في ردة فعل غاضبة وناقمة، قام النيباليون بالهجوم على كل شيء يمت من قريب أو بعيد بالعرب والإسلام، فما بين إحراق مكتب الخطوط الجوية القطرية ، الى مهاجمة السفارة المصرية وصولا الى الحدث الأمضى والأخطر والذي تمثل في إحراق العديد من المساجد الإسلامية في عموم البلاد.ومن دون الوقوع في فخ التساؤل ،عن المبررات والأسباب التي جعلت من هذا الشعب الودود والهاديء أن يعيش لوثة الغضب والحنق والإمتعاض والكراهية. فإن الأجدى بنا أن نشير هنا الى أن الكراهية ، ماهي إلا مرض كباقي الأمراض له أعراضه وفايروسه الخاص، وله ضحاياه ومصابيه.


غرام وانتقام
في المدار الغاضب والناقم ، لابد من وقفة متأملة تعنى بقراءة الوقائع والأحداث التي تترى ، والتي لاتصب إلا في مجرى العداء للإسلام والمسلمين .فيما يكون الفاعل مجهولا، ولعل السؤال الأهم يتعلق بمن هذا المجهول الذي يستغرق في الضحك على الذقون، مستمرءاً لعبة الإتهامات الجاهزة، ليكون الكشف عن تلك الأسماء الوهمية والتي تتلبس في العادة تسميات من نوع ، انصار السنة ، أو الإسلام ، فيما يكون اللثام حاضرا وجاهزا، ليعمق من حدة الحيرة والشكوك حول هذا الطرف أو ذاك، بإزاء استمرار العمليات التي تسيء الى الإسلام ، وتعمل جاهدة الى تشويه صورته لدى الآخر.
ملثمون ومقنعون يجترؤون على حرمة الإسلام ، بإسم الإسلام يقتلون ويسفكون الدماء ويقطعون الرقاب، تحت دعوى المقاومة والجهاد، لكن النتائج جميعا تصب بالضد من هذه الدعوة ، حتى ليكون السؤال، لماذا كل هذه الظلامية ولخدمة من ومن أجل من؟وإذا جاء التغيير من قبل الخارج ، بعد أن عجز الداخل العراقي من مواجهة النظام الشمولي، فإن المتعلقات الواقعية تبقى فارضة بحضورها حول الغاية والهدف الذي يعن على تلك المجموعات الشبحية والتي لاملامح لها أو تحديدات، سوى لافتة كتب عليه توصيف مقتضب، يمكن أن يكون وسيلة وأداة ، بيد أي طرف وأي جهة ، تريد أن تعبث بصورة الإسلام، وتجعل منه هدفا للإستعداء والرفض وإيغال الصدور والقلوب بالضد منه.
قطع للرؤوس وتمثيل بالجثث على طريقة هولاكو وجنكيزخان، ومشاهد تتفوق في بشاعتها على أفلام الرعب، فيما تجتهد الفضائيات العربية في حمى العروض المجانية ، من دون وازع ولا رقيب، مجتهدة نحو الفهم المجزوء لفكرة حرية العمل الإعلامي، وموغلة نحو إعلاء مصالحها الخاصة، على حساب الإسلام الذي بات بمثابة القضية الإخيرة في سلسلة الولويات التي تترسمها في برامج العمل .ومن هذا الواقع صار الجميع يحشد جهوده لمناقشة هذه الأوضاع ، إنطلاقا من الرؤى التي تحكم وجهة نظره، وإستنادا الى مرجعياته الفكرية الخاصة به.ومن هنا تتبدى للعيان مكمن الخطورة التي باتت تقترب وبشكل واضح من المسلمين، الذين غدوا عرضة للإتهام من مختلف الأطراف، بإعتبار إنتمائهم الى بيئة تعمل على تشجيع الإرهاب، بل أن البعض من المراقبين والمحللين راحوا يقتطعون بعض النصوص من القرآن الكريم ، ويعملون على تقديمها الى القراء بوصفها دليلا دامغا،تحت دعوى الحث على إلغاء الآخر وأهمية العمل على نبذه وإقصائه، بل ومحاربته بمختلف الوسائل.


انحراف الغايات
تداخل ما بعده تداخل ، وعصاب وتشنج بات يعصف بالعالم حتى بات من العسير ، أن تتوفر بعض المساحة لحضور العقل، أو تقديم الموضوع على بساط النقاش الموضوعي والهادف، فالتهديد لم يعد يطال الجانب الرسمي ، بل أن الإستغراق راح ينحرف نحو الجهات العامة والجماهيرية والشعبية ، حتى أن موضوعة الحادي عشر من سبتمبر ، صارت بمثابة المفتتح والمنطلق، الذي يتم التأسيس عليه في أي تداول لموضوع الإرهاب، متخذين من الشرائط التي بثتها قناة الجزيرة لإعترافات بن لادن، بمثابة الدليل الذي لا يدخل إليه الشك، حيث الإشارة الى عربيتها وإسلامها، أو إنتمائها الى بلد عربي وإسلامي على أقل تقدير.
قتلى ومذبوحين بالعشرات، والشعار المرفوع يتم ربطه بقضية تحرير العراق إستنادا الى التعاليم الإسلامية ، بهكذا تبسيط يقوم الملثمون بأفعالهم، يختطفون ويطالبون بخروج هذا الطرف أوذاك، فيما صار الإتجاه الجديد، يتحفز نحو توسيع الأفكار ليكون المنجز الأخير وقد تمثل في إستعداء فرنسا، والتي رفضت المشاركة في قضية الحرب على العراق، ليتم إقحام قضية الحجاب في المدارس الفرنسية ، بطريقة فجة تكاد تكون مفتقرة الى المصداقية، فما هي العلاقة القائمة بين الحجاب في فرنسا ، وقضية تحرير العراق.
يتساءل العراقي البسيط عن اللوثة القومية، والتي جعلت من العراق بقرة حلوبا ، للبعض من الأشقاء العرب ذوي القدرات الكتابية الخاصة، والمتعلقة بالثناء والمديح والنفاق لمنجزات البطل الهمام والفارس المقدام، والذي كانت نهايته متحصنا بين الأقدام، وهذه اللوثة الإسلاموية والتي يتم من خلالها التبرع بالعراق ، الوطن والتاريخ والمستقبل ، من أجل إمرار أهداف وغايات ، لا تأسيس لها غير الإحتقان والعصاب والذهان النفسي، فمن طرد الإحتلال الى إعادة الحجاب في فرنسا، لابد أن العقل الملثم سيتفتق عن فكرة جديدة، والتي نرجو لها أن تكون أكثر حصافة وواقعية، فقد مللنا من نظرات الحنق والإزدراء المصوبة نحو المسلمين، جراء الحماقات، أو(( المؤامرات ربما)) التي يقترفها البعض بإسم الإسلام.

تورنتو