طهران من أحمد أمين: يعتقد ابراهيم محمد بحر العلوم، وزير النفط في الحكومة العراقية الانتقالية السابقة العضو الحالي في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، ان «انجع السبل لوضع حد لظاهرة تسلل الارهابيين من الدول الجارة للعراق، هو ابرام اتفاقات تجارية مع هذه الدول، لان تفعيل المنظومة الامنية مع المنظومة الاقتصادية يحقق ضمان المنظومة السياسية», ويرى بان «على دول الجوار التسليم بان وجود القوات المتعددة الجنسية يعتبر امرا ضروريا لحفظ امن العراق في المرحلة الراهنة.
ويؤكد بحر العلوم ان العامل الاساس وراء الازمة الامنية «وجود تسلل ارهابي من دول الجوار»، ويكشف عن ان الادارة الاميركية «تعتبر ايران وسورية خطوطاً حمراً، الا ان للعراقيين اجندتهم وهم غير معنيين بالرؤية الامنية الاميركية».
ويصف التباين في تصريحات المسؤولين العراقيين حيال موقف دول الجوار من العمليات الارهابية في العراق بانها «حالة طبيعية»، ويبدي المزيد من التفاؤل في شأن تفهم الشعب العراقي بان «الهدف الاساس للارهابيين استهداف حياته وقوته اليومي، لذلك فان المواطن اخذ يتعاون في تقديم المعلومات عن الخلايا الارهابية»، ويذهب الى الاعتقاد بان عدم وجود عزم اقليمي حقيقي لمكافحة الارهاب سيجعل شعوب المنطقة رهينة للارهابيين بعدما كانت رهينة لصدام حسين».
وينفي بحر العلوم تورط السفير بول بريمر بفساد مالي، كما يعتبر فضح الاطراف التي تلقت كوبونات نفطية من صدام حسين «مطلبا وطنيا»، ويتغنى بابيات نظمها والده، ويقول تعبت عيني على الدرب تتطل رؤاك العذب يابغداد فلّ.
هذه المحاور وغيرها تضمنها الحوار التالي الذي اجرته «الرأي العام» في طهران مع بحر العلوم على هامش الملتقى الاقتصادي العراقي - الايراني الذي عقد في طهران الاحد والاثنين الماضيين.
هل تعتقدون ان هذا الملتقى، ومع ملاحظة الظرف الامني المتدهور في بلادكم، يستطيع ان يحقق خطوات ايجابية على صعيد اعادة اعمار العراق وتحسين اوضاعه الاقتصادية، لاسيما المعروف عن اصحاب رؤوس الاموال عدم المغامرة في مناطق ملتهبة امنيا؟
ــ في الواقع ان هذا الملتقى يعد خطوة ايجابية وموفقة من قبل المسؤولين الايرانيين لاحتضان العدد الكبير من العراقيين الذين يمثلون القطاع الحكومي والقطاع الخاص اضافة الى غرف التجارة، والملتقى بحد ذاته يعتبر امرا جيدا، ولكن تصوراتي ان الوضع يحتاج الى عمل مكثف آخر من اجل المضي قدما في مسألة الاعمار، فهذه المسألة متوقفة في شكل اساس على الحالة الامنية، والامن متوقف على تعاون دول الجوار، ولذلك نحن نأمل، وحسبما تحدثت للاشقاء، بضرورة التمييز بين معادلات الامس ومعادلات اليوم، ومعادلة اليوم تكون امن المنطقة مقابل الاقتصاد، لذلك يجب تفعيل المنظومة الامنية مع المنظومة الاقتصادية لتحقيق ضمان المنظومة السياسية، وهذه المنظومات اذا وضعت بعضها مع بعض فانها من الممكن ان تساهم في الحفاظ على مصلحة الشعب العراقي ومصلحة الشعوب الاخرى، وهذا الامر يحتاج الى نوع من التوجه الجاد، وان اغلب دول الجوار عملت مؤتمرات لكن المشاركة العراقية التي رأيتها في طهران كانت فاعلة ومميزة، والمسألة تحتاج الى نوع من المواصلة في هذا المجال، واتوقع ان المسألة الاساس التي يجب التركيز عليها هي ان أي نوع مشاركة في عملية الاعمار، لاسيما من قبل دول الجوار تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا مع المفردات الاساسية المطلوب من خلالها تحقيق العملية السياسية والعملية الامنية، لذلك لدول الجوار الاولوية اذا تمكنت الاستفادة من هذه المفردات والتعامل معها بالاهتمام والرعاية في مسألة استكمال العملية الاقتصادية، وتصوري ايضا في هذه المسألة هو ان أي تقدم في قضية الاعمار له ارتباط مباشر بقدرة دول الجوار على حماية المواطن العراقي.
