القسم الثاني: النهضويون الاواخر

مقدمة:
لقد لاحظت كمؤرخ عراقي متواضع بأن مكانة المسيحيين العراقيين في مجتمعهم كانت ذات اعتبارات اجتماعية متميزة في نهايات العهد العثماني عندما كانت لهم امتيازاتهم الثقافية وحقوقهم كمواطنين متمتعين بكل ذلك بناء على ما تعهدت به الدولة امام العالم وخصوصا في خطي شريف همايون، وعزز كل ذلك الدستور العثماني في صدوره لأول مرة في العام 1876 خلال عهد المشروطية الاولى، او في صدوره الثاني في العام 1909 خلال عهد المشروطية الثانية. ولما تأسس الحكم الوطني في العراق واعلنت الملكية، كان المسيحيون العراقيون يحظون بحقوقهم ومشاركتهم الدولة، فكان منهم عدد من النواب والوزراء والمدراء وضباط الجيش والمحامين وحتى القضاة.. وحتى العام 1963 عندما جاء الرئيس الراحل عبد السلام عارف والبعثيون الى حكم البلاد، بدأت تحولات من نوع آخر وخصوصا بعد ان ترسخت سلطاتهم ومفاهيمهم وهيمنوا على مقاليد حياة العراقيين على امتداد اربعين سنة 1963- 2003 ، وخصوصا عندما بدأ العزف شديدا على كل من اسطوانتي القومية الشوفينية باساليب مرعبة وعلى التعصب الديني باشكال مثيرة وبدائية، فانكمشت كثيرا تلك المشاركة الفعلية للمسيحيين العراقيين، وبدأت عمليات الهجرة نحو العالم الجديد واوروبا تأخذ لها مديات واسعة كبرى، بحيث وصل الامر عند نهايات القرن العشرين بأن افرغت احياء كاملة وقرى كاملة في شمال العراق من سكانها العراقيين الاصليين.

الادوار السياسية المتباينة
كان للبعض من العراقيين المسيحيين ادوار سياسية في حياة العراق المعاصر، اذ كان للشخصية المسيحية المعروفة داود يوسفاني دورها ايام الاتحاديين وبدايات العهد الملكي، وخصوصا اثناء نيابته في مجلس المبعوثان العثماني وكانت له صولاته وجولاته من اجل فرض الامن والاستقرار. وكان نقولا عبد النور (الذي اعلن اسلامه واشهر اسمه بـ ثابت عبد النور) له دوره المؤثر في الحركة العربية والايمان بالقومية العربية. وغدا منهم نوابا مثل رؤوف اللوس واشترك بعضا منهم في عدد من الوزارات العراقية كما وقام البعض بادوار معينة في تأسيس او الانخراط في احزاب عراقية متنوعة الاتجاهات وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي، اذ يقال بأن يوسف سلمان (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي كان مسيحيا كلدانيا (وهناك من يقول بأنه كان مندائيا) ومن ابرز الشيوعيين المسيحيين العراقيين: جميل توما ونوري روفائيل وكريكور اكوب بدروسيان وثلاثتهم من خريجي الجامعة الامريكية ببيروت وهناك يوسف الصايغ وداود الصايغ وآرا خاجا دور وكامل قزانجي وابراهيم قسطو (ضابط).. وغيرهم. وبرز طارق عزيز عضوا في القيادة العراقية لحزب البعث العربي الاشتراكي مع بعثيين قياديين آخرين مثل ممتاز قصيرة الذي قتل في عهد عبد السلام عارف وغيرهما.
انني الاحظ بأن مسيحيي العراق استجابوا لكل قوانين البلاد على مختلف العهود، وساهموا في كل مؤسسات الدولة ولم يتوان ابناؤهم من اداء الخدمة العسكرية الالزامية.. ولم اجدهم وقد دعموا ابدا انتفاضة الاثوريين التي اشتعلت في الثلاثينيات من القرن العشرين، كما وان دورهم السياسي قد انكمش على نفسه في الاربعين سنة الاخيرة وغدوا اكثر خوفا ورعبا على حالهم من اية سلطات سياسية وامنية وحتى اجتماعية في بعض الاحيان، وكثيرا ما وجدتهم يتخذون مواقف حيادية او يؤيدون اي سلطة من اجل اتقاء شرورها وخصوصا بعد التحولات السياسية الساخنة التي حدثت اثر العام 1958 وبعد سقوط العهد الملكي علما بأن هناك المئات منهم قد انخرطوا في كل من الحزب الشيوعي العراقي على عهد الزعيم عبد الكريم قاسم واصبحوا مقاومة شعبية وكان لهم دورهم المؤثر على الساحة العراقية.. في حين انخرط المئات من المسيحيين العراقيين في حزب البعث العربي الاشتراكي على عهدي البكر وصدام ولأسباب واضحة. لقد كنت اسأل نفسي واتعجّب عندما اسمع طارق عزيز في مؤتمراته وتصريحاته كيف يمكنه قبول سياسات سيدّه التي لا تتفق مع ابسط قواعد المنطق وهو الذي كان يتكلم بجرأة وقوة وكأنه لا يدرك موقعه الحقيقي في العراق كما كان يدرك ذلك كل المسيحيين العراقيين الذين فروا بجلدهم نحو الشتات!؟؟ ويمكنني القول ان من انضوى في الحزب الشيوعي العراقي كان مقتنعا الى حد بعيد بعقيدته السياسية وايديولوجيته الفكرية على عكس كل المسيحيين الذين اصبحوا بعثيين وهم من ابعد الناس عن افكار البعث واساليبه!! ومن الغريب ان نجد بين قافلة الضباط المتمردين الذين ثاروا ضد الزعيم عبد الكريم قاسم في العام 1959 ضابطا مسيحيا اسمه اسماعيل هرمز، وقد اعدم مع جماعته!

