حوار شامل مع المخرج العراقي سعد سلمان (1/2):
من أجل سينما عراقية تكتسبُ مشروعية لغتها من الجرح العراقيّ النازف


حاوره صلاح سرميني ـ باريس: منذ الغزو الأمريكيّ، وسقوط صدام حسين، ونظامه،..تتلاحق الأحداث في العراق، وتتغيّر، ماعدا المخرج (سعد سلمان) الذي لم يتبدّل، لا بأفكاره، ولا بطقوسه، فمازلتُ أذهب إليه في نفس البيت الذي يقع في الطابق السادس من إحدى عمارات مُجمّع سكنيّ في الدائرة العشرين لمدينة باريس، ومازال بدوره يستقبلني بنفس الإبتسامة الطافحة على وجهه، وهو يخفي وراءها عصبيةً كامنة،..
ونجلسُ معاً في نفس المطبخ، كيّ نحكي، و نسولف، ونحتسي الجّاي العراقيّّ المغليّ على نارّ هادئةّ ليل نهار.
وقبل الحرب، طرح (سعد سلمان) أفكاره علناً في الوسائل الإعلامية، الفرنسية، والعربية، عن التدّخل الأمريكيّ في شؤون العراق، وآفاق المستقبل .
اليوم، وبعد شهور من سقوط النظام السابق، يبدو من المهمّ التعرّف على صورة العراق الحالية، من وجهة نظر مخرج سينمائيّ عاش أكثر من نصف حياته مُهاجرا، أو منفياً، لقد فعلت ذلك عندما كان مُعارضاً عنيداً للنظام السابق، وأكرّر المحاولة مرةً أخرى، و(سعد سلمان) يحتفظ بعناده، والعراق يعيش منعطفاً جديداً.
وبمعرفتي طبيعته، وشخصيته، كان عليّ أن أتخلى عن هدوء يُلازمني، ومُسالمة تسكنني، وأتحول إلى مُشاكس، وأكثر عناداً منه.
يكفي بأن يغضب (سعد سلمان) كيّ يقول كلّ شئ في داخله، بدون أيّ تصنع، أو رقابة، ولهذا، كان عليّ أن أثيره، أحرّضه، وأغضبه، وهو ما حدث فعلاً، حيث لم يهدأ طيلة ساعات عن الحركة، والدوران في غرفة صغيرة، ولم يتوقف أيضاً عن الكلام.

* سعد، هل لك أن تعطيني أوراقاً، وقلماً كي نبدأ العمل؟
وبلهجته العراقية المُخفّفة : لك هيّ شنو، ناقد سينمائيّ كبير، إسمك في كلّ أنحاء الوطن العربي، وجايّ تعمل معي حوار، وماعندك ورق، ولا قلم؟ لك هي خوش شغلة،...حضّرت أسئلة ولاّ لأ؟


* لأ، كلّها في رأسي .
وفقع (سعد سلمان) من الضحك: لك هي شنو؟ جايّ تقشمرني؟
وبدون مقدمات، وبدون أن يخرج سؤالٌ واحدٌ من فمي، بدأ يتحدث، وكأنه حفظ مايريد أن يقوله عن ظهر قلب :
- عندما دخل الإنكليز إلى العراق سنة 1917، لم يجدوا فيه شيئاً يُسمى مجتمع، كان هناك فقط مؤسّستين، العشيرة، والجامع، وبعد حوالي قرن ونيف، وصل الأمريكان، ولم يجدوا أكثر من ذلك،.. والله يعلم كم قتلنا، وسحلنا، وشرّدنا خلال ذلك القرن بإسم الوطن، والأهداف، والتحرّر،.. وكم أسّسنا عشرات الأحزاب، والنقابات،....
خلال تلك الفترة المُمتدّة من تأسيس الدولة العراقية، لم نفعل أيّ شئ، ولم نبني أيّ مؤسّسة إجتماعية، ثقافية، أو سياسية،..وأثبتت كلّ الأحزاب فشلها، ولم يعدّ هناك اليوم من وسيلة لحكم العراق إلاّ المُمارسة العشائرية، والطائفية.


