(1) الاستحقاقات الامنية تقضي باعتقال جماعات ايران ووكلائهم من التيارات الاسلامية!!

ارث الاستبداد: اليسار ثم العروبة فالاسلام
[ بين العروبة والاسلام اخاء ابدي وزواج كاثوليكي مع العنف والقهر والقبح وكل البشاعات، والامر لا يحتاج لدليل اكثر مما يقدموه دعاتهما وتجاربهما ومقولاتهما، اهم غاية اتفق عليها هذان الشران هما:استلام ملف الخوف والعذاب والتشرد والقحل والخراب العراقي، ناهيك عن دول وامم اخرى، فمنذ نيسان ، أي سقوط عرش العروبة بدا ملف جديد يفاضل الخوف والخراب السابق في تسابق محموم على ماراثون الماضي، فقد تسلم رقاب العراقيين مجموعات لائذة وكامنة في الظل، وقد تمرست وتحضرت للوحشية والافتراس سنت انيابها لجولات بكاء ومذابح جديدة، اذ ازعجها ان صدام محق الحرية السياسية وابقى بعض الحرية الشخصية، وهذا جعلها الاضطلاع بمهمة القضاء على الحرية الشخصية باعتبارها تعبيرا رمزيا عن النظام فماهت ما ادعته عدم الالتزام بالدين ونظام البعث السابق، لانها تعتبر الولاء للدين هو التعبير الحاسم لمعاداة النظام او الوطنية الجديد .. لم يستطع كل الصلف والاجرام في صدام ان يتعرض لبعض الحريات الشخصية، لانه مكان التنفيس الوحيد، وهكذا جاء الاسلام ليضلع بملف التعرض للحرية الشخصية واحتلال سلطات السر بعد ان احتل صدام سلطة المعلن، وهنا بدات الحرب تتخذ منحى قطبيا ، يقوم على صراع الارهاب العلماني مع لاهاب لديني، أي الدكتاتورية الجاهلة مع التوتاليتارية العالمة، وطغاة العلم اخطر من الجهلة، وهذه المقارنة تحتاج لشرح اوسع، ، ينتسب الى خصخصة التنظير على ضوء الثابت الانثروبولوجي، فلقد اصبح من البديهي ان يختطف مشروع الحرية وتسرقه فئات مستبده وتقوده ذئاب اكثر افتراسا من مسبوقها، لاسيما في عالم تقوم مفاضلاته على اعادة صياغة القمع والدع والزنزانة وليس على هدمها.. وبهذا ايضا نكون قد تشردنا مرتين:مرة يوم حكمتنا العروبة ومرة حين حكمنا الاسلام، وهنا لا نتحدث عن الدولة لانها ايضا ضحية الجلاديّّن، بحيث لم تنجز سيطرتها بعد، بل وجد ممن هم في وضوح الجريمة الاولى والثانية في اوساطها، حتى ليبدو غزلها او تهاونها مع كل هذه السمفونية الدموية والقتل اليومي امرا لايدعونا لرجمها ونقدها ، بل يجعلها في نظرنا دولة بحاجة للشفقة والعون، حيث بقي المواطن اعزلا ورهينة قاتليّّن: في الذاكرة والحاضر، حيث لم تحكم الناس ولا يحميهم لابسو بزة الجنود والشرطة من منتسبيها، بل تتوجه هموم الناس لارضاء قتلة جدد وبعث ديني جديد كما لو ان بدلات اللون الزيتوني عادت بعباءات وعمائم رموز الخوف الجديد، وهؤلاء هم الدولة والسلطة، وهذا مشهد بدات ملامحه المستشيطة من اليوم الاول لسقوط النظام، اذ تمكن هؤلاء من اختطاف وسرقة المبادرة وفرصة الحرية والديمقرطية كمنهج وفلسفة نقدية وفكر شامل، وذلك حين اصبحوا الدروع المفترضة لملاحقة رجال النظام السابق وما يترتب على ذلك من سلطات ردعية وخوافية وادبية، تجيز لهم توسيع دائرة التسلط بعد دفع فاتورة معاداة ومحاربة النظام، وهي الفيزا الصالحة لتسويق البدائل