ميادين المسيحيين العراقيين في القرن العشرين

اولا: اللغة العربية وانستاس ماري الكرملي
لعل من ابرز علماء الللغة العربية المحدثين الذين ساهموا مساهمة حقيقية في اثراء العربية ومصطلحاتها ومرادفاتها هو العلامة اللغوي انستاس ماري الكرملي الذ اصدر مجلته الشهيرة (لغة العرب) على مرحلتين اثنتين، وكانت علامة بارزة في تاريخ النهضة الحديثة، بل وتعد واحدة من اهم المراجع في اللغة العربية.. لقد اسس انستاس مدرسة لغوية اشتهرت في العراق وكان ممن تخرج من تحت مظلتها العلامة مصطفى وجواد وعلماء لغة وادب . وكان للعلامة انستاس منتجاته اللغوية والتاريخية الاخرى التي تعد من اهم ما ظهر من ابداعات في العراق، اذ لم يقتصر الرجل على اللغة، بل ساهم في كتابة تاريخ العراق. ولقد اشتهر بمجلسه العلمي والاجتماعي الذي كان يقصده عدد متميز من المثقفين العراقيين بمختلف مشاربهم وان المسلمين منهم اكثر من المسيحيين.

ثانيا: الصحافة العراقية وروادها الاوائل
اسهم المثقفون المسيحيون العراقيون المتميزون اسهاما حقيقيا في تقدم الصحافة العراقية وتطورها بعد نشأتها الاولى في القرن التاسع عشر، ولقد كان اغلب رواد الصحافة العراقية من الموصل اذ اثروا هذا المجال بادبياتهم وجهودهم وكانت لهم ميادينهم الصحفية المتنوعة وخصوصا في اواخر العهد العثماني وعلى العهد الملكي في العراق باصدارهم صحف اساسية في الحياة السياسية العربية.. ولابد ان نذكر تميز كل من: روفائيل مازجي وداود صليوا وعيسى محفوظ وتوفيق السمعاني وفتح الله سرسم وسليم حسون (صاحب جريدة العالم العربي) ويونان عبو اليونان وروفائيل بطي وبولينا حسون (أول امرأة عراقية تصدر صحيفة نسوية ببغداد) وميخائيل تيسي (صاحب اول نقد هزلي صحفي) وصولا الى مجيب حسون وفائق بطي ولطفي الخوري وغيرهم. ولقد تطورت الصحافة العراقية على ايدي هؤلاء المثقفين تطورا كبيرا، وكانوا كلهم من اصحاب القلم ولهم باع في الادب العربي خصوصا.