* ولماذا لم يبقى المُثقف العراقيّ في بلده كي يبني تلك المؤسّسات المأمولة، والتي كنتم، وماتزالون تطمحون لها؟
- طبعاً بسبب الإضطهاد الذي مارسه النظام السابق ضدّ الطليعة الثقافية العراقية التي إرتبطت بتيار سياسيّ جرّ عليها المصائب، كان إندماجها في العملية الإجتماعية فوقياً فقط، ولم يكن إندماجاً حقيقياً، إذّ لم تُعنى بحركة المجتمع، بقدر إهتمامها بالإيديولوجية العقائدية، والدفاع عنها، وهذا ينطبق على كلّ الأحزاب.
لقد خرج المثقفون العراقيون نتيجة القمع، ولم يكن خروجهم السبب الحقيقيّ لتخلف المجتمع العراقيّ، لأن إستهداف السلطة السياسية لهم، وقدرتها على عزلهم، والتضييق عليهم، وحتى إعدامهم، بدون ردودّ فعل مناهضة من المجتمع المدنيّ، هو بحدّ ذاته خللٌ في التركيبة السياسية، الإجتماعية، والأخلاقية.
وفي مجتمع صحيّ، ومُكتمل الشروط، فإنّ خروج فئة معينة منه إلى الخارج لا يؤثر على مسار تطوره.


* ولكن، إذا لم يقف المُثقف الطليعيّ في وجه السلطة، هل يمكن للإنسان العاديّ البسيط أن يفعل ذلك؟
- أنا لا أُطالب فرداً، أو مواطنا عادياًً بالدفاع عن حالة، ما أعنيه بالمجتمع المدنيّ، هو مجموعة مؤسّسات، وقيّم، وحواجز محميّة من القانون، تمنح المجتمع هوامش من الحرية، والتحرك ضمن إطار معلوم، هذا بالضبط ما أقصده.
ولكن، عندما تنفرد السلطة بالمُثقف، وتتصدّى له، وتُنكّل به، في غياب مؤسّسات قانونية تدافع عنه، وتحميه، وبُنى مجتمع مدنيّ تؤثر على قرارات الحكومة، والسلطة، لن يتبقى للمثقف من خيارات أخرى سوى إنقاذ جلده.


* لقد سقط نظام (صدام حسين)، وإنتهى الإستبداد الذي تتحدث عنه، ويعيش العراق حالياً إمكانيات إعادة بناء مؤسّساته، وقوانينه، ما هو دور المثقف، والسينمائيّ تحديداً، في هذه المرحلة التي يعيشها العراق الجديد؟
- أولاً، نعم، هو عراقٌ جديد.
وبالنسبة للسؤال، فإنّ سقوط النظام البعثيّ الصدّامي، لا يعني نهاية الإضطهاد، لأنّ هذه المفردة، وغيرها، مازالت عالقةً في كلّ خلايا الجسم العراقيّ، وهي ليست كلمات فحسب، وإنما ممارسات، وأخلاقيات دينية، ونفسية، فمن الخطأ التصوّر بأنه مع سقوط (صدام)، ينتهي الظلم، والتعسّف، والقمع، والذي بدأت تمارسه الميليشيات التي نصّبت نفسها بديلاً عن السلطة المرجوّة، ومازالت قطاعات كبيرة من الشعب العراقيّ، وخاصةً النساء، تعيش حالة من الإستبداد، ولن تزول هذه المُمارسات بمجرد إنهيار النظام السابق.
* أليست السلطة الحالية في العراق هي البديل المُنتظر عن النظام السابق؟
- لا، بالتأكيد، ولكنّ يقع على عاتقها مهمّة قيادة العراق إلى ماهو مُنتظر، إنها سلطةٌ مؤقتة، مع أنها لا تكتسب شرعيتها من الشعب، وهذه مفارقة ٌكبيرة، تعود أسبابها إلى الفراغ السياسيّ الذي حصل في العراق.