ألا تعتقدون انها معادلة صعبة، الاقتصاد مرتبط بالامن والامن مرهون بجدية دول الجوار في ضبط حدودها، وبعض هذه الدول لديها رغبات جامحة بجلاء سريع للقوات الاجنبية والاميركية تحديدا عن العراق، وهي متهمة بالتورط في الازمة الامنية التي تشهدها بلادكم، هل تعتقد ان الارادة ستتوافر عند هذه الدول في ضبط حدودها مع استمرار الوجود الاميركي في العراق؟
ــ يجب ان يكون لدينا منطلق للتعاون المشترك، يجب ان نفهم القضية بابعادها المختلفة، اذ ان هناك حاجة لحضور القوات المتعددة الجنسية في العراق وبالتالي على دول الجوار تفهم هذه الحاجة، وهناك دعوات انطلقت من الحكومة العراقية لمشاركة عربية واسلامية في هذه القوات ما عدا دول الجوار، وهذه قضية اساس سعينا اليها منذ فترة ونحاول ان نستمر في هذه المساعي، وهناك محور مهم يمكن الاستفادة منه استفادة جيدة في رسم ملامح استراتيجية لمستقبل العراق، ففي قطاع الطاقة، وخاصة النفط، كان شعارنا الذي استخدمناه في وزارة النفط في نهاية العام الماضي هو امكانية الاستفادة من نقاط الالتقاء لا الافتراق وبالتالي تسهم دول الجوار في رفد مشاريع استراتيجية من شأنها تفعيل المصالح المشتركة والمساهمة في العملية الامنية بشكل أو بآخر، وبذلك انطلقنا مع الكويت في مشروع تصدير الغاز الى هذا البلد وحققنا تقدما ملموسا في هذا المجال، وانطلقنا مع ايران وكانت المبادرة مبادرة عراقية رغم الخطوط الحمر الموجودة لكننا تجاوزناها، وكانت زيارتنا في العام الماضي لطهران من اجل الدعوة الى توقيع مذكرة تفاهم من اجل انشاء شبكة للانابيب عبر شط العرب لتصدير النفط العراقي بهدف الحصول على المشتقات النفطية وذلك من خلال تكرير النفط العراقي في مصافي عبادان وارجاعها الى العراق، ومع السعودية وسورية والاردن ايضا، اذ يجب ان تكون هناك حركة متوازنة في هذا المجال مع دول الجوار تختلف عن المعادلة السابقة التي كان النظام البائد يمارسها، وبذلك نحاول حماية امن النظام الجديد من خلال تحقيق مكاسب ومصالح اقتصادية وسياسية من خلال توقيع بروتوكولات تجارية مع دول الجوار لحساب مصلحة الشعب العراقي، ولذا يجب النظر لهذه القضية باهتمام لايجاد نوع من التوازن، التوازن الكفيل بحماية مصلحة الشعب العراقي، والقضية تكمن في ان تكون هناك رؤية استراتيجية واضحة لنوع من التوازن في العلاقة مع دول الجوار، وبشكل متوازن حول المحيط العراقي بشكل عام، فالعراق لايمكن ان يعيش معزولاً ويجب ان تعايش سلميا مع دول الجوار، النظام البائد تمكن من خلال سياساته العدوانية وعمليات التحجيم والخطوات الخاطئة الاخرى من جعل المنطقة على كف عفريت، واصبحت الدول الاقليمية رهينة لسياساته، اما اليوم فعلينا الا يتحول العراق الى بؤرة لصراع القوى، واذا ما ترك الوضع الامني على هذه الحالة واذا لم يتكاتف الجميع، دول الجوار والدول الصديقة، لدعم العراق في استكمال العملية السياسية، فانه ليس مصير العراق فحسب بل المنطقة كلها سيؤول الى نتائج لا تحمد عقباها، وستكون الخسارة ليس فقط خسارة الشعب العراقي بل خسارة مشتركة بين العراقيين وشعوب المنطقة، ونخشى ان نقع فريسة الايادي الارهابية بعد ان كنا فريسة للنظام الديكتاتوري السابق، لذلك يجب ان يكون هناك نوع من الاستراتيجية والرؤية الواضحة لدى دول الجوار لاجل تعزيز استقلال العراق، وفي الوقت نفسه لحماية المواطن العراقي وبالنتيجة ضمان استقرار المنطقة.