ثالثا: التربية والتعليم: المعارف العراقية
اشتهر المعلمون المسيحيون بقوة معارفهم وثقل ادائهم ومصداقية زمنهم وعشقهم لمهنتهم.. ولقد تربّت اجيال عراقية كاملة على ايدي مربين ومعلمين ومربيات ومعلمات مسيحيين ومسيحيات.. عدوا مركز ثقل واضح في اجهزة التربية والتعليم في العراق او عندما كانت تسمّى بـ " المعارف العراقية ".. ولا يمكن ان نسجل في هذ المقال اسماء كل كوادر التعليم من اولئك المسيحيين الذين انخرطوا في المدارس العراقية على امتداد سبعين سنة وبرزت على ايديهم اجيال من المبدعين والعراقيين الاكفاء اللامعين.. اذكر من بين مئات المعلمين استاذنا في الفيزياء - طيب الذكر - رمو فتوحي الذي علمنا الفيزياء وغرس فينا حب العلم وكان واحدا من ابرز رجالات التعليم في العراق على ايام كلية بغداد الثانوية. ولا يسعني المجال ان اذكر هنا مئات الاسماء من رجالات المعارف العراقيين الذين تكونت الاجيال الجديدة على ايديهم، وقد اتصفوا بالحزم والتربية العالية. ولم ازل اذكر الدور الذي اضطلعت به رياض الاطفال المسيحية في بعض المدن العراقية تلك التي كانت الراهبات العراقيات يشرفن عليها، ومنها روضة ام المعونة بمنطقة الدواسة الشهيرة في الموصل التي قضيت سنتين فيها 1955-1957 من طفولتي ولم انس النظام التربوي الرائع الذي كان فيها والدوام الطويل وتعليم اللغات والموسيقى وادب المعاملات واحترام القيم الاجتماعية.

رابعا: الاكاديميون والعلماء المتخصصون
لمع عدد كبير من المسيحيين العراقيين في تخصصات مهمة سواء داخل العراق ام في الخارج، وليست لدي احصائية كاملة باسمائهم ولكن تشكل اعدادهم ثقلا واضحا في ارجاء العالم وفي تخصصات وحقول متعددة لا تعد ولا تحصى وقد حصل العديد منهم على جوائز دولية بحكم ما قدموه من ابداعات ونتاجات.. ولعل من اكثر المسيحيين العراقيين استقرارا في الغرب منذ اكثر من خمسين سنة هم المختصون والعلماء.. ولا يمكنني ايضا من ذكر اسمائهم جميعا، ولكن لا يمكننا نسيان العلامة متي عقراوي والمؤرخ مجيد خدوري والمؤرخة البرتين جويدة والدكتور منير بني والدكتور ريمون شكوري والاستاذ فؤاد سفر والبروفيسور وديع جويده والدكتورة البرتين حبوش والدكتور يوسف قصير والسيدة نهاد اللوس – خياط والدكتور افرام يوسف والدكتور فاروق رسام والدكتور غازي رحو والدكتور أمير حراق والدكتور وليد خدوري والدكتور بهنام ابو الصوف والدكتور يوئيل عزيز والدكتور دوني جورج والدكتور زهير يعقوب والدكتور عصام جبرائيل والدكتورة فريال جبوري غزول والاستاذ حنا رزوقي.. وغيرهم من الزملاء الذين اتمنى عليهم ان يعذروني ان لم اذكر اسماءهم كلهم الخ

