سعاد عبدالله: شغل المنصب بعد منافسة حامية الوطيس بينه والاساتذة عبد الوهاب بوب ومصطفى عبد القادر ورجحت كفته.. وكان من ابرز وزراء تلك الفترة شهد في عهده الديوان العديد من القضايا المهمة من ابرزها محاكمة رموز مايو..
ابتعد عبدالعاطي عن الاضواء وفضل التفرغ لعمله كمحام لامع وصام عن الحديث لاجهزة الاعلام والصحافة لاكثر من عشر سنوات.
انتهزت فرصة الحديث معه كمحام للعميد عبدالعزيز خالد بدأت المداخلة الزميلة سلمى واستدرجته في الدردشة التي كانت هذه حصيلتها:
عندما كنت وزيرا هل هجرت مهنة المحاماة واغلقت مكتبك الخاص بها؟
لم اغلق مكتبي الخاص بالمحاماة بل استمر يؤدي عمله في غيابي عنه، واؤكد انه لم تدخل لمكتبي الخاص اية قضية من ديوان النائب العام وقد آليت ذلك على نفسي منذ دخول الوزارة حتى اغلق الباب امام اية ثغرة من ضعاف النفوس.. بل حتى القضايا التي كانت اصلا بحوزة مكتبي الخاص حولتها للسيد وكيل وزارة العدل كقضية بنك الاعتماد وحسمها السيد الوكيل.
ماذا اضاف لك منصب الوزير في حياتك الخاصة؟
اتاح لي المنصب فرصة الاطلاع الواسعة على كافة القوانين كقانون القوات المسلحة والشرطة والطيران المدني والمراجع العام الخ.. وكان عملي كمحام لا يبيح لي فرصة الاطلاع على كل هذه القوانين وقد استفدت كثيرا من المامي بكل القوانين في عملي لاحقا.
وما هو الشئ الذي سلبته منك الوزارة؟
اجاب «ضاحكا» سلبت الوزارة «16» كيلو من وزني في اقل من عام ، مما نتج عنه الم وفراغ في مؤخرة قدمي نتيجة النقص الكبيرللوزن في فترة وجيزة حسب تشخيص الطبيب المعالج بلندن..كما سلبتني الوزارة العديد من الاصدقاء المقربين الذين كانوا يتخيلون اني كوزير عدل ونائب عام سأقوم بعمل ممارسات كثيرة من اجلهم ارضاء للعلاقة بيني وبينهم وخسرت الكثير منهم وبمرور الزمن تصالح بعضهم معي والبعض قطع علاقته نهائياً.
ماهو القرار الذي كنت سعيدا باتخاذه؟ والقرار الذي ندمت على اتخاذه؟
لم يحدث ان ندمت على قرار اتخذته مطلقا وكان لدى لجنة استشارية آخذ رايها قبل اتخاذ اي قرار وهذا العرف افتقده الوزراء الذين عملوا من قبلي ومن بعدي في الديوان للأسف.
اما القرار الذي كنت وما زلت وسأظل سعيدا به هو قرار انصاف رجل برئ مظلوم بالصدفة البحتة حضرت محاكمته امام محاكم العدالة الناجزة عندما كنت حينها اعمل بالمحاماة قبل اختياري وزيرا وكان ذلك الرجل يعمل مدير بنك وادانته المحكمة بالسجن لمدة 7 سنوات وتألمت جدا كمحامي لهذا الحكم الظالم الجائر وشاءت الصدفة ايضا ان يقدم هذا الرجل المظلوم طلبا باسقاط عقوبته لديوان النائب العام وقد رفض كل المستشارين بالديوان قبول طلب اسقاط العقوبة عنه ورفعت اوراقه لي كوزير عدل للامضاء على قرار الرفض وكنت عادة لا اوقع على اية ورقة امامي دون الاطلاع عليها ومعرفة ما بها وعند تقليبي للاوراق فجأة اطلت امامي صورة الرجل المظلوم ومحاكمته الجائرة فامسكت بقلمي وكتبت الاتي :
الحمد لله الذي وضعني في هذا المنصب لارفع الظلم عن هذا الرجل الذي كانت محاكمته عبارة عن مهزلة وليس محكمة وامرت برفع الموضوع لرئيس المجلس العسكري واوصيت باطلاق سراحه فورا، واطلق سراحه علما بانني لم اكن اعرف ذلك الرجل قط ولم التقيه في حياتي منذ يوم محاكمته وحتى الآن.. حقيقة كنت فعلا سعيدا بذلك القرار الذي اعتز به..
