ابراهيم هاشم: في غمرة الموسم السياحي الحاشد الذي يعكسه تضخم أعداد السياح العرب والأجانب القادمين الى لبنان، تفتر همة البحث عن أسباب هذا النجاح في مقابل همة الاحتفال به، ويتحول التساؤل عن الدوافع الحقيقية التي تشجع السائح على زيارة لبنان الى نشاز يعكّر تناغم التصفيق الذي يستحقه رقم المليون و350 ألف سائح المتوقع قدومهم هذا العام.
ففي وسط المد البشري المتعدد الجنسيات الذي يجتاح بعض المناطق داخل العاصمة وخارجها على حساب بعضها الآخر، يصعب الالتفات الى تحليلٍ أكاديمي هنا أو تشريحٍ منطقي هناك يسلّطان الضوء على صورة لبنان في العقل الجمعي للسياح، وتختفي الآراء المشككة بعفة القطاع السياحي اللبناني في زحمة الحديث عن استعادة أمجاد لبنان السياحية، ونوستالجيا العصر الذهبي للسياحة مطلع سبعينيات القرن الماضي، وما الى ذلك من الشعارات التي يحق للقائمين على الملف السياحي سوقها نظراً للخط البياني المتصاعد لعدد السياح عاماً بعد عام.
فانطلاقاً من كون الهدف الرئيسي لأي نشاط سياحي هو استقطاب الزوار يمكن الحديث عن نجاح نسبي للبنان في القطاع السياحي، لا بل يمكن الافتخار به أيضاً. إذ إن المسالة من هذه الزاوية غاية في السهولة، وتختصر بمجموعة أرقام تسجّلها بوضوح تام الجهات المولجة بإدارة المنافذ البحرية والبرية والجوية اللبنانية.
لذلك تنحصر معظم الجهود في إطار البحث عن كيفية زيادة "كمية" السياح والبحث عن مكامن الخلل في الاستقطاب السياحي لمعالجتها، سواء بالدعم المادي أو اللوجستي أو عبر الدعاية والترويج أو بالإثنين معاً. من دون الالتفات الى تعاظم دور بعض نقاط الجذب السيئة السمعة التي تتكلم عن نفسها بنفسها، فيسمع السياح نداءها ويأتون لتلبيته من تلقاء أنفسهم، باعتبارها مقومات سياحية ناجحة لا لزوم للعبث بها.
فمن خلال جولة سريعة على نقاط الازدحام السياحي سواء في الـ Down town أو في الشوارع العامرة بالمقاهي والـ Night clubs ساحلاً وجبلاً، يتضح أن معظم السياح هم من الشبان الذين قدموا الى لبنان للاستمتاع بأجواء السهر والرقص والحرية التي خبروها، أو سمعوا عنها من أصحابهم، أو شاهدوها عبر بعض البرامج الفضائية المتخصصة في إبراز انفلات جنسي بالغ الإيحاء لا يتواجد إلا في نُطُق محدودة في لبنان. هذه النطاقات يجد السائح الشاب طريقه إليها بلا دليل.
إن السعي لزيادة الإقبال السياحي هو طموح مشروع لا ينقصه سوى نسيان أو تناسي مسألة صورة لبنان التي يتم ترسيخها، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الخلفية الذهنية للسياح. والتي يعود جزء كبير منها الى ضعف ميزانية وزارة السياحة، وبالتالي ضعف النسبة المخصصة للترويج فيها، ما جعل صورة لبنان في الخارج رهناً بما تبثه القنوات الفضائية.
وبعيداً عن محاسبة نوايا السائح أو التشكيك في أخلاقيته، فإن اضمحلال عدد زوار المواقع الأثرية من معابد عكار وطرابلس شمالاً وأعمدة بعلبك شرقاً الى قلعة بحر صور جنوباً، وازدحام السياح في نقاط محددة في بيروت وجونية والمعاملتين وقلة من المصايف، يعكس واقعاً معيناً محصّله أن قاعدة الاستقطاب السياحي اللبناني لا ترتكز على المقومات الطبيعية والتاريخية والجمالية التي نتغنى بها، بقدر ما ترتكز على واقع الحرية والفرص الجنسية المتاحة التي يتخيّلها السائح قبل أن يقلع بسيارته نحو "لبنان الكرامة والشعب العنيد".