افهم انكم بذكركم للخطوط الحمر تعنون الادارة الاميركية، هل ستسمح هذه الادارة لكم بعقد صفقات استراتيجية مع الجانب الايراني؟
ــ نحن مع تقديرنا وتثميننا للدور الاميركي في مسألة اسقاط النظام، لكن هذا لايمنع من وجود اجندة للعراقيين قد تختلف وحتى قد تتوافق مع الاجندة الاميركية واجندة الحلفاء، لكن للعراقيين حقهم في المحافظة على اجندتهم واولوياتهم، واعطيك مثلا، اذ من القضايا التي اثيرت في هذا المجال العام الماضي هي مشاركة قوات تركية في عملية حفظ السلام في العراق الا ان مجلس الحكم عارض ذلك، وكان له رؤية واضحة في عدم الموافقة وباصراره على هذه الرؤية تمكن من تحجيم الفكرة بكاملها، فالمسألة هي مسألة اذا اتفق العراقيون على المبادىء العامة للمستقبل السياسي، واذا توافقت الاطراف السياسية العراقية الاساسية على رؤية موحدة ومسائل اساسية مبدأية فان الاطراف الاخرى ستكون في تقديري مجبرة على الاخذ بهذه الرؤية، وهناك الكثير من الامثلة على ذلك، منها التوافق الذي حصل في موضوع اختيار رئيس الجمهورية والاطراف الاخرى لم تتمكن من تهميش هذا التوافق، لذلك فنحن ايضا في مجمل العملية السياسية نعتقد ان هناك علاقات جوار يجب تفعيلها ولكن من خلال الاجندة العراقية والتصور والرؤية العراقية ولربما ان افضل مثال اننا في نفس الوقت الذي كنا نجري فيه مباحثات مع الكويت لتفعيل مشروع الغاز الطبيعي ومشاريع اخرى، كنا نجري مباحثات مع ايران لايجاد منافذ لتصدير النفط الخام، ووقعنا مع طهران مذكرة تفاهم، ومع سورية ايضا في الوقت الذي كانت دمشق خطوطا حمراً، لكن بلادنا كانت تعاني من ازمة في مسألة المشتقات، وقد التقينا مع الرئيس بشار الاسد وبقية الاخوة المسؤولين السوريين وبدأت عملية استيراد المشتقات النفطية من سورية، لذا فانه من الطبيعي ان تواجه هذه الحركة العراقية بحركة من دول الجوار بنفس الاتجاه وبنفس السرعة، ويجب ان تعكس الحرص والرغبة على حماية المصالح العراقية، هذه المسألة هي حديّة وضرورية جدا ويجب ان تكون واضحة، وزيارة الدكتور اياد علاوي الاخيرة لدول الجوار وختامها بالكويت في مثل هذه الايام التي تصادف مع الذكرى السنوية لغزو النظام البائد للشقيقة الكويت تنطوي على معانٍ معنوية وسياسية كثيرة، وكذلك ذات ابعاد اجتماعية، رغم ما اثير اخيرا من تصريحات للمتصيدين في الماء العكر من ان العراق له اجندة تختلف مع الكويت، في حين ان هذا الامر لاصحة ولاواقع له، اذ اننا نحاول ان نستكمل الصورة العراقية المستقبلية من خلال الحرص الشديد والرغبة الاكيدة على موقف موحد مع دول الجوار والحفاظ على المصالح المشتركة، وهذه رغبة انعكست خلال العمل السياسي في العام الماضي، فمثلا ان الكويت كانت ملتقى للرموز السياسية العراقية، وكانت ايران كذلك، ثم لماذا لاتتخذ الدول الاخرى مثل هذه الخطوات؟ فايران ورغم وجود بعض التحفظات الا انها كانت من الدول الاولى التي احتضنت العراق وايدت الوضع العراقي, ولكن في الوقت نفسه اننا نقول بكل صراحة وبكل وضوح ان مستقبل العراق والحفاظ على كيانه يتوجب الايمان بمعادلة عدم التدخل في شؤونه الداخلية والا يكون هو ساحة صراع وتصفية حسابات سياسية مع الاخرين أو مع جهات معينة.
هل اعطيتم ايران وسورية تطمينات بعدم تعرضهما لأي عمل عسكري اميركي من الاراضي العراقية؟
ــ لربما اذا استمر الانفلات الامني على هذه الشاكلة لفترة اطول ستتهيأ الارضية لمثل هذه التصورات التي تحدثت عنها، لذا ومن اجل تحجيم هذه التصورات واحتمالات مستقبلية يتحدث عنها البعض في المنطقة، يجب ان يكون هناك تصور مشترك لتحجيم هذه العمليات الارهابية والحفاظ على مستقبل العراق من التفتت، وهذا هو المحور الاساس، اما اذا ترك الحبل على غاربه فلربما ستتهيأ الارضية لان يكون العراق بؤرة توتر وصراع وسيستدعي الحال تدخلاً آخر، وبذلك ستواجه المنطقة مزيدا من الخراب، وهنا تكمن الرغبة العراقية وتلتقي مع رغبات دول الجوار حيث سيمكننا الحفاظ على مستقبل المنطقة وعلى شعوبها من خلال وجود تعاون مشترك، وتحجيم هذه المخططات لايتم إلا من خلال التعاون الامني والحفاظ على وحدة العراق.
