ندوة لمثقفين اسرائيليين: "اكرهك يا وطني كي اختبر الانتماء اليك"

اوسكار وايلد: "الوطنية فضيلة الفاسدين"


راعني حوار بين مثقفين اسرائيليين على القناة العالمية الاسرائيلية، منهم الشاعر والقصاص والناقدة الادبية، ولا اتذكر اسماء المتحاورين بالضبط، كانوا يتحدثون عن نقطة مهمة هي شطب الاخر، الا ان الذي سحب الاثارة عندي انهم لم يمجدوا اسرائيل ولا يعتقدوا ان الفكر الانساني تسيجه الوطنيات والعقائد فلقد هموا بنقد فكرة الشطب ولن توقفهم ولاءاتهم العقائدية ولا الوطنية، لان فكرة الشطب اللاانسانية كانت المحور الاكبر في حوارهم، بحيث اتصلت بعض الافكار بنقد البعد الوطني حتى حدود عابرة للمناطق المحرمة بل الاستخفاف من اسرائيلهم التي تشطب الاخر، وهم بلاد في حالة طوارئ دائمة تفرض العسكرة دون ان تفقدهم تلك الاسترخاءات الكلامية ودون ان يضعوا رقابة على كلماتهم، لانهم وطن لا يحكم مواطنيه على فكرة النوايا وترميز التهم : بكلمة او لون او اسم او حلم ضد الرئيس، لم يشطب متدينوهم علمانيوهم ما خلا حادثة رابين، فاستدركت حينها، كم كان مفزعا على متحدث عربي ان يعبر المنطقة الحرام على تلفزيون رسمي، او حتى في منفاه، ولم يواجه كيلا من التشويه والتحريم والتخوين خصوصا من فكر لم يتحرر من عقل الجندرمة الحزبية والوطنيات الانكشارية القائمة على تلقط الزلقة السياسية وان كان السياق يجبرك التحدث الموز الصومالي، كانوا يتحدثون عن فعل خيانة الذات وخروجها على الباده الجماهيري والوطني كشيء ملازم للفضيلة، كما لو ان الوطنية نزعة متخلفة ومشينة لقضية الحرية الفكرية، هكذا تاكدت ان هزيمة العرب ليس بسبب قوة اسرائيل العسكرية ولا بدعم اميركا ولا باللوبيات ولا بكل ما يسوقه كسالى العربان ونعيب الغربان، انما بهذه الحرية الطيبة التي تقوم على فكرة النوايا الطيبة مقابل وانعدام افكار مسبقة او نوايا سوداء، عالم تتقرر مصائر الفرد فيه وتجريمة اذا احب الطماطة الحمراء او اشترى دراجة حمراء لان ذلك كاف باتهامه كشيوعي والعكس حين يتهمه الشيوعي ويجرده من انسانيته ليس لانه ضده بل يشطبه من اية وطنية او انسانية بمجرد انه اختار دراجة صفراء او خضراء، عالم يقوم على قاعدة النوايا وافتراضات الحكم على ضوء علاقة الباذنجان بالتفرقة العنصرية ثم تحوير سياقات الكلمة لا يستحق الا ان تهزمه عملية سباق الفضائل وحماية النوايا الطيبة امام ي كلمة تقال، ولعلي هنا اصلي لكل الخيانات والموبقات والمساوئ والاراضي المحرمة واعتبر الحراك بحرية داخلها نوعا من التقاط الكرامة الانسانية في جل انتهتاك حدود الكلمة، وخلخلتها الى اقصى الضفاف دون تجريد او شطب الناس نظرا لمواقفهم واقوالهم وكلماتهم، وتاليا وضعهم في الباده التعبوي الذي اجمع عليه بانه باده مكانة الاشرار يقابله باده مكانة الاخيار، حيث يحدده منهج طاغية مؤكدة.... هذه الكهوفية السائدة والانظمة الكنسية الكهنوتية لعالم الحداثة وبابوات محاكم التفتيش الكلامي، الذين لم يخبروا الكلمات ولا هم من الحرفة والمعرفة ما يؤهلهم قيادة مصير نعجة او عنزة، ينبغي اعادتهم للمتحف والكهف كي تسفح الكلمات نفسها من خناق اميين دخلوا لعالم الكلمات ببعض نزعات تعليمية مسطحة كي يخلقوا مخافر وبوليس نظري وادبي لم يقدم الا اسوء انتاجا وتراثا محدد بغثيان توجيهي وتعبوي يحتكر الوطنية ويحتكر الضرر كي يلوح به لعبيد جدد، ما اجمل اسرائيل الحرية الكلامية والادبية، وكم سيكون ممن هو فتح نوافذ الحرية الفكرية بعالمهم خائنا في عالمنا لو انه تحدث عن وطنه كما تحدث اؤلئك الذين في الندوة، ترى لو فتح باب حرية الخيانة وحماية نوايا الكلمات في اوطاننا هل سننجح في بناء اوطانا محترمة؟ لنحمي حق كراهية الوطن في الكلمات من تخريبه خلال كلمات مسيجة بايحاء كاذب، تدعو للالتزام فيما تبني من الالتزام افخر زنزانة...اكرهك كي اختبر رحمتك بغير محبتي، واذ ذاك اشعر بحرية الانتماء اليك محبا لا مكرها.