"أريد فتاة تشبه نانسي عجرم" يقول أحد السياح مخاطباً سائق التاكسي الخاص الذي يقله من الفندق الى أحد المقاهي القريبة في وسط العاصمة، ويستطرد: "لا بأس إن كانت أكثر اسمراراً، ولا تهتم للسعر".
يترجل الشاب ليلاقي أصحابه فيما يذهب السائق لتنفيذ المهمة بأمانة نادرة.
أحاديث غير متنوعة دارت بين الاصدقاء، كانت النساء محورها شبه الوحيد. تخللها اتصالان أجراهما الشاب بالسائق لطلب المزيد من شبيهات نانسي، بعد أن هال أصدقاءه أن يستمتع وحده بصحبة أنثوية فيما يقبعون هم في المقهى يتأملون السابلة. فرفضوا الأمر جملةً وتفصيلا، وأصروا على أن ينالهم من الحب جانب، سيّما أنهم قضوا يومين في لبنان ولم يعثروا على علاقة عابرة لطالما حلموا بها.
وتتوالى فصول القصة كلاسيكياً فقد استطاع السائق تأمين الطلب بسرعة لافتة، ولكن بمواصفات مختلفة عن "دفتر الشروط" الذي تم الاتفاق عليه. غير أن الاختلاف لم يكن جذرياً لدرجة فض الاتفاق، فتمت المهمة بنجاح وعاد الأصدقاء الى قواعدهم سالمين.
سائح آخر يبدو أكثر رومانسية من سابقيه، فقد جاء الى لبنان للبحث عن سلمى، ولا واحدة غيرها، التي التقاها صديقه أمام الفينيسيا قبل عامين وقضى معها أسبوعاً من العمر.
إلا أن عطلته شارفت على الانتهاء ولم يلتقِ سلمى على الرغم من أنه تسكّع طويلاً أمام الفندق ولكن بلا جدوى. "ربما سافرت أو أنها تمضي أسبوعاً من العمر مع شخص آخر" يقول بأسف وهو يشد حقائب السفر. قناعة ذكية استلزمته خمسة أيام ليتوصل إليها.
سائح ثالث اهتدى الى أقصر السبل لتحقيق مشتهياته في لبنان. فبعد زيارتيه السابقتين أصبح يعرف تماماً من أين تؤكل الكتف. قبل عبوره الحدود اللبنانية يهاتف صبحي، الذي أثبت "جدارة" منقطعة النظير في المرتين السابقتين، فيتولى هذا الأخير ترتيب المواعيد وتأمين كافة المستلزمات لقاء 2500 دولار أميركي.. فقط لا غير!
هذه المشاهد الثلاثة لا تختصر قاعدة السياحة واستثناءاتها ولكنها تؤشر بوضوح الى احمرار السياحة اللبنانية، أو على الأقل أجزاء كبيرة منها، بشكل تتفاوت المواقف حياله بين ذوي الرفض المبدئي من جهة، وأصحاب الموافقة الضمنية من جهة أخرى، ودعاة التنسيق والتوجيه من جهة ثالثة.
وإذا كان الأمر كذلك في لبنان، فكيف هي الصورة في أوساط السياح انفسهم؟ لماذا يزورون لبنان وما هو أول شيء يتبادر الى ذهنهم عندما يسمعون اسمه؟
"زايدينها حبتين"
"لبنان بلد جميل حقاً، كل ما فيه طيب. حتى اناسه طيبون" يقول محمد، مبدياً إعجابه بـ"لطف" اللبنانيات بشكلٍ خاص. أما طارق فلا يعنيه لبنان سوى من ناحية انخفاض درجة الحرارة فيه وارتفاع درجة الجمال في نسائه!
والأمر نفسه ينسحب على حسن (اسم مستعار) الذي كان يدخل في عراك مع زوجته كلما شاهد برنامج "يا ليل يا عين". وهو اليوم يتمتع بإجازة زوجية خاطفة في لبنان برفقة شابة بيضاء، تصغره بعشر سنوات على أقل تقدير، بعيداً عن أعين زوجته التي تنتظره مع أهله في سوريا للعودة الى الوطن.
