دمشق - شافع مزيك: غابت نبيلة النابلسي عشر سنوات أسست خلالها أسرتها متخلية عن بريق نجوميتها السينمائية، وبعد العودة دخلت مجال التنافس من خلال عدد قليل من المسلسلات، وجاءت المرحلة الإنتاجية التالية لتحول اتجاه تنافسها نحو العناصر التمثيلية القادرة والموهوبة ما جعلها تبعد اليأس عن حياتها وترسخ وجودها ضمن أدوار مؤثرة في الأحداث الدرامية، فأعطت مرحلتها العمرية إلى أدوار الأمهات لتكون متميزة في إطلالاتها ومختلفة حينما تعرض كل أعمالها في وقت واحد، بينما ظهورها الكوميدي لم يمنحها الارتياح المطلق طالما أن الكوميديا تحتاج إلى التغيير بشكل عام.

* ما إضافاتك على أدوار الأمهات لتظهرين متميزة؟
aبعدما تحولت إلى أدوار الأمهات قررت ألا أقبل بالدور الذي لا يتيح لي التميز. ولكن أعترف بأني مررت بمرحلة القبول ببعض الأدوار التقليدية، وحينما جسّدت شخصية الأم في الجزأين الأول والثاني في مسلسل “الفصول الأربعة” انتقلت إلى جانب آخر من مرحلة تمثيل أدوار الأمهات، وبدأت أعتذر عن كل دور لا يتيح لي أن أكون في عمق الأحداث.

* تحتوي الدراما على أدوار عديدة تتناسب مع مرحلتك العمرية، فهل تصرين على أدوار الأمهات؟
الأدوار التي تتناسب مع عمري كما ذكرت، أكثرها يرتبط بالشر أو بالجريمة كما يحدث في المسلسلات البوليسية مثلاً. ولكني أفضّل الأدوار الإيجابية والمخصصة لإظهار توجهات اجتماعية مفيدة، وهذه النوعية من الأدوار لا تتحقق سوى مع شخصيات الأم.

* أكثر الأمهات في المسلسلات يبقين على هامش الأحداث؟
هذا حدث معي سابقاً، ولكني بطلة حلقات كاملة في عدة مسلسلات، ومنها “الفصول الأربعة”، و”عرسان آخر زمن” كان دوري في العملين مؤثراً ومغيراً في الأحداث.

* هل وجدت أهمية لظهورك في الأعمال الكوميدية؟
لا، لم أجد هذه الأهمية الملموسة بشكل واضح. الكوميديا عندنا تحتاج إلى تغيير شامل لكي تنال هذه الصفة، وتتطلب بالتالي مؤلفين مختصين وليس مخرجين قادرين على تحويل النصوص الجادة إلى مسلسلات مضحكة.

ولماذا شاركت في الأعمال الكوميدية؟
لم أشارك بشكل كامل، وأدواري لم تكن كاريكاتيرية أو ساعية للإضحاك، وهذه النماذج اختصت بها زميلات عديدات، وأعتبر دوري في “عرسان آخر زمن” ليس كوميدياً بالمطلق ولكنه يعتمد على مواقف تقدّم الإضحاك نتيجة للمواقف التي تحدث بشكل عفوي وليس بسبب أدائي المضحك.

* هل نجحت في تحقيق الإضحاك من خلال هذه المواقف؟
نجحت في تجسيد الدور، وأكثر أحداثه جادة ومملوءة بالانفعالات الضمنية إثر تكاثر الرجال حول ابنتي المطلوبة باستمرار للزواج.

* ما مدى اقتناعك بإعادة هذه التجربة؟
لا، لست مقتنعة إطلاقاً، وأحياناً نضطر للموافقة على دور ونعرف بأنه يشكّل نسبة من التغيير في ملامحنا لكننا من البداية نسعى إلى هذا التغيير لكي لا تكون الأدوار متشابهة.

* متى توافقين على الدور من أجل المبلغ المالي المخصص له؟
تقصد بأن أوافق على أي دور حينما يكون المبلغ مرتفعاً؟.. هذا لم يحدث معي، ولم أوافق على دور بسبب المال فقط، ومن الأساس أنا أؤكد موافقتي على الدور أو اعتذاري عنه قبل أن أعرف المبلغ المخصص له.