الجواهري وسعدي يوسف وعبد الرزاق عبد الواحد:

مهرج كبير مع انه شاعر فحل بالمعنى المهني وليس الابداعي والانساني، كنت فخورا بهدم وثنه وتمثاله منذ ازمنة بعيدة كما هدم الاسرائيليون كبار اوثانهم واصنامهم، هذا المهرج قال قصيدة امامي ذات مرة وهي مهداة لشاعر البعث صالح مهدي عماش قائلا:”وطن تشيده الجماجم والدم تتهدم الدنيا ولا يتهدم“ لان هذه القصيدة هي توامة تعبوية ولا انسانية مع بيته المعروف لعبد الكريم قاسم: " ضيق الحبل ولا ترخيه ان في ارخائه ضررا " كلاهما متجمجمين – من جمجمة- ومستحبلين بحبال السحل والقتل، اذ لا شفاعة للاصنام المعبودة امام نصوصها ولا قدرة للجمال تحمل بشاعة الجماجم وسحل الحبال وان قالها رسول او وثن معبود كشاعر العرب الاكبر الجواهري، وهو يحرض عبيد السحل والجماجم الشعرية وهم يمجدون كلا الشاعرين كل حسب انتمائه، حيث جعلت هاتين المقولتين وهذان الشاعران بين جمجمتين لا بين نهرين، بين حبلين لا بين الفراتين، جعلت من حرب التوأمة الشعرية بين الجواهري وعماش ان اسقط على العراق حرب المدرسة اليسارية والمدرسة العروبية، بحيث دفعنا نحن الثمن، دون اعتذار لنا حتى لان، وهكذا ما زالت تتلون هذه الدوامة الدموية الحالية التي هي ثمرة البناء الوجداني لمقولة الجواهري وعماش اللذين قادا افتاء الفقه الدموي، وقد فرخا اولادا عاقين وضالين يمجدان الحروب والكباش الملتزم، وهما سعدي يوسف وعبد الرزاق عبد الواحد، فكلاهما يتوام الضمير العراقي على تحويل ادوات الجمال الى ادوات قبح وتحريض وحروب، ومن حسن حظي لم اقراهما الا بعض سعدي يوسف وبضعة مقالات له، فمن يدعو لمنهج ستالين لا يختلف عمن يدعو لمنهج عفلق او صدام، اذ لا مفاضلة بين مناهج الطغاة والقبح والقتلة، فباس الوالد من سوء الولد.

السيستاني وصكوك الغفران:
لا يسعنا ان نتحدث مع هذا المرجع الجليل بلغة تعليمية، او نسمح لانفسنا تقديم تحليلا توجيهيا لمثل هذا المقام او غيره من المقامات التي حافظت على الدور الروحي وشكلت رعوية محترمة طوال التاريخ حين فصلت بين السلطة الابدية والسلطة الزمنية، كي لا تلوثها او تقحمها السياسة بسجال ابناء الدنيا فتخسر حوار وادارة سكان الاخرة وعالم ما بعد الموت حيث تحضر الناس له كي يجدون فسحة في الوجود او الاخرة يعودون لها عندما تهزمهم مرارة الحياة اليومية وتطاحنها اليومي، ثمة خيانة لنظام السر والامل، وتجييره نحو السلطة الزمنية وهذه سابقة خطيرة، ولعلها خرق قانوني وظف العقود التي تقع في المساحة العذرية والروحية البريئة لاغراض قصدية مشوهة ترمي الى توريط المنطقة المحايدة والطاهرة للانسان ونفسه السريّة لليومي الملوث بالدهاء والمناورة والحيلة مما يدمر في اهم جانب من الصيرورة الانسانية انظمة العقود السرية والضميرية ليجعلها انظمة اسظهارية زمنية تفقدها عناصر الابد الخالد كمساحة تنفيس دائمة امام التزمّن والمؤرخ الطارئ الذي يختنق بالحدود والتقنين الروحي، في عالم يفترض ان يتناغم مع البعد الحوادثي الرباني لكون لا تسيطر عليه العقول ولا تستظهره العبقرية فكيف السياسة؟ موقف السيستاني من القوائم الانتخابية اخطر ظاهرة في تاريخ النجف ( اعترف احد المراجع وهو بشير النجفي بذلك علنا، فلماذا التمويه وتضارب التصريحات؟) وهي سابقة مفخخة وكمين اخلاقي ومعنوي وادبي وروحي لارث مرجعي قام منذ القدم بدور عالمي فاتيكاني لم ينحصر في البعد الوطني والهموم المحلية بحكم دوره الكوني والعبادي اللازمني، وهذا الكمين يمنح الايرانيين قدرا من الفرصة الشاغرة ليسوقوا نظريتهم في ولاية الفقيه وتمركزها الوطني الايراني بعد ان فقد النجف دوره العالمي واغرق بهموم محلية وطنية، وهنا نتساءل هل ان بابا الفاتيكان تدخل في الانتخابات الايطالية او اميركا اللاتينية ما خلا اشارات عقائدية مصلحة وتنويرية في سياق الانقلابات الفلسفية الكبرى، حين اصبحت الشيوعية نزعة ظلامية فيما حلت الكنيسة الكاثوليكية بهذه العصور عصور الظلام العلماني ذات بعد انقاذي وتنويري، بحيث لم تفرض العقائدية الكاثوليكية لنظام ليش فاليسا البولوني الكاثوليكي، الثائر النقابي ضد الظلام الشيوعي، انما دعمته دون تحديد عقائدي، وهذا ليس معلن بل تشجيعي، الا ان اعلان السيستاني الداعم لقائمة معظمها ديني وعقائدي ( نحترم الكثير من نزاهة رموزها)، هو خروج على الدور الروحي والكوني وتاليا جعل ارث روحي ووجداني كبير في خدمة اغراض زمنية وبشرية ووطنية ومحلية ضيقة، ولعله غير عادل في معركة انتخابية لا تتكافا فيها الوظائف الكارزمية ولا سباق المواريث التي هي مشاع جماعي ليس خاصا، وهذه خيانة في التكليف الروحي المتعالي على مشاكل وهموم البشر اليومية وما تكتنفه من صراع فاحش سرعان ما ينعكس على مقام يفترض ان ينزه من هموم الكباش الزمني السياسي ويتصل بقيم الابوية الجماعية والكونية. فلماذا لم تدعم قوائم افغانستان او افريقيا او لبنان، لان مجرد هذا التصرف يحيل المرجعية الروحية الى مرجعية سياسية وتاليا فان السياسة تاتي بصراع السياسة ولغتها حيث لا عصمة من قول الجهلة والمتحاربين والاقوال المعروفة بهذا العالم التي تستبيح النقد والتقولات النابية، حيث مكانة النجف بغنى عن الدخول بالسياسة لانها ستسمع نقدها ولغتها المتهتكة فتنهار تلك الكاريزما التي احترمها العلماني والمؤمن والملحد والطوائف الاخرى، لكنها ستفقد كل هذا الثراء الادبي والعاطفي والروحي وتتحول حزبا وجزءا من كل!! فحذاري من فقدان هذه الاثرة الجماعية والكونية الشاملة لمصلحة بؤس وفقر التحول لجزء والتبرع بمكانة التاريخ والابد لمصلحة الحاضر والزمنية...انها صكوك غفران جديدة للبيع والدعاية الانتخابية.

العراق : فطيسة تنقض عليها النسور:

التطوير على قدم وساق في ذلك العالم الذي مهد لاسوء مغامرة ما كانت لازمة، وهي مغامرة انسنة ذلك الحيوان البشري ابن ادم منذ اقدم العصور، بحيث انه اصبح اكثر قبحا من اسلافه الحيوانات، وكان بحق كائنا مضرا، يتحمل العراق جسامة المسؤولية في توريط البشر على ان يكونوا مجرمين من هذا النوع الفاحش وقد قاد المغامرة المعرفية الاولى!! وهكذا عملية التطوير الحادثة الان هي : قتل من اخر الموديلات، تخريب على اطباق الصباح والندى الفجري، فساد ورشوات مدعومة بالدستور والشرعية، مواطن متهم سلفا لانه بلا حزب، طبقات من اهل الذمة ممن عليه ان يدفع بدل خدمة "نضالية" او ضرائب كتلك التي تدفعها الطوائف المشمولة بالذمة في عهود الاسلام، اليس هذا مدعوم بايات كريمة؟ اذن عصرنة الذمة الجديدة تترجم بتحديث معاصر هي نفس ذمة اهل الكتاب الذين يسمونهم كفار وبين المؤمنين من الامم النقية الاكثر رفعة ومقاما ونسبا!! والاستحداث الاخير لمكروسوفت الذمة، هو الحزبي المؤمن واللاحزبي الكافر والذميّ، وعليه ثمة قانونين للمواطن هو ضريبة الذمة الحزبية والنضالية، وضريبة الذمة الحكومية، والدفع على قدم وساق للقانونين، اللذين احدهما في الظل والاخر في العلن والثالث في الضلال الارهابية، من جهتنا نتبرع في كل تاريخ نضالي وننتمي لاهل الذمة بل نتبول على استثمار الثورة المسلحة وخلايا الكفاح المسلح وقصر النهاية لنكون اسوء ذمي فيا البلاد لم يشرفنا التفاخر بالواجب لنجعله مذمة وتمنن على الناس فنرجو من اقرب كناس رمي هذا الوسخ الدعائي في المزبلة... العراق الذي جعله صدام خردة هو ذا الان يتحول الى سوق بيع الخردة، كل شيء للبيع والغنيمة: وثائق المخابرات زادت من ارصدة الملوحين بكشف العملاء، وتاليا يصبح التاجر بطلا اثر تشهيره بالضعفاء ممن لا يملك ما يدفع، فيما جرى التستير على اصحاب الدفع، حتى التراب في العراق اصبح للبيع من اجل صناعة ما يدعوه: "التربة" التي توضع للصلاة، الارض تنبش في كل مكان لاجل الاثار، الاف الخزفيات تتكسر بايدي جهلة لا يرتقون لدرجة لصوص اثار، بيع المعلومات، وتحول مجتمع لكتاب تقارير وصيادي جوائز، الى درجة اصبحت حبوب وجع الراس والمغص تعطى مع وجبة التموين للجيش الاميركي، جراء الدوخة الدائمة من فن الخداع والتقارير الملفقة حتى من اساتذة اكاديميين، لاسيما وان الخبرة القديمة وجدت اسواقا جديدة، وهذا سد نقص العمل والبطالة!! حتى احد الادباء وهو صديق طفولتي وتوام عاطفتي، حيث احبه خائنا واحبه وطنيا بالمعنى الشائعين، دوّخ الاميركان حتى وضعوه في السجن وهو يدعي معرفته مكان اسلحة الدمار الشامل والزئبق الاحمر الذي شاعت اخباره الشبحية بين من يسمونهم في العراق محترفي " الكلاوات"، كل العراق الذي اعادته الطغمة السابقة قرونا للخلف جاء للزمن الان وهو فاغر الفم مندهشا من التطور والتقنيات الذي فاته كل منتجاته، فاصبح اكبر سوقا للزبالة الغذائية والمنتوجات المنتهية المدة، الكل يسعل في الشوارع كما لو انك في حفلة نباح بسبب السكائر الفاسدة، والبعض مات بسبب ضيق النفس، فواتير لمشاريع وهمية واذلال اداري، بحيث اصبح فولكلوريا ان يعرف المواطن سرقة