* ولكنّ قوى المُعارضة السابقة هي التي تحكم العراق اليوم، ومن المُفترض بأنها المُنتظرة بديلاً عن النظام السابق؟
- لستُ من السذاجة كي أعتبر المُعارضة العراقية السابقة، بتركيبتها، وإمتداداتها بديلةً عن النظام العراقيّ السابق، وعندما كنت مُعارضاً لمدة ثلاثين سنةً لـ(صدام حسين)، لم أجد أيّ حزب، أو حركة سياسية يمكن أن تعبّر عن مشروعي، ورؤيتي لما يُمكن أن يكون عليه العراق، ولهذا كنت مُستقلاً عنها تماماً، وحتى لم أبخل في بعض المرات بنقدها علناً على صفحات الجرائد، ومن الخطأ إعتبار مهمّة بناء العراق اليوم هي حصراً على الأحزاب، والقوى السياسية، المجتمع العراقيٌ مريضٌ، وأعراض مرضه كثيرة : إجتماعية، إقتصادية، ومنها ما يرتبط بطبيعة تكوين ( الأمّة العراقية).


* لم تكن قوى المُعارضة العراقية السابقة على مستوى طموحاتك لعراق أفضل، ومن طرف آخر، كان هناك نظام (صدام حسين)، ولا بدائل أخرى، إذاً، من الطبيعيّ بأن يحدث فراغاً سياسياً، ما هي القوى السياسية، الوطنية، والأخلاقية التي برأيك هي على مستوى قيادة عراق جديد؟
- هذا متروكٌ للزمن، العراق اليوم في حالة إجهاض مصيريّ، وإحتمالات تطورات الموقف فيه مفتوحة على كلّ الآفاق والاتجاهات، لننتظر العملية السياسية، ولنسعى إلى تأمينها وُفق آليات، ومواعيد صارمة، ولا نترك المجال لسيطرة الغوغاء التي نمّاها (صدام حسين) في المجتمع العراقيّ بشكل مُحزن، كما يجب الإبتعاد عن اللجوء إلى البندقية لحلّ المشاكل، هذا يحتاج إلى زمن طويل، وهذه العملية بقدر ما تبدو من السطح سياسية، إلا أنها في الحقيقة تتضمّن بناءً ثقافياً يبدأ من البيت، مروراً بالشارع ، والمدرسة، وأماكن العمل،....
هناك إلتباسٌ عند العراقيّ حول مفهوم الوطنية، وحتى الآن لم يتبلور شعوره بالمُواطنة، مع أنّ الجميع يتغنّى بالعراق عاطفياً، إلاّ أن كلّ واحد يعمل لمصلحته الخاصّة، وهذا ينطبق على أكبر السياسيين الحاليين، وحتى أصغر طفل في العراق.


* فكرة،... لم لا نترك الأمريكان يقودون العراق كما يحلو لهم، طالما أنّ البديل الحاليّ ليس هو المُنتظر، أو المأمول؟
- عندما تقول الأمريكان، تقصد من؟ الجيش الأمريكي؟ الدبلوماسيون؟، من؟ أنا لا أعتقد بأن جيشا، حتى لو كان بمستوى الجيش الأمريكي بكلّ إمكانياته، يستطيع أن يقود شعباً، أو أمّةً إلى الديمقراطية، هذا وهمّ، إنّ فضل الأمريكان علينا هو مساعدتنا في التخلص من (صدام حسين)، أما بناء العراق الجديد، فهي مهمّة العراقيين أنفسهم.
ودور الأمريكان في هذه المرحلة، هو توفير المظلة لحماية الشعب العراقيّ من أطماع الجيران المرعوبين من رؤية عراق حر، وديمقراطيّ،..


* ليش؟
- لأنها سوف تكون من أكبر الأخطار عليهم،...


