، quot;المفروض من عمرو موسى حين يتحدث عن الأمن القومي أن يتحدث أيضا عن القلق والمخاوف المتعلقة بالوطن العربيquot;.
وأضاف النعيمي quot;نرجو حين يتحدث الأمين العام عن هموم العرب أن يضع في حسابه ست دول عربية خليجيةquot;.وطلب موسى في مذكرته من قادة مجلس التعاون الخليجي التركيز على المخاطر النووية الإسرائيلية وليس الإيرانية،في حين يعتبرُ الخليجيون أن مفاعل إيران بوشهر أقرب إليهم من طهران نفسها،الأمر الذي يبعث في نفوسهم قلقاً متصاعداً،خصوصاً إذا أضيف إلى أسبابه لغة الخطاب السياسي الإيراني التي تنتهج أسلوب المواجهة المباشرة مع المجتمع الدولي.
التعليقات