* هل تقصدين بأنك لا تعملين في الفن من أجل المال؟
كلنا نعمل من أجل المال لأنه وسيلة لتأمين ضرورات الحياة، ولكن الفرق شاسع بين اختيار الدور، أو الاعتذار عن الأدوار، من أجل تفادي الظهور بشكل ضعيف، وبين قبول الدور بعد التأكد بأن قيمته المالية أكثر من غيره، وهنا يتحول الفنان إلى بائع لموهبته ولا يشعر بأهميته، سواء أمام نفسه أو الجمهور، لأن الوقوع في خطأ القبول أو الاختيار يقلل من قيمة الفنان في النهاية.

* أنت مستمرة منذ ما يقارب الثلاثين سنة، فهل ما تزالين متحمسة للعمل الفني أم أنك تتعرضين لليأس بين فترة وأخرى؟
بعدما تحددت أدواري، وعرف المخرجون كيف يختارونني، لم أشعر باليأس إطلاقاً. في السابق شعرت باليأس حينما كانت المسلسلات قليلة جداً، والتنافس بين العناصر التمثيلية شديد ومزعج أحياناً، ومنذ ما يقارب عشر سنوات أصبحت المسلسلات كثيرة وبدأ المخرجون يتنافسون في اختيار العناصر الجيدة مما حوّل مجال التنافس إلى اتجاه معاكس، فأصبح الممثل المتمكن من أدائه موجود أمام اختيارات عديدة.

* مرت فترة زمنية واسعة بين فترة نجوميتك السينمائية وعودتك للتلفزيون؟
هذا صحيح لأني اعتزلت بعد الزواج ما يقارب العشر سنوات بعد توقف السينما في نهاية الثمانينات، ثم عدت لأجد الإنتاج التلفزيوني يؤسس خططه لكي ينهض ويكبر، وهنا تعددت أدواري كثيراً، قبل أن أجد وجودي المهم في أدوار المرحلة الحالية.

* أدوار الأمهات هل ستبقى المهمة في النصوص الدرامية؟
أعتقد أن النصوص بدأت تتجه نحو الحياة الاجتماعية بشكل كامل، ما يعني أن شخصية الأم التي تربي أبناءها، أو تناضل من أجلهم، أو تعاني لأسباب عديدة، ستكون موجودة في كل النصوص طالما أنها مرآة للواقع.
في السابق، كانت النصوص الكوميدية لا تحتاج إلى شخصيات الأمهات إلا في حالات قليلة جداً. وفي النوع التاريخي، تغيب الأم كثيراً لأن أكثر الشخصيات لا تظهر ضمن بيئتها الإنسانية. لذلك أنا متأكدة بأن هذا النموذج الإنساني، وأعني الأم، سوف يستمر ويكون له دور أساسي في الأحداث.

* هل لاحظت هذا الاستمرار من نصوص هذا العام؟
بالطبع لأني ارتبطت بثلاثة أدوار من هذا النوع بعد أن اخترتها من بين النصوص المعروضة عليّ، وأهمها كما أعتقد دوري في مسلسل “أهل المدينة” مع المخرج بسام سعد وفيه أجسد دور الأم التي تمارس سلطة الأب بعد وقوعه في العجز النهائي، وهنا لا تكون مهمتها التربية فحسب لأن الأبناء يستغلون غياب سلطة الأب ويعبثون في الحياة وينجرفون في متاهات واسعة فتكون الأم السلطة المطلقة لمنع خراب الحياة الأسرية والمالية.

* هل تتميز بقية أدوار هذا العام بهذه الأهمية؟
بالطبع، لكنها تختلف عن هذا الدور كثيراً خاصة دور أم المذيعة سهام في مسلسل هيثم حقي الجديد “الخيط الأبيض” فهنا الأم موجهة أساسية وحزينة بسبب إخفاقات ابنتها إثر طلاقها اللامتوقع، بينما سيتغير التوجه قليلاً مع شخصية “أم حاتم” في مسلسل بسام الملا “ليالي الصالحية”، فهنا أنا زوجة لا أتمتع بالأمومة مما يجعلني أظهر مثالية امرأة البيئة الشعبية وأبحث عن زوجة أخرى لزوجي لكي يحقق الأبوة.

* ثلاثة أدوار غير متشابهة، فماذا تتوقعين بعد العرض؟
المسلسلات التي ذكرتها ستعرض على شاشات رمضان القادم في وقت واحد، وأكثر ما أتوقعه أن أحقق الظهور المناسب كممثلة ناجحة في جعل ملامحها غير متشابهة باستمرار.