* سعد، أنا لا أفهم في السياسة، دعنا نتحدث عن السينما، ولنفترض بأنك اليوم في العراق الجديد مسؤولاً كبيراً على مقدرات وشؤون السينما العراقية، ولديك كلّ الإمكانيات اللازمة لأداء واجبك كمثقف، وسينمائيّ، ماذا تفعل؟
- ليس لديّ الرغبة بأن أكون سياسياً، لأن أيّ مسؤول يتطلب قدراً من السياسة لأداء مهماته، وأنا لست سياسيا، السياسي يتعامل مع الواقع، والفنان يصبو إلى المستقبل،.. المستحيل،..
السياسيّ يوازن، الفنان ينحاز، وكلّ ما كنتُ أطمح إليه خلال ثلاثين سنة من معارضتي لنظام (صدام حسين) هو حريتي لعمل السينما التي أريدها في العراق.
أما ما هو واجب، وتصوراتي عمّا يجب إنجازه لمواجهة تعقيدات المجتمع الذي ورثناه عن (صدام حسين)، فهي كثيرة، وتتفرّع إلى ممرات، وتشعبات ترجع إلى آلاف السنين.


* أنا أحكي عن السينما، لا عن الحضارات التي مرّ بها العراق، ماهي تصوراتك عن بناء، أو إعادة بناء سينما عراقية جديدة في ظلّ عراق جديد، حر، ّ ومُتحرّر؟
- أولاً، وبشكل عام، لا يوجد سينما عراقية، هناك أفلامٌ عراقيةٌ صُنعت في ظروف، وملابسات معروفة من الجميع،...


* أنا لا أعرفها،..
- كان هناك دور شركة نفط كركوك التي أسّست أول وحدة للإنتاج السينمائيّ، وتبعها خمس محاولات فردية، وتجارية، ومن ثم مصلحة السينما، وإرتباطها بالدولة، وإيديولوجيتها.

مشهد من فيلم "بغداد أون / أوف"

* ولكن، ألا يوجد إضاءات إستثنائية في السينما العراقية؟
- من جانبي، لا أسمح لنفسي الطعن بزملاء لي، ولست ناقداً، ولا مؤرخاً للسينما، أما أنت، من موقعك كناقد سينمائيّ مُطلع على السينما العراقية، وتاريخها، تستطيع الإجابة على هذا السؤال، وأطلب منك بأن تذكر لي فيلماً واحداً مُضيئاً في تاريخ السينما العراقية، بمعايير النقد السينمائي.
هناك حقيقة، حالياً، من الضروريّ إعادة النظر في بناء كلّ شيئ من جديد، إنطلاقاً من البنية التحتية، إلى الأخلاقية، إلى المؤسّسات التربوية، إلى تحديد علاقة المواطن مع الدولة، وماهي حقوقه، وواجباته، وهذه مهمة لا يمكن إنجازها بقرارات وزارية.
مثلاً، في السابق، كان هناك وزارة للإعلام، و أُلغيت حالياُ، وإستحدثت وزارة للثقافة، ماذا يستطيع وزيرها، رغم حسن نيته، وكفاءته، أن يُغير من البنية الثقافية، وطبيعة المنتوج الإبداعيّ، إذا لم تكن هناك مؤسّسات أهلية، وكوادر إبداعية، ومبادرات، ومجتمعاً مدنياًّ يستطيع أن يغربل، ويحكم على الجيد، والردئ، بعيداً عن الحزبية، العشائرية، الطائفية، والشعبويّة، ماذا تستطيع أن تفعل الوزارة؟
حتى أنني كنتُ معترضاً على تسميتها ب(وزارة الثقافة)، كنت أرغب بأن تُسمى (وزارة الشؤون الثقافية)، إنطلاقاً من تصوري بأنّ الثقافة هي من صنع مؤسّسات المجتمع المدني، بينما يجب أن تنحصر مهمة الدولة، ممثلةً بالوزارة، في تنظيم العلاقات القانونية، تنسيقها، ودعمها فقط، وليس إنتاجها.