الظلامية التي كانت مفتتحنا لعصر الحرية، وهكذا فان الدولة ورجال العهد الجديد والتحالف هم في مرمى العصر الايراني الجديد، وتفرعاته العديدة، بحيث ان الشارع والحياة تحكمها اشباح القتل وجندرمة التكفير واحزاب التوابيت والموت ، وهكذا نسجل مرة جديدة تشردنا من وطن سيحتاج لمزيد من المشاكسين والاوقاح والاراء الجسورة كي يعيدوا صياغة الجانب الادبي والاعلامي مرة جديدة، لاسيما وان اكثر من صدام واحد جاء بزي العمائم والجبب والفتاوى الدموية، ما يجعل صدام مغفلا لانه لم يرتدي جبة عالم دين طالما ان الطريق للطغيان بهذا الرداء لهو سهل وافضل، بل ويجعل الناس مثابين بعبوديتهم وفضلاء في جرائمهم ، وسكان جنة كلما جعلوا الذبح بدائيا بسيوف وخناجر السلف الصالح!!مرة جديدة تستعيد نفس اللحظة السحرية يوم هبنا قبل ثلاثين عاما من ارهاب لدولة، وها نحن نهرب مرة جديدة من ارهاب القوى الشعبية والعوام الهوام والدهماء، وقد تركنا ككل الجبناء والموسومين بالخزي اهلنا واخواننا واصدقاءنا يئنون تحت سعير الخوف اليومي، واحزاب القصابين للذبائح البشرية..اجل كنت لحظات التنزه في الاردن في لحظة الهروب كمن يقدم استقالته من الوطن ويعلن جبنه وانانيته وهو يترك كل الذين حلم بلقائهم طوال سنين الذل والمنفى، عاد الخوف على الاهل من جديد وعادت الاسماء الحركية، فهل كتب علينا ان نكون بين خيارين في حقل لقانون والدولة؟ فاما دولة القمع المزاجي المطلق، دولة الخوف العبثي او الحرية التي تقودها شعوب القتل والفوضى والخوف الاكثر عبثية؟ اجل هذا خبرناه في لبنان نحن الحالمون بدول الفرديس، الذين سابقوا الموت باسم الفضيلة والحياة الاكثر ثقة بالمستقبل ، حين وصلت مطالبنا واهواءنا وتمنياتنا الى مؤازرة دولة الشرطة والقمع والمخابرات كي نتخلص من دول المليشيات والقتل والفوضى والغوغاء المقدسة، حيث كل الذين نحن خلقناهم وعلمناهم اخافونا وطاردونا واصبحوا اسيادنا!!هذا فولكلور مع سبق الاصرار، لم نجده الا بين العرب والمسلمين، كما لو ان الخلل يتعدى النص ليصبح كمونا توليديا بفطرة قائمة على الفتك والعنف والقهر وشتى الاستلابات.]


لابد من مادة للأوهام او الحقائق، لا فرق، فهذه النفس بدهت على طرد اوهامها باوهام اخرى، ولكي لا يبددها صلف العاصفة ، تمزق شراعها حيث لا تدفع فاتورة الترحال وسرعة الزورق بالغرق.
اخيرا تنفسنا الصعداء وهتك الظن والشك بعد تصريحات وزير الدفاع العراقي اللامعة والشجاعة، حيث البلاد لم يحتلها الحلفاء بل البلاد والحلفاء تلتهما ايران بالكامل، وكل من في لعراق هو لاجئ في ضيافة الدولة الايرانية، التي تصول وتجول وتقرر المصير العملي والواقعي، لذلك لابد للبحث عن انتماءات طاهرة للبلاد، وهي عدم العيش فيها لاجئين او مدرعين بالحر والحراسات والفنادق المحمية والتصفيح المنزلي او الثكنات الاسمنتية، فالحكومة العراقية وجيوش الحلفاء والشعب العراقي كلهم لاجئون في القرار الايراني المسيطر، وهذا يحتاج لسردية مضجرة بغية التقاط الحقيقة مما يدور بالخطاب الاعلامي وتلك التلفزيونية الخادعة.
( نتعامل مع الملف العراقي الايراني هذا من جانب الحساسيات الثقافية العليا، وهو تعامل يتعلق بالمصائر الكونية والانسانية الاوسع، لان القضية ابعد من مجرد احداث وتدخلات ونزعات دينية وعقائدية، ذلك لان العراق وايران يمثلان خط التماس الثقافي والحضاري الكونيين ، وهو خط ناري، في نشوء بدئهما الاول والقدري، الذي هو التاصيل والمؤسس الاول لاكبر ثقافتين وحضارتين في لعالم، وعليه فان التعامل هنا وسط خط تماس كوني وحضاري مخبا بشتى الركامات الظاهرة، في وقت تكمن مولداته في اماكن قصية وعميقة جدا، سيكون الحل معها مستعصيا ان لم يجري القبض على تلك الروافس والتوليدات، وما يجري الان في العراق سيخلق خللا في التوازن الانثروبولوجي بين عالمين اسستهما اقدار نشوء كونية عليا، ولعل التغلغل الايراني المتسلل عبر نص كوني استطاع ان ينجح في اقامة ترابط قوي بين الاسلمة والايرنة بين اللاهوت والوطنية، ما سيؤثر ذلك بخلق اكبر الانقلابات الاثنوغرافية والانثروبولوجية والثقافية، وهذ سيهدد بدوره الامن الثقافي والحضاري العالميين ، ولان العراق كله قد جرى تهجيره نحو ايران ، حتى بدت البلاد غريبة على محتل صار كل البلاد، فالعراق كله ضيفا على ايران في ارضه ، وهذا ينذر بمخاطر تجدر اثارتها ..)
منذ مجيء الخمينية لتضيف الى تجارب الجحيم العديدة في الارث البشري ماثرة شيطانية اخرى ، والعالم لم يهدا ولم يلتقط انفاسه بعد، وهو يكاد يتحول الى مطفا كونية تطفئ شتى الحرائق وسط المساحات الخضراء منعا لليباس والتجفيف المقدس، الذي راج بعد هذا المفتتح الناري والدموي الذي ساد العالم، بحيث يسعى العلم للتفرغ الى صنع كوابح من اجل التكافل الفطري بين الوجود والموجود..من هذه الظاهرة جرى تفقيس جيوشا للتخريب والقتل والجريمة الالهية العليا ، ما جعل العالم امام معادلات امنية واسعة النطاق، استحوذت بالكامل على مقاليد قيادة الارهاب والعنف ، وتمكنت بقدرة عجيبة من اعادة تطوير منقلبة نحو الخلف، حتى بات الماضي الاعمى والموت عنوانا لكل الفضائل والقيم، ولعل الخوف الضمني من شيوعها احدث خمينيات مقابلة، انضجت تمركزات نزعة العنف المقابل، فكانت اللادنية وليدا طبيعيا يتكوكب مع هذا الشيوع ، كدريئة ذاتية وحماية استباقية تنافسها او تشكل طباقها الموازي، ولم يقتصر هذا التصعيد الموازي في الاسرة الاسلامية على ظاهرة ابن لادن وحسب، بل تعداها كي تتشكل خمينيات موازية في شتى الفرق والمذاهب والاديان مغترفة في المجال المثنوي لنص الوجهين، الذي بات قابلا لتحمل كل الامزجة الدموية والجرمية، وبالتالي حلولها كمفاخر عليا وخارقة للتفضيل الديني..ومع كل ما رافق هذه الظاهرة، من سريات على مستوى حرب الافكار، إبان الحرب الباردة ، البحاجة الى جبهة تطرف مقابل التطرف الشيوعي المؤمن بهدم الشرعيات الدستورية بالشرعية الانقلابية البلشفية، فان الحاجة الدولية لعلمانيات قمعية كانت من ثمراتها التاييد الدولي لظاهرة حادة وقطبية كظاهرة صدام ، والذي تزامن مجيئه وتزكيته بتزامن التحضير لعالم جديد ستكون الخمينية احدى اهم صدوره وشيوعه، فيما تتفاعل اسلحة الاشعاع الديني الخارق لجدران الشيوعية القديمة على جبهة الغرب، لتفتتح ثغرتها البولونية عبر الاستنسابية البابوية للوطن والامة البولونية، حيث يتهاوى الدرع الحديدي الشيوعي امام الانبعاث والارتجاع الوجداني ، او الذاكرة الحنينية للكثلكة، وبهذه الخمينية الغربية والبابوية الايرانية، حدث الاطباق على هذا الدرع السمج