استاذ عمر هل حكيت لنا اطرف واحرج موقف تعرضت له كوزير؟
ضحكته سبقت حديثه
قال عندما كنت وزيرا كانت تعمل معي سكرتيرة مشهود لها بالكفاءة والامانة وحفظ اسرار العمل اسمها فكرية وكانت تتحدث باللهجة المصرية، وفي يوم كانت على الآلة الكاتبة تطبع اسماء بعض الاشخاص الذين صدر امر باعتقالهم وفجأة بدأت تصرخ وتصيح وتولول على الطريقة المصرية باعلى صوتها مرددة كلمة «قوزي ، قوزي ، قوزي » حاولت عبثا تهدئتها ومعرفة سبب صراخها وعويلها فعرفت ان زوجها كان رقم «8» ضمن قائمة الاشخاص المطلوب اعتقالهم فقلت لها خلاص اشطبي اسمه بشرط ان تلتزمي باحضاره شخصيا وتسليم نفسه دون ان تقتاده الشرطة والتزمت بالشرط وحضر «قوزها» وسلم نفسه للعدالة واعتبره موقف محرج وطريف في آن واحد.
العلاقة بينكم والدكتور الترابي تثير دهشة الجميع فما نوعها؟
د. الترابي رجل صديقي واستاذي رغم اختلافي الجذري معه سياسيا وفكريا وما اقوله للدكتور الترابي لا يتجرأ احد يقوله له ابدا وكان يحب في شخصي هذه الصفة بقول الحق مباشرة دون لف او دوران انتقده وانصحه مما اكسبني عداء الكثير من الذين حوله من بطانته وبعضهم لا يطيق حتى مجرد رؤيتي علما باني احد اعضاء هيئة الدفاع عن د. الترابي.
انت متهم بانك لم تستطع حماية د. منصور خالد عند عودته للبلاد؟
.. انا الذي قدم الدعوة لدكتور منصور خالد بالعودة للبلاد واعطيته الامان وحق المغادرة وما حدث هو ان الاستاذ عبد الوهاب بوب المحامي كان رئيس احدي اللجان القانونية واراد ان يستغل موقعه بالقبض على د. منصور خالد واوعز للمجلس العسكري بحرمانه من السفر مرة اخرى للخارج.
حينها تصديت للأمر وقلت للمشير سوار الذهب كيف توجه رسالة للمتمرد قرنق بالعودة للوطن وانت الآن تقوم بالقبض على ضيف جاء بدعوة انا الذي دعوته وهددت بالاستقالة حتى خرج د. منصور خالد عزيزا مكرما.
هل يتعرض السادة الوزراء للضغوط والرشاوي وكيف يتعاملون معها؟
طبعا يتعرض الوزراء للضغوط الاسرية وضغوط الاصدقاء والحق لله كانت الفترة الانتقالية من انزه فترات الحكم التي شهدها السودان على الاطلاق ولم تكن هنالك اية شبهة استغلال نفوذ او شبه فساد خلافا لما هو سائد الآن !!
بعد الانتفاضة وتعينكم وزيرا هل كنت تتوقع عودة نميري مرة اخرى للحكم؟
اطلاقا.. لان موكب الردع في 6 ابريل اقنعني تماما بنهاية نميري.. للعلم لم التق نميري في حياتي قط
ما هو الانتماء السياسي الحقيقي للاستاذ عمر عبد العاطي؟
ليس لي اي انتماء سياسي لاي حزب من الاحزاب رغم انني قد اتهمت بانني رجل شيوعي كما اتهمت انني جبهة اسلامية انا رجل مستقل وهذا ما لا يعجب الآخرين في شخصي فكل حزب يريدني ان اكون معه. مثلا عندما رفضت الغاء قوانين سبتمبر وقلت البرلمان هو الجهة الوحيدة المناط بها الغاء القوانين اتهمني الشيوعيين انني اخو مسلم انا اتعامل مع السياسة كمراقب فقط ولم اعشق السياسة في يوم من الايام رغم انني حضرت رفع علم السودان وجلست بجوار الزعيم الازهري والسيد علي الميرغني واهلي ختمية وخالي علي مالك خليفة خلفاء السيد علي لدى تعاطف وميول مع الحزب الاتحادي جناح الازهري كأغلب المثقفين السودانيين الذين يعشقون الزعيم الازهري .
في الختام استاذ عمر كنت احد نجوم الفترة الانتقالية ما هو تقييمك لتلك الحقبة؟
كانت فترة مهمة - المشاكل فيها واضحة ومحددة والجميع متفق عليها ولم يكن لاحد من الوزراء غرض محدد. ولم تكن بيننا خلافات عدا بعضها مع الاخوة من الجنوبيين وتعاملنا معها بجدية ومنطق.
الفترة الانتقالية لو استمرت خمس سنوات لتغير تاريخ السودان كليا لكن كعادتها كانت الاحزاب تهمة للسلطة واصرت ان تكون الفترة الانتقالية لعام واحد وللأسف استلمت السلطة وفشلت في الابقاء عليها لاكثر من ثلاث سنوات !














التعليقات