كلامكم يعني ان الازمة الامنية في العراق مردها الاساس وجود تسلسل من دول الجوار يؤثر تأثيرا مباشرا في هذه الازمة، وانك تلقي باللائمة على هذه الدول في التساهل امام عبور الارهابيين؟
ــ انا هكذا اتصور القضية، وان العمليات الارهابية التي تستهدف المواطن العراقي يقوم بها عنصران، عنصر داخلي وآخر خارجي، ولايمكن للعنصر الداخلي ان يستمر في تنفيذ هذه العمليات اذا لم تكن هناك امدادات من عناصر خارجية، وليس بالضرورة ان تكون هذه العناصر مرتبطة بدول الجوار، ولكن التعاون ما بين الحكومة العراقية ودول الجوار لايقاف مسلسل العنف في العراق ممكن ووارد وبالتالي تحجم هذه العمليات، اذ ما هو المبرر ان تستهدف اخيرا اربع كنائس في بغداد، لماذا؟ ومن المستفيد من ذلك؟ وكيف يمكن لهذه العناصر ان تستثمر هذه الاوقات من اجل تحجيم العملية السياسية ؟ هناك تصور في انه لايمكن للعناصر الداخلية التي تضررت من زوال النظام والتي ترتبط بشكل غير مباشر بالنظام السابق ان تقوم بهذه العمليات لوحدها ما لم يكن هناك دعم خارجي لها، وهناك حاليا معلومات كثيرة عن افراد القي القبض عليهم يحملون جنسيات عربية مختلفة، وبعضهم من دول ليست جارة للعراق، وهم اما كانوا يعيشون سابقا في العراق أو تمكنوا من التسلل، فنحن علينا ان نعي بان مستقبل استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، وان خراب العراق واستمرار الانفلات الامني سينعكس بشكل واضح على كل المنطقة، وبالامس كانت الدول الاقليمية رهينة سياسات النظام العدوانية، وانا اخشى ان نكون اليوم أو غداً رهينة الارهاب الذي يستهدف محاربة القوى الاخرى على الارض العراقية، ولكن هذا سوف لن يتحجم على العراق فقط بل سيمتد الى جميع الاطراف، لذلك ان من مصلحة دول المنطقة والعراق النظر بموضوعية لهذه المسألة، وقد احسسنا اخيرا بحرص على تحقيق التعاون المرجو وتمثل هذا الحرص في اجتماع دول الجوار في القاهرة، وحصلت بعض التصريحات التي حاولت ان تلقي باللائمة على دولتين أو ثلاث من دول الجوار الا انني لا اتوافق مع هذا الامر، واقول ان هناك حاجة ومصلحة مشتركة مع دول الجوار، فالعراق بلد غني بالنفط وبكوادره البشرية وبخيراته الطبيعية ويمكن ان يصبح هو الملتقى لجميع دول الجوار، ومفتاح ذلك من خلال تفعيل المصالح الاقتصادية،، ولكن المنظومة الاقتصادية يجب ان تكون بشكل متواز مع المنظومة الامنية لتحقيق واستكمال العملية السياسية.
البعض يقول، هل من المعقول ان يدلي وزيران في الحكومة العراقية الموقتة بتصريح في شأن الدول المتورطة بالازمة الامنية العراقية من دون ان تكون لديهما وثائق يستندان اليها حينما يطالبهما رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء على سبيل المثال لتقديم توضيحات؟
ــ انا لا اعلم اذا كان لدى الاخرين وثائق ام لا، ولكن اختلاف التصريحات في أي حكومة قد يكون طبيعيا، ولربما لو رجعنا الى قبل 25 عاما، أي بعد التغيير الذي حصل في جمهورية ايران الاسلامية، فرغم وجود قيادة متمثلة بالامام الخميني، الا ان الشق بين تصريحات المسؤولين كانت واسعة جدا، وانا اقول كالتالي، دعونا نبحث عن الخطوات العملية، وان استجابة العراقيين في القطاع الحكومي وبرموز سياسية معروفة ومن مختلف الاتجاهات واستجابة القطاع الخاص لحضور هذا المؤتمر في هذه الفترة يمثل رسالة يجب ان تفهم، وهي واضحة للعيان، أي ان هناك حرصاً من العراقيين على اقامة علاقات حسن جوار متوازنة كفؤة تحفظ للعراق استقلاليته، وكذلك ممكن ان يكون مثل هذا التجمع العراقي في مناطق اخرى من دول الجوار اذا احسنت هذه الدول التعامل مع المفردات والمعوقات من اجل استكمال العمليتين السياسية والامنية.
تصاعدت العمليات الارهابية خلال الايام الاخيرة، وبعض هذه العمليات كانت مشابهة لعمليات سابقة كالتي حصلت امام مراكز التطوع لجهاز الشرطة، حتى بدا للمراقب ان الحكومة عاجزة عن توفير اساليب حماية ممكن ان تخطر على بال انسان عادي؟
ــ هناك هدفان للعناصر المتضررة بسقوط النظام والمجموعات الارهابية، الهدف الاول هو الشرطة العراقية والاخر هو المنظومة النفطية، اذ هناك تشابه وتشابك بين هاتين المفردتين فكلتاهما تحميان العراق، فالشرطة تحمي مصلحة الفرد العراقي، والنفط يحمي الاقتصاد العراقي، وفي الوضع الحالي أي بعد تسليم السيادة للعراقيين في 28 يونيو بدأ الفرد العراقي يلمس تحسنا في الوضع الامني، واصبح الوجود المباشر وبشكل مكثف من قبل الشرطة العراقية ملحوظا، الا ان الشرطة لايمكن لها وحدها القيام بحفظ الامن ما لم تكن هناك حلقات من الجيش العراقي وقوات الدفاع المدني وحلقات استخباراتية ومخابراتية، وان كل هذه المؤسسات حاليا بدأت تنمو وتعمل وبدأنا نلمس بعض ثمارها، ومن الضروري تحسيس الفرد العراقي بان هناك استهدافاً مباشراً لامنه ولحياته وقوت عيشه، وهذه العملية قد تأخذ بعض الوقت لكن هناك مؤشرات على بدأ تحققها، اذ اخذ المواطنون يشعرون بان المسألة ليست خاصة بالشرطة وانما بالمكاسب والمواطن العراقي الذي يريد ان يعيش، والا فما معنى ان تستهدف تجمعات التطوع للشرطة العراقية، واللافت للنظر انه في الوقت الذي تستهدف هذه التجمعات تجد في اليوم الاخر اعداداً مكثفة وطوابير طويلة من المتطوعين تقف في نفس المكان، وهذا يعني ان الشعب بدء يدرك ماهية هذه العمليات واهدافها وصمم على تحديها، ونحن نشعر بان نوعا من الاحترام بدأ يسري في الجسم العراقي للحكومة العراقية، وهناك خطوات جيدة، والدكتور اياد علاوي حسب تقديري رجل مرحلة ولديه من الحزم مايكفي كما هو مدعوم من الفعاليات السياسية المختلفة باتجاه استكمال حلقات السيادة، ابتداء بالمجال الامني والخدماتي وانتهاء بتحقيق الانتخابات في موعدها المقرر، وهذه هي مهمات الحكومة الموقتة التي نطمح ان تحقق في العام المقبل بداية مرحلة جديدة من خلال انتخاب المجلس الدستوري.