خامسا: الاطباء والجراحون والصيادلة
اشتهر العراق باطبائه وجراحيه وصيادلته الذين تنوعت تخصصاتهم وطارت شهرتهم، وان المسيحيين والارمن منهم كثر ويعتمد عليهم كثيرا.. ومن المعروف ان يذكر خدمات اولئك الرجال وتلكن النسوة وقد كانت خدمات رائعة لا يمكن ان ينساها العراقيون ومن اشهر الاسماء الدكاترة والصيادلة: حنا خياط واستراجيان وجميل دلالي وعبد الكريم قليان ومارسيل بيو وروفائيل تبوني ومتي فرنكول وغانم عقراوي وعبد الله سرسم ويوسف سرسم وناجي سرسم وحنا جاقمجيان وفائز تبوني وجميل جمعه ومنير رسام والبير رسام وسيرانوش الريحاني (وهي قريبة جدا من الفنان المصري الشهير نجيب الريحاني الذي كان يعتز باصله المسيحي الموصلي) وجلبرت توما وهاله سرسم وكليمانتين ثابت وفكتور شماس وموريس رمو وزكر عبد النور ووليد غزاله وشوقي غزالة والاخوين جبرائيل واديب كلو وغيرهم كثير. وهنا لا يمكنني نسيان ما قدمه المسيحيون من خدمات طبية وخصوصا في تأسيس المستوصفات والمراكز الصحية منذ قرنين على ايدي الاباء الدومنيكان.. كما ولا يمكن تجاهل دور مستشفى الراهبات بمنطقة الكرادة في بغداد وتميزها في القرن العشرين على غيرها من المستشفيات.

سادسا: المحامون والكتاب
برز من بين المسيحيين العراقيين رجال قانون اذكياء وادباء مبدعين وكان اغلبهم من امهر المثقفين المشهورين وقد قدموا خدماتهم الثقافية في الحياة العراقية ابان القرن العشرين، اذ لا يمكن للعراقيين ان ينسوا اسماء مثل: روفائيل بابو اسحق ويعقوب سركيس وعبد المسيح وزير وانيس سهلا وفيليب متي وبشير فرنسيس وميخائيل يعقوب وعبد الله فائق المحامي زمتي بيثون وجرجيس سرسم وجرجيس فتح الله (المشهور بترجماته وكتاباته) وعبد الجليل برتو واوانيس اسطيفان ونوري روفائيل ونوئيل رسام ويوسف مسكوني ومتي فرنكول وسركيس عواد وكوركيس عواد وميخائيل عواد وادمون صبري ويوسف عبد المسيح ثروت وجميل توما وبهنام فضيل عفاص وسهيل قاشا وجانيت حبيب توما وجورج عيسى محفوظ وبهنام حبابه واسحق ساكو وعبد الاحد جرجي والدكتور يوسف حبي والسيدة اميرة بيت شموئيل وماجد عزيزة وغيرهم..

سابعا: الاعلاميون والفنانون والشعراء
ومن المع الوجوه العراقية المسيحية لا يمكن ان تنسى ادوار وابداعات كتاب القصص والمسرحيات الاولى من الادباء: حنا حبش وهرمز نورسو ونعوم فتح الله سحار وحنا رسام ويوسف هرمز ويوسف حناني اسحق وجوري عيسى قلاب وفؤاد بطي ويوسف متي ويوسف مكمل وغيرهم.. وهناك الموسيقار جميل بشير واخوه منير بشير ووالدهما وهناك الفنان حنا بطرس وايضا المحامي ناظم بطرس (المذيع الاول في العهد الملكي) والفنانات: سلطانه يوسف وزكية جورج وعفيفة اسكندر وسيتا هاكوبيان وبياتريس اوهانسيان والموسيقار آرام ارميناك بابوخيان والموسيقار فريد الله ويردي والمذيعة كلاديس يوسف والمذيعة شميم رسام والمخرج عوني كرومي والمخرج عمانوئيل رسام والشاعر جان دمو والشاعر سركون بولص والشاعرة دنيا ميخائيل والممثلة آزاودهي صموئيل والفنان المصور ارشاك (في بغداد) والفنان المصور كوفاديس (في الموصل) وغيرهم من الذين قدموا للعراق وللعراقيين خدمات لا تنسى في القرن العشرين، ولقد هاجر قسم كبير من الاعلاميين والفنانين والادباء المسيحيين العراقيين الى خارج البلاد في اوقات مختلفة ..

