الرياض: محمد الحميدي: يرى عبدالرحمن مازي الخبير السعودي في الاتصالات وتقنية المعلومات والعضو المنتدب للشركة الوطنية لأنظمة المعلومات أنه بإمكان الشركات التي ستدخل المنافسة مع شركة الاتصالات السعودية في السوق المحلي في الوقت الحالي أو مستقبلا استغلال قصور الشركة في جانب ارتفاع الأسعار وتنوع الخدمات وانخفاض جودتها وسوء تعامل بعض موظفيها مع عملائها.
* يؤكد مازي أن هذه السلبيات نبعت في ظل عدم وجود المنافسة، لافتا إلى أن الوضع المستقبلي القريب يسير لصالح شركة الاتصالات السعودية لامتلاكها السوق وتكامل البنية التحتية لها إضافة لولاء متوقع للآلاف من الملاك والمساهمين والموظفين وعائلاتهم والموردين والمتعاملين معها.
وكشف مازي أن هناك تخوفا حول تقنية جديدة طرحت مؤخرا تدعى ويماكس WIMAX يتوقع أن تسحب البساط خلال السنوات القليلة المقبلة من تقنية الجيل الثالث 3G لكفاءتها العالية وانخفاض تكلفتها، مشيرا إلى أن الانظمة الجديدة تتميز بكثرة التطبيقات المرتبطة بها وسهولة انتشارها، موضحا أن سوق الاتصالات السعودية يتنامي سنويا بنسبة 20 في المائة خاصة مع دخول شركات أجنبية ستدفع لحركة اقتصادية واسعة.
* أخيرا بدأت السعودية تحرير قطاع الاتصالات والتي كان يحضّر لها منذ حقبة من الزمن، حيث قدمت شركات عالمية عطاءاتها في كسب مشروع رخصة الجوال الثانية ووفقا للأنباء كان اتحاد شركة اتصالات الإمارات هو الأعلى، مما يتوقع فوزها بالرخصة الجديدة، فما رأيكم في مستوى التحرك الذي يسلكه قطاع الاتصالات في طريق تحرير نفسه؟ وهل هذا التحرير مطلق أم مقيد؟
ـ تحرير قطاع الاتصالات في السعودية يمضي حاليا بخطى حثيثة ثابتة وواضحة ومنظمة رغم التأخر في البدء بذلك، حيث طال استغراقه للنقاش والإقناع ومن ثم اصدار اللوائح والأنظمة وإنشاء هيئة الاتصالات وتوسيع مجال اختصاصها لتشمل تقنية المعلومات، إلا أن عملية تحرير هذا القطاع الحيوي في السعودية بدأت بداية قوية مما سيجنبنا بعض العناء المرتبط بتأخرنا في الدخول في ذلك. إن تحرير قطاع الاتصالات في السعودية غير مقيد على الاطلاق إلا إذا أخذنا في الاعتبار التواريخ المتوقعة لفتح باب التنافس في تقديم خدمات الاتصالات المختلفة وما قد يعتبره البعض تقيدا، وفي هذه الحالة فانني أعتبره تقيدا مؤقتا، إذ أن عام 2006 ليس ببعيد وهو التاريخ المتوقع للتحرير الكامل لقطاع الاتصالات على الرغم من ان عام 2008 هو التاريخ المعلن رسميا حتى الآن لذلك.
* ما هي رؤيتكم بشكل عام لمستقبل قطاع الاتصالات السعودية خاصة في ظل تحرير هذا القطاع ؟
ـ سيكون واعدا حيث سينتج عن المنافسة تقديم أفضل الخدمات للمستفيدين بأقل الأسعار وفي جميع المناطق وعلى أعلى المستويات الخدمية وباستخدام أفضل التقنيات. كما أن تأسيس العديد من الشركات المنافسة لتقديم هذه الخدمات ستنتج عنه فرص استثمارية كبيرة بل إن ذلك سيرتبط بتدريب وتأهيل واستقطاب وتوظيف الآلاف من الأيدي العاملة السعودية بمستوى دخل أعلى من المتوسط. وسيؤدي ذلك إلى انتعاش الحركة الاقتصادية وزيادة مستوى دخل الافراد والشركات العاملة في هذا المجال والمستثمرين فيه، بل وزيادة في مستوى الدخل القومي وتحسين في الوضع التنافسي للسعودية مع دول العالم. إن دخول الشركات العالمية في قطاع الاتصالات في السوق السعودي يعدّ زيادة في الخير، إذ سيؤدي إلى استقطاب للاستثمارات الاجنبية ومشاركة للمستثمرين السعوديين وتوظيف للمواطنين، وما يرتبط بذلك من تبني للتقنيات الحديثة ونقل للخبرات المتميزة وتعلم لاساليب العمل ومهنيته ومشاركة في إبداء الرأي واتخاذ القرار وتحفيز للابداع والابتكار. لكن ذلك مرتبط بوجود انظمة واجراءات وجداول زمنية وشروط ومواصفات وحوافز ومتطلبات واضحة وشفافة تحت مظلة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات فعالة وقادرة على التنظيم والمراقبة واتخاذ القرارات بحيادية.