ما مدى صحة تورط الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر في فضائح فساد مالي يرتبط بعائدات النفط العراقية؟
ــ اعتقد ان الكثير من الاتهامات ليست لها صحة، وانما منشؤها هو عدم وجود الشفافية المطلوبة في تحقيق الصرف بالنسبة لعائدات النفط، وبموجب قرار مجلس الامن المرقم 1483 والصادر في 20 مايو2003 والذي رفع الحظر الاقتصادي عن العراق، تم انشاء صندوق التنمية العراقي وكانت مبيعات النفط العراقية تذهب الى هذا الصندوق، وكانت الصلاحيات قد اعطيت الى السيد الحاكم المدني السفير بريمر، وكان هناك حاجة ملحة في الشارع العراقي لهذه الشفافية التي كانت مستهدفة في القرار، فالقرار كان يتطلب ان تصرف هذه الاموال لصالح ومنفعة الشعب العراقي بشفافية مطلقة، وماذا تعني الشفافية المطلقة؟ انها تعني ان هذه العقود التي تبرم من قبل سلطات الائتلاف مع الشركات يجب ان تكون عقوداً تنافسية، ويجب ان يكون الشعب العراقي على وعي وادراك في كيفية ومسار الصرف، وكنا نعلن باستمرار عن المداخيل النفطية للصندوق، في المقابل نحن نعلم ان الوضع العراقي والحكومة العراقية كانت تعمل عن طريق الصرف الذي يأتيها من صندوق التنمية العراقي، لكن المواطن العراقي لايرى هناك جدولة وارقاماً واضحة لكشف مصداقية هذه المسألة التي بحاجة الى الشفافية، لذلك ان الشركة التحقيقية «كي بي ام جي» التي كلفت بالقيام بهذه المهمة من قبل سلطات الائتلاف للتحقيق في مداخيل الصندوق وكيفية التصرف بامواله، قامت بهذا الدور واصدرت تقريرها الاول لنهاية العام الماضي، ولم تكن هناك عمليات سرقة، هذه الكلمات غير واردة فهناك لجنة مشرفة على الصندوق لكن الشركة المحاسباتية كانت تتمنى ان يكون هناك توضيحات تفصيلية لعمليات الصرف، سجلات واضحة، لكل مشروع هناك تفاصيل وهي كانت تتمنى ذلك، فهناك اكثر من 7 أو 8 عقود وكانت تتمنى ان تكون هذه العقود تنافسية.
اذاً ماذا يمكن ان نسمي هذه العقود، اليس هذا تواطؤا وبالتالي فسادا ماليا؟
ــ لم تكن سرقة,,, لم تكن سرقة، السرقة تختلف، هذه العقود لابد انها صرفت لوضع العراق، ولكن يجب ان تكون على وضع معين واسس معينة، هذا هو تساؤلنا، وربما قد تكشف الحقائق ان الوضعية قد تكون سليمة ولكن حاليا نحن ننتظر نتائج التحقيق ونتائج تقرير الشركة، والتحقيق حاليا في الكونغرس الاميركي والتساؤلات في الاوساط العالمية والسلطات العراقية، وكان ممكن لهذه الاشكالات ان تزول اذا كنا نستخدم طريق الشفافية، وكنا نسعى بين حين وآخر ان نظهر قيمة المداخيل العراقية للصندوق والتي بلغت منذ بداية يونيو من العام الماضي وحتى بداية يونيو من هذا العام نحو 11 مليار دولار والتي تمثل مبيعات 440 مليون برميل من النفط، وهناك اموال انتقلت من حساب العراق في برنامج النفط مقابل الغذاء الى الصندوق بنحو 7 مليارات دولار، وقد انتقلت لهذا الصندوق ايضا اموال من ارصدة مجمدة في دول مجاورة الى الصندوق، ومجموع هذه الاموال بنحو 16 مليار دولار، واغلب هذه الموارد صرفت بلا شك في الوضع العراقي وتشغيل الميزانيات التشغيلية للحكومة العراقية وبعض الميزانيات الاستثمارية، ولكن من اهم القضايا التي كنا نواجهها في اهم وزارة عراقية لكون الاقتصاد العراقي يعتمد عليها وهي وزارة النفط وهناك ميزانية استثمارية لهذه الوزارة تقدر بمليون دولار تم الاتفاق عليها بين سلطات الائتلاف ووزارة التخطيط ووزارة النفط في سبتمبر من العام الماضي، الا ان هذه الميزانية الاستثمارية التي تحاول ان تضمن اداء الانتاج النفطي وديمومته لهذا العام والعام المقبل الغيت من قبل سلطات الائتلاف من دون علم وزارة النفط، ولم تصرف هذه التخصيصات الا في منتصف العام الحالي، وهذا التأخير ادى الى حصول تلكؤ في عمل الوزارة، وكنا نطالب سلطات الائتلاف ومجلس الحكم بالاسراع في دفع هذه التخصيصات، وكان من الممكن تجاوز هذه المسائل باسرع وقت.
