القاهرة من جيهان فاروق: أكد النائب العربي في الكنيست الاسرائيلية أحمد الطيبي، أن مصر «تبذل جهوداً حثيثة من أجل تقوية البيت الفلسطيني استعداداً للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة».
وقال في حديث مع «الرأي العام» خلال زيارته للقاهرة أخيرا، إن «الجهود المصرية الحالية على الساحة الفلسطينية تركز على إنجاح الحوار الذي يتوقع انعقاده في منتصف الشهر المقبل», وأضاف «إن الحوار الفلسطيني الموسع الذي ستشهده القاهرة سيسبقه حوار في الداخل لضمان أن تكون الفصائل قطعت الشوط كله تقريباً ونضجت الأمور تماما وأصبحت الرؤية واضحة»، مشدداً على «ضرورة التحضير له في شكل جدي وعميق لضمان نجاحه في القاهرة».
وأوضح أن «عنوان حوار القاهرة سيكون المصلحة الوطنية والبيت الفلسطيني، من خلال تحقيق قواسم مشتركة بين 12 فصيلا، على رأسها تقوية البيت الفلسطيني والوحدة وتحريم الاقتتال الداخلي واتباع أساليب مقاومة تدفع بالقضية الفلسطينية للأمام، ولا تكون أداة بيد العدو لضرب البنية التحتية للمجتمع», وقال «إن الأخوة المصريين أكدوا لي أن هناك تفهما كبيرا من الفصائل لهذه القضية».
ولفت الطيبي الى أن نجاح الحوار «سيعزز من مشاركة كل الفصائل في بناء الوطن والمشاركة في صنع القرار لكنه لم يحدد كيفية وشكل المشاركة».
وأوضح أن الجانب الفلسطيني «يسعى حاليا من أجل إقناع اللجنة الرباعية والإسرائيليين بضرورة عقد مؤتمر رباعي قبل نهاية العام، تشارك فيه مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل واللجنة الرباعية، بخلاف محاولة طرح وفرض الجانب الفلسطيني كطرف اساسي مفاوض على مائدة المفاوضات على الرغم من الرفض الإسرائيلي حتى هذه اللحظة».
وحول الموقف المصري من الانسحاب الإسرائيلي من غزة، قال: «فهمت من المسؤولين المصريين الذين التقيتهم أن مصر وضعت مطالب واضحة أمام الحكومة الإسرائيلية,
1 ـ الانسحاب من محور فيلادلفيا (صلاح الدين),
2 ـ أن يكون الانسحاب كاملاً وشاملا حتى لا يكون الانسحاب انسحاباً استفزازيا للجانب الفلسطيني.
3 ـ فتح مطار غزة ومعبر رفح.
4 ـ أن تكون السيطرة على المعابر للفلسطينيين ولا يكون هناك وجود لأي إسرائيلي.
5 ـ ألا تتحول غزة إلى سجن عقب الانسحاب من غزة.
6 ـ ألا تقوم إسرائيل باجتياح غزة أو استباحة الحدود كلما أرادت ذلك، أي أن الانسحاب يجب أن يكون شاملاً وألا تكون هناك عودة وألا يتم أي خروج عن هذا الاتفاق تحت مسمى المطاردة التي يجب إلغاؤها تحت مبررات ضمان تحقيق الأمن الإسرائيلي.
7 ـ وقف الاغتيالات، وهذا هو الشرط المصري لقبول التعاطي مع المشروع الإسرائيلي للانسحاب من غزة.
وأوضح الطيبي «وجود اتصالات مصرية ـ إسرائيلية تتعلق بهذه الشروط التي طرحها المصريون للتنسيق مع الفلسطينيين»، مشدداً على أن مصر «متمسكة بهذه الشروط، إلا أن إسرائيل حتى الآن تتحدث عن الانسحاب من غزة مع استمرار سياساتها باستباحة حدود قطاع غزة وقتما تشاء والاستمرار في سياسة الاغتيالات»، مشيراً إلى أن هذا يضع علامة استفهام كبيرة على أهداف هذا الانسحاب وآفاقه إذا تم بالفعل .
