السليمانية (العراق): حين توجهت من أربيل إلى السليمانية للقاء رئيس حزب الحل الوطني الكردستاني فائق كولبي المقرب من حزب العمال الكردستاني، كنت أتوقع كلاما عن استعدادات حزب العمال لمواجهة عسكرية مع الجيش التركي.

كما كنت أنتظر سماع كلام ناري ضد السياسات التركية وضد quot;الاتفاق الثلاثيquot; بين تركيا وسورية والولايات المتحدة، وهي التسمية التي أطلقها حزب العمال على ما يعتبره وفاقا اقليميا ودوليا ضده.

فكولبي من مؤيدي quot;نضالquot; حزب العمال الكردستاني في سبيل تحقيق quot;حقوق الشعب الكرديquot; في تركيا والعراق وإيران وسوريا، وهو يحمل الفكر القومي الكردي الشامل للأكراد في كل مكان.

تفاؤل بحل سلمي
لكنني اكتشفت أنني أسأت التقدير، فحين سألت كولبي، الذي أغلقت حكومة اقليم كردستان مقراته واعتقلت عددا من الناشطين في حزبه، عن توقعاته لتوقيت العملية العسكرية التركية، قال إنه لا يتوقع حدوث هذه العملية أصلا.

وأشار إلى تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان دعا فيها حزب العمال الكردستاني إلى التخلي عن العمل المسلح والانضمام إلى العملية السياسية في تركيا، معتبرا أن هذه التصريحات قوبلت بإيجابية.

لكن لدى سؤاله عما ستؤول إليه عملية عسكرية تركية لو حدثت، قال حاسما إنها ستؤدي إلى انتصار عسكري ودبلوماسي لحزب العمال الكردستاني.

ديمقراطية فيدرالية
يؤكد كولبي على أن إقامة دولة كردستانية مستقلة تشمل quot;كردستان تركياquot; وأكراد العراق وإيران وسوريا هو quot;حلم كل كرديquot; لكنه يتحدث أيضا بواقعية عن صعوبة تحقيق ذلك في المدى المنظور.

كما يشير إلى أن الأكراد يمكنهم العيش ضمن دول أخرى، شرط أن تتوفر فيها الشروط اللازمة، والتي يحددها كالآتي:

أولا: وجود نظام ديمقراطي في هذه الدول يسمح للأكراد بالتعبير السياسي السلمي.

ثانيا: اتباع هذه الدول نظاما فيدراليا أو كونفدراليا، مما يعطي الأكراد فيها نسبة من الحكم الذاتي.

ثالثا: تمتع الأكراد في هذه الدول بكافة حقوقهم الثقافية واللغوية.

علاقة بحزب العمال
يسارع كولبي إلى التشديد على أن حزب الحل الديمقراطي الكردستاني مستقل وليس ملحقا بحزب العمال الكردستاني.

لكنه يحرص أيضا على ابداء تأييده لـquot;نضال قوات الدفاع الشعبي الكردستانيquot; وهو الاسم الذي يطلقه حزب العمال الكردستاني على جناحه العسكري.

كما يحمل تركيا مسؤولية لجوء الحزب إلى العمل المسلح، مشيرا إلى أنه بدأ حزبا سياسيا سلميا لكن الحكومات التركية المتعاقبة لم تستجب لمطالب الأكراد في تركيا.

ونفى كولبي أن تكون مقرات حزبه في جبال قنديل، حيث يتمركز أيضا حزب العمال، تحتوي على أية أسلحة، مشيرا إلى أن حزب الحل الديمقراطي حزب سلمي ديمقراطي.

نشاط سري
وقال إن حزبه يضم حوالي 1500 عضو وأن نشاطاته السياسية باتت سرية منذ اغلاق حكومة اقليم كردستان العراق لمقراته في الاقليم.

وقد أشار كولبي باستغراب إلى أن اغلاق حكومة اقليم كردستان العراق لمقرات حزبه لم تصحبها خطوة مماثلة من الحكومة العراقية، حيث أن مقرات حزبه في الموصل وكركوك لم تغلق بعد.

واعتبر كولبي إن موقف حكومة الاقليم ناجم ليس عن ضغط تركي فحسب وإنما أيضا عن quot;عدم تطور الديمقراطية في السلطة الكردية.quot;

غموض الموقف التركي
ليس واضحا إلى إي مدى يعكس تفاؤل كولبي بحل أزمة تركيا مع حزب العمال الكردستاني موقف الحزب نفسه، لكنه يأتي في سياق تناقض التصريحات الصادرة من أنقرة.

فقد أُطلقت تصريحات عديدة من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين الأتراك تشير إلى حتمية العمل العسكري للقضاء على حزب العمال الكردستاني قبل فصل الشتاء.

كما حشدت تركيا قوات لها على حدودها مع العراق وقامت بمناورات وشنت بعض الغارات الجوية. لكن كل هذه الحركة لم تترجم بعد إلى عمل عسكري كبير بهدف القضاء على حزب العمال، مما يترك علامة استفهام كبيرة حول كيفية تطور الأزمة في الأسابيع والأشهر القادمة.

رامي رحيّم
بي بي سي العربية - السليمانية