أما سعاد فتعتبر أن "الإعلام ينقل صورة مشوهة عن لبنان فيوحي بالحرية الى درجة الانفلات"، على الرغم من أنها لا تخفي امتعاضها من كون اللبنانيات "زايدينها حبتين" بالنسبة للملابس المثيرة التي يرتدينها.
وبعد التزود بجرعة إضافية من الجرأة تقول: "أي رجل يأتي الى هنا ويرى هذا الكم من الأجساد شبه العارية والمفاتن الناطقة بالعربية سيعتبر لبنان بلداً مثالياً لتمضية الوقت، ومن الطبيعي جداً أن نخاف على رجالنا من القدوم الى هنا"!
وبما أن التحدث مع السائحات ليس بالأمر السهل، نظراً لرفضهن القاطع لكل أنواع الظهور الإعلامي، فإن استطلاع آرائهن يستنفد جهداً غير عادي. خصوصاً وأن معظمهن يسرن مغطيات الرؤوس والوجوه خلف رجل حاد النظرات لا يُتوقع منه السماح لهن بالتعبير عن هواجسهن من مغامرات جنسية محتملة له!
"لبنان يعني الجمال بالنسبة لي" تقول فاطمة التي تزور لبنان للمرة الثانية برفقة زوجها الذي يحظى بثقتها المطلقة، معتبرةً أن مقولة ارتباط لبنان بالحرية الجنسية غير منطقية لأن "الجنس يتعلق بالشخص وليس بالمكان" فمن يريد إقامة علاقة يستطيع إقامتها حيث يشاء. ومثل هذه العلاقات ليست حكراً على لبنان.
أصداء هذه المقولة تتردد عند يحيى الذي يرى أن ما يجري في لبنان علناً يجري في بقية البلدان سراً، وبالتالي فإن تصويره كماخور كبير فيه الكثير من التجني، محملاً الفضائيات اللبنانية مسؤولية تسويق صورة لبنان كبلد يترجم سهولة العلاقات الأوروبية الى اللغة العربية!
هامش الوزارة
بين ما ذهب إليه يحيى وما عبّر الآخرون يبرز فراغ لا يمكن ملؤه سوى من خلال تحديد ماهية الدور الذي تلعبه وزارة السياحة من جهة والإعلام اللبناني من جهة ثانية في بلورة صورة هذا الوطن الصغير على الخارطة السياحية العالمية.
فالوزارة تتحرك ضمن الهامش الذي تسمح به ميزانيتها البالغة 14 مليار ليرة سنويا. فتخصص نحو 3.7 مليارات ليرة للترويج الداخلي والخارجي. وهو مبلغ بالغ المحدودية بالنسبة لإدارة القطاع السياحي جدياً، وتنفيذ خطة ترويجية هادفة، لاسيما مع اقتصار التمثيل السياحي اللبناني في الخارج على مكتبي باريس والقاهرة بعد إقفال المكاتب الأخرى في إطار سياسة التقشف التي طالت كل شيء.
أمام هذه العقبات عمدت الوزارة الى إشراك القطاع الخاص في العملية الترويجية من خلال المشاركة في المعارض الدولية في خطوة بدأت تؤتي ثمارها في بعض الأسواق السياحية ولكن بشكل خجول.
هذا الواقع أدى بطريقة أو بأخرى الى تشكيل صورة مشوهة للبنان في ذهن السياح مستقاة، حصراً، من البرامج التلفزيونية الفضائية التي يحتل البعد التجاري رأس أولوياتها.
من هنا يمكن فهم كيف ولماذا نجح بعض النماذج السياحية التي سُوِّقت جيداً، انطلاقاً من مغارة جعيتا التي تشهد ازدحاماً سياحياً خانقاً، مروراً ببيت الدين وقصر موسى وليالي بحمدون وعاليه المكتظة بالرواد، وصولاً الى المهرجانات الحاشدة المتنقلة في لبنان من أقصاه الى أقصاه.
هذه النماذج لم تكن لتنجح لولا توافر مجموعة عناصر صيغت باحتراف، وتوظيف منطقي للإمكانات المتاحة، سيما من الجانب الترويجي الذي ينبغي أن يطال لبنان ككل، كواحة سياحية يسعى إليها الجميع، خصوصاً في ظل العوامل الثقافية والتاريخية والدينية والحضارية التي يزخر بها.