* وهل هو ما تفعله (وزارة الثقافة) الآن؟
- لا بالتأكيد، لأنّ الثقافة السائدة، والعقلية الحالية، وممارسات خمسين عاماً من الطغيان، كرّست علاقةً محدّدة، وبإتجاه واحد بين الدولة، والمُثقف المُبدع، والذي كان في السابق لا يستطيع إنتاج أي ّعمل بدون المرور في دهاليز الدولة، فكيف الحال اليوم، يتجه المثقف العراقيّ إتجاهاً أخراً لإنتاج أعماله، وخاصةً عندما يكون الوضع الإجتماعي في العراق بهذه المأساوية مع إنعدام أيّ مؤسّسة من مؤسّسات المجتمع المدنيّ الثقافية، السياسية، والإجتماعية، وهذا بالتأكيد يتطلب وقتاً، ولكن، هل نبقى واقفين على التلّ ننتظر، و ننظر إلى ما يحدث؟
إنّ مهمتي في الوقت الحاضر، كما حدّدتها كمسؤولية أمام التاريخ (تاريخي الشخصي) هي البناء من تحت، بمعنى، العراق بحاجة إلى مشاريع بنائية تُركز الأسّس، والمعايير الفنية، والأخلاقية، والمهنية، لتهيئة الأرضية المُلائمة لقيام سينما عراقية تكتسب مشروعية لغتها من عمق الجرح العراقيّ.


*وما هي ملامح هذه اللغة، ومن سيقوم بها؟
- لا أدري، هناك الكثير من الشباب الطموح، والطاقات الكامنة، ولكني عاجز(حالياً) عن رسم ملامح لغة سينمائية جديدة، والمُفترض بأنها مهمة تتطلب تضافر جهود كبيرة، ومتنوعة، ولكنني أكدت أكثر من مرة’ بأنه يوجد في العراق اليوم، حكايةٌ خلف كلّّ باب، وقصةٌ تحت أّيّ حجر، ومأساةٌ في أيّ بيت، وعلى الفنان الفطن الإختيار، والإبداع.
وفي أجواء الحرية المُتوفرة الآن في العراق، تسقط كلّ الأعذار في تبرير الكسل، ومن تراكم الخبرة، والإنتاج نستطيع حينذاك تشخيص ملامح معينة، والحكم عليها، إن كانت في مستوى الطموحات.


* في المرحلة السابقة، كانت الدولة هي المُمول الأول للسينما العراقية، وقد فرضت شروطها، وإيديولوجيتها، كحال أيّ ممول خاصّ، أو عامّ، وحاليا، في العراق الجديد، ومع رغبات السينمائيين بأن تكون(وزارة الثقافة) بعيدةً عن التمويل، كي لا تفرض من جديد إيديولوجية النظام، وأن تكون مهتمّةً بالتنسيق فقط،..من سوف يُمول الأعمال السينمائية الحالية، واللاحقة؟، خاصةً، وأن العمل السينمائيّ مكلفُ أكثر من أيّ إنتاجات إبداعية أخرى، وبتوضيح أكثر، من أين تحصل السينما العراقية الجديدة على رأس المال؟
- أولاً، لقد ولى زمن الميزانيات الضخمة لإنتاج الأفلام، اليوم، يستطيع أيّ مخرج إنجاز فيلمه بكلفة معقولة نسبياً.
ثانياً، لقد ذكرتُ بأن إنعدام مؤسّسات المجتمع المدنيّ قد خلق فراغاً في العراق الجديد، هناك الآن حرية الإنتاج، والإبداع، والتعبير، كما إنتهى إحتكار الدولة، واليوم، فإنّ أيّ مخرج، أو منتج يستطيع في سوق تنافسية، ومفتوحة، وحرّة أن يجد التمويل، سواءً من التلفزيونات، أو من بعض المغامرين التجاريين، طالما أنّ العملية الإنتاجية تجري ضمن أطرّ، وقوانين معروفة، ومقبولة من الجميع، ويتحركون من خلالها، أنا لا أُطالب حجب الدعم عن العمل الإبداعيّ، والذي يمكن أن توفره (وزارة الثقافة)، ولكن، يجب أن تنظمه آليات، وقواعد بعيدة عن التأثيرات الحكومية.
بمعنى، إستيحاء تجربة صناديق الدعم في فرنسا، وعلى رأسها( المركز الوطني للسينما)، والذي يعمل عن طريق لجنة مؤلفة من أفراد متخصصين، يمثلون قطاع الإنتاج، ولكن، أن يتدخل مسؤول في إختيار السيناريو، فهو أمر غير مقبول.
وأعتقد بأن النموذج الفرنسي هو الأفضل في المرحلة الأولى التي نعيشها الآن.

يتبع