انا لا اعتقد قطعا بان إيلاف والاخ عثمان العمير والمجموعة العاملة معه من الشعبويين في إعلامنا العربي. فإيلاف هي النقطة المضيئة في مسيرة الثقافة العربية اللبرالية وحولها تكونت مدرسة جديدة في طرح ما يعانيه العالم العربي من امراض والكثير من الوصفات لعلاجها. ومن صفحات إيلاف تعرف كثير من المثقفين العرب على كتاب ومفكرين كانوا حبيسي امكانيات النشر الصعبه في العالم العربي. كما وان التغير الذي طرء على الصفحة العربية الالكترونية الاولى من حيث التصميم كان خطوة إلى الامام في اضافة مواضيع جديدة لاستقطاب قراء جدد ومنها زاوية الكاريكتير. ولكن رسام إيلاف، سامحه الله، لم يضطلع على خط إيلاف العقدي واستقلالها الفكري فذهب بعيدا في ذم كل ما هو امريكي ابتداء من الرئيس بوش وانتهاءا بامريكا ككل في كل يوم تقريبا يطل به علينا نحن قراء وكتاب إيلاف. نعم اننا ننتقد الولايات المتحدة الامريكية في سياستها وندعو إلى نقدها وقبل ذلك ان نقوم بفضح سياسة حكوماتنا التي اوصلت حالنا إلى ما هو عليه من التخلف، وهي تستحق النقد قبل غيرها، كما ننتقد بعض نقاط سياسة الولايات المتحدة الامريكية الخارجية ومنها حصرا القضية الفلسطينية، ومن منظار عربي بحت، ولكنها قدمت وتقدم الكثير لهذه الامة واولها مظلتها التي حمت العرب من الخطر الخارجي وهي لا زالت الامل في ان تحميهم من عاديات الايام القادمة في حالة تملك ايران للسلاح النووي بجانب إسرائيل، وكذلك ما تقدمه من مساعدات كبيرة لاغلب الدول العربية وفي مقدمتها مصر والاردن وغيرهما، واخيرا مساعدة العراقيين على التحرر من اعتى نظام دكتاتوري مر باتريخهم الحديث، إلا اذا كان ازاحة صدام حسين ونظامه يعتبر غلطة امريكا لدي البعض، فهذا شئ آخر. ففن الفكاهة والكاريكاتير الساخر له لدى العرب تاريخ يمكن العودة اليه عن طريق الكتب التراثية وصولاً لبدايات ظهوره كفن في الصحافة العربية، وهو حديث عموماً يكاد يكون ابن القرن العشرين، على الرغم من أن بوادر ظهوره كان في السنين الأخيرة من القرن التاسع عشر. اعتقد بانه الفن الذي كأول شيء ما يمكن أن يفعله رسامه هو المصداقية ينقلها إلى الناس. اذ عليه أن يكون صادقاً مع نفسه ايضا وأن يهتم بالمواضيع والمشاكل التي تهم القارئ او المتصفح على الانترنيت. وان تكون معالجته لها من اجل شحذ الانظار لعلاجها عن طريق البعد الجمالي والفني الذي يملكه. والكاريكاتير له دور ليس في الفضح، ولكن في التقاط المفارقات التي يعج بها الواقع، سواء الثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وما اكثرها في عالمنا العربي. فهناك اقتناص للأحداث والمفارقات لاصلاح الاعوجاج والهفوات، وهذا يعني أن دور الكاريكاتير هو دور تحريضي، ودور استفزازي من اجل الاصلاح وليس تكريس للسيئات. ومن هذا المنطلق أن دوره هو المساهمة في تطوير المجتمع العربي من خلال التوعية. انه فن التقاط المفارقات والكشف عن الفساد. فناجي العلي ارتفع بالكاريكاتير من مستوى الاضحاك الى مستوى التفكير والتأمل. ونحن قراء إيلاف لا نطالبها ان يكون لها فنان كناجي العلي، ولكن ان يكون لها فنان ذو ذوق ينقل إلى المتصفح العربي ما جلبت له تفجيرات سبتمبر الإرهابية من اساءة لقوميته والإسلام على حد سواء وليس كعكة احتفالية يحس بها المتصفح الشماتة والسعادة بتفجير مبني التجارة العالمي في نيويورك. ففي المآتم لا تقدم الكعكعات مهما اضيف إليها من رتوش. كان على فنان إيلاف ان يستغل هذه الفرصة بالتذكير للاثم الكبير الذي اقترفه ارهابيون عرب بحق البشرية جمعاء والعرب والاسلام خاصة. ان يذكر المتصفح بالمدرسة التي خرجت الارهابين الذين يحزون الرؤوس ويفجرون الاجساد انطلاقا من احداث سبتمر الدامية عن طريق رسم يمثل الارهاب كشخص بن لادن او الظواهري او غيرهما مثلا، يأكلون حول مائدة تقف على رؤوس مقطوعة لمسلم مصري وآخر مسيحي ايطالي او بوذي نيبالي وخلفهم اشلاء انفجارات الرياض او الدار البيضاء، او قطارات مدريد او السيارات المفخخة القاتلة لاطفال العراق. ان يعلم النشأ العربي بخطورة الارهاب على المجتماعات العربية وامنها الاجتماعي وتقدمها، وليس رسم تحريضي يمجد الارهاب في كعكة. ان كاتب هذه السطور من حكم تخصصه يعرف الاساليب الفنية ومقاصدها على الورق وبنايات على الارض. فان رسام إيلاف لم يكن نبيها في ما قدمه بمناسبة الحادي عشر من سبتمبر. انا ارجو الاخ عثمان العمير ان لا يسمح بمثل هذا النشاز على واجهة صحيفتنا،صحيفة الامل العربي في التغير. وان لا يفسح المجال لتمجيد الارهاب ونتائجه عبر فن رفيع يمكن ان يستثمر لتثقيف الامة كما هو حال كتابات إيلاف الذي يعود الفضل للعمير وصحبه في اطلالتهم على اوسع نطاق عبرها.

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف