لا غرابة ولا عجب فيما ينتهجه النظام الإيراني ضد الأردن على مر عقود مضت، وكم سعى الأردن إلى الاستجابة لمنطق السلم والتعايش مع هذا النظام، إلا أنَّ نواياه كانت تكتيكية ولم تعرف الحُسنى على الإطلاق، ولم يكن ما بدر من نظام ولاية الفقيه من اختراق للأجواء الأردنية أو رسائله المبطنة بالعداء هنا وهناك بالنهج الجديد الذي ينتهجه هذا النظام، فقد عانينا منه ومن تدخلاته وتهريبه السلاح من خلال ميليشياته بالوكالة، تلك التي تعمل بمنطق العصابات، إذ لا يمكن تسمية مهربي المخدرات والسلاح المنتهكين لكافة القيم بالقوى الثورية، والأمر ليس خافياً على أحد.
لكنَّ الغريب في الأمر، بعد افتضاح أمره، أنه لا يزال هناك من يعتقد أن ملالي إيران هم حملة لواء الدفاع عن فلسطين، وهذه القناعة ربما يتم استغلالها إيرانياً بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا يفرق هؤلاء بين استغلال ملالي إيران القضية الفلسطينية لتوسيع نفوذهم وتحقيق امتدادٍ تنظيميٍ وشعبي لهم، وبين موقف جاد وصادق مع فلسطين؛ فنظام الملالي الحالي منذ أن جاء قبل حوالى 45 سنةً لم يطلق رصاصة بشكل مباشر على إسرائيل، بل دخل وأطلق النيران واحتل عواصم عربية وقتل فيها عرباً ومسلمين لحماية مشروعه، ولم يقترب من فلسطين إلا في إطار التنافس والمزايدات وتقاسم النفوذ والهيمنة على الأرض العربية.
لقد عبث الملالي بعقول البسطاء من العرب، ولا يزال هناك البعض ممن يعتقد بأنَّ فرقة الملالي هي من تريد تحرير فلسطين، وهي من تحمل راية فلسطين والقدس، في حين أنه بالإمكان التأكيد بأنَّ الغالبية العظمى من الشعب الإيراني لا تؤمن بالملالي، ولا بأيٍ من شعاراتهم على الإطلاق، لأنهم يعرفون حقيقة هذا النظام، وأكثر اعتماد الملالي على العقول المغدور بها من العرب في العراق والخليج وسوريا ولبنان واليمن وسائر دول المنطقة والعالم... ومن يذهب يطلع من أبناء منطقة الشرق الأوسط على واقع الحال داخل إيران وما يجري في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا، سرعان ما سيكتشف الحقيقة، ويتمنى لو بيده سلطة وسياطاً يجلد بها الملالي والرؤوس التي آمنت بهم وأطاعتهم، علماً أنَّ البعض ممن أطاعوا الملالي اتبعوهم من أجل المنافع والامتيازات، وهنا نستخدم كلمة رؤوس بدلاً من عقول فالعقول تعقل والرؤوس تحوي ما يعقل ولا يعقل.
نواجه في الأردن منذ زمن بعيد خطر مشروع الملالي، ونقف على تماس مباشر مع مخطط هلال ولاية الفقيه التآمري في المنطقة.. المخطط الذي يستغل كل أزمة في أي بقعةٍ جغرافيةٍ عربية للتوسع، ويستعمل القضية الفلسطينية في ذات الاتجاه، وهو خطر يتسارع على مساحات النفوذ على الأرض العربية، وبالرغم من نداءات الملالي من أجل التطبيع، إلا أنهم لا يزالون يضمرون العداء للأردن والعرب، وقد كانت آخر رسائل منهم دعوة ميليشيات تابعة لهم إلى نشر السلاح المنفلت داخل الأردن، بالإضافة إلى انتهاك غربانهم المسيرة الأجواء الأردنية، وقد سقط بعضها وهوى كجراد ثمل على التراب الأردني.
الأردن عربيٌ هاشميٌ أصيل، حريص على متانة أواصر الأخوة مع جميع أشقائه العرب والمسلمين في كافة قضاياهم ومواقفهم، بمبدأ ثابت لا يتزعزع، سواء قبِل الملالي وغيرهم بذلك أم لم يقبلوا، وسواء أعجبهم أم لم يعجبهم، وكان الأردن وسيبقى ثابتاً على نهجه هذا، مدافعاً حريصاً عن كرامة وسيادة الدول العربية، ولولا مواقف الأردن المبدئية وحرصه على سيادة أراضيه وأمن واستقرار الدول العربية لغرقت بعض الدول العربية بالمخدرات والسلاح والفتن.
منذ عقود ونحن نحذر منهم ومن مخططاتهم وخطورتهم على المنطقة كلها، ومع الأسف واتتهم الفرصة فهيمنوا على العراق بعد احتلاله وهدم الدولة فيه، وتمددوا من العراق إلى سوريا واحكموا السيطرة على لبنان وهيمنوا على اليمن وحاصروا السعودية من خلال الحدود العراقية واليمنية ويحاصرون الأردن من خلال الحدود مع العراق وسوريا، واليوم يكشرون عن أنيابهم ويُظهرون حقيقتهم وكأن لم يكن هناك حواراً وتطبيعاً معهم بناءً على رغبتهم.
إن ما يجري من أحداث ومخططات للملالي في المنطقة، سواء بشكل مباشر أو من خلال عصاباتهم بالوكالة، ليس بالأمر الجديد، فهو القديم الجديد، وقد تمادوا في غيهم وطغيانهم وتعديهم.. ولن يهدأ نظام الملالي ولن يتراجع عن غيه وانفلاته إلا بعد كسر رأسه وسحقه وإزاحته من الوجود.. وبدء ذلك يكون بقطع أذرعهم في المنطقة.
إقرأ أيضاً: سحق رؤوس الأفاعي بدءاً من طهران
أما اليوم فقد اُفتُضِح أمرهم وظهرت حقيقتهم وحقيقة العصابات التابعة لهم، وبات من الضروري أن ندرك جميعاً في المنطقة أنَّ هؤلاء الملالي كارثة حلت على المنطقة وأمة الإسلام، ولا بدَّ من الخلاص منها حتى يعم السلام في ربوع الشعب الإيراني والعراقي والأردني والسوري واللبناني واليمني وشعوب المنطقة كلها.
إننا دولة ديمقراطية حرة وذات سيادة، يتكاتف فيها الموقفان الشعبي والرسمي، والكل فيها مستعد للتضحية والفداء، كما يقف فيها القلم والبندقية كفوهة واحدة في ميدان الكرامة، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر في معركة مواجهة الباطل، خاصة تلك التي نعيشها مع الملالي الآن، فهم يوجهون بدعهم وافتراءاتهم كفكر إلى عقول البسطاء من أبناء المنطقة ويؤثرون بالمال والإعلام والدعم الدولي لهم.. وما تغاضينا عنهم إلا حُلُماً وصبراً وحكمةً، وفي الوقت ذاته لدينا القدرة على مواجهتهم بالفكر المضاد والحجج الدامغة، وإن قولنا الحق وسرعان ما يصل الحق إلى قلوب الناس.
ختاماً.. نعم نحن دعاة سلم وتعايش وتحضر، لكن هذا لا يعني أن ينسى الآخر أننا رجال ميدان أشداء غلاظ إن تطلب الأمر المواجهة.. أما مساعي ورسائل الأعداء فليست سوى عبثٌ تذروه الرياح.
التعليقات