تقول تقارير موثوقة ان خمسة آلاف مقاتل دخلوا الاراضي العراقية منذ بداية غزوه، ومعظمهم ينتمي الى تنظيمات اصولية عسكرية مع عدد بسيط من المحسوبين على بعض التنظيمات القومية واليسارية.
هذا الجيش من الضخامة بحيث انه قادر على احداث تغيير لا في العراق وحده بل في دول المنطقة. والدول المعنية بالتهديد في نهاية المطاف هي السعودية وجاراتها الخليجية وسورية وايران والأردن وكذلك مصر.
وتقول التقارير الراصدة للوضع، ان جزائريين ومغاربة وخليجيين ولبنانيين وفلسطينيين ويمنيين وسودانيين ينشطون في العراق، ومعظمهم حاليا تحت التدريب الميداني مستفيدين من استمرار التدهور الامني. هذه مرحلة ما بعد الغزو وليس صعبا ان نقرأ نتيجتها الاخيرة سواء بانتصار السلطة العراقية او هزيمتها، ففي كلتا الحالتين نرى خطرا حقيقيا.
وهوية جيش المتطرفين الذي يتشكل في العراق لا نستطيع ان نقول عنه انه «القاعدة» وحدها، بل صار مظلة تضم تنظيمات متطرفة مختلفة تعمل منفصلة في ثلاث قارات، تجتمع الآن ولأول مرة على أرض واحدة. هذه جميعا تلتقي في رؤيتها المناهضة للواقع السياسي معتبرة جميع الانظمة كافرة ولا بد من مواجهتها. واذا كان هناك من يعتقد انه يمكن تحييدها فهو مخطئ بسبب طبيعتها الايدلوجية. فالسعودية سعت متعمدة منذ البداية لعدم التورط في حرب افغانستان، وكررت الشيء نفسه فاعتزلت حرب العراق، لكن ذلك لم يحل دون مشروع المواجهة حيث نفذ مئات من السعوديين والعرب الآخرين عمليات خطيرة في انحاء المملكة. وهي نفس المجموعة التي تهدد اليوم الأردن وستهدد سورية غدا وقطعا ايران في مرحلة ما.
في ميزان الحساب السياسي هناك من يرى خطرين، واحدا من معسكر اميركي وآخر لمعسكر المتطرفين المسلحين، لكن الخوف من الاميركي تراجع بعد ان قوض الوجود العسكري. راقبوا معركة العراق الحالية لأنها تمثل مدخلا للمستقبل القريب الذي نتحدث عنه، خاصة ان الأرض العراقية مع استمرار أمد المواجهة، أصبحت أرض تجهيز للمعارك الكبيرة. فما خسرته «القاعدة» من عدد ومدد في افغانستان بسبب الحرب عليها نجحت الآن في تعويضه في العراق، البلد الأكثر اتصالا بالمنطقة عاطفيا وجغرافيا. وتلام ايران أكثر من غيرها، فهي تعتبر ان دعم المتطرفين السنة، متمثلين في القاعدة، هو خير سلاح لمواجهة دول الاقليم ذات الاكثرية السنية لكنها تخاطر بنفسها بمواجهة التطرف من نفس الجماعة التي تعتبر ايران قبلة الكفر الاقليمي.
مخاوف ايران وغيرها مبررة من نظرية تقول ان الاميركيين سيستخدمون العراق مخلبا ضدهم في المستقبل لكن صار الخيار بين النظرية والحقيقة. الحقيقة تقول بوجود جيش ينمو من المتطرفين المسلحين في العراق حاليا تحت تدريب مماثل لحرب «المجاهدين» ضد السوفييت.