السيد رئيس الوزراء الدكتور أياد علاوي المحترم

بعد التحية والتقدير،

بدءً، أود الإعراب عن تقديري العالي لما تقومون به وفريقكم، الوزراء وجميع مراتب القوات المسلحة والخيرين من أبناء شعبنا من أعمال بطولية في سبيل إنقاذ وطننا العزيز من عصابات الإرهاب والجريمة المنظمة، وتقبلكم المسؤولية في هذا الظرف العصيب، واستعدادكم للتضحية بحياتكم، وهو يمر بأخطر منعطف في تاريخه الحديث. إن العراق يواجه الآن تحديات كبرى، معركة البقاء أو الفناء، فإما أن يكون أو لا يكون. لذا فيعرف الجميع ضخامة عبء المسؤولية الملقاة على عاتقكم في هذه اللحظة الحاسمة وقد اختاركم التاريخ لتلعبوا دوراً كبيراً ومشرفاً للقيام بهذه المسؤولية الصعبة في إنقاذ الوطن من الإرهابيين ومواصلة مسيرة البناء والعملية الديمقراطية.
كذلك أقدر عالياً، خطورة موقفكم الصعب في تجربة أسلم السبل وأقل الخسائر لحل الأزمة الراهنة التي أثارتها مليشيات (جيش المهدي) وبقية فلول الجريمة المنظمة ومن وراءهم بعض دول الجوار التي تعمل على إجهاض العملية الديمقراطية في العراق. فموقفكم حرج، أشبه بمن يمشي على حبل مشدود، في الموازنة بين سياسة الشدة واللين، للحفاظ على هيبة الحكومة من جهة وعلى سمعة الديمقراطية الوليدة من جهة أخرى. إذ يبدو أن الحكومة تعاني من التردد في استخدام القوة ال كافية لضرب الخارجين على القانون، خوفاً من اتهامها بتخليها عن الديمقراطية. ونحن نؤكد لكم إن الديمقراطية لا تتناقض مع استخدام القوة في دحر الإرهاب. إذ لا يمكن تحقيق الديمقراطية ما لم يتوفر الأمن أولاً وقبل كل شيء. ولا ديمقراطية بوجود مليشيات مسلحة. وفي حالة التساهل مع الخارجين على القانون خوفاً من تهمة الإساءة للديمقراطية، فإن الشعب سيخسر الديمقراطية والأمن والوطن وكل شيء.
لذلك، فيا سيادة رئيس الوزراء، يجب أن لا ننسى مبدأ الأولويات: إن مستقبل العراق وشعبه أهم من كل شيء وفوق كل شيء. لقد بلغت الأزمة حداً خطيراً بحيث أي تساهل إزاء المجرمين سيفسر ضعفاً للحكومة وسيهدد بانهيار معنويات القوات المسلحة وتمادي قوى الشر وانتصارها وبالتالي انهيار الدولة العراقية. و إذا انهارت الدولة، لا سامح الله، سيتفتت الشعب العراقي إلى مجموعات بشرية صغيرة متشابكة في حروب أهلية مدمرة، لا تبقي ولا تذر. وعندها ستتحقق نبوءة صدام حسين حين قال: (إن الذي سيحكم العراق من يعده سيستلمه أرضاً محروقة بلا شعب). إن ما يقوم به جيش المهدي وفلول صدام حسين والزرقاويون وبدعم من إيران وسوريا وبمباركة جهات خارجية أخرى لا تريد للعراق خيراً، يعملون لتحقيق هذه نبوءة الشريرة.