* من ترون المستفيد الأول من تحرير القطاع هل هو العميل أم الشركة الفائزة برخصة الجوال الأخيرة؟
ـ من الطبيعي ألا تقوم أية شركة بالمشاركة في قطاع الاتصالات من دون ان تستفيد من ذلك ماديا بتحقيق الارباح وتسويقيا عبر زيادة حصتها من سوق الاتصالات العالمية وعلى مستوى المنطقة، ولكن ذلك لا يعني أن العملاء الذين ستقدم لهم هذه الخدمات ليسوا بمستفيدين ايضا، بل ربما تكون فائدتهم أكبر متى ما تم احتساب كافة ما ينتج عن ذلك من تحسين في حياتهم الخاصة والعائلية والاجتماعية والعملية على مستوى السعودية والتنافسية على مستوى المنطقة والعالم.
* التسعيرة تشكل هاجسا كبيرا لدى الفرد السعودي خاصة مع الشح الكبير في الموارد الاقتصادية للفرد، كخبير في قطاع الاتصالات ولك إطلاع واسع على جملة من التجارب العالمية المحيطة، ما هي التسعيرة الملائمة للمكالمات المحلية، الدولية، وخدمات الانترنت للسوق المحلي؟
ـ أسعار الخدمات المختلفة المكونة لقطاع الاتصالات بما في ذلك المكالمات السلكية واللاسلكية المحلية منها والدولية والانترنت تنخفض باستمرار في ظل المنافسة، ونسبة الانخفاض في الأسعار تختلف حسب مراحل التنافس إذ يتوقع أن تكون هذه النسبة كبيرة قبيل دخول المستثمرين الجدد في أي من هذه القطاعات. ويتوقع أن تنخفض هذه النسبة تدريجيا حتى تثبت الأسعار مع استقرار المتنافسين في تقديم الخدمة سواء من ناحية أعداد المستفيدين من خدماتهم ونوعها ومناطق تغطيتها والتقنيات المطبقة. واعتقد أنه بعد فترة الاستقرار المذكورة سيكون للتطور الهائل في التقنيات المطبقة حاليا ولتطبيق تقنيات أخرى جديدة دور أساسي ليس فقط في نوع الخدمات المقدمة بل وفي أسعارها أيضا. كما أنه لا يمكن تحديد الأسعار الملائمة جزافا ولكن يمكن التأكيد أن الاسعار ستكون في صالح المستفيد من الخدمات المقدمة متى ما تم تقديم هذه الخدمات عن طريق المنافسة بين أكثر من شركتين، أي ثلاث شركات على الأقل وتنظيمها والاشراف عليها بفعالية وحيادية من قبل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.
* دخول الشركات الأجنبية في سوق الاتصالات السعودية حلم ينتظره الكثير من المستخدمين فما هي الاسلحة التي يمكن لتلك الشركات التسلح بها لاستقطاب العملاء السعوديين ؟
ـ لسوء حظ شركة الاتصالات السعودية، سيكون بإمكان الشركات التي ستتنافس معها في تقديم خدماتها في السوق المحلي استغلال بعض جوانب قصور شركة الاتصالات السعودية من ناحية ارتفاع الأسعار وتنوع الخدمات وانخفاض جودتها وسوء تعامل بعض موظفيها مع عملائها، والأسوأ من ذلك عدم وجود المنافسة التي تمكن من المقارنة وبالتالي الحكم المحايد على كل ما ذكر أعلاه فيما يتعلق بشركة الاتصالات. والأكثر سوءا من بين كل ما ذكر هو أن التجديد عند الكثير يعدّ هدفا في حد ذاته. كما أن الحرية في الاختيار مفضلة دائما على الاجبار حتى لو كان هو الأحسن. واعتقد أن تحرير هذا القطاع وفتح باب المنافسة فيه على مصراعيه سيكون من صالح كافة الأطراف وأهمهم المستفيدون من الخدمات وأولهم شركة الاتصالات السعودية والمستثمرون فيها وعلى رأسهم الحكومة وجمهور المساهمين وعشرات الآلاف من الافراد الذين سيتم استقطابهم وتدريبهم وتأهيلهم لتوظيفهم في هذا القطاع الحيوي وتأمين مستوى دخل لهم أعلى من متوسط غيرهم من الافراد في السعودية. كما أنه يتوقع زيادة الدخل القومي ورفع مستوى القدرة التنافسية العالمية للسعودية مقارنة بالدول الأخرى.
