نرحب بالعائد إلينا من بعد اغتراب وزاري لثلاث سنين عجافا، فالزميل نبيل بن يعقوب الحمر، يعود إلى بلاط المهنة الحقيقة، بعيدا عن البيروقراطية والرتابة اليومية ومتابعة كتابة البيانات، والقرارات،،، وإن هو تصدى خلال ألف يوم من مهماته لمسائل الإصلاح الذي استنه عاهل البحرين منذ اعتلائه العرش قبل سنين أربع، فإن أهم إصلاح تم على يديه، هو تفكيك وزارة الإعلام، ليعود مرتاح البال إلى مكتبه الذي نعرف في جريدة (الأيام) التي سهر وكابد وكافح من أجل أن تكون درة في الصحافة الخليجية، وهي كانت رغم ريعان طفولتها، وعانت الأيام مثل ما عانى مؤسسها مرحلة المخاض والخطر وهي تجاوزتها عبر الحوار البديع الذي أعاد معارضي الأمس في لندن، ليساهموا وزراء ويؤسسوا صحفا على أرض الوطن الذي ورث حضارة دلمون العريقة.

ولعلم قراء "إيلاف"، فإن نبيل الحمر، الذي سيعهد إليه أيضا بمهمة المستشار الإعلامي لعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يكاد يكون متفردا بين وزراء إعلام كثيرين تسلموا المهمة "المبهرجة التي تعطي صاحبها ألقا كبيرا" وتفرده أنه كان وإلى لحظة قيامه بالمهمة قبل ألف يوم، كان يعتد ويفتخر بكونه مراسلا صحافيا نشيطا، وبالفعل كنا نتدافع معه نحن "عصابة" المراسلين لخطف سبق صحافي من هنا وهناك، في هذه القمة أو تلك، وفي هذا التجمع العربي أو ذاك، وحتى حين كان مديرا عاما لوكالة أنباء الخليج التي صارت لاحقا وكالة أنباء البحرين، كان نبيل الحمر منافسا عنيدا لا يشق له غبار وكان يدهشنا بتفرده في كثير من الأخبار، حاله حال سعد البزاز (العراقي) وعثمان العمير (السعودي) وعبد الباري عطوان (الفلسطيني) وقاسم ياغي (السوري) وغيرهم كثير من أرباب حرفية المهنة.

وأتذكر أنه في العام الماضي طرح الزميل عماد الدين أديب سؤالا على الملتقى الإعلامي الثاني، مؤداه ست كلمات "متى نتخلص من وزارات الإعلام العربية؟"، وكان الجواب من أحد المشاركين الرئيسين في الندوة وهو نبيل الحمر : يا دكتور ، حين نخلص من الوزارات،،، هل تجد لي عملا؟ ، أجاب عماد الدين: أنت صحافي ، عد إلى ورقتك وقلمك.

لقد بادرت دولة قطر ومن بعدها الأردن، والكويت على الطريق للتخلص من وزارات الإعلام، ورتابتها وبيروقراطيتها المملة و"القبيحة" أحيانا، وها هي مملكة البحرين تحذو ذات الطريق، وعلى يد من؟ على يد واحد من أبناء مهنة الصحافة، ولقد فعلها من قبل صالح القلاب في الأردن، وعاد القلاب إلى أرومته، كاتبا تفتح له صفحات صحف الأرض، والآن جاء دور نبيل الحمر، ونأمل بأدوار أخرى، ولعل البادئة الرابعة سورية بوجود وزير الإعلام منفتح ليبرالي مثل الصديق الدكتور مهدي دخل الله، وليتها تأتي معها بلبنان بلد أول الحريات الديموقراطية في الشرق العربي.

على الهاتف، تحادثت مع الزميل الوزير السابق نبيل بن يعقوب الحمر، وهنأته بترك المكتب الوزاري، وصدقوني أنني لم اسمع قهقهة صادرة من القلب كما سمعتها اليوم من الزميل العزيز لشهور خلت، وهو قال "أنا عائد إلى مرابعكم ، فاحموا رؤوسكم أيها المراسلين الصحافيين، وانتظروا عودة ابن جريدة الأيام إلى حضنها.

قلت له على الطريقة البدوية "مردود عليك النقا"، بمعنى "نحن إلى التحدي" وأضفت "لنرى أيهما يصمد في الميدان ويحقق أول سبق صحافي من بعد عودتك، أنت أم إيلاف؟"، قال: بالتأكيد أنا، ولهذا أتحدث إليك عن التطورات الآتية في البحرين وزاريا، وهي ليست حركة عادية، كما تعودنا في التعديلات أو التغييرات الوزارية على الساحة العربية، ولك يكن نبيل الحمر يدرك أنه فعلا أعطاني تفردا صحافيا، حتى على جريدته التي يعود إليها بعد غد رئيسا لمجلس الإدارة ومناوبا ليليا لا يفارق صالة تحريرها حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط السود حتى الفجر على أن يختطف مانشيتا رئيسا ينافس به الآخرين ويتباهى به.

وفي الختام، فإن المانشيت الرئيس حقق نفسه وهو :أن نبيل الحمر عاد إلينا من بعد اغتراب. لعله يروي لأجيال تأتي عن الوزر الوزاري.