تعد القرارات الصادرة من مجلس الأمن بمثابة القوانين الملزمة للدول الأعضاء في المنظمة الدولية، ويملي عليها ألزامها القانوني والأخلاقي الألتزام والتقيد بها. وفي مسألة دولية صارت محط أنظار العالم مثل العراق، أولت المنظمة الدولية أهتماماً بالغاً في الشأن العراقي، فأصدرت قرارات مهمة فيها، حيث أشارت بموجب الفقرة الرابعة من قرارها المرقم 1483 الصادر عن مجلس الأمن الدولي لسنة 2003 الطلب الى جميع الدول الأعضاء عدم منح الملاذ الآمن لأعضاء النظام العراقي السابق الذي يزعم انهم يتحملون المسؤولية عن أرتكاب جرائم وفضائع ودعم الأجراءات الرامية الى تقديمهم للعدالة.

كما أشار القرار المذكور في الفقرة 23 منه الى أن تقوم جميع الدول الأعضاء التي يوجد بها أموال أو أصول مالية أخرى أو موارد أقتصادية ملك لحكومة العراق السابقة أو الهيئات الحكومية أو المؤسسات أو الوكالات التابعة لها الموجودة خارج العراق في تاريخ أتخاذ هذا القرار أو أية اموال أخرجت من العراق أو حصل عليها صدام أو مسؤولين كبار غيره في النظام العراقي السابق وأفراد أسرهم الأقربون، بما في ذلك الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها، بضرورة مباشرة أو غير مباشرة هؤلاء الأشخاص يتصرفون بالنيابة عنهم وبتوجيه منهم بتجميد تلك الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الأقتصادية دون أبطاء.

والمتمعن في الفقرتين المذكورتين من قرار مجلس الأمن يدرك حجم الخرق والأستخفاف الدولي من دول مجاورة للعراق حرصت على مخالفة دقيقة وحرفية لنص الفقرة الأولى من القرار اعلاه بأيواء أشد المتهمين أجراماً وخسة في ارتكابهم الأغعال الأجرامية بالقتل وتعذيب المواطنين العراقيين ، وأن يكون من بين هؤلاء اكثرهم خطورة وأجراماً ومنحتهم الحماية وقامت بحراستهم أمعاناً في حمايتهم من اهل الضحايا من العراقيين، وأنكرت وجودهم أعلاميا ونفت تواجدهم على أرضها مع أن العديد من العراقيين شاهدهم بالعين المجردة وسهلت للبعض منهم الخروج من بلدها بجوازات سفر مزورة وأحيانا دون جوازات سفر بغية التحايل على الدول الأوربية للحصول على اللجوء الأنساني بأسماء بديلة أو حتى باسماؤهم.
إن وجود هذه المجموعات في هذه الدول التي وفرت لها الملاذ الآمن يدلل على الخرق القانوني والأخلاقي للقوانين والقرارات الشرعية الدولية، بالأضافة الى ترتيب موقف معادي للشعب العراقي لايمكن التعكز او التستر على وجود القوات الأجنبية في العراق كسبب يدعوها لحماية هذه النماذج التي ابتليت بالجرائم الخسيسة. كما قامت دول أخرى بحماية الأموال المسروقة من قبل أفراد عائلة الطاغية وبعض الشخصيات المهمة والرئيسية في النظام البائد، وتوظيفها لتلك الأموال وتمكين أفراد العائلة المالكة التي أستطاعت أن تقوم بسرقة أموال عراقية كبيرة وأن تتمكن من أستثمارها وتوظيفها وشراء العقارات الفخمة والبذخ والعيش الرغيد من أموال العراقيين المسلوبة والمنهوبة والمسروقة، وقيام تلك الدول بتوظيف حراساتها وجندها لحماية تلك العناصر ومنحها الأقامة المشروعة التي حرمت منها الاف العراقيين، وتمكين تلك العناصر التي أتهمت بالسرقة والأختلاس من تبييض الأموال وتسهيل تنقلها ، وأستخدام اراضيها كقاعدة لهذه العناصر للعمل على قتل العراقيين وأيذائهم وتخريب مستقبلهم. ويكفي أن تتمكن أبنة الطاغية وزوجة المجرم المقبور حسين كامل من شراء العقارات والسيارات وتكون لها ثروة كبيرة وهي التي لم تخدم الدولة العراقية يوماً واحداً وليس لها مورد مالي معروف في العراق سوى ماتمكنت من سرقته من أفواه اليتامى والضحايا والمرضى من أبناء العراق الشرفاء لتنفق منه على الذيول والتجمعات الممتلئة بأمراض الكراهية للعراق والعراقيين متخذه من الأراضي الأردنية ساحة لأعمالها وفعلها وتصريحاتها ولقاءاتها السياسية المعادية للشعب العراقي.
يقيناً أن مجلس الأمن والأمم المتحدة تدرك جيداً أبعاد هذا الخرق وأسبابه، وتعي جيداً ماتم توظيفه من أموال عراقية أخرجت بطرق غير مشروعة ودون وجه حق من اجل تكريس أيذاء الشعب العراقي ومستقبله، مما يوجب متابعتها قانوناً وبشكل حازم من اجل اعادتها الى الخزينة العراقية. وإزاء تصاعد الفعل الأرهابي في العراق مع مساندة أطراف عديدة جميعها تحلم بخراب العراق وبقيام الحرب الأهلية، وامام تجمع عناصر الأرهاب العربي والدولي على الأرض العراقية يحصد من الدماء العراقية البريئة تحت شتى الحجج والذرائع يوميا بقصد ايقاف عجلة التقدم نحو المستقبل وبناء الديمقراطية والفيدرالية، ومحاولة أيقاف حياة العراقيين ومستقبلهم الواعد، فقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراره المرقم 1511 لسنة 2003 وفي الفقرة 19 منه أشارة واضحة الى أدانة الأرهاب ودعوة جميع الدول الأعضاء الى منع عبور الأرهابيين الى العراق من أراضيها ومنعهم من الحصول على الأسلحة والتمويل الذي من شأنه أن يدعم الأرهابيين، ويؤكد أهمية تعزيز تعاون بلدان المنطقة ولاسيما جيران العراق في هذا الصدد.