وكما ذكر الدكتور عزيز الحاج في مقالته القيمة في إيلاف يوم 22/8/2004 (الحكومة العراقية وخطر الانزلاق في الفخ ) أن حكومتكم كانت ومازالت تمتلك عدة أوراق لإلحاق الهزيمة بأنصار الصدر وغيرهم من قوى الشر وكسب الشعب العراقي والرأي العام العالمي إلى جانبكم. ومن هذه الأوراق، محاولاتكم المتكررة مع الصدر لحل الأزمة بالطرق السلمية وآخرها إرسال وفد المؤتمر الوطني الذي رفض الصدر حتى لقاءه، وتذمر غالبية الشعب العراقي وخاصة أهل النجف من المجرمين الصدريين بما ألحقوا بهم من أضرار اقتصادية وأمنية، وتفوقكم العسكري على فلول المخربين. لذلك فأي يوم يمر على الأزمة لن يكون في صالح الشعب بل في صالح الإرهابيين لأن التأخير في دحرهم سيزعزع ثقة الشعب بالسلطة ويلحق أشد الأضرار بمعنويات رجال القوات المسلحة وهيبة الحكومة.
لذلك فإن الوضع لا يتحمل أي تساهل أو مهادنة مع كل من يهدد مستقبل العراق. فالصعوبات التي يمر بها الوطن أدت إلى إعادة اصطفاف القوى وأفرزت السياسيين المخلصين الجادين من المتخاذلين لحسم الأزمة. فهناك مع الأسف، بعض القادة السياسيين الإسلاميين، تبنوا الازدواجية في التعامل مع الأزمة الراهنة. فهم مازالوا يعملون على استرضاء الخارجين على القانون ويطالبون الحكومة بالحل السياسي الذي أثبت فشله، بينما الوطن في خطر داهم ولا يتحمل المساومة أو التأجيل. لذلك نؤكد لكم أن الحلول السياسية قد انتهى وقتها ولا يعرف المجرمون سوى لغة القوة لدحرهم بشكل نهائي وحسم الموقف لصالح الشعب، مرة وإلى الأبد.
كما نطالب بأخذ موقف صريح من إيران وسوريا اللتين تدعمان الإرهاب في العراق بغية إفشال العملية الديمقراطية فيه. فإيران تحاول استغلال الأزمة باختطاف العراق من أهله وتهميش دور الحكومة العراقية وذلك عن طريق دعوتها لعقد مؤتمر دول الجوار ومؤتمر الدول الإسلامية بحجة حل الأزمة العراقية وحماية العتبات المقدسة الشيعية ووصفها محاولاتكم لإنقاذ النجف والحضرة الحيدرية ك قصف هيروشيما ونكازاكي بالقنابل النووية. إن النوايا الإيرانية من هذه المحاولات معروفة وهي تهميش الحكومة العراقية والحصول على دور بارز لها ولعميلها مقتدى الصدر وأنصاره ومعاملتهم كما لو كانوا جهة شرعية في العراق للتفاوض معهم وبالتالي تسليم العراق لقمة سائغة إلى النظام الإيراني. ل ذلك صار التدخل الإيراني الفض بإشعال الفتنة في العراق علناً لا يمكن السكوت عنه. فالمصلحة الوطنية تقتضي فضح جميع أعداء الشعب العراقي دون أية مجاملة. إلا إن بعض السياسيين العراقيين وهم في موقع المسؤولية يحاولون وبدوافع طائفية على حساب الوطنية، تبرئة إيران من التدخل الفض في الشأن العراقي. على هؤلاء أن يحسموا موقفهم من هذه الأزمة، بأن يختاروا، إما أن يكون ولاءهم للوطن أو للطائفة. وننصحهم أن يكونوا مع الوطن، لأن الوطن أكبر من أية طائفة ولأنه لا يمكن أن تنجو ال طائفة إذا احترق الوطن. فنجاة الوطن ضمانة أكيدة لنجاة الجميع وإذا احترق الوطن احترق الجميع.
خلاصة القول، سيادة رئيس الوزراء، لقد استنفدت الحكومة كل الوسائل السلمية لحل الأزمة مع المتمردين، لذلك نهيب بكم باستخدام القوة لدحر الإرهاب وخلاص الشعب من شروره في كل أرجاء الوطن بأسرع وقت ممكن . فلا ديمقراطية و إ عادة إعمار العراق بدون تحقيق الأمن والاستقرار أولاً وقبل كل شيء.

تمنياتنا لكم بالصحة والسعادة وتقبلوا منا فائق الشكر والتقدير.

المخلص

د. عبدالخالق حسين

إنكلترا