* ما هو الأثر الاقتصادي الذي سينتج جراء دخول تلك الشركات؟ وكم حجم سوق الاتصالات السعودية بجميع إمكانياته وتنوع خدماته وشركاته الآن؟، وكم سيقدر بعد انضمام الشركات الأجنبية ؟
ـ سيتوسع السوق بشكل ملحوظ في النشاطات الاقتصادية المرتبطة بقطاع الاتصالات بصفة مباشرة وبالقطاعات الاخرى المرتبطة بقطاع الاتصالات بصفة غير مباشرة. ويمكن تأكيد ذلك من الآثار الملحوظة من الجميع منذ اكثر من سنة كنتيجة لفتح باب الاكتتاب في شركة الاتصالات السعودية، وما ارتبط بذلك من ارتفاع سعر أسهم الشركة وبقية أسعار أسهم الشركات المساهمة في سوق الأسهم المحلية اتباعا لذلك. ويعدّ هذا ملحوظا من المختصين والمهتمين والمستثمرين المعنيين بتقنية الاتصالات خلال الشهور الستة الماضية كنتيجة للإعلان عن فتح باب المنافسة في تقديم خدمات الهاتف الجوال وخدمات المعطيات وما ارتبط بكل ذلك من تحالفات، استثمارات، دراسات، عطاءات ضمانات، وتوظيف.
* وماذا عن حجم سوق الاتصالات السعودية حاليا؟
ـ يختلف الجواب عن حجم سوق الاتصالات في السعودية باختلاف تعريفه ومكوناته، ومع ذلك فإنني لا أجد حرجا في القول إن حجم سوق الاتصالات في السعودية حتى نهاية عام 2003 لا يقل عن 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار) منها حوالي 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار) إيرادات شركة الاتصالات السعودية فقط والباقي إيرادات مورديها ومقاوليها ومقدمي الخدمات الاضافية وبائعي الأجهزة للجمهور. كما لا أجد حرجا في القول إن معدل نسبة الزيادة السنوية في حجم سوق الاتصالات في السعودية حتى نهاية عام 2010 سوف لا يقل عن 20 في المائة كنتيجة للاستمرار في تطبيق البرنامج المعروف حتى الآن لتحرير قطاع الاتصالات في السعودية وفتح باب المنافسة فيه على مصراعيه خلال عام 2008 على أبعد تقدير كما هو معلن رسميا حتى الآن إن لم يكن قبل ذلك بعامين وهو ما يتوقعه مهتمون بقطاع الاتصالات. ولا يستبعد وصول حجم سوق الاتصالات في السعودية حتى نهاية عام 2010 إلى أكثر من 120 مليار ريال (32 مليار دولار).
* كثر الحديث والجدل حول أنظمة الجيل الثالث 3G التي يدعو البعض لتطبيقها في شركة الاتصالات، لعلكم تسلطون الضوء على ما هو المقصود بالجيل الثالث؟ وما حكاية هذا النظام والجدل الدائر بين الخبراء وشركة الاتصالات ؟
ـ تقنية الجيل الثالث (3G) تجعل من الأسهل تشغيليا وتطبيقيا تقديم خدمات الاتصالات المختلفة من صوت وصورة وبيانات ووسائل متعددة عن طريق الهاتف الجوال بالاستفادة من بعض التقنيات الرقمية التي لم تتوقف عن التقدم والتطور والنطاق العريض التي يتزايد توفيره في مختلف بقاع العالم. وباحتضان التطبيقات القاتلة التي هي أساس انتشار هذه الخدمات والتي تجعل تقديمها أيضا مجديا اقتصاديا لمقدمي هذه الخدمات. ويتركز الجدل حول الجدوى الاقتصادية للعوائد المتوقعة من تقديم هذه الخدمات المرتبطة بعدد المستفيدين من هذه الخدمات وبأسعارها وبتنوع التطبيقات المتوفرة مقابل الاستثمارات اللازمة لذلك من قبل مقدمي هذه الخدمات. ولكن معظم هذا الجدل تم استيعابه مؤخرا إلى درجة كبيرة وذلك بسبب النجاح التجاري لمقدمي خدمات الهاتف الجوال المبني على تقنية الجيل الثالث 3G في اليابان وكوريا بصفة خاصة خلال السنوات الثلاث الماضية، الى جانب المؤشرات الأولية خلال السنة الماضية الايجابية للنجاح التجاري لمقدمي هذه الخدمات في بعض الدول الاوروبية، ومع ذلك فان هناك تخوفا من أن تقنيات جديدة كتقنية WIMAX طرحت مؤخرا ستسحب البساط خلال السنوات القليلة القادمة من تقنية 3G لكفاءتها العالية مقارنة بكفاءة تقنية 3G وذلك من ناحية انخفاض التكلفة لهذه الانظمة الجديدة وكثرة التطبيقات المرتبطة بها وسهولة انتشارها.