هل كنتم تشعرون واقعا بانكم وزير في وزارة النفط، ام ان القرارات كانت تملى عليكم؟
ــ هذه الوزارة التي شكلت في 31 اغسطس من العام الماضي وحتى 31 يونيو 2004 هي الثمرة العراقية الاولى من ثمرات مجلس الحكم، وكان الخيار عراقيا بكل معنى الكلمة، بغض النظر عن المحاصصات بين اطراف السياسة فهذه قضية اخرى، لكن القرار كان عراقيا، وكنا نحاول ان نسعى على الدوام لتنفيذ الاجندة العراقية، ولذلك حدثت بعض التصورات المختلفة ولم نوافق على ذلك واصررنا على موقفنا العراقي، ولكن هذا لايعني ألا يكون هناك تنسيق فنحن كنا في ظل الاحتلال، دولة محتلة، لكن الجميل ان يكون هناك صوت عراقي وطني يسمع في ظل هذه الظروف ونحاول تنفيذ الاجندة العراقية، وعمليات الانتاج والتسويق النفطية كانت تدار باياد عراقية وكان هناك نوع من حرية التحرك، كما كان هناك نوع من التنسيق الامني في مجال حماية المنشآت النفطية، وكنت حينما اشعر بان بعض الاراء قد تختلف معي لكنها تصب في مصلحة الشعب العراقي كنت آخذ بها، اما التي لا اتفق معها فاقولها بصراحة، انني غير متفق معكم، وكان لنا موقف في ذلك والامثلة كثيرة.
انتم لكم موقف لكن الطرف الاخر هل كان يستجيب؟
ــ على كل حال، يستجيب,,, ماكان هناك فرض، وانما هناك نوع من الحوار بيننا من اجل الوصول الى قناعة مشتركة، كانت لدينا قناعة مشتركة مستندة لحركة الشعب العراقي، فنحن كنا نؤكد ان حركة الوضع السياسي يجب ان تكون على انسياق وانسجام مع حركة الشارع العراقي، ومتى ماتوقفت تلك الحركة فاننا سنعود في النهاية الى ما كنا عليه سابقا، لذلك كانت العلاقات بين وزارة النفط مع الشركات النفطية المختلفة تستند على هذه السياسة, كنا نحاول ان نمتلك سياسات جيدة مع الشركات الاميركية، ولكن هذا لايعني ان العراق سيكون حكرا للشركات الاميركية، لكننا كنا في الوقت نفسه نفتح انفسنا ونقبل استقبال الشركات الروسية والاوروبية الاخرى وباقي الشركات ونناقش معها ونستمع اليها، نناقشها في هذه التوجهات، وقد وقعت في 28 يناير العام الحالي مذكرة للتعاون مع شركة «شيفرون تكساكو» الاميركية في التدريب وتطوير الملاكات الفنية، وذلك بناء على قناعاتنا بان هذه الشركة ستقدم لنا فرص التدريب والزمالات الدراسية والمنح من دون أي التزام وتعهد مسبق، وفي نفس الوقت وقعنا مذكرة تفاهم مع شركة «لوك اويل» الروسية في 8 مارس 2004 وايضا من دون أي التزام وأي تعهد مستقبلي، وانما كنا في وزارة النفط نعتقد ان لهذه الشركات مصالح مستقبلية في العراق، ولاجل الوصول الى تلك المصالح فعليها ان تبذل من الان للايفاء باحتياجاتنا، نحن بلد نعاني من تخلف في الصناعة النفطية من حيث الكوادر ومن حيث الصناعة، وعلى هذه الشركات الكبرى ان تقدم مالديها الان.