احد النافذين ويدهشه ان يشاهد او يعرف شريفا واحدا، ولعل الحرب ضد الشرفاء تنتشر كانتشار الحريق في قش، فالكل يستنجد بفنون صدام القديمة، لتسويق دعاية تلعب على الغرائز وتجيد تصويب الهدف، حتى قيل لي من بعض البسطاء،، نحن نعمل ليل نهار كي نتجنب خصومة الاشرار ونبدي قدرا من المحبة لهم، الا انهم بالقوة يخلقون منا اعداءا، وتاليا هم ينفذون خطة تسقيط جماعية كي يمحو أي بصيص للبراءة والجمال بهذه البلاد/ تهمة بعثي جاهزة وان حكمت الف اعدام بزمن الطاغية، لان الشعب عليه تقبل كل قبيح، وهو نوع من الارهاب البديل بعد ان كان صدام ومجتمعه يستخدم تهمة معارض بكل مسمياتها ضد الناس، كل دول الجوار لها اسهم في الحكومة، فعبد العزيز الحكيم يتبرع بضرورة التعويض لايران ويطلب من الكويت اعفاء ديون العراق، فيما علاوي يدفع للاردن تدريب بضعة شرطة لقاء ملايين، وهذا العراق الذي سمي بروسيا المنطقة والعرب، كان نواب عرفائه يدربون ضباط الاردن، والحال نفسها لمحازبي هذه الدولة او تلك/ الهوان اوصل احد مرشحي الرئاسة يقبل ايادي شيوخ النفط، هذا العراق الذي تخشى بريطانيا سابقا ان تطبخ مشروعا سياسيا دون علم نوري السعيد، يقرر مصيره صبي كالزرقاوي ومقبلي ايدي الشيوخ وقادة دول القرون الوسطى او المتكرمين بدفع جميل المنفى القديم، انه حقا جثة تنقض عليها النسور، وربما حين ياتي غودو لينقذنا سندفع له اجور الانتظار، لذا سننقلب على صموئيل بيكت ونجعل غودو ينتظرنا لا نحن ننتظره كي نعطيه حصة من بقايا جثتنا.

شرف الانتماء لمنظمة التحرير: مبروك ابو مازن..
منذعام 1968 في الاردن كانت القيادة المركزية ( الجناح المنشق للحزب الشيوعي العراقي ) ارسلتنا للتدرب في منظمة التحرير الفلسطينية تنسيقا معها او سرا، مع اننا كنا نحمل افكار الحرية وليس الشيوعية وتك خلطة بين اليسار والسوريالية والوجودية، والعودة لقيادة الخلايا المسلحة في الاهوار، وهذا منذ حكم عبد السلام العارف واخيه، كل حركات المعارضة العربية والعجمية كانت في المنظمة/ قائد حرس الثورة الايرانية، وزراء ايرانيين قدامى، التروتسكية العالمية، يهود يساريين، الحزب الشيوعي العراقي مؤخرا وحركات يسارية، حركات ثورية وعالمية عدة، ومع ذلك كنا نتساقط كالعصافير بكواتم صوت صدام، والاسماء كثيرة وطويلة هي القائمة، اما صدام فلقد اغتال كوادر منظمة التحرير، والمنظمة قدمت لالاف المعارضين المؤى والمال والمساعدات، ومنحتهم حماية وان كانت تتاثر بالتحالفات العربية الا اننا ممتنون لها ولسنا من ناكري الجميل كي ننقلب على ذلك وان انتقدناهم في مناطقهم وليس في الغرب، والان لا يسعنا الا ان نعتبر الاخ محمود عباس ابو مازن ثمرة عقلانية، تخلصنا من توظيف الازمة الفلسطينية لحكم الطغاة والطوارئ والاقبية والمخابرات، ممن وجد اسرائيل والصهوينية منجما ادبيا لكيل التهمة عند اللزوم من قبل مجموعة من البازاريين ومروجي العقل الحديدي الذين يجيدون تلقط الكلمات فيحيلوها الى تهم شبحية مخيفة، ونحن لنا مصلحة حقيقية في السلام والتطبيع مع اسرائيل، مرحا اسرائيل ومرحا فلسطين ومبروك لفلسطين بابو مازن كما مبروك لاسرائيل على قدرتها في إعادة الثقة والامل بالسلام.