وعن مدى إمكانية نجاح رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون في تمرير مشروعه، أجاب الطيبي «إن شارون يسعى حاليا الى توسيع ائتلافه الحاكم عبر محادثات تجرى حالياً بين قوى ليكود والعمل واذا نجح فسيضمن غالبية للمشروع الذي يطرحه أي الانسحاب من غزة، رغم الصعوبات الداخلية التي يواجهها ومن تعنت أحزاب اليمين المتطرف».
وأوضح أن المسؤولين المصريين اشادوا بالقرار الفلسطيني بتوحيد الأجهزة الأمنية واعتبروه تطورا إيجابيا للغاية.
وفي شأن اعتبار البعض أن رئيس السلطة ياسر عرفات حاليا عقبة أمام أي تحرك إيجابي في المسار التفاوضي، أجاب: «بالعكس، خلال لقاءاتي كان هناك حرص مصري على التأكيد أن ياسر عرفات يمثل الشرعية الفلسطينية, وقال لي وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، إن عرفات يمثل الشرعية الفلسطينية ونحن نسعى الى رفع الحصار عنه ولا نقبل بعزله أو بالمساس به فهو صاحب القرار في الساحة الفلسطينية», وأضاف: «باختصار لمست تمسكاً مصرياً بشرعية ورمزية ورئاسة الرئيس عرفات».
وحول وجود مخاوف فلسطينية ـ مصرية من دخول قوات مصرية إلى القطاع عقب الانسحاب الإسرائيلي، قال الطيبي: «أكد لي جميع المسؤولين الذين التقيتهم في القاهرة أنه لن يتم دخول قوات مصرية عسكرية إلى أي منطقة فلسطينية»، مشيرا إلى دخول خبراء مصريين في مجال البنى التحتية والمجالين الاقتصادي والزراعي، و«الحديث هو عن عشرات الخبراء الأمنيين لتدريب الشرطة تمهيداً لتسلمها منطقة المعابر»، مشيراً إلى أن «عشرات من الضباط الفلسطينيين من الأجهزة الأمنية الموحدة سيتم تدريبهم في مصر»، ومؤكدا أن «ما يتردد خلاف ذلك هو مجرد تكهنات ليس لها أساس من الصحة».
ونفى الطيبي وجود أنفاق في رفح تربط الأراضي الفلسطينية بالأراضي المصرية، وقال: «تم إغلاق معبر رفح ثلاث أسابيع تحت مبرر وجود نفق، ثم اتضح أنه غير موجود، وتسببت هذه الحجة في معاناة المواطنين».
وعبر الطيبي عن مخاوفة من الطرح الشاروني في الانسحاب من غزة، نافياً ما يعتبره البعض أنها «خطوة للانسحاب من الضفة الغربية»، مشيرا إلى أن «برنامج شارون يعتبر الانسحاب من غزة هو لتعميق الوجود الاحتلالي في الضفة وتكثيف الاستيطان وتهويد القدس والاستمرار في بناء الجدار العازل»، معتبراً أن هذه النقاط أساسية بالنسبة الى الحكومة الإسرائيلية، داعياً الحكومة الفلسطينية الى ضرورة التصدي لهذه المخاطر, وتابع: «هذا لا يعني أن نقول للإسرائيليين ألا ينسحبوا لكن يجب أن يكون الانسحاب من غزة شاملاً».
وعن ما إذا كان الانسحاب من غزة نصرا للمقاومة، أجاب: «الانسحاب الإسرائيلي من غزة لم يأت لأن الإسرائيليين كان بالهم مرتاحاً في غزة، لكن لأن غزة كانت عبئاً من جهة بسبب المقاومة وعبئاً ديموغرافيا على المجتمع الإسرائيلي وصناع القرار», وتابع: «هم يريدون الانسحاب من غزة بل ويهربون منها وهناك اجماع عام إسرائيلي حول الانسحاب، بينما لا يوجد هذا الإجماع على الانسحاب من الضفة»، لكنه توقع نقاشا إسرائيليا حاميا حول الانسحاب من مستوطنات غزة.