لجدار الشيوعية، ليحال الى حائط ورقي مزقته مناقير البلابل الحبيسة بالقفص الستاليني( هنا نحترم العقول الذكية بكل دهائها ومناوراتها في توليد الخمينيات امام قصور الخيارات ومرارتها لان الجحيم الشيوعي كان يستحق بدائل الجحيمية الخمينية، حتى وان كان وراءه اجهزة سوداء، ولعلها تستحق جائزة سلام كبرى وهي تهدم اكبر موروثات العار الانساني حين هدمت جدار برلين والاذلال المنهجي للنفس البشرية، فهذا عمل رهبان وقديسين وليس مخابرات واجهزة سوداء). لم تتوقف توليدات الخمينية المتشايعة على المستوى المكثلك وحسب، بل تعدتها الى تفريخات مقابلة هائلة في المجال المسيحي واليهودي ، وانبثاق مجموعات اصولية هائلة، استحدثت حمايتها الذاتية، عبر مخاوف الوليد الجديد من رحم وثقافة الجحيم القادم ، من ارث اللاهوت المؤجل في الاسلام، أي الخمينية ، والذي يؤرخ لجناس ثقافي مرتبط باوجه بعيدة غير مباشرة، اكثر ميلا للتعشير الاثنولوجي والانثروبولوجي منه الى الحاجة الايمانية، في مجال تطوير العنف وجعله نصا مقدسا.
ولعل البحث في هذا القياس المرير، يقود الى اضطرارية توصيف، يحمل نسبة ما ، من الاستعداد العنصري لبعض الثقافات والامم ، لاسيما وان البابوية والنازية والشيوعية، كلها تنتسب لجبريات انثروبولوجية، تنحصر في استعدادات اولية، ماقبلية- أي قبل الفكرة والعقيدة- ، ولعل تلك العقائد التي قادت التجربة للعنف والارهاب والقهر المنهجي للفطرة الانسانية، تنحصر في استعددات اثنوغرافية، تتصل بسيماء وطباع ثقافة تلك الامم ، ولعلها تتمركز ، كعنف تمامي ماحق، باي فكرة او عقيدة، لان الجوهر الثقافي الاولي قائم قبل الفكرة، لذا قد لايكون من العنصري البحث في المفكوكات الانثروبولوجية الخاصة بامم معينة، كي يستحوذ سؤال خجول واستحيائي، ربما ساقه فكر تعبوي مقابل، وهو لماذا جاء مثل هتلر او ستالين او اللاهوت او البابوية الخمينية في اطار وحدات عرقية ما، ولم تظهر هذه الكونيات الشمولية في امم اخرى؟ وهنا لا نفترض ان الخلل في الوحدة العرقية والمجذار الثقافي لبعض الاعراق والاثنيات الكبرى، بل لابد من محاولة بريئة أكثر تجريدا ونأيا عن الثنائيات المتفاضلة، بين صالح وطالح، وذلك احترازا من الفخاخ العنصرية والعرقية الرعناء، ذلك لان نماذج الجريمة وجدت رمزياتها في كل الثقافات والاثنوغرافيات( نقصد الجريمة المفكر بها، أي الإشمال القصدي)، وكان للعرب ارثا كبيرا من هذه الرمزيات الجرمية، لكن البحث هنا في سياقات مختلفة، تنطوي على الاستعداد الثقافي العقائدي الذي يحيل الجريمة الى منهج ايماني عقائدي وليس على الجريمة بوصفها فعلا وضيعا مباشرا، لم يحدث تحولات في الشق الفكري والوجودي والكوني التمامي، فكل جرميات الارث العربي والسامي لم يقدم كونيات تمامية قهرية كما قدمته امم كان ارثها الوثني الاسبق مطابق للتعشير الديني اللاحق ، حيث الاستعداد للتماميات والاطلاقات ، بحيث تكرس تجارب التاريخ عدم نجاح او وجود تلك التماميات في امم ووجودها في امم اخرى. ربما اشبعنا هذا الملف حوارا وبحثا جريئا خلال الحرب العراقية الايرانية، من دون ان نحظ بفرصة نشر ، وذلك لخروجنا على المالوف والسائد في البحث التقليدي، وبالتالي عوملت اراءنا كاي طلسمة او خبل فكري كما يسميها، في العادة، من لا يمتلك ادوات معرفية خارج التلقين السائد، ولكن ثمة اشارات خجولة نشرت في صحيفة السفير اللبنانية تتحدث عن التطويق البابوي الديني للباوية الشيوعية، وذلك في العام 1987 .