* إذن ما مصدر التردد والتخوف من استخدام هذه التقنية؟
ـ شركة الاتصالات السعودية لا تختلف عن غيرها من مقدمي خدمات الهاتف الجوال في العالم في التردد من خوض مغامرة الجيل الثالث 3G، حيث لم تحتاج إليها الشركة حتى الآن لعدم وجود منافسة تجبرها على ذلك خاصة أن هناك شكا في التقبل الكافي من الجمهور للخدمات الاضافية المرتبطة بها سواء لأسعارها التي ستكون مرتفعة نسبيا أو للتكلفة العالية للأجهزة المرتبطة بها والأهم من ذلك قلة التطبيقات أو عدم وصولها لمرحلة التطبيقات القاتلة وارتباط بعض هذه التطبيقات بمحظورات اجتماعية أو دينية أو عائلية!. ولكنني كالعادة متفائل جدا أن كل عوائق الاستفادة الكاملة في السعودية من تطبيقات الجيل الثالث 3G أو غيرها من التقنيات الحديثة ستذوب وتزول مع البدء في تحرير قطاع الاتصالات وفتح باب المنافسة فيه.
* هل تتوقعون أن ينسحب البساط من تحت يد «الاتصالات السعودية» على الأقل في بعض الخدمات التي تقدمها؟ وفي المقابل ما هو الجديد الذي يمكن أن تضيفه الشركات الأجنبية؟
ـ في اعتقادي أن الوضع المستقبلي القريب هو في صالح شركة الاتصالات السعودية مقارنة بالشركات التي ستبدأ في التنافس معها في تقديم خدمات الاتصالات في السعودية، فالشركة تملك كامل السوق وتملك البنية التحتية، أضف إلى ذلك أن لشركة الاتصالات محبيها سواء من ملاكها الاساسيين كالحكومة إلى جانب مئات الألوف من المساهمين وعشرات الألوف من موظفيها وعائلاتهم والمئات من الموردين والمتعاملين معها. وفوق كل ذلك هناك طبقة عريضة من الجمهور السعودي يؤمنون بأن شركة الاتصالات السعودية هي جزء من الثروة الوطنية التي يتوجب عليهم حمايتها والدفاع عنها. ومع ذلك فان هناك بعضا من الجمهور الذين تقدم لهم شركة الاتصالات خدماتها يتطلعون إلى اليوم الذي يمكنهم فيها التعامل مع شركة أخرى منافسة لها لشعورهم بأن غبنا قد لحقهم سواء لسوء تقديم الخدمة أو تدني مستوها أو لارتفاع في الاسعار أو لعدم توفر بعض الخدمات. كما أن هناك بعضا من الجمهور الذين يعتقدون أن الشركات التي ستنافس «الاتصالات السعودية» لديها القدرة على سحقها وذلك بتقديم خدمات مختلفة فائقة الجودة وبأسعار منخفضة جدا وبسرعة انتشار غير متوقعة. في كل الأحوال أعتقد أن شركة الاتصالات السعودية لن تسمح لمنافسيها بسحب البساط من تحتها، هذا الاعتقاد مبني على الاشارات التي يقوم بارسالها مديرو شركة الاتصالات السعودية منذ شهور عديدة عن استعداد الشركة المبكرة للمنافسة سواء بتنويع الخدمات وانتشارها وتخفيض أسعارها وتحسين مستواها وتوسيع وتجديد بنيتها التحتية. ولدي اعتقاد قوي أن بإمكان شركة الاتصالات السعودية الاستفادة من المنافسة عن طريق تسهيل اعتماد منافسيها على بنيتها التحتية في تقديم الخدمات وذلك بتخفيض الشركة لاسعار الربط البيني وتكاليف المشاركة في استخدام البنى التحتية الخاصة بها من ابراج وكوابل ومحطات رئيسية وفرعية، وبالتالي رفع نسبة استغلال طاقات البنى التحتية الخاصة بها وما ينتج عن ذلك من زيادة في دخلها وتباطؤ من منافسيها في الاعتماد على البنى التحتية الخاصة بهم أي هؤلاء المنافسين.