وشدد الطيبي على أن «إسرائيل دائماً تطرح مشاريع لإعادة تنظيم الاحتلال وليس انهاءه»، مؤكدا ضرورة التمسك بالمطالبة بالانسحاب من الضفة عقب الانسحاب من غزة والدعوة إلى أن حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي «لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في الرابع من يونيو 1967»، معتبراً أن «الجدار العازل هو المظهر الأبشع للاحتلال منذ العام 1967».
ودعا الطيبي «الى المساءلة والمحاسبة لمن تدور حولهم شبهة الفساد من المسؤولين», وقال: «هناك بعض الحالات لكن هناك تضخيما سياسيا إعلاميا لها لجعل الموضوع يظهر وكأن الفساد سمة مرافقة للسلطة، وهذه صورة ظالمة, فهناك حالات تجاوز وفساد لكن ليس لدرجة كاسحة أو شاملة», وقال: «لست متأكدا على الإطلاق أن حالات الفساد في السلطة أكثر من غيرها في بعض الدول المجاورة ومن ضمنها إسرائيل لكن ربما اقل بكثير، لكن التركيز عليها بغرض محاولات نزع الشرعية عن القيادة الفلسطينية منذ كامب ديفيد وموقف الرئيس عرفات الرافض له وربما لضعف السلطة الفلسطينية الحالي ورغبة البعض بانتهاز هذا الضعف».
وحول موقفه من تظاهرات الاحتجاج التي حدثت في غزة، اكد «إن التظاهرات والمعارضة والانتقالات أمور مسموحة وشرعية، لكن حرق مكاتب وخطف مسؤولين وخطف أجانب مؤيدين لقضيتنا، أمور مرفوضة, وظواهر فلتان وانعدام السيطرة المركزية يسيء إلى هيبة وشكل السلطة الفلسطينية، ومحاولة اغتيال الصديق نبيل عمرو محاولة بشعة لا يمكن لسلاح الوطن أن يطلق على سلاح الوطن فيصبح أداة في يد أعداء الوطن».
وطالب الطيبي بضرورة التوصل لمعرفة الجناة في قضية محاولة اغتيال عمرو، مشيرا إلى أن الجميع معني في هذه القضية «لمساءلة ومحاسبة الضالعين فيها»، ودعا إلى «ضرورة محاسبة من قاموا بحرق المكاتب وحوادث الخطف ليكونوا عبرة ورادعا للآخرين»، لافتا إلى أن «المحسوبين على السلطة ليسوا فوق القانون».
واعتبر الطيبي أن «فتح خسرت نقاطا بسبب هذه الخلافات والتراشق الداخلي وإن كانت ما زالت هي الأقوى»، وقال: «لكنها ما زالت قادرة على التقاط انفاسها وترتيب البيت الفتحاوي»، معتبراً أن «هذه مسؤولية جميع الفتحاويين باعتبارهم هم الذين يقودون السفينة»، ودعاهم الى القيام بذلك «اليوم وليس غداً»، مشيراً إلى أن «التنافس أمر شرعي لكن التآكل الداخلي أمر غير مقبول على الإطلاق».
وفي شأن حقيقة الخلافات بين عرفات والوزير السابق العقيد محمد دحلان ومدى قلق عرفات منه، اكد «إن الأب لا يقلق أبدا من ابنه حتى لو علا صوته».
وانتقد الطيبي موقف بعض القادة العرب «لعدم بذلهم أي جهد يذكر للوقوف بجانب زميلهم الرئيس ياسر عرفات»، مشيراً إلى جهد أوروبي يبذل في هذا السياق، مثل موقفي فرنسا وبعض الدول الإسكندنافية, وقال: «يبدو أن بعض القادة العرب نسي أرقام هواتف الرئيس عرفات، مساندا موقف واشنطن, وأدعو هؤلاء القادة إلى الاتصال بالرئيس عرفات ليشعر الشارع الفلسطيني بأن هناك من وقف إلى جانبنا عندما استفرد شارون بالشارع الفلسطيني والرئيس عرفات، ولذلك هو مستمر في حبسه في المقاطعة لعزله.
وياسر عرفات ليس قديسا ولا نبيا وهو يخطئ، لكنه الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني ولا يستطيع أحد أن يغيره سوى الشعب عن طريق انتخابات يطالب بها عرفات والسلطة ويرفضها دعاة الديموقراطية، الولايات المتحدة وإسرائيل.