وبما ان الحدث الذي نتناوله هو التدخل الفولكلوري للدموية الايرانية في العراق، الذي لا يمكن تناوله من الجانب الحدثي العادي، ولا في التوثيق والادانات الحكومية او الخطاب السياسي السائد، فمنذ الحرب العراقية الايرانية تناولنا هذا الملف بعيدا عن ثنائيات الارهاب الادبي والتعبوي السائدين، لاسيما هذه الثنائيات الاخصائية لبحوث الفكر والمعرفة وجعلها في موزاة الشيوع التعبوي والاعلامي، وقد ركزنا عبر سؤال التوليد الدائم لصراع مؤرّث بين هذين البلدين، وهو سؤال الجوانيات الساكتة والسرية ، التي لا تمثل الخمينية والصدامية جذريهما ، انما تفصيل صغير من تفاصيل تتحرك حول مركزيات عميقة جدا، ستبقى ولفترات طويلة مصدرا لتوليد هذا الصراع والتخريب والانتقام المتبادل، حيث ياتي بتعبيرات تحميلية واسقاطية، حسب الخطاب السائد، وهذا النشوء المستلب ارّخ حرائقه منذ نشوء اول مغامرة حضارية بشرية في تاريخ هذا الكوكب ، وسيستمر ان لم توضع اليد على تلك الامومة الولودة للتنافس والصراع، وهذا لا يحتمل حواره بين سياسين اعتادوا الخداع والامية المعرفية، كما اعتادوا الاستظهارات التوفيقية الطارئة ليورثوا لابنائهم ويلات تفجير قادم، لذا لابد من حوار معرفي اكثر كونية وعالمية ومسبارية، لاسيما في اخطر خط تماس ثقافي وحضاري ، ربما اسس لتاريخ صراعات هذا الكوكب في سياق صراعات الثقافات الكبرى ، بحيث لا يسعنا اغفال ما حدث من تمركزات عنصرية في الوسط الاوربي اذاء السامية ونحن نراقب خط التماس الساخن بين تخوم ثقافتين كبريين ومحترمتين، على مكان التمركز الاول لبداية تكوين الحضارة البشرية، لاسيما تنقله في التاريخ والجغرافيا بتعبيرات متنوعة ومتعددة، وهي مجرد قناع في حفل تنكري دائم، ترمّز في حروب المسيحية الداخلية وانقساماتها والاسلام داخله وبين هذه وتلك!! فالشيوعية مثلا هي التعويض البابوي للفرصة الارثووكسية الضائعة، والخمينية لو كانت شيوعية او أي فكرة اخرى لكانت ايضا في ذات التعويض المؤجل، فيما السامية تحمل من جذورها جمعا بين الاسطرة والبراغماتية العملية، بما لا يوعد بولادات لاهوتية تمامية ما خلا فرق وجماعات تظهر وتضمحل ، ناهيك عن غربة الثقافة الصوفية عن هذه الثقافة، وما حدث كان تعشيرا بين التاثيرات الخارجية التي كيفت الاسلام لخلفيتها الثقافية فانتجت صوفية وعرفانية مسقطة.