هل القتل ادتهاد يخضع لاحدى الحسنيين في الاصابة والخطا؟

ذات مرة وحين انتصر الخميني على الشاه، كان خلخالي رئيس محكمته على الطريقة المهداوية المهرجة، في احدى المرات حكم بالاعدام على شخص، فاعدم، وبعد فترة اثبتت الادلة انه بريء، فعلق عالمنا الجليل خلخالي، الذي حقق درجة اية الله كما حقق حسين كامل رتبة لواء او وزير عند صدام، لان النظامين هما نظام مفاضلات الجهلة والاميين والموالين.. كان تعليقه بان المعدوم سيذهب الى الجنة لانه مات بريئا، اما هو، أي خلخالي، فان له حسنة لانه اجتهد ولم يصب، فلو اصاب له حسنتين!! تصوروا مصائر الناس في رؤوس مخلخلة بالغباء ومخللة بالتهور والجهل. مقولة الحسنتين والحسنة تروج هذه الايام عند الاعراب والاعجام لكثرة اخطائهم وكثرة ارتجالهم وتاليا تطويق الحماقات بالحسنة في الخطا والحسنتين في الصح.. حسنا يا حسان العرب والعجم، فانتم مجموعة اخطاء متجولة، أي اخرق يشرفه الانتماء لخطا اجتهادي يميته فيما قاتله يحصد حسنة واحدة، اي ديمقراطية تقوم على ان تفخيخ السيارة وقتل الناس وجهة نظر او ديمقراطية مخالفة قوانين السير، والفلتان البربري للاحكام والقياسات...؟ لا ندر هل وزارات العدل في الديمقراطيات الجديدة التي تعتمد الشرعة الاسلامية كمصدر تشريع تاخذ بمدا الحسنييّن في الصواب والخطا، ام ماذا؟ عالم يخرب وتنهدم مصائره العليا، اقلام تصرخ ضد مبدا الحسنيين، عشرات تكتب ضد الزرقاوي والارهاب القائم على الحسان قبحا وحورا، نفس هؤلاء وهذا العالم حين يقعون بالمحظور يستخدمون ما ارتكز اليه الزرقاوي والخلخالي والظواهري، كما لو ان المخالفة ضد هؤلاء القتلة هي مخالفة مجتزاة عن الافكار والنصوص والمعرفة، فكم ليبرالي عربي في الغرب يستعيد هذه المقولات الحسنية عند اللزوم، كانه يرتكز على نظام التشنيع المجيز للقتل خطا او عمدا، فكيف نحارب بنصف الافكار ونصفها الاخر عند القتلة؟ اذن اما كل الافكار او هدمها جميعا، والا سنتحول بقدرة قادر بين ليلة وضحاها نزاحم حجاج مكة على حج العمرة ونحن قادمون من الاممية الماركسية !!! او نصبح بنفس القدرة نسبح ببركات الشيخ اسامة كما العلمانيون او غيرهم من ملاحدة العقيدة والعنوان، حيث الانتماء للقتل هو الجوهر وليس خلاف العقائد.