السردوك: الحق على الخدمات
النزوع نحو التفلت الذي يطغى على الصورة السياحية المرسومة بريشة السياح أنفسهم، يتناقض تماماً مع الرؤية الرسمية للموضوع على لسان المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك التي رفضت الفكرة السائدة عن لبنان كمقصد للباحثين عن الترفيه الجنسي، معتبرةً أن الترفيه شيء والجنس شيء آخر.
وتقول: "يجب التفريق بين الترفيه والجنس، فالسياحة الترفيهية هي أحد أنواع السياحة التي يتمتع بها لبنان والتي يقصدها الشبان بحثاً عن الرياضة أو التسلية على سبيل المثال. كما يمكن لها أن تتمظهر بذهاب كل أفراد العائلة الى البحر أو المطعم او السينما أو المقهى أو الملهى طلباً للراحة من عناء العمل"، موضحة أن السياح يقصدون لبنان لأنهم يحبونه ويريدون الاستمتاع بكل ما فيه.
وترى السردوك أن تركيبة لبنان كبلد عربي ينعم بالحرية والديمقراطية وثقافة الانفتاح تجذب السياح الذين يرون فيه نموذجاً عربياً لما يجدونه في أوروبا، مؤكدة ان معظم رواد الـNight Clubs لبنانيون "لأن الشعب اللبناني محبّ للحياة والسهر والرقص، ويهوى الاندماج في مجموعات".
وتوضح أن "التراخيص كانت تُعطى للملاهي والمراقص والبارات منذ خمسينيات القرن الماضي أي قبل صدور تشريعات وزارة السياحة عام 1960"، مشيرةً الى أنها "ظاهرة قديمة وطبيعية".
وتلفت الى أن "الاستثمارات السياحية تصب حالياً في إطار المنتجعات البحرية ومنتجعات التزلج والفنادق الكبيرة، فيما يقفل الكثير من البارات وعلب الليل أبوابه، ما يؤكد بطلان مقولة السياحة الحمراء او الترفيه الجنسي وما شابه ذلك".
أما بالنسبة لتضاؤل عدد زوار المواقع الأثرية بالمقارنة مع الأماكن الترفيهية، فتعتبر "أن عدم ذهاب السائح الى القلاع لا يعني بالضرورة ذهابه الى الملاهي الليلية"، بدليل أن "مغارة جعيتا استقطبت 300 ألف زائر العام الماضي على الرغم من أن رسوم الدخول إليها مرتفعة مقارنة بغيرها من المواقع الطبيعية. وكذلك الأمر بالنسبة لبيت الدين الذي استقبل 200 ألف زائر".
المسألة بنظر السردوك "يجب أن تُبحث من زاوية معالجة أسباب إحجام السياح عن زيارة المراكز الأثرية، وليس من زاوية إقبالهم على المراكز الأخرى". وهي ترى أن "السبب الرئيسي لذلك يكمن في تدني مستوى الخدمات في المراكز الأثرية، وغياب المرشدين السياحيين والإشارات التي توضح للسائح المعالم الأثرية المنتصبة أمامه"، لافتةً الى أن الوزارة لا تخفي مساوئ الوضع الحالي ولا تجمّلها بل تتعاطى معها بواقعية وتسعى لمعالجتها.
وفي هذا الإطار خصصت الوزارة قرض البنك الدولي للجنة الثقافية من أجل رفع مستوى الخدمات في الأماكن الأثرية لزيادة عدد زوارها.
وتختم المديرة العامة بالتأكيد على أن "السائح يختار ما يريد، وهو لا يأتي الى لبنان بحثاً عن المتعة واللهو وإلا لما اصطحب عائلته معه".
حجيج: سياحة العربدة
رئيس قسم الإرشاد السياحي في كلية السياحة في الجامعة اللبنانية الدكتور عباس حجيج يطرح رؤية مختلفة جذرياً عن الرؤية الرسمية، فيرى أن "السياحة التي يتغنى بها لبنان ليست سوى سياحة عربدة" تعتمد على أناس معيّنين ومناطق محددة. ويؤكد أن السائح يقصد بعض قرى الاصطياف ويمضي وقته في وسط العاصمة وملاهيها الليلية، لافتاً الى أن أحداً لا يزور بعلبك أو الشمال باستثناء قلة من الأوروبيين المهتمين بالآثار وعلومها.