الثورة السامية في التاريخ الكنسي للغرب انقذ العالم من ارث الاسطرة والخرافة والتناظر القصدي بين الوهم والوقائع، كما انتجته بابوية القرون الوسطى ، وكما انجته العلمانية الملحدة في سياق مسقوطاتها الارثوذوكسية السلافية بالوليد الستاليني الغاشم الذي كان عرضا لانسب طلب، وهو العرض البيزنطي للطلب الاسوي!!بحيث ان الحيف التاريخي وحرمان الارثووكسية السلافية من الباوية العالمية ، استولد بابوية الشيوعية لاخذ فرصة الاستحواذ الكوني، لامة فشلت في فرص التاريخ الديني فخلقت تحديثا لاواعيا من مصادر ذلك الكمون لتجد فرصتها البابوية في الشيوعية، بحيث جرى تجديد التراث القهري برشاقة اكبر ومحاكم تفتيش ابشع، وبهذا استنفذ هذا الغرض تورماته التاريخية ، ، ، حيث سقط التاريخ في اخر فرصة شيطانية له، لكن الاستعادة الخمينية له جاءت في نفس الاغراض التعويضية المؤجلة، وذلك اسوة بوقوعها الزمني خارج تاريخ وزمنيات تطور الامم، كما يحدث لكل او معظم الامم الاسلامية، التي لن تتساوق ولم تاخذ فرصتها في استنفاذ ارث التماميات القهرية، لان الدكتاتوريات المطروحة هي رمزيات تافهة مجوفة لا تملك مشروعات تمامية ولا افكار كونية وعالمية، وهذا ما جعل بدائلها تبدو وكانها نقديات تمامية، أي تقدم بدائل اخطر من تلك الدكتاتوريات الجاهلة ، والتي في اوج عصور الخلافة الاسلامية لم تكن تماميات بابوية انما رمزيات حاكمة لا تناظر بين النص والحكم الا في مناحي خارج النص وهو الاستنساب القبلي لقبيلة الرسول. بهذا المعنى فان الارهاب الديني الي احتل مساحة البديل الشعبي واستحوذ على ثمار نقد الدكتاتورية القديمة في العراق، كان اكثر قهرا وارهابا وخطرا من تلك الدكتاتورية القديمة، وخارطة الاحداث الموثقة تقدم لنا ابشع نماذج القهر والاجرام والارهاب، وذلك بسبب احتلال المجال النقدي للدكتاتورية القديمة من قبل فكر اكثر استبدادا منها، وقد استحوذت وقبضت على تثمير الكبت والغضب وجرائم الدكتاتورية القديمة لتوظف فكرة الحرية لاغراض استبدادها وقمعها اللاحق، كما نشاهده ونلاحظه في شوارع العراق وجزراته الامنية ، بين طالبان هنا وخمينيات هناك!!ولغرابة التوثيق والموازاة غير المتصادفة، فثمة اشارات قوية تؤكد وحدة الشرين والقبحين اللذين يسيطران على مجرى الاحداث، ويشكلان مصدر سلطات الخوف الشعبي امام سلطة ما تزال لم تستكمل شروط مواجهة هذا العنف وتاليا حماية ارواح وحرية المواطن.
ادارات الشر ومحاريب الشيطان في مصادر القرار الايراني ، وهي تتجسد باجهزة مخابرات ابشع تهتكا وانعدام رحمة ومن دون ادنى حشمة، مما عرفناه في اجهزة سوداء شاع صيتها وسمعتها المهتوكة، جاءت عبر دهائيات معروفة معهودة طالما تبنتها كل انظمة الطغاة والارهابيين ، وحتى الاديان في صياغة مشروعها التعبوي والتحريضي ، حيث الشيطان مادة ارهابية لخوف القوى الرحمنية واعماء عيوب راجمي الشيطان كلما تصاعدت تعبويات رجمه وتكفيره، وعبر هذا الفضل والتزكية تتسلل مشاريع كل الطغاة حين تكون التزكية تحميل طاغية اخر وزر كل المفاضلات الاجتماعية، أي ان ايران تخلق مجال السكتة النقدية طالما هي ضد صدام او حاربته، وكل من حارب صدام يحقق هذا السكتة والارهاب الادبي، بحيث يلزم النقد ويحدده في اتجاهات احتفالية خارج ذاته وخارج اجماع اماني الحرية، ليحقق فرصته كمستبد جديد دفع تاريخ وفاتورة الضحية، حيث شاع وراج متبرجوا
ابراز الفواتير النضالية وبنوك التضحيات للاستثمار السياسي والغنيمة الشرعية، حيث الاجماع الساكت على مجموعة ارتجاعت عمياء غير مفسرة، كما لو ان الناقد والمعارض يحارب الدكتاتورية بعقل الحرية ومنهج العدالة الداخلية في مجتمعه، وليس الصراع هو صراع ارهابيين ونظامين قائمين على القهر والظلم والقتل والجريمة المقدسة، وشتى دعارات التازيم الاخلاقي ، فكثير من راجمي الزانية والمجدلية ليس بسبب اخلاقي بل لانها رفضت تقديم المتعة لهم وفضلت تقديمها لغيرهم !!!وهكذا هي حرب الفرص وليس حرب المبادئ.