لماذا لم يتم الكشف بشفافية عن حقيقة الكوبونات النفطية التي اعطاها النظام لاشخاص وجهات مختلفة؟
- هذه المبادرة كانت من قبل وزارة النفط وبالتعاون مع مجلس الحكم، لذلك هي مبادرة عراقية وطنية، لاننا نشعر انها حاجة وطنية ومطلب جماهيري ومظهر من مظاهر الفساد السياسي والاداري للنظام البائد، وهي تمثل حلقة احتيال النظام على القرارات الدولية، والذي كنا نسعى اليه ان هذه القضايا الاساسية التي تشرف عليها الامم المتحدة والتي خصصت لاغاثة الشعب العراقي وتوفير الدواء والغذاء له كانت تحت اشراف الامم المتحدة مقابل خدمات وقد دفعت لها من قبل العراق خدمات بما يعادل مليار و100 مليون دولار خلال فترة 1996 لغاية العام 2003، الخدمات هذه هي عملية ضمان انسيابية المشروع وتحقيق مصلحة الشعب العراقي، وان عملية التحايل والالتفاف كانت تمت بشكل واضح وجلي مخالف للانسيابية التي كانت الامم المتحدة تسعى لتحقيقها، وتمكن النظام البائد من خلال مذكرة «النفط مقابل الغذاء» من توفير الاموال اللازمة لدعم مواقفه السياسية والاعلامية والعسكرية، فهو كان كالمنشار في مبيعات النفط وفي ابرام العقود التجارية لاستيراد المواد الغذائية والطبية وما الى ذلك, ففي كليهما كان يحاول ان يحصل على نسبة معينة من المبيعات، وهذه الاموال كانت تذهب الى حسابات النظام في الخارج وايضا كانت تسدد في بعض الاحيان بشكل نقدي الى سفارات النظام بالخارج، ولذلك وجراء هذه المسألة بدأنا في العمل بتجميع المعلومات المطلوبة في سبتمبر العام الماضي حتى استكملت المعلومات من قبل مبيعات النفط في حلقة الوسطاء وحلقة الشركات التجارية والشخصيات والاحزاب والجمعيات السياسية، وتم تجميع هذه المعلومات وتقديمها الى مجلس الحكم وبالتالي فان مجلس الحكم تمكن من مطالبة سلطات الائتلاف بضرورة ان يكون هناك شركة حيادية تدقيقية عالمية تبحث في هذه القضايا، هذه دعوى بحاجة الى بيّنة والبيّنة بحاجة الى تحقيق، وتم الاتفاق على تشكيل اللجان وتجميع الوثائق المطلوبة في هذا المجال، ولكن كان هناك عمل موضوعي، فنحن لم ندخل في عمليات تشهير ونشر الاسماء بيد اننا كنا نسعى لثلاثة اهداف، الاول هو ان هذه الجهة الحيادية المستقلة هي التي تكشف عن هذه المسميات وبالتالي ستكشف عن مظاهر الفساد الاداري، وطبعا اننا نستهدف من عملنا هذا كشف المسميات ومحاولة استرجاع بعض هذه الاموال وكذلك كنا نستهدف دور الامم المتحدة والعملية الاشرافية، وكانت مبادرة الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان مبادرة طيبة فقد ارسل وفدا لتقصي الحقائق في هذا المجال لبغداد، وقد اجتمعنا معه في 12 مايو الماضي، وكان الوفد يضم شخصيات على مستوى رفيع ومعروفة في الوسط السياسي والاقتصادي، وقد استمع الوفد لتصوراتنا واجتمع مع اطراف اقتصادية اخرى، وايضا هناك اكثر من 5 لجان بعضها من الكونغرس الاميركي مهتمة في هذا المجال، كما يوجد اهتمام من وزارة النفط في ان تكون هناك لجان عراقية تتعاون مع هذه الشركة الحيادية للسعي لجمع الوثائق وافرازها وتبويبها فهو مشروع طويل قد يستغرق وقتا، ولم تستكمل بعد نتائج التحقيق، وبالرغم من اهتمام سلطات الائتلاف بذلك في بداية الامر ولكن ارتأت الاتفاق مع شركة ثانية ولم نمانع نحن في ذلك، وعلى أي حال مازال الملف يأخذ طريقه وهو ملف معقد، ومن جملة اهتمامات دولة رئيس الوزراء هناك اهتمام مميز في هذا الملف، وان نتائج الملف لاتكون آنية وستحتاج الى وقت طويل وبالتالي ارى انه يجب على الفعاليات العراقية كافة الاهتمام به ايضا، وهناك عمل حثيث في هذا المجال.
وهل تعتقدون ان الحكومة سوف تستجيب لمطلب الشارع العراقي الذي يتطلع لفضح المتواطئين مع النظام المخلوع؟
ــ هذا مطلب جماهيري، ولاشك ان هناك اولويات يجب على الحكومة العراقية السعي لتحقيقها، لكن هذا يبقى مطلبا جماهيريا، واذا لم يتم تنفيذه الان فغدا وفي اقرب فرصة سيتم ذلك، ولدي قناعة بانه سينال نوعا من الاهتمام والرعاية، ونحن واستجابة للواجب الوطني قمنا بتجميع مالدينا من معلومات قديمة وفي الوقت نفسه نأمل من الجهات العالمية والجهات الاخرى، وخصوصا المشاريع التي يتم الاشراف عليها من قبل الامم المتحدة والمشاريع الدولية، ان تكون لها شفافية ومراقبة لآليات تنفيذ القرارات السياسية الدولية.