"إنها سياحة سيئة" يقول الدكتور حجيج "لأنها تعتمد على نوع واحد من عناصر الجذب السياحي وهو عنصر اللهو والجنس على حساب البقية"، ما يؤدي الى بناء سياحة موسمية غير مستدامة، على الرغم من أن لبنان مؤهل لإنتاج حركة سياحية دائمة على مدار السنة. "فالسياحة الثقافية معدومة، والسياحة البيئية مغيبة، ولا أحد يعرف شيئاً عن وادي قاديشا على سبيل المثال على الرغم من أنه مصنف كموقع سياحي عالمي. فالسائح يمر على المواقع الطبيعية والأثرية مرور الكرام على اعتبار أنه "لم يقطع آلاف الكيلومترات ليمتّع ناظريه برؤية كومة من الأحجار" على حد تعبير أحد السياح!
ويعتبر أن "المؤسسات السياحية الخاصة تسعى الى ترسيخ الارتباط بين لبنان والعربدة لتحقيق مكاسب مادية آنية، نافياً علمه بتساهل رسمي متعمد في هذا المجال وإن كان لا يستبعد ذلك".
ويحمل مسؤولية هذه النظرة المشوهة للبنان، والتي أنتجت واقعاً سياحياً مريضاً، للدولة أولاً والوضع الاقتصادي ثانياً والمجتمع ثالثاً والإعلام رابعاً: "فغياب مراقبة الدولة أفرز تفلتاً ملحوظاً على المستوى الأخلاقي، كما أن السياسات الاقتصادية الخاطئة المعتمدة من قِبَلها ولَّدت فقراً مدقعاً دفع بالكثيرين الى اللجوء لوسائل غير شرعية لتحقيق الربح، ما أدى الى نشوء حالات اجتماعية غير سوية، فضلاً عن الدور السلبي للإعلام في هذا المجال".
حرية مغلوطة
ويتساءل عن مدى حاجة لبنان لهذا النوع من السياحة في ما لو كان يتمتع بصناعة منتجة وزراعة منظمة، معتبراً أن "تردي المقومات الزراعية والصناعية أدى الى السعي الى زيادة أعداد السياح بصرف النظر عن الوسائل".
أما في ما يخص موضوع الحرية وتأثيرها على صورة لبنان المرتسمة في ذهن السائح، فيرى أنه "من الخطأ تبرير سياحة العربدة باللجوء الى معطيات الحرية الموجودة في لبنان"، مستشهداً بالواقع الفرنسي على هذا الصعيد "فعلى الرغم من وجود حيز أكبر من الحرية في فرنسا لم يتحول الجنس السياحي فيها الى ظاهرة كماالحال في لبنان".
ويوضح أن "الخروج من الوضع السياحي الحالي نحو سياحة سليمة يحتّم على الدولة والقطاع الخاص القيام بمجموعة خطوات. انطلاقاً من دعم الاستثمار في القطاع السياحي لاسيما في المناطق النائية التي هي بأمسّ الحاجة الى منشآت سياحية من فنادق ومطاعم تشجع السائح على زيارتها، مع الالتفات الى الدور الذي يمكن أن تلعبه المصارف على هذا الصعيد، مروراً بتنظيم الدعاية والترويج السياحيين وتفعيل دور المكاتب السياحية الخارجية وتوجيه الإعلام لتسويق لبنان في الخارج ليس كسوق للمتعة بل كمتنفس لكل أنواع السياح، والتعاون مع الدول العربية والأجنبية في إطار سياحة المجموعات، وتشجيع السياحة الداخلية ومراقبة الخدمات السياحية في الفنادق والمطاعم وغيرها من المؤسسات السياحية، وصولاً الى بث الوعي السياحي في المجتمع والمحافظة على المقومات البشرية والطبيعية وتنميتها ومن ثم تسويقها في مرحلة لاحقة، وتعزيز الأمن كونه عنصراً رئيسياً يتحكم بوجهة السياح عبر العالم".