قلنا ان فيزا العبور التنفيذية هي محاربة صدام، وهذا بما يحمله من سحر ووهج تزكوي يجعل كل اشباهه قد اغتسلوا بدماء اثمه، كي يؤسسوا لاثم قادم، وعلى هذه القاعدة الفولكلورية، يطرح المشهد العراقي سلما متطورا نحو الابشع، كما فرزته القوى الشعبية والاجتماعية، وهي تقدم اكبر الحجج والمسوغات الطيبة لضرورة دولة الردع والطوارئ، لاسيما وان نقد هذه القوى يسير باتجاه مقلوب، كما لو انها انتفضت على هوامش الحرية في عهد صدام لتقضي على هذه الهوامش باعتبارها تعبيرا اثميا وكافرا ، يمثل انموذج ذلك النظام، وهذا ما حدث حيث تعتقد القوى الثيوقراطية والتوتاليتارية ان هذه الجعجعة من الحرب والمعارضة للطغيان ليس لاغراض الحرية انما لاستكمال هوامش المهمل في مساحة الحرية الشخصية وتاليا ضربها وخنقها لانها الترميز الذي تعتقده عن ذلك النظام، وهذا ما استعرضته مجموعات من الوحوش والاوباش الهائمة، وهي تفتك قتلا وتخريبا وتكفيرا بين الناس والمجتمع حيث ازدادت مساحة الخوف من ذي قبل، كما لو ان المفاضلة بين العروبيين والاسلاميين تقوم على ماراثون تسابق الخوف ونظامه ..ولعل الثغرة الدهائية المخاتلة التي حققت لايران اريحية التغلغل في الوسط العراقي، وتاليا تكبير دائرة التكفير الاجتماعي الى التكفير السياسي هي ثغرة الحرية الشخصية ولصوق هذه الفجوة بالترحيب المسبق مما رسخ من قيم جاهلية وذكورية وقبلية، وبالتالي طرح المشروع باقصى تجلياته القروية لهزم المدينة مرة اخرى بعد ان هزمها البدو العروبيون فجاء دور القروية البربرية كارث في اللاوعي الثقافي الايراني، والذي انتصر عبر رمزية المحافظين في ايران على المدينيين الاصلاحيين!! وهذا الفضول البحثي ازاء حرب المدينة مع التريف والتبربر يتخذ حيزا يتصف بانقلابات انثروبولوجية، من شانها اشعال حربا بين الطبيعة والافكار، بحيث تتحول الافكار الى معادي مطلق للحياة فتقع بخطاب الموت والتصحير والاكتئاب السياسي والاجتماعي، وما فيه من تاثيرات على الكيانية البيولوجية، حسب العلماء الذين اثبتوا تبادل التاثير بين الافكار والمعنويات والبيولوجيا وعلم النفس.
في الناتج فان العراق يقع فريسة تاريخين واعداء اخوة، وهم برابرة البطاح الشرقية الاسلاميون وبداوة العروبة، حيث تتهاوى قيم المدينة وتصبح خمسينات واربعينات العراق اكثر مدنية وتحضر مما انتجته البابويات القروية، التي جاءت بها تواريخ الانقلابات وافكار التحرير التي سادت فيها ثقافة العنف المقدس، مؤسسة لمداخل وتحضيات حالية، لم تهدم حت اللحة فاضلة السحل وتقطيع الجثث، بل جاءت اليوم كمفخرة ثورية، ومن يفاخر بثورية ثقافة السحل عليه تقبل ما انتجه وخلقه هو بنفسه، حين ياتي الاحفاد التموزيين بعد فترة لينفذوا وصايا العهد الاول، كي يسحلوا اجدادهم، انه الارث الذي تركه الاباء لابنائهم، باليسار والعروبة فالاسلام، حيث نظام التوتاليتاريات ، المحمولة بشتى ثنائيات فخاخية بين الاثم الماضي والطهر الحاضر، وكانت فاتورة خلق انظمة الطغيان ومصارعتها اشد فزعا من الطغيان نفسه، لان الاول يزكي الثاني!!هكذا هواللامعقول حين يصبح شرعية سياسية.

يتببع