تناقضت تصريحات المسؤولين العراقيين في شأن الحالة الصحية لصدام حسين؟
ــ المعلومات التي توافرت لدينا منذ الاول من يوليو الماضي عندما مثل امام المحاكمة، لم تشر الى وجود تقارير صحية تؤكد على وجود شيء مهم، ولكن في الاونة الاخيرة سمعنا من وزير حقوق الانسان في العراق بختيار امين، بان صدام يعاني ربما من اعراض صحية في البروستات، وكان هدفنا الاساس هو الاستمرار بتهيئة المناخات الايجابية لهذه المحاكمة التي تسمى بمحاكمة الجيل، اذ بعد ان كبل صدام الشعب العراقي والمنطقة بقيود الاغلال والحديد على مدى اكثر من ثلاثة عقود، وجد نفسه مكبلا بنفس القيود من قبل الجيل الذي يحمل هموم العقود الثلاثة الماضية ويحمل التداعيات والاضطهادات التي حدثت بحق الشعب العراقي من قتل واضطهاد وحروب، وليواجه صدام جزاءه ولكن باسلوب العراق الجديد، باسلوب ديموقراطي اذ يحق له الدفاع عن نفسه ويحق له انتخاب محامين، ونحاول قدر الامكان ادخال اكثر من محور في لائحة الاتهام الخاصة بصدام، فنحن نتصور ان المحور الاقتصادي مهم ايضا، فالنظام قد ساهم في تبديد ثروة العراق النفطية من خلال الكوبونات النفطية أو غيرها، ونتوقع ايضا ان تستوعب لائحة الاتهام التطلعات العراقية ومن ثم تشمل بقية الانتهاكات لدول الجوار وبالذات ايران والكويت، وهذه محاكمة الجيل لانتوقع لها ان تتم في ليلة وضحاها وستكشف الكثير الكثير، وحاليا الدائرة المختصة لمحاكمة صدام تستقبل دعاوى العراقيين ضد النظام وازلامه، ونتمنى ان تكون عبرة لنا ولغيرنا.
المحاكمة ستكشف الكثير الكثير، هل تعتقدون ان صدام سيبقى حيا ليكشف هذا الكثير؟
ــ لاشك ان هذه المحاكمة ستكشف عن سياسات نظام خلال العقود الاربعة الماضية، وعلاقاتها بالمخططات الدولية والاقليمية والحروب التي شنت والاضطهادات، وبالتالي سيكون فيها قضايا كثيرة خلافا لمصلحة الغير، وهذا واقع، ويمكن تجاوز هذا الواقع من خلال التوافق على علنية المحاكمة او سريتها، وهناك رأي يؤكد ضرورة سريتها وهناك قناعة عند بعض الاطراف السياسية تصب في هذا التوجه، لكن هناك توجه آخر عند العراقيين وقد طرح في مجلس الحكم في العام الماضي، في 14 ديسمبر العام الماضي حينما تم القبض على صدام، اذ قال بعض اعضاء مجلس الحكم انني اخشى ان يقتل صدام قبل ان يرى يوم المحاكمة، لكن دعونا لانستبق الحدث، فهناك نوع من الحماية أو المشاركة العراقية في محاكمة صدام ونأمل من الحكومة العراقية ان تحاول تحسين ظروف هذه المحاكمة وادخال مفردات الاجندة العراقية فيها، وان تأخذ مجراها الطبيعي باختيار قضاة لديهم خبرة في هذا المجال، وباختيار عراقي وتحت ظروف عراقية، والشعب يتطلع لذلك اليوم.
لكن الا تعتقدون ان هذه التسريبات في شأن تدهور صحة صدام هي خطوات تمهيدية للقضاء عليه قبل محاكمته؟
ــ نحن مازلنا نعيش نظرية المؤامرة في كل شيء، في كل حدث نفكر ان هذه الاخبار تسريبات أو انها ليست على حقيقتها، وهناك قضايا هامشية ثانية يراد لها ان تتحقق، لكن في محصلة الامر نحن نسعى لان نرى استمرار هذه المحاكمة ونحاول توظيفها لمصلحة الشعب العراقي وتعزيز العملية السياسية.
هل ورثتم عن السيد والدكم شيئا من الاهتمامات الادبية؟
ــ انا متذوق للشعر واذوب فيه، وساهمت ببدايات متواضعة لكنني آثرت في البدايات ان آخذ منحى الوالد في الكتابة، وكان اول كتاب نشر لي في العام 1972، وبدأت في المجال الادبي لكن غلبني المجال المهني ثم اسقطني المجال السياسي، ولا اتذكر من الشعر الذي نظمته لكنني اشعر دائما بضرورة التغني بالشعر الذي تحس فيه انه يتدفق بالاحاسيس الوطنية، لذلك اتخيل فيه بعض الابيات ولربما ابيات للسيد الوالد يخاطب بغداد:
تعبت عيني على الدرب تتطل
رؤاك العذب يابغداد فلّ
واتذكر شاعرنا المرحوم مصطفى جمال الدين يغني ويصدح ببغداد في بداية الستينات، ويقول:
بغداد مااشتبكت عليك الاعصر
الا ذوت ووريق امرك اخضر
وهذا واقع وانا اعتقد ومتفائل، بان بغداد كعاصمة والنجف كبوصلة للاستقرار السياسي والعلمي والمرجعي سيلتحمان وسيرسمان توجهات العراق المستقبلية يدا بيد مع كل العراقيين ولبدء منطلق حضاري جديد لبناء العراق في مختلف مجالاته، وعندما نقصد بناء العراق لانقصده فيزيائيا وانما نقصده هو بناء نفسية العراقيين وبناء الدولة العراقية والوطن والمواطن.