لم تكن هناك صفقة ولا صاروخ ولا زبون إرهابي بل مجرد امتحان لنوايا إمام المسجد سقط فيه ووقع في براثن رجال الامن. أهل الامن يقولون انه طالما ليس من السهولة اكتشاف مؤامرة في طور الاعداد توجب طبخ واحدة لمن يظن انه مؤهل للتآمر وتوريطه فيها. سمها امتحان نوايا هدفها الكشف عن صاحب «النية السيئة»، ماذا لو جاءتك الفرصة للقيام بعملية محرمة؟ هذا ما اكتشفه الامن حيال إمام في مسجد في ولاية نيويورك هذا الاسبوع. القصة تبدأ من شكوكهم فيه بطروحاته المتطرفة وهذا لا يكفي لاعتقاله في غياب الدليل، فوضعت تحركاته وهواتفه ومساكنه تحت الملاحظة. وحتى لا يرمي المشككون الحكومة بدعوى تلفيق التهم لأشخاص لهم مكانة كبيرة في نفوس الناس قررت امتحانه بسؤاله بما لا يمكن التشكيك في نتائجه، فانتدبت له رجل مباحث أدخله في صفقة صاروخ. ولماذا صاروخ وليس مجرد مسدس او قنبلة، قالوا انه اذا وافق فذلك يعني ان الرجل مستعد للانخراط في اقصى حالات التدمير، ايضا يستحيل ان يقال عنه مجرد متعاطف. دبرت له الصفقة المكيدة وابتلع الطعم من احد رجال الامن المتخفي في هيئة أصولي متطرف.
أنا لا أرى في هذا الامام رجلا ارهابيا، ولا حتى مشروع ارهابي تحت التكوين، لأنه لو كان مرتبطا بتنظيم، او سبق له العمل في خلية، لما سهل اصطياده في هذا الفخ، وهذا لايبرئ ما فعله بل يكشف حجم الاختراق الذي بلغه فكر التطرف ووصل الى أئمة مساجد وقضاة ورجال اعمال ومفكرين، وهو أمر لم نعتد ان يبلغ هؤلاء. لنعترف ان الفكر المتطرف استمال بأدبياته أناسا كثرا ربما لن يتصلوا أبدا بتنظيمات وقد لا تدري بهم ولا احد سيعرف عنهم شيئا. هذه العقول المخترقة يعيش في داخلها حماس لمشروع نظري مليء بالحماس. هؤلاء في نظر الامن مشاريع ارهابية محتملة لو وجدت التنظيمات اليها سبيلا. ومع ان تطرفهم صحيح، فهم ايضا ليسوا ارهابيين طالما لم يسجلوا اسماءهم في بيانات التنظيمات المطاردة.
والسؤال كم يوجد هناك مثل هذا الإمام الذي يمكن ان يقع بسهولة في مصيدة الارهابيين او فخ المباحث؟
بالتأكيد لا ندري عدد الائمة الثوار لكن من الواضح انهم ليسوا قلة اولئك الذين عدلوا وظيفة الامام من الصلاة بالناس الى الانخراط في «الهم العام»، ولو كان ذلك يعني لبعضهم ترك المحراب والاشتراك في تنظيمات مسلحة. والعبرة الأخرى من قصة الامام السجين ان ليس كل من انتسب للتنظيمات المتطرفة بالفعل ينتمي لها، حتى لو كان يطيل لحيته ويحمل صاروخا على كتفه، فقد يكون متخصصا في صيد المتعاطفين كما حدث لهذا الامام المسكين.