ثامنا: اللاعبون الرياضيون
ولابد ان نذكر مواقف وادوار نخبة من اللاعبين والمدربين الرياضيين العراقيين المشهورين، امثال: ناصر جكو وعمو بابا ويورا ايشيا واكرم عمائيل وعمو يوسف وشدراك يوسف وكوركيس اسماعيل وغيرهم.

استنتاجات تاريخية: الدروس من اجل مستقبل زاهر
يتوضح لنا جليا بأن للمسيحيين العراقيين شأو بليغ في بناء العراق على امتداد القرن العشرين، كما ان لبعض رجالاتهم وعلمائهم ورحالتهم ولغوييهم فضل بارز على النهضة العربية الحديثة في القرن التاسع عشر.. ومن الاهمية بمكان ادراك ذلك من اجل اتاحة فرص تاريخية جديدة ليس للتعايش الاجتماعي والشراكة السياسية في العراق حسب، بل من اجل ان يرفد الجيل الجديد منهم حياة العراق في المستقبل.. وان تتهيىء الفرص في المستقبل كي تعود جاليات عراقية كبرى من المهجر بكل خبراتها وكفاءاتها الى ارض الوطن بعد ان هجرتها.. وان تزول اسباب حرمان كل عراقي من ترابه وارضه ووطنه.. ان الدرس الذي يمنحنا اياه مثل هذا البحث عن المسيحيين العراقيين وادوارهم النهضوية والوطنية له اهميته البالغة اذ انه سيغدو مستودعا للتفكير في شأن هذه التي يسمونها " اقلية " وما قدمته من خدمات وابداعات ومشاركات للعراق اجمع.. كما ان هذا " الدرس " سيمنح هذه التي يسمونها " اقلية " من ان تجد من يقف مع الامانة والموضوعية ليقول كلمة سواء بحقها..
ولابد لي من القول بأن تدرك تلك التي يسمونها بـ " الاكثرية " بأن للمسيحيين العراقيين بكل مللهم ونحلهم تاريخ حافل من التقاليد والمنتجات والخدمات في العراق المعاصر وانهم ابناء حقيقيون للعراق اذ يعتبرون من اقدم سكانه مذ كانوا جرامقة وسريان وكلدان آراميين وآشوريين ويعاقبة وارمن وسواء كانوا اليوم ارثودكس ام كاثوليك ام غير ذلك.. فان تلك التقسيمات من شأنهم هم وحدهم انني اطمح الى ان ارى كل العراقيين سواء كانوا من المسلمين ام المسيحيين يحترمون بعضهم بعضا ومتضامنين بوحدتهم الحضارية ومتعايشين على الخير والتعاون والصلاح وان يكونوا فوق كل الجراحات فقد كانوا وسيبقون ابناء وادي الرافدين حتى ابد الابدين.. وان يطووا صفحة الانشقاقات والانشطارات واثارة النعرات وان يقفوا بوجه كل الاحقاد والضغائن والكراهية وان تكون المواطنة والمحبة والحريات (بأن لكم دينكم ولي دين) سلاحا عراقيا قويا فوق التفرقة بين اغلبية واقلية او بين طوائف وشيع او بين اديان وعقائد او بين اقوام وعناصر.. ان المسيحيين العراقيين لابد ان يدركوا بأن لهم تاريخا رائعا من التعايشات مع كل العراقيين بمختلف اديانهم واطيافهم والوانهم وعروقهم.. وعلى المسلمين في العراق ان يعتزوا بكل المسيحيين في كل شبر من ارض العراق ، ان المطرانيات والكنائس والبيع والاديرة والصوامع المسيحية العراقية تعد من ثروات البلاد القديمة التي لابد من الحفاظ عليها، ولابد من اعتبارها دور عبادة في كل مكان.
انني اذ اختتم هذا " الموضوع " الذي يثير جملة من التساؤلات وخصوصا وان يضم معلومات ربما تكون جديدة، ادعو مخلصا غيري من الاخوة العلماء والباحثين ان يقفوا وقفات مطولة عند كل جزئية منه ليشبعوها درسا وتنقيبا كي يعيدوا الاعتبار الى نسوة ورجال نذروا انفسهم من اجل العراقيين على امتداد السنين.

مؤرخ واكاديمي عراقي مقيم في كندا والامارات