المطايا المقدسة:
بعض الاحزاب والتجمعات تقيم تنظيمها على اسماء رموزية وكارزمية، وهذا نوع من المنهج الدعائي البدون جوهر ولا حشوة داخلية، يعتمد الطنين الادبي والمعنوي الذي يصدره الفراغ الداخلي، كمبدا لكل منهج دعائي، استلهم نظامه من فيزياء الطبول والابواق النفخية، في فرنسا يقال الديغولية، وفي المانيا وايطاليا واسبانيا يقال بالاسماء الحسنى لزعماء الرعب/ هتلر موسوليني فرانكو، في روسيا يقال الستالينية واللينينية... الخ من الاسماء التي قاربت اللصوق بنظم الوجدان والرمنسة الداخلية، الا انها تمتلك افكارا ونظريات معرفية تحدد صياغة الانسان للكون الذي يعيش فيه، وتترجم ذلك الى ثقافة ومؤسسات عملية..حسنا ثمة بقايا لمساحة الوهم عند البشر، كلهم كيفوا تلك الاوهام المرمنسة مع الوقائع... ولكن في عالمنا، لناخذ امثالا ونقارنها، الناصرية، القاسمية ( مع كل الفارق الاخلاقي)، القذافية والصدامية، الاسد"ية" – من حافظ الاسد، العفلقية،..الخ من تلك الاسماء المغرقة في الحالة المجزوءة وثقافة المحميات المعزولة التي لا تملك تحديات محترمة ومتكافاة مع خصومها حضاريا وفكريا وتقنيا وفلسفيا، لا فكرا ولا صناعة ولا بلاغة ونحن حضارة البلاغة، ما خلا انشاء ابتدائي مضجر ومقرف، كله منسوخ ومتشابه كرمال الصحراء التي تتشابه لحد الاختناق، اذن طالما لا فكر لهؤلاء ولا فلسفة تحدد موقف الفرد من الوجود كيف نشئت الاحزاب على حمالاتها ومحمولاتها الدعائية؟ واي عالم يتقبل الانتماء الى تجويف معرفي وفكري غير عالم محضر للتصفيق وكرنفالات العبودية في اسوء صورها؟ انه بلا شك عالم عبدة الاوثان لا عالم المنتمين لافكار، حيث الولاء للاسم والفرد الفراغي اللاشيئي، وهذه العاطفة اللاشيئية تخلق عالما لا يعتمد المؤسسة والقانون والدستور، بل يعتمد الولاء لشخص لا يملك غير اسم وبعض الاسطرة الملفقة التي تخلع صورة الملاك والالوهة على اعماله، فهل المشكلة بالاسماء ام بالمسمين احزابهم وانتماءاتهم على رمزية كسولة معطلة لنظام العقل ببديل عاطفي، يقوم على مخيلة الرمز الى كونية مزاجية مبهمة، تخلق وصلة خرقاء بين العالم الغموض والمتجاسد، فتهدئ تساكنها مع البيئة والعالم فيما تملك فراغا داخليا مستعدا للاملاء وتلقيم أي معتقد يمتلك الشروط الكونية فسرعان ما ينتمي لامتلائه وينفصل عما كان ينتمي اليه اسما ووثنا وعاطفة، وهذا جعل الحركات الاصولية في ربيع من الصيد الثمين للناس جراء الثغرات الناقصة والهائلة بفترة التحديث الاولى التي لم تقدم أي بديل امتلائي غير الاسماء والعواطف المجوفة بالفراغ والطنين الادبي ولم تملا الشاغر الفكري لعصر التنوير حيث اقم سجاله مع الدين بعقل الصفقة والترضية وتسكين النمور المقدسة في النصوص.. لسوء الحظ ان الغياب التمامي او نقص الامتلاءات الفكرية الاولى ادى الى نقص جديد في البدائل، بحيث تفاعم حوار الاضداد بين لا شيئيات طرفية متقاطبة لم تعرف الشيء إتماما كي تكون معرفة لنقيضه تماما.. اذن ما زال عالمنا في ثقافة ازمنة بعيدة تبحث عن هبل ولات ومنال وعزة بديلا في كل الازمنة المتلاحقة، فيما الازمنة الحديثة هي قناع من زجاج لا تكتشفه الا بصدمة قوية تشاهد من خلالها كيف يصبح خبيرا في الاريكولوجيا بدويا يبحث عن هبل بين المزدلفة والمروى؟