وأمام تلك المناشدة الدولية لم تزل أعداد عناصر الأرهاب تتسلل الى العراق ومعها السلاح والمواد المعدة لتفجير وتفخيخ السيارات، بل وقامت عناصر من دول الجوار بتسويق العديد من البهائم التي لها أشكال البشر لغرض انتحارها في العراق، وأخذت في مسعى محموم فضائيات وصحف صفراء وخطباء جوامع وعمائم التبس عليها الدين والدنيا فباتت تحرض على الموت في العراق وقتل العراقيين الكفرة كطريق الى الجنة، وتخفي أنفسها وأولادها عن أعين الناس وتحتمي بالكفار من الاجانب.
بقيت دول الجوار تحرص على عدم تنفيذ المناشدة الدولية ومخالفة فقرات القرار الدولي، فلم تزل الحدود مفتوحة وهي التي كانت في الزمن الصدامي البغيض تمنع النملة من التسلل، وتمكنت عناصر الأرهاب من نقل السلاح عبر حدودها في الوقت الذي لم تكن تستطيع سيارة أن تخترق تلك الحدود لو لم تكن بعلمها وموافقتها، كما أن تلك الفضائيات والصحف والعمائم المتسترة بلباس الدين لم تكن تجرأ أن تحرض على قتل العراقيين لو لم تجد الضوء الأخضر والموافقة من حكومات تلك الدول.
أما القرار 1546 وهو القرار الذي اكدت المنظمة الدولية ومجلس الامن فيه على تاكيد استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامته الاقليمية، وحق الشعب العراقي في ان يقرر بحرية مستقبله السياسي والسعي الى اقامة عراق اتحادي فيدرالي وديمقراطي تعددي يتوافر فيه كامل الأحترام للحقوق الساسية وحقوق الأنسان.
فقد طالب القرار المذكور من كافة الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والأقليمية العمل على تلبية أحتياجات الشعب العراقي الى الأمن والأستقرار.
لقد قامت دول عديدة من دول الجوار بالسماح لعدد من العناصر التي تزعم انها تعارض النظام الجديد من أن تتخذ من أرضها وأعلامها قاعدة للعمل وهي تدعو الى تمجيد النظام الصدامي البائد وتحاول تجميع العناصر الهاربة من العراق والتي تحاول أشاعة الموت والقتل وتحلم بأعادة الطاغية الى سلطة العراق، في الوقت الذي لم تكن هذه الدول تسمح للعراقي ليس أن يعمل ضد سلطة صدام في أراضيها وأنما المرور عبر الترانزيت على أرضها من قبل المواطن العراقي.
أن المساهمة في أمن العراق من قبل جميع دول الجوار بات مسألة أخلاقية قبل أن يكون ألزاماً دولياً في القانون الدولي، وأمام محنة أهل العراق، وامام ضعف أمكانياتهم ووضعهم الشائك كونهم أصبحوا تحت رحمة الأحتلال، مما يستوجب أن تقف معهم الضمائر الخيرة والحية من ابناء الشعوب المجاورة ومن حكوماتها، بدلاً من الأصطفاف مع قوى الأ{هاب الدولي الذي لن يدوم ولن يصمد امام أرادة الشعوب، وخصوصاً أرادة العراقيين الذين خبروا أقسى السلطات القمعية والأرهابية، فانتهت وبقي الشعب. وحتى لاتحمل تلك السلطات أوزار أعمالها وأفعالها على مستقبل شعوبها ينبغي عليها أن تتمعن في مصلحتها ومستقبل شعبها بدلاً من أغماضها العيون والتغاضي عن الجرائم الأرهابية في العراق والتي لابد أن تنتهي. وإذا أطلعنا على قرارات دول الجوار العراقي ومنها العربية، ندرك أن الخروج بصيغ دون أن يتم ترجمتها الى فعل أمر لايخرج عن الكتابة على الورق، فلم تزل رؤوس عديدة من النظام السابق موجودة في هذه الدول، ولم تزل أموال عراقية مسروقة ومهربة من العراق في هذه الدول، ولم تزل هذه الدول تسمح لبعض ذيول وأذناب العهد البائد أستخدام اراضيها كقواعد لأيذاء العراقيين وعرقلة مساعيهم في بناء مستقبلهم، ولم تزل هذه الدول من تغض النظر عن تجنيد البهائم وتسويقها لتموت فوق ارض العراق وتقتل أكبر عدد ممكن من العراقيين، لأن الطريق الى الجنة صار على جثث وأشلاء ودماء العراقيين الأبرياء كما يفهم هؤلاء. المطلوب ترجمة حقيقية خلال أيام لقرارات المؤتمر، وهذا الحال لايحتاج الى دراسة وتحليل وتفكير، ودون ذلك تبقى القرارات عربية كالعادة